ايصال الطالب الي المكاسب المجلد 9

هویة الکتاب

بطاقة تعريف: الحسيني الشيرازي، محمد، 1380 - 1305، شارح

عنوان واسم المؤلف: ايصال الطالب الي المكاسب: شرح واف بغرض الكتاب، تيعرض لحل مشكلاته و ابداآ مقاصد في ايجاز و توضيح/ محمد الحسيني الشيرازي

تفاصيل المنشور: تهران : موسسة كتابسراي اعلمي ، 1385.

خصائص المظهر: ج 16

شابك : 964-94017-6-8(دوره): ؛ 964-7860-59-5(ج. 1): ؛ 964-7860-58-7(ج. 2): ؛ 964-7860-57-9(ج. 3): ؛ 964-7860-56-0(ج. 4): ؛ 964-7860-54-4(ج. 6): ؛ 964-7860-53-6(ج. 7): ؛ 964-7860-55-2(ج. 8): ؛ 964-7860-52-8(ج. 9): ؛ 964-7860-51-X(ج. 10): ؛ 964-7860-50-1(ج. 11): ؛ 964-7860-49-8(ج. 12): ؛ 964-7860-45-X(ج. 13): ؛ 964-7860-47-1(ج. 15):

لسان : العربية

ملحوظة : الفهرسة على أساس المعلومات فيپا

ملحوظة : هذا الكتاب هو وصف"المكاسب مرتضي بن محمد امين انصاري" يكون

عنوان آخر: المكاسب. شرح

موضوع : انصاري، مرتضي بن محمدامين، 1281 - 1214ق. المكاسب -- نقد و تفسير

موضوع : معاملات (فقه)

موضوع : فقه جعفري -- قرن ق 13

المعرف المضاف: انصاري، مرتضي بن محمدامين ، 1281 - 1214ق. المكاسب. شرح

ترتيب الكونجرس: BP190/1/الف8م702133 1385

تصنيف ديوي: 297/372

رقم الببليوغرافيا الوطنية: م 85-16816

ص: 1

اشارة

[مقدمة المؤلف]

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، و صلى الله على محمد و آله الطاهرين و لعنة الله على اعدائهم اجمعين.

و بعد فهذا هو القسم الخامس من البيع من كتابنا (ايصال الطالب) فى شرح الكتاب (المكاسب) للشيخ الفذّ آية الله الشيخ مرتضى الانصارى قدس سره و يشرع فى صور جواز بيع الوقف.

كتبته عسى أن يستفيد به المبتدى.

و جعله اللّه ذخرا ليوم فاقتى.

كربلاء المقدسة محمد بن المهدى الحسينى الشيرازى

ص: 2

[تتمة كتاب البيع]

[تتمة القول في شرائط العوضين]

[تتمة مسألة من شروط العوضين كونه طلقا]

[تتمة مسألة لا يجوز بيع الوقف إجماعا محققا في الجملة و محكيا]
[الوقف المؤبد]
صور جواز البيع
اشارة

اذا عرفت جميع ما ذكرنا فاعلم ان الكلام فى جواز بيع الوقف يقع فى صور.

الأولى: أن يخرب الوقف بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه

كالحيوان المذبوح، و الجذع البالى، و الحصير الخلق.

و الاقوى جواز بيعه، وفاقا لمن عرفت ممن تقدم نقل كلماتهم لعدم جريان أدلّة المنع.

اما الاجماع، فواضح.

و اما قوله: لا يجوز شراء الوقف، فلانصرافه الى غير هذه الحالة

______________________________

(اذا عرفت جميع ما ذكرنا) حول انّ اىّ وقف يباع، و اىّ وقف لا يباع (فاعلم أن الكلام فى جواز بيع الوقف يقع فى صور)

الصورة (الاولى: أن يخرب الوقف بحيث لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه) و انما يمكن الانتفاع به اذا بدّل الى غيره (كالحيوان المذبوح) الّذي كان وقفا، ثم ذبح، فانه لا يمكن الانتفاع بعينه، و انما يمكن الانتفاع به اذا بيع، و اشترى بثمنه حيوان حىّ (و الجذع البالى، و الحصير الخلق) و ما اشبه ذلك، كالآجر القديم الّذي لا ينتفع به فى البناء

(و الاقوى جواز بيعه، وفاقا لمن عرفت ممن تقدم نقل كلماتهم) و انما يجوز بيعه (لعدم جريان ادلّة المنع) عن بيع الوقف للمقام.

(اما) عدم جريان (الاجماع، فواضح) اذ: المشهور ذهبوا الى جواز البيع.

(و اما قوله) عليه السلام (لا يجوز شراء الوقف، فلانصرافه الى غير هذه الحالة) اذ: المتفاهم عرفا من هذه العبارة: ان الوقف ليس

ص: 3

و اما قوله عليه السلام: الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها، فلا يدل على المنع هنا، لانه مسوق لبيان وجوب مراعاة الكيفية المرسومة فى إنشاء الوقف.

و ليس منها عدم بيعه، بل عدم جواز البيع من احكام الوقف و ان ذكر فى متن العقد

______________________________

كالملك، فليس له اطلاق احوالى يشمل، حتى حالة عدم الانتفاع.

(و اما قوله عليه السلام: الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها، فلا يدل على المنع هنا) اى فى باب عدم الانتفاع بالوقوف (لانه مسوق لبيان وجوب مراعاة الكيفية المرسومة فى إنشاء الوقف) يعنى: ان الوقف يكون على الكيفية التى وقفها صاحب الملك، فان وقفه مسجدا او مدرسة او حسينية، فلا يتغير عن الكيفية الموقوفة، كان ينقلب المسجد مدرسة، او بالعكس، و لا ربط للعبارة بالبقاء للوقوف حتى ينافى البيع للعبارة.

(و ليس منها) اى من الكيفية (عدم بيعه) اى البيع و عدم البيع لا يرتبطان بالكيفية (بل عدم جواز البيع من احكام الوقف) كما ان جواز بيع الشي ء الّذي يشتريه المشترى، ليس داخلا فى مفهوم البيع، و انما يجوز للمشترى ان يبيعه، لان جواز البيع من احكام الملك (و ان ذكر) عدم البيع (فى متن العقد) للوقف، بان قال: وقفت وقفا لا يباع، فان الذكر فى متن العقد لا يوجب ان يدخل عدم جواز البيع فى كيفية الوقف و مفهومه كما انه لو ذكر البائع جواز بيع المشترى لما يشتريه لم يكن ذكره لاجازة البيع موجبا لدخول جواز البيع فى مفهوم عقد البائع، بل

ص: 4

للاتفاق على انه لا فرق بين ذكره فيه، و تركه، و قد تقدم ذلك.

و تضعيف قول من قال ببطلان العقد اذا حكم بجواز بيعه.

و لو سلم أن المأخوذ فى الوقف ابقاء العين، فانما هو مأخوذ فيه من حيث كون

______________________________

هو من احكام الملك، سواء ذكره البائع، أم لم يذكره

و انما قلنا: بان ذكر عدم جواز البيع فى عقد الوقف لا يوجب دخوله فى مفهوم الوقف (للاتفاق على انه لا فرق بين ذكره) اى عدم البيع (فيه) اى فى الوقف (و تركه) فانه من الاحكام (و قد تقدم ذلك) و انه لا فرق بين الذكر و الترك.

(و) تقدم (تضعيف قول من قال ببطلان العقد) اى عقد الوقف (اذا حكم بجواز بيعه) لانه راى تنافيا بين جواز البيع، و بين حقيقة الوقف.

قال: فاذا جاز البيع دلّ ذلك على بطلان الوقف، و قد رددناه هناك.

اذ عدم جواز البيع من احكام الوقف، لا من حقيقة الوقف، فكما انه اذا قلنا: بعدم جواز بيع المشترى لما اشتراه لم يكن ذلك ينافى حقيقة البيع، كذلك اذا قلنا: بجواز بيع الوقف لم يكن ذلك ينافى حقيقة الوقف

(و لو سلم ان المأخوذ فى الوقف ابقاء العين) بحيث يكون ابقاء العين داخلا فى مفهوم الوقف، لا انه حكم من احكام الوقف- كما اخترناه- (فانما هو) اى ابقاء العين (مأخوذ فيه) اى فى الوقف (من حيث كون

ص: 5

المقصود انتفاع البطون به مع بقاء العين، و المفروض تعذره هنا.

و الحاصل: ان جواز بيعه هنا غير مناف لما قصده الواقف فى وقفه فهو ملك للبطون، يجوز لهم البيع اذا اجتمع اذن البطن الموجود، مع اولياء سائر البطون، و هو الحاكم او المتولى.

و الحاصل: ان الامر دائر بين تعطيله، حتى يتلف بنفسه، و بين انتفاع البطن الموجود به بالاتلاف و بين

______________________________

المقصود) بالوقف (انتفاع البطون به) اى بالوقف (مع بقاء العين) لا من حيث أن بقاء العين من مقومات الوقف (و المفروض تعذره) اى انتفاع البطون (هنا) فيما اذا لم يكن الوقف قابلا للانتفاع، فاذا انتفت العلة اى جهة انتفاع البطون، انتفى المعلول اى بقاء العين.

(و الحاصل: ان جواز بيعه هنا) اى فى صورة عدم الانتفاع بالعين (غير مناف لما قصده الواقف فى وقفه) اذ: قصد الواقف البقاء ما دام ينتفع به (فهو) اى الموقوف (ملك للبطون، يجوز لهم البيع اذا اجتمع اذن البطن الموجود، مع) اذن (اولياء سائر البطون) التى لم توجد بعد (و هو الحاكم او المتولى)

و هذا الكلام تقريب انه لا ينافى الوقف للبيع اذا سقط عن الانتفاع لان المنافى ان كان الشرع، فقد عرفت عدم شمول الادلة، و ان كان جعل الواقف، فقد عرفت ان الواقف يريد الوقف ما دام الانتفاع.

(و الحاصل: ان الامر دائر بين تعطيله، حتى يتلف بنفسه، و بين انتفاع البطن الموجود به بالاتلاف) بان يبيعه و يأكل ثمنه (و بين

ص: 6

تبديله بما يبقى و ينتفع به الكل.

و الاوّل تضييع مناف لحق اللّه، و حق الواقف، و حق الموقوف عليه و به يندفع استصحاب المنع.

مضافا الى كون المنع السابق فى ضمن وجوب العمل بمقتضى الوقف، و هو انتفاع جميع البطون بعينه و قد ارتفع قطعا، فلا يبقى ما كان فى ضمنه.

______________________________

تبديله بما يبقى و ينتفع به الكل) من هذا البطن و سائر البطون.

(و الاول) اى تعطيله حتى يتلف (تضييع مناف لحق اللّه و حق الواقف، و حق الموقوف عليه) لان الله لا يحب فساد المال، و الواقف يريد انتفاع البطون، و البطون لهم حق فى الوقف.

(و به) اى بكونه تضييعا مناف للحقوق الثلاثة (يندفع استصحاب المنع) فلا يقال: انه كان ممنوع البيع، فاذا شككنا فى أنه هل جاز بيعه أم لا؟ كان الاصل بقاء المنع.

و انما يندفع لان التضييع حرام، فهو كالدليل الّذي اذا جاء لم يكن مجال للاصل.

(مضافا الى) ان الاستصحاب بنفسه لا يجرى لعدم بقاء الموضوع السابق، ل (كون المنع السابق) عن البيع انما كان (فى ضمن وجوب العمل بمقتضى الوقف، و هو) اى مقتضى الوقف (انتفاع جميع البطون بعينه) اى عين الوقف (و قد ارتفع) انتفاع جميع البطون (قطعا) لما عرفت: من انه آئل الى الخراب و عدم الانتفاع اصلا (فلا يبقى ما كان فى ضمنه)

ص: 7

و اما الثانى: فمع منافاته لحق سائر البطون، يستلزم جواز بيع البطن الاول.

اذ: لا فرق بين اتلافه، و نقله.

و الثالث: هو المطلوب.

نعم: يمكن ان يقال: اذا كان الوقف مما لا يبقى بحسب استعداده العادى الى آخر البطون، فلا وجه لمراعاتهم بتبديله بما يبقى لهم، فينتهى

______________________________

اى فى ضمن وجوب العمل، و مصداق «ما» المنع عن البيع.

و الحاصل: ان الممنوع، هو بيع لما ينتفع به البطون، و انتفاع البطون قد زال، فالمنع يزول، فلا مجال لاستصحاب المنع.

(و اما الثانى) و هو انتفاع البطن الموجود بالاتلاف (فمع منافاته لحق سائر البطون، يستلزم جواز بيع البطن الاول) فيثبت جواز البيع فى الجملة.

(اذ: لا فرق بين اتلافه، و) بين (نقله).

(و الثالث) و هو تبديله بما يبقى و ينتفع به الكل (هو المطلوب) فثبت جواز البيع و التبديل.

(نعم: يمكن ان يقال) لوجه عدم وجوب التبديل (اذا كان الوقف مما لا يبقى بحسب استعداده العادى الى آخر البطون) كالدار، فان البناء لا يبقى لبطون متعددة (فلا وجه لمراعاتهم) اى البطون (بتبديله بما يبقى لهم) بان تباع اذا آلت الى الخراب، و تشترى مكانها دار اخرى- مثلا (فينتهى

ص: 8

ملكه الى من أدرك آخر ازمنة بقائه، فتأمل.

و كيف كان، فمع فرض ثبوت الحق للبطون اللاحقة، فلا وجه لترخيص البطن الموجود فى اتلافه.

و مما ذكرنا يظهران الثمن على تقدير البيع لا يخص به البطن الموجود، وفاقا لمن تقدم ممّن يظهر

______________________________

ملكه) اى ملك الوقف للبطون (الى من ادرك آخر ازمنة بقائه) كالبطن الثالث مثلا.

و عليه فلا حق للبطن الرابع من اوّل الامر (فتأمل) فانه اذا كان كذلك، يلزم عدم ابدية اى وقف، و هذا خلاف ما التأموا عليه.

و لا يخفى: ان هذا الكلام مما يؤيد ما ذكرناه سابقا من: ان الملكية للواقف ليست بحيث تشمل الملك الى الابد.

و ربما يؤيد هذا بما اذا وقف لسكنى اولاده و اولاد اولاده و هكذا فان الجيل الثالث البالغ عددهم خمسين مثلا لا يمكن سكناهم فيه، فالامر دائر بين البيع و تقسيم الثمن بينهم، و بين ايجار قسم من الباقين.

و الثانى خلاف ظاهر كلام الواقف فلا يبقى الا الاول، فتأمل.

(و كيف كان، فمع فرض ثبوت الحق للبطون اللاحقة، فلا وجه لترخيص البطن الموجود فى اتلافه) فاللازم جواز بيعه و تبديله.

(و مما ذكرنا يظهر ان الثمن على تقدير البيع لا يخص به البطن الموجود) لان الوقف كان لجميعهم، فكيف يكون بدل الوقف لبعضهم فقط «و ما ذكرنا» هو ان البطون لها حق فى الوقف (وفاقا لمن تقدم ممّن يظهر

ص: 9

منه ذلك كالاسكافى، و العلامة، و ولده، و الشهيدين، و المحقق الثانى، و حكى عن التنقيح، و المقتصر، و مجمع الفائدة لاقتضاء البدلية ذلك.

فان المبيع اذا كان ملكا للموجودين بالفعل، و للمعدومين بالقوة كان الثمن كذلك فان الملكية اعتبار عرفى او شرعى يلاحظها المعتبر عند تحقق اسبابها.

فكما ان الموجود مالك له فعلا ما دام موجودا بتمليك الواقف، فكذلك المعدوم

______________________________

منه ذلك) اى حق البطون فى الثمن (كالاسكافى، و العلامة، و ولده، و الشهيدين، و المحقق الثانى، و حكى عن التنقيح، و المقتصر، و مجمع الفائدة لاقتضاء البدلية) اى بدلية الثمن للوقف (ذلك) اى عدم اختصاصه للبطن الموجود فقط.

(فان المبيع) اى الوقف (اذا كان ملكا للموجودين بالفعل، و للمعدومين بالقوّة) بمعنى ان ايا منهم صار موجودا كان له حق فى الوقف (كان الثمن كذلك) للكل بالنسبة (فان الملكية اعتبار عرفى او شرعى) بان الغى الشارع الاعتبار العرفى، و أسّس تأسيسا جديدا (يلاحظها) أى الملكية (المعتبر) الممضى اعتباره (عند تحقق اسبابها) التى هى اسباب بنظر المعتبر.

(فكما ان) البطن (الموجود مالك له) اى للوقف (فعلا ما دام) البطن (موجودا بتمليك الواقف) للبطن (فكذلك) البطن (المعدوم مالك له

ص: 10

شأنا بمقتضى تمليك الواقف.

و عدم تعقل الملك للمعدوم، انما هو فى الملك الفعلى، لا الشأنى و دعوى: ان الملك الشأنى ليس شيئا محققا موجودا.

يكذبها إنشاء الواقف له كانشائه لملك الموجود فلو جاز ان تخرج العين الموقوفة الى ملك الغير بعوض، لا يدخل فى ملك المعدوم

______________________________

شأنا بمقتضى تمليك الواقف).

(و) ان قلت: كيف يعقل الملك للمعدوم.

قلت: (عدم تعقل الملك للمعدوم، انما هو فى الملك الفعلى، لا الشأنى) اذ: معنى الشأنى، انه لو وجد لملك، بالإضافة الى ان الملك اعتبار، و الاعتبار يمكن تعلقه بالموجود و بالمعدوم.

الا ترى انك تقول: التناقض محال، فتحمل المحالية على التناقض مع ان احد طرفيه معدوم و إلا لزم وجود المتناقضين.

(و دعوى: ان الملك الشأنى ليس شيئا محققا موجودا) فلا يترتب عليه اثر حتى تقولوا ان الثمن ملك للمعدوم، ككونه ملكا للموجود.

(يكذبها) اى يكذب هذه الدعوى (إنشاء الواقف له كانشائه لملك) البطن (الموجود)

و لا يعقل إنشاء العدم اى ان المنشأ بعد الانشاء يوجد فى عالم الاعتبار، كما ان المخلوق بعد الايجاد يوجد فى عالم الموجودات (فلو جاز ان تخرج العين الموقوفة) الساقطة عن الانتفاع (الى ملك الغير) المشترى (بعوض) يتصف ذلك العوض بانه (لا يدخل فى ملك المعدوم

ص: 11

على نهج دخول المعوض، جاز ان تخرج بعوض، لا يدخل فى ملك الموجود.

و إليه اشار الشهيد قدس سره فى الفرع الآتى، حيث قال: انه يعنى الثمن صار مملوكا على حد الملك الاول، اذ يستحيل ان يملك لا على حده خلافا لظاهر بعض العبائر المتقدمة.

و اختاره المحقق فى الشرائع فى دية العبد الموقوف المقتول.

______________________________

على نهج دخول المعوض) اى ان دخوله شأنى كما ان دخول اهل الوقف كان شأنيا (جاز ان تخرج) العين (ب) مقابل (عوض، لا يدخل) ذلك العوض (فى ملك) البطن (الموجود).

فكما انكم تقولون ان العوض يدخل فى ملك الموجود، لانه عوض وقف لهم، كذلك يلزم ان تقولوا ان العوض يدخل فى ملك البطن المعدوم لانه عوض وقف لهم.

(و إليه) اى الى قولنا: فلو جاز، الخ (اشار الشهيد قدس سره فى الفرع الآتى، حيث قال: انه يعنى الثمن صار مملوكا) لكل البطون (على حد الملك الاول) اى نفس الموقوفة (اذ يستحيل ان يملك) الثمن (لا على حده) اى لا على النحو الّذي كان الاصل مملوكا، اذ: هذا بدل و كل بدل حكمه حكم المبدل (خلافا لظاهر بعض العبائر المتقدمة) كعبارة المفيد و الانتصار، حيث ان ظاهر هما ان الثمن ملك للموجودين فقط.

(و اختاره المحقق فى الشرائع فى دية العبد الموقوف المقتول) حيث ان العبد الموقوف لجماعة اذا قتل كانت ديته لاولئك الجماعة، و قد

ص: 12

و لعل وجه ان الوقف، ملك للبطن الموجود، غاية الامر تعلق حق البطون اللاحقة فاذا فرض جواز بيعه، انتقل الثمن الى من هو مالك له فعلا.

و لا يلزم من تعلق الحق بعين المبيع تعلقه بالثمن، و لا دليل عليه.

و مجرد البدلية لا يوجب ترتب جميع اللوازم اذ: لا عموم لفظيا يقتضي البدلية و التنزيل.

______________________________

افتى المحقق بانها للبطن الاول الموجودين، لا لكل البطون.

(و لعل وجهه) اى وجه اختصاص الموجودين بثمن الوقف (ان الوقف، ملك للبطن الموجود، غاية الامر تعلق حق البطون اللاحقة)

اما انه ملك للبطن الموجود، فلانه لا يمكن ملك المعدوم.

و اما انه متعلق لحق البطون، فلان الواقف جعله كذلك، و الشارع امضى اعتبار الواقف (فاذا فرض جواز بيعه، انتقل الثمن الى من هو مالك له فعلا).

(و) ان قلت: فكيف صار حق البطون.

قلت: (لا يلزم من تعلق الحق بعين المبيع تعلقه بالثمن) أيضا (و لا دليل عليه) اى على التلازم المذكور.

(و مجرد البدلية) للثمن (لا يوجب ترتب جميع اللوازم) كما ان الخمس بدل عن الزكاة، و لا يترتب عليه جميع اللوازم المترتبة على الزكاة (اذ:

لا عموم لفظيا يقتضي البدلية) حتى نقول: بان العموم ظاهر فى ترتب جميع الآثار (و) عموم (التنزيل) حتى فى تعلق حق البطون.

ص: 13

بل هو بدل له فى الملكية و ما يتبعها من حيث هو ملك.

و فيه ان ما ينقل الى المشترى ان كان هو الاختصاص الموقت الثابت للبطن الموجود، لزم منه رجوع المبيع- بعد انعدام البطن السابق- الى البطن اللاحق، فلا يملكه المشترى ملكا مستمرا، و ان كان هو مطلق الاختصاص المستقر الّذي لا يزول الا بالناقل، فهو لا يكون الا بثبوت جميع الاختصاصات الحاصلة للبطون له فالثمن لهم على نحو الثمن

______________________________

(بل هو بدل له فى الملكية و ما يتبعها من حيث هو ملك)

هذا غاية ما يمكن ان يوجه به قول القائل بان الثمن للبطن الموجود فقط.

(و فيه ان ما ينقل) لعين الوقف (الى المشترى) فيما باعه البطن الموجود (ان كان هو الاختصاص الموقت) بعمر البطن الموجود (الثابت) ذلك الاختصاص (للبطن الموجود) بان لا يكون المبيع عين الوقف، بل مقدار اختصاص البائع بالوقف، كمدة عشرين سنة الّذي هو منتهى عمر البطن الموجود (لزم منه رجوع) الوقف (المبيع- بعد انعدام البطن السابق-) بالموت (الى البطن اللاحق، فلا يملكه المشترى ملكا مستمرا) بل يملكه مدة عمر البطن البائع فقط (و ان كان) النقل الى المشترى (هو مطلق الاختصاص المستقر الّذي لا يزول الا بالناقل) كسائر الاعيان المبيعة حتى يصبح الوقف ملكا للمشترى (فهو) اى النقل هكذا (لا يكون الا بثبوت جميع الاختصاصات الحاصلة للبطون له) اى للوقف.

و على هذا (فالثمن لهم) اى للبطون (على نحو المثمن)

ص: 14

و مما ذكرنا تعرف ان اشتراك البطون فى الثمن، اولى من اشتراكهم فى دية العبد المقتول حيث انه بدل شرعى يكون الحكم به متأخرا عن تلف الواقف، فجاز عقلا منع سراية حق البطون اللاحقة إليه، بخلاف الثمن فانه يملكه من يملكه بنفس خروج الوقف عن ملكهم على وجه المعاوضة الحقيقة.

______________________________

فكما ان فى المثمن اختصاص للبطن الموجود و اختصاص للبطن المستقبل كذلك الثمن يكون له اختصاصان و لا يحق للبطن الموجود الاستئثار به لان فيه حقا لغيره أيضا.

(و مما ذكرنا) من ان نقل جميع الاختصاصات يوجب تعلق حق البطون بالثمن أيضا (تعرف ان اشتراك البطون فى الثمن) للوقف (اولى من اشتراكهم فى دية العبد المقتول) الّذي كان وقفا لجماعة (حيث انه) اى الثمن الّذي هو دية (بدل شرعى) ف (يكون الحكم به) اى بكونها للبطون (متأخرا عن تلف الوقف) اذ: الشارع حكم بانه اذا مات العبد تعلقت ديته بذمة القاتل فمرتبة الدية متأخرة عن مرتبة العبد (فجاز عقلا منع سراية حق البطون اللاحقة إليه) اى الى ثمن العبد الّذي هو الدية (بخلاف الثمن) فى بيع الوقف (فانه يملكه من يملكه) اى يملك الثمن من يكون مالكا للوقف (بنفس خروج الوقف عن ملكهم) خروجا (على وجه المعاوضة الحقيقية) فاذا ذهب المثمن جاء الثمن بنفس ذهاب المثمن، بخلاف العبد المقتول، فان حكم الشارع بالدية فاصل بين قتل العبد و بين تعلق الدية بذمة القاتل.

ص: 15

فلا يعقل اختصاص العوض بمن لم يختص بالمعوض.

و من هنا اتضح أيضا، ان هذا اولى بالحكم من بدل الرهن الّذي حكموا بكونه رهنا، لان حق الرهنية متعلق بالعين، من حيث انه ملك لمالكه الاول، فجاز ان يرتفع الى بدل بارتفاع ملكية المالك الاول بخلاف الاختصاص الثابت للبطن المعدوم فانه ليس قائما بالعين من حيث انه ملك البطن الموجود، بل اختصاص موقت.

______________________________

(فلا يعقل) فى مقام البيع (اختصاص العوض) الّذي هو الثمن (بمن لم يختص بالمعوض) اى البطن الموجود الّذي لم يختص بالوقف.

(و من هنا) الّذي ذكرنا ان بدل الوقف يكون بدلا بمجرد خروج الوقف عن الملك (اتضح أيضا، ان هذا) الّذي ذكرناه من تعلق حق البطون بالثمن (اولى بالحكم) الّذي ذكرناه (من بدل الرهن الّذي حكموا بكونه رهنا)

كما لو ان كتاب زيد، كان رهنا عند عمرو، فباع الكتاب بقلم، فان القلم يكون رهنا عند عمرو أيضا، فاذا كان بدل الرهن متعلقا لحق المرتهن كان بدل الوقف متعلقا للبطون بطريق اولى.

وجه الاولوية (لان حق الرهنية متعلق بالعين، من حيث انه ملك لمالكه الاول) و هو الّذي رهن الكتاب (فجاز ان يرتفع) حق الرهن (الى بدل بارتفاع ملكية المالك الاول) فلا يكون بدله رهنا (بخلاف الاختصاص الثابت للبطن المعدوم) فى باب الوقف (فانه) اى الاختصاص (ليس قائما بالعين من حيث انه ملك البطن الموجود، بل اختصاص موقت)

ص: 16

نظير اختصاص البطن الموجود منشأ بانشائه مقارن له بحسب الجعل متأخر عنه فى الوجود.

و قد تبين مما ذكرنا: ان الثمن حكمه حكم الوقف فى كونه ملكا لجميع البطون على ترتيبهم فان كان مما يمكن ان يبقى و ينتفع منه البطون على نحو المبدل و كانت مصلحة البطون فى بقائه

______________________________

بعمر البطن المعدوم.

(نظير اختصاص) الوقف ب (البطن الموجود منشأ) هذا الاختصاص للبطن المعدوم (بانشائه) اى بنفس الانشاء الحاصل للبطن الموجود (مقارن) ذلك الاختصاص للمعدوم (له) اى الاختصاص الحاصل للموجود (بحسب الجعل) الواقفى الّذي أمضاه الشارع، اذ: الواقف إنشاء إنشاء واحدا لهما (متأخر) الاختصاص للمعدوم (عنه) اى عن الاختصاص للموجود (فى الوجود)

و عليه: يكون بدل الوقف اولى بالحكم، من بدل الرهن، فاذا قلنا:

بان بدل الرهن يكون متعلقا لحق المرتهن، يكون بدل الوقف اولى بكونه متعلقا لحق البطن اللاحق المعدوم حالا.

(و قد تبين مما ذكرنا) فى وجه الاشكال على كلام المحقق (ان الثمن) للوقف (حكمه حكم الوقف فى كونه ملكا لجميع البطون على ترتيبهم)

فالبطن الاول، مقدم على الثانى، و الثانى مقدم على الثالث، و هكذا (فان كان) البدل (مما يمكن ان يبقى و ينتفع منه البطون على نحو المبدل) كأن كان بدل الدار الموقوفة بدار اخرى (و كانت مصلحة البطون فى بقائه

ص: 17

ابقى و الّا ابدل مكانه ما هو اصلح.

و من هنا ظهر: عدم الحاجة الى صيغة الوقف فى البدل، بل نفس البدلية يقتضي كونه كالمبدل.

و لذا علله الشهيد فى غاية المراد بقوله: لانه صار مملوكا على حدّ الملك الاول.

اذ يستحيل ان يملك لا على حدّه.

ثم ان

______________________________

ابقى)- بالمجهول- اى ابقى البدل (و الّا ابدل مكانه) اى مكان البدل (ما هو اصلح) و هكذا.

(و من هنا) الّذي ذكرنا، ان البدل محكوم بجميع احكام الوقف، بمجرد كونه بدلا (ظهر: عدم الحاجة الى صيغة الوقف فى البدل، بل نفس البدلية يقتضي كونه) اى البدل- فى كونه وقفا- (كالمبدل).

(و لذا) الّذي انه كالمبدل فى جميع الامور (علله) اى عدم الاحتياج الى صيغة الوقف (الشهيد فى غاية المراد بقوله: لانه) اى البدل (صار مملوكا) للموقوف عليهم (على حدّ الملك الاول) اى مثل ملكهم لاصل الوقف

(اذ يستحيل ان يملك) البدل (لا على حدّه) لا مثل الملك الاول.

(ثم ان) مقتضى القاعدة المتقدمة من جريان جميع آثار الوقف الاول على البدل ان يكون الوقف البدل ممنوع التصرف فيه، و لو تبديلا الى الاصلح، كاصل الوقف، كما ان مقتضاه أيضا ان لا يجوز التبديل من الاصل الى البدل الّا بالمماثل مع الامكان، فالدار تبدل بالدار و ان كان

ص: 18

هذا العين حيث صارت ملكا للبطون، فلهم، او لوليّهم ان ينظر فيه و يتصرف فيه بحسب مصلحة جميع البطون، و لو بالابدال بعين اخرى اصلح لهم بل قد يجب اذا كان تركه يعد تضييعا للحقوق.

و ليس مثل الاصل ممنوعا عن بيعه، الا لعذر، لان ذلك كان حكما من احكام الوقف الابتدائى.

و بدل الوقف انما هو بدل له فى كونه ملكا للبطون، فلا يترتب عليه جميع احكام الوقف الابتدائى.

______________________________

الحمام و الدكان اصلح، و انفع مثلا.

و منه يظهر الاشكال فيما اختاره الشيخ ره بقوله: ان (هذا العين) اى البدل (حيث صارت ملكا للبطون، فلهم، او لوليّهم) اذا كان لهم ولىّ (ان ينظر فيه، و يتصرف فيه) اى فى البدل (بحسب مصلحة جميع البطون، و لو بالابدال) لهذا البدل (بعين اخرى اصلح لهم) من البدل الاول (بل قد يجب) على الولىّ ابدال البدل ببدل آخر (اذا كان تركه) اى ترك البدل (يعدّ تضييعا للحقوق)

كما اذا كان ايجار البدل مائة و لو بدّل كان ايجاره خمسمائة.

(و ليس) البدل (مثل الاصل) اى اصل الوقف (ممنوعا عن بيعه، إلا لعذر) حتى لا يجوز تبديله بالاصلح (لان ذلك) اى عدم جواز التبديل (كان حكما من احكام الوقف الابتدائى) مقابل الوقف البدلى.

(و بدل الوقف انما هو بدل له فى كونه ملكا للبطون) فقط لا فى جميع احكام الوقف (فلا يترتب عليه) اى على البدل (جميع احكام الوقف الابتدائى)

ص: 19

و مما ذكرنا أيضا يظهر عدم وجوب شراء المماثل للوقف كما هو ظاهر التذكرة، و الارشاد، و جامع المقاصد، و التنقيح و المقتصر، و مجمع الفائدة، بل قد لا يجوز، اذا كان غيره اصلح لان الثمن اذا صار ملكا للموقوف عليهم الموجودين و المعدومين، فاللازم ملاحظة مصلحتهم، خلافا للعلامة، و ولده، و الشهيد، و جماعة، فاوجبوا المماثلة مع الامكان لكون المثل اقرب الى مقصود الواقف.

و فيه: مع عدم انضباط غرض الواقف اذ قد يتعلق غرضه بكون الموقوف

______________________________

و قد عرفت الاشكال فى هذا الكلام.

(و مما ذكرنا) من ان البدل ليس محكوما بحكم اصل الوقف (أيضا يظهر عدم وجوب شراء المماثل للوقف كما هو ظاهر التذكرة، و الارشاد و جامع المقاصد، و التنقيح، و المقتصر، و مجمع الفائدة، بل قد لا يجوز) شراء المماثل (اذا كان غيره) اى غير المماثل (اصلح) لان المماثل حينئذ يكون تضييعا.

و انما لا يجب شراء المماثل (لان الثمن اذا صار ملكا للموقوف عليهم الموجودين و المعدومين، فاللازم ملاحظة مصلحتهم) فان كانت المصلحة فى غير المماثل، لزم شراء غير المماثل (خلافا للعلامة، و ولده و الشهيد و جماعة) آخرين (فاوجبوا المماثلة مع الامكان، لكون المثل اقرب الى مقصود الواقف) و اللازم اتباع مقصود الواقف.

(و فيه: مع عدم انضباط غرض الواقف) بانه المماثل، او غير المماثل (اذ قد يتعلق غرضه بكون الموقوف

ص: 20

عينا خاصة، و قد يتعلق بكون منفعة الوقف مقدارا معينا من دون تعلق غرض بالعين، و قد يكون الغرض خصوص الانتفاع بثمرته، كما لو وقف بستانا لينتفعوا بثمرته، فبيع، فدار الامر بين ان يشترى بثمنه بستانا فى موضع لا يصل إليهم الا قيمة الثمرة، و بين ان يشترى ملكا آخر تصل إليهم اجرة منفعته.

فان الاول و ان كان مماثلا، الا انه ليس اقرب الى غرض الواقف انه لا دليل على وجوب ملاحظة الاقرب الى مقصوده، انما اللازم ملاحظة مدلول كلام فى إنشاء الوقف

______________________________

عينا خاصة) كالدار مثلا، فاللازم المماثل (و قد يتعلق بكون منفعة الوقف مقدارا معينا من دون تعلق غرض بالعين) كما لو كان غرضه الانتفاع بالف دينار كل سنة، و اشترى الدكان أولا لهذا الغرض، ثم صار الدكان لا ينفع بهذا القدر، و انما نفع الحمام الف دينار مثلا (و قد يكون الغرض خصوص الانتفاع بثمرته) من غير نظر الى العين، و لا الى مقدار الايجار (كما لو وقف بستانا لينتفعوا بثمرته، فبيع) البستان لاحد مجوزات البيع (فدار الامر بين ان يشترى بثمنه بستانا فى موضع لا يصل إليهم إلا قيمة الثمرة و بين ان يشترى ملكا آخر تصل إليهم اجرة منفعته) كالدار التى تؤجر.

(فان الاول) اى البستان (و ان كان مماثلا، الا انه ليس اقرب الى غرض الواقف) اذ: غرضه الثمرة، و هو لا يحصل فى اىّ منهما (انه) مبتدأ لقوله «و فيه» (لا دليل على وجوب ملاحظة الاقرب الى مقصوده انما اللازم ملاحظة مدلول كلام فى إنشاء الوقف) حتى نتبع اللّفظ فى

ص: 21

ليجرى الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها.

فالحاصل: ان الوقف ما دام موجودا بشخصه، لا يلاحظ فيه الا مدلول كلام الواقف و اذا بيع و انتقل الثمن الى الموقوف عليهم لم يلاحظ فيه الا مصلحتهم هذا، قال العلامة فى محكى التذكرة كل مورد جوزنا بيع الوقف، فانه يباع و يصرف الثمن الى جهة الوقف، فان امكن شراء مثل تلك العين مما ينتفع به كان اولى، و إلا جاز شراء كل ما يصح وقفه، و الا

______________________________

اشتراء البدل (ليجرى الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها) فاذا لم يكن لكلام دلالة خاصة، كان البدل مطلقا، فاللازم اشتراء الاصلح، و ان لم يكن هناك اصلح جاز كل واحد من الابدال.

(فالحاصل: ان الوقف ما دام موجودا بشخصه، لا يلاحظ فيه الا مدلول كلام الواقف) فى انه يجب ان يبقى، كما قال الواقف (و اذا بيع و انتقل الثمن الى الموقوف عليهم لم يلاحظ فيه الا مصلحتهم)

و قد عرفت ان البدل بحكم كونه كالاصل يجب ان يتبع فيه كلام الواقف أيضا.

اللهم الا ان يقال: ان اللازم ملاحظة قصد الواقف عرفا، من جهة ملاحظة الموقوف عليهم، لان دليل الوقف و التبديل لا يستفاد منهما اكثر من ملاحظة قصد الواقف (هذا، قال العلامة فى محكى التذكرة كل مورد جوزنا بيع الوقف، فانه يباع و يصرف الثمن الى جهة الوقف، فان امكن شراء مثل تلك العين) الموقوفة (مما ينتفع به كان اولى، و إلا جاز شراء كل ما يصح وقفه، و الا) يمكن شراء كلما يصح وقفه لان الثمن كان قليلا

ص: 22

صرف الثمن الى الموقوف عليه، يعمل فيه ما شاء، لان فيه جمعا بين التوصل الى غرض الواقف من نفع الموقوف عليه على الدوام، و بين النصّ الدال على عدم جواز مخالفة الواقف، حيث شرط التأبيد، فاذا لم يمكن التأبيد بحسب الشخص، و امكن بحسب النوع، وجب لانه موافق لغرض الواقف، و داخل تحت الاول الّذي وقع العقد عليه.

و مراعاة الخصوصية الكلية يفضى الى فوات الغرض باجمعه

______________________________

جدا او ان الوقف كان معرضا للسيطرة عليه، من قبل الظالم، او ما اشبه (صرف الثمن الى الموقوف عليه، يعمل فيه ما شاء) كسائر امواله (لان فيه) اى فى الترتيب الّذي ذكرناه من المماثل و غير المماثل، و الصرف فى مصلحة الموقوف عليه (جمعا بين التوصل الى غرض الواقف من نفع الموقوف عليه على الدوام، و بين النصّ الدالّ على عدم جواز مخالفة الواقف، حيث شرط التأبيد) و بين الغرض الخاص للواقف فى كون الموقوفة شيئا خاصا، كالدار و البستان مثلا (فاذا لم يمكن التأبيد بحسب الشخص، و امكن بحسب النوع، وجب) فان امكن بحسب الصنف كالدار بدلا عن الدار، كان مقدما، و الا فالدار تبدل بالبستان مثلا (لانه موافق لغرض الواقف) فان غرضه من باب تعدد المطلوب (و داخل) البدل (تحت) الوقف (الاول الّذي وقع العقد) اى عقد الوقف (عليه)

(و) اذا اردنا (مراعاة الخصوصية الكلية) لا مراعاة الكلية بما هى كلية، بل قلنا: ان اللازم بقاء العين، و الا فلا بدل لها فان ذلك (يفضى) و ينتهى (الى فوات الغرض باجمعه) و هذا خلاف تعدد

ص: 23

و لان قصر الثمن على البائعين يقتضي خروج باقى البطون عن الاستحقاق بغير وجه مع انهم يستحقون من الوقف كما يستحق البطن الاول و تعذر وجودهم حال الوقف.

قال بعض علمائنا، و الشافعية: ان ثمن الوقف كقيمة الموقوف اذا تلف فيصرف الثمن على الموقوف عليهم ملكا على رأى، انتهى.

و لا يخفى عليك مواقع الردّ و القبول فى كلامه ره

______________________________

المطلوب الظاهر من حالة الواقفين المشمول لقوله صلى الله عليه و آله و سلم الوقوف الخ.

(و لان قصر الثمن على البائعين) بان يتصرفوا فيه (يقتضي خروج باقى البطون عن الاستحقاق) الّذي قرّره الواقف لهم (بغير وجه)

اذ: لا وجه لاخراج البطون من الاستحقاق شرعا، و لا عقلا (مع) اى و الحال (انهم) اى البطون اللاحقة (يستحقون من الوقف كما يستحق البطن الاول)

(و تعذر وجودهم حال الوقف) اى عدمهم لا يوجب سقوط حقهم اذ: الحق لا يناط بالموجود لا شرعا و لا عرفا.

(و قال بعض علمائنا، و الشافعية: ان ثمن الوقف) اذا بيع (كقيمة الموقوف اذا تلف) اذا اتلفه متلف حيث يجب عليه دفع القيمة اى ان الثمن و القيمة كليهما فى حال واحد (فيصرف الثمن على الموقوف عليهم ملكا على رأى) لكنه عندنا غير مختار لما عرفت من الدليل (انتهى) كلام العلامة

(و لا يخفى عليك مواقع الرد و القبول فى كلامه ره) فمن مواقع الردّ

ص: 24

ثم ان المتولى للبيع، هو البطن الموجود بضميمة الحاكم القيم من قبل سائر البطون.

و يحتمل ان يكون هذا الى الناظر ان كان لانه المنصوب لمعظم الامور الراجعة الى الوقف.

الا ان يقال: بعدم انصراف وظيفته المجعولة من قبل الواقف الى التصرف فى نفس العين

______________________________

- على مذاق المصنف ره- قوله فان امكن شراء مثل تلك العين الخ، اذ: لا يجب شراء المثل عند المصنف، و قوله: و الّا جاز شراء كل ما يصح الخ اذ: لا بد من شراء الاصلح، و قوله: فاذا لم يمكن الخ فان المصنف لا يعتبر امكان التأبيد، اما مواقع القبول، فسائر الاحكام التى ذكر مما يوافق المصنف ره عليهما.

(ثم ان المتولى للبيع، هو البطن الموجود بضميمة الحاكم القيم من قبل سائر البطون) فان الحاكم قيّم على ما لا قيّم له.

(و يحتمل ان يكون هذا الى الناظر) للوقف (ان كان) للوقف ناظر من قبل الواقف (لانه المنصوب لمعظم الامور الراجعة الى الوقف)

و انما قال: معظم الامور، لان بعض الامور الاخر راجعة الى البطون، و اذا لم يكن للوقف ناظر تصل النوبة الى الحاكم.

(الا ان يقال) فى وجه عدم تولّيه (بعدم انصراف وظيفته المجعولة من قبل الواقف الى التصرف فى نفس العين) بالبيع و ما اشبه.

و عليه: فلا حق للناظر فى بيع العين، و انما له حق فى تصدّى الشئون المربوطة بالعين ما دامت العين موجودة.

ص: 25

و الظاهر سقوط نظارته عن بدل الوقف.

و يحتمل بقائها لتعلق حقه بالعين الموقوفة، فيتعلق ببدلها.

ثم انه لو لم يمكن شراء بدله و لم يكن الثمن مما ينتفع به مع بقاء عينه كالنقدين، فلا يجوز دفعه الى البطن الموجود، لما عرفت من كونه كالمبيع مشتركا بين جميع البطون.

و حينئذ فيوضع عند امين، حتى يتمكن من شراء ما

______________________________

(و الظاهر) لدى المصنف (سقوط نظارته) اى نظارة الناظر المجعولة من قبل الواقف (عن بدل الوقف) لان النظارة كانت على العين لا على البدل.

(و يحتمل بقائها) اى النظارة (لتعلق حقه) اى الناظر (بالعين الموقوفة، فيتعلق ببدلها) لان بدل العين فى حكم العين من جميع الجهات، الا ما خرج بالدليل، و ليست النظارة خارجة بدليل.

(ثم انه لو لم يمكن شراء بدله) فيما اذا باع الوقف (و لم يكن الثمن مما ينتفع به مع بقاء عينه) اذ لو امكن الانتفاع به مع بقاء عينه، كما لو كان الثمن شاة مثلا وجب الابقاء، لانه اقرب الى مقصد الواقف (كالنقدين) فيما لم يمكن اجارتها لانتفاع المستأجر من بقائها عنده مثلا (فلا يجوز دفعه) اى الثمن (الى البطن الموجود) يتصرف فيه كما يشاء (لما عرفت من كونه) اى الثمن (كالمبيع) اى الوقف (مشتركا بين جميع البطون) فلا يمكن تخصيص بطن واحد به.

(و حينئذ، فيوضع) الثمن (عند امين، حتى يتمكن من شراء ما

ص: 26

ينتفع به، و لو مع الخيار الى مدّة.

و لو طلب ذلك البطن الموجود، فلا يبعد وجوب اجابته، و لا يعطل الثمن حتى يوجد ما يشترى به من غير خيار.

______________________________

ينتفع به) اما بدلا للوقف، او مكانا للثمن ابقاء الثمن حتى يمكن اشتراء بدل الوقف (و لو مع الخيار الى مدّة) بان يشترى بالثمن دارا بيع خيار الى سنة مثلا، ثم يفسخ متولى الثمن المعاملة بعد سنة، ليشترى بالثمن ما يمكن الانتفاع به وقفا، أو بدلا، حتى يتسنى الوقف و الاشتراء بخيار، فيما اذا كان الاشتراء كذلك اصلح، او كان الشي ء المرغوب فيه لا يتوفر فى الحال الحاضر فيشترى بالثمن شيئا خيار يا حتى اذا تسنّى الشي ء المطلوب، فسخ البيع، و اشترى بالثمن ذلك الشي ء المطلوب.

(و لو طلب ذلك) الاشتراء الخيارى- فيما لم يمكن الاشتراء غير الخيارى- (البطن الموجود، فلا يبعد وجوب اجابته) لان للبطن حقا فى الثمن، كما ان للناظر حق النظارة، و طلبه مشروع (و لا يعطل الثمن حتى يوجد ما يشترى به من غير خيار)

اذ لا وجه للتعطيل، فان عدم الشراء تضييع لحق البطن الموجود الّذي يطلب الشراء و ليس فيه منافاة لحق الوقف او حق البطون، بخلاف عدم الشراء، فانه تضييع لحق البطن الموجود الّذي طلبه بلا جهة.

و يحتمل عدم وجوب الاجابة، اذ البطن لم يكن له هذا الحق، فمن أين يوجد له هذا الحق؟ بعد بيع الوقف.

ص: 27

نعم لو رضى الموجود بالاتّجار به و كانت المصلحة فى التجارة جاز مع المصلحة الى ان يوجد البدل.

و الربح تابع للاصل.

و لا يملكه الموجودون، لانه جزء من البيع، و ليس كالنماء الحقيقى ثم لا فرق فى جميع ما ذكرنا من جواز البيع مع خراب الوقف، بين عروض الخراب لكله، او بعضه فيباع البعض المخروب، و يجعل بدله ما يكون وقفا و لو كان صرف ثمنه فى باقيه بحيث يوجب

______________________________

(نعم لو رضى) البطن (الموجود بالاتّجار به) اى بالثمن عوض ان يشترى به شي ء خيارى (و كانت المصلحة فى التجارة، جاز) الاتجار (مع المصلحة الى ان يوجد البدل) فانه يشترى البدل و ان كان ربح البدل اقل من ربح الاتجار، لان البدل اقرب الى الوقف و الى قصد الواقف.

(و) اذا اتجر بالثمن، ف (الربح تابع للاصل) فى وجوب ابقائه.

(و لا يملكه الموجودون، لانه جزء من المبيع، و ليس كالنماء الحقيقى) الّذي هو لارباب الوقف، فكونه مسمّى بالربح اعتبارى محض، و الا فهو فى الحقيقة جزء من الثمن الّذي ربح.

(ثم لا فرق فى جميع ما ذكرنا من جواز البيع مع خراب الوقف، بين عروض الخراب لكله، او بعضه) لان الدليل انما دل على جواز البيع حال الخراب، و ذلك شامل لخراب البعض، و خراب الكل على حد سواء (ف) اذ اخرب البعض (يباع البعض المخروب و يجعل بدله ما يكون وقفا و لو صرف ثمنه) اى ثمن المبيع (فى باقيه) فيما خرب البعض (بحيث يوجب

ص: 28

زيادة منفعته، جاز مع رضا الكل، لما عرفت من كون الثمن ملكا للبطون، فلهم التصرف فيه على ظن المصلحة.

و منه يعلم جواز صرفه فى وقف آخر عليهم على نحو هذا الوقف فيجوز

______________________________

زيادة منفعته، جاز) الصرف (مع رضا الكل) اى كل الموقوف عليهم، اذ لا دليل على ان يكون المشترى وقفا جديدا.

و عليه فيجوز صرف الثمن سواء كان للكل او للبعض فى وقف آخر كما لو باع الدار الموقوفة و صرف ثمنها فى خان موقوف مثلا (لما عرفت من كون الثمن ملكا للبطون، فلهم التصرف فيه على ظن المصلحة) اى اذا ظن انه مصلحة.

و الاكتفاء بالظن انما هو لانه الغالب الّذي يعتمد عليه العقلاء اذ العلم لا يحصل غالبا كما لا يخفى.

(و منه) اى و مما ذكرنا من جواز صرف ثمن البعض المخروب فى البعض الباقى (يعلم جواز صرفه) اى الثمن (فى وقف آخر عليهم) اى على نفس الموقوف عليهم، اما وقف آخر لغير هم فذلك خلاف كون الوقف المبيع وقفا عليهم، اذا كان الوقف الآخر (على نحو هذا الوقف) لا على وقف عليهم غير هذا النحو، مثلا لو كان لهم ثلاثة دور موقوفة، داران وقف لسكناهم، و دار وقف لان ينتفعوا بايجارها، كان اللازم لدى بيع احدى الدارين ان يصرف ثمنها فى الدار الاخرى التى هى للسكنى، لا الدار التى هى للايجار

و ذلك لوضوح ان الاقرب الى الدار المبيعة هى الدار التى للسكنى (فيجوز

ص: 29

صرف ثمن ملك مخروب فى تعمير وقف آخر عليهم.

و لو خرب بعض الوقف، و خرج عن الانتفاع و بقى بعضه محتاجا الى عمارة لا يمكن بدونها انتفاع البطون اللاحقة، فهل يصرف ثمن المخروب الى عمارة الباقى، و ان لم يرض البطن الموجود، وجهان آتيان فيما اذا احتاج اصلاح الوقف- بحيث لا يخرج عن قابلية انتفاع البطون اللاحقة- الى صرف منفعته الحاضرة التى يستحقها البطن الموجود اذا لم يشترط الواقف

______________________________

صرف ثمن ملك مخروب فى تعمير وقف آخر عليهم).

(و لو خرب بعض الوقف، و خرج عن الانتفاع) بحيث جاز بيعه (و بقى بعضه محتاجا الى عمارة لا يمكن بدونها) اى بدون العمارة (انتفاع البطون اللاحقة، فهل يصرف ثمن المخروب الى عمارة الباقى، و ان لم يرض البطن الموجود) او يتوقف ذلك على رضاية البطن الموجود، و الا يشترى به مكان آخر اذا لم يرض البطن الموجود بذلك (وجهان)

الاول: يصرف فى عمارة الباقى مطلقا رضى الموجود، أم لا؟ لان الباقى اقرب الى المبيع.

الثانى: لا يصرف الا برضاهم، لانه لا فرق بين الامرين، و حيث ان الموجود هم ذوو التصرف لا يجوز التعدى عن رضاهم.

ثم ان هذين الوجهين (آتيان فيما اذا احتاج اصلاح الوقف- بحيث لا يخرج عن قابلية انتفاع البطون اللاحقة- الى صرف منفعته) اى منفعة الوقف (الحاضرة التى يستحقها البطن الموجود اذا لم يشترط الواقف

ص: 30

اخراج مئونة الوقف عن منفعته قبل قسمته فى الموقوف عليهم.

و هنا فروع اخر يستخرجها الماهر بعد التأمل.

______________________________

اخراج مئونة الوقف عن منفعته قبل قسمته فى الموقوف عليهم).

اما اذا اشترط فلا اشكال فى ان صرف المنفعة فى الاصلاح مقدم على القسمة.

و انما كان وجهان فى صورة عدم الاشتراط، لاحتمال ان المنفعة ملك لهذا البطن، فكيف يصرف فى الموقوف مع عدم رضاهم؟

و احتمال ان بقاء الوقف الّذي هو مراد الواقف مقدم على انتفاع هذا البطن بالمنفعة الموجودة.

نعم لو دار الامر- فيما كان الوقف لبطنين فقط- بين انتفاع هذا البطن او البطن اللاحق لم يبعد تقدم هذا البطن.

(و هنا فروع اخر يستخرجها الماهر بعد التأمل) مثل انه اذا لم يف الثمن بالمماثل التام، فهل يقدم غير المماثل الناقص.

مثلا ثمن الدار المبيعة يفى بدكان كامل او نصف دار، فايهما يقدم؟

و انه اذ كان شراء المثل صلاحا للموجودين و شراء غيره صلاحا لغيرهم، أو بالعكس، او كان احدهما اصلح للوقف و الآخر اصلح للبطون.

مثلا شراء الدكان اصلح للوقف، حيث يبقى بدون احتياج الى تعمير او ضريبة حكومية، و شراء الدار اصلح للبطون حيث ان ايجارها اكثر، و هكذا من عشرات الفروع الاخر.

ص: 31

الصورة الثانية: ان يخرب بحيث يسقط عن الانتفاع المعتد به

بحيث يصدق عرفا انه لا منفعة فيه كدار انهدمت، فصارت عرصة توجر للانتفاع بها باجرة لا تبلغ شيئا معتدا به، فان كان ثمنه على تقدير البيع لا يعطى به الا ما كان منفعته كمنفعة العرصة، فلا ينبغى الاشكال فى عدم الجواز.

و ان كان يعطى بثمنه ما يكون منفعته اكثر من منفعة العرصة بل يساوى منفعة الدار

______________________________

(الصورة الثانية) من الصور التى يجوز بيع الوقف فيها فى الجملة (ان يخرب بحيث يسقط عن الانتفاع المعتد به بحيث يصدق عرفا) بالحمل الشائع الصناعى (انه لا منفعة فيه) و ان كان فى الواقع و الحقيقة له منفعة قليلة (كدار) موقوفة (انهدمت، فصارت عرصة توجر للانتفاع بها باجرة لا تبلغ شيئا معتدا به) كما لو كانت اجرة الاصل مائة و اجرة العرصة خمسة مثلا (فان كان ثمنه على تقدير البيع) اى ان يباع (لا يعطى به) اى بذلك الثمن (الا ما كان منفعته كمنفعة العرصة) كما انه لو بيعت العرصة اعطى بثمنها دار اجرتها خمسة دنانير مثلا، كما هى اجرة العرصة (فلا ينبغى الاشكال فى عدم الجواز) اذ لا مبرّر للبيع اطلاقا.

(و ان كان يعطى بثمنه ما يكون منفعته اكثر من منفعة العرصة) كما لو كان ايجار الدار المشتراة بثمن العرصة عشرين، بينما ثمن العرصة خمسة (بل يساوى منفعة الدار) السابقة، كما لو كانت منفعة الدار الموقوفة مائة، و منفعة العرصة عشرين ثم اذا اشترينا بثمن العرصة دارا

ص: 32

ففى جواز البيع وجهان، من عدم الدليل على الجواز مع قيام المقتضى للمنع و هو ظاهر المشهور، حيث قيّدوا الخراب المسوّغ للبيع بكونه بحيث لا يجدى نفعا.

و قد تقدم التصريح من العلامة فى التحرير بانه لو انهدمت الدار لم تخرج العرصة من الوقف، و لم يجز بيعها.

اللهم الا ان يحمل النفع المنفى فى كلام المشهور على النفع المعتدّ به بحسب حال العين.

______________________________

اخرى كانت منفعتها أيضا مائة (ففى جواز البيع وجهان، من عدم الدليل على الجواز مع قيام المقتضى للمنع) و هو حرمة بيع الوقف (و هو ظاهر المشهور، حيث قيّدوا الخراب المسوّغ للبيع بكونه بحيث لا يجدى نفعا) و العرصة حسب الفرض لها نفع و ان كان قليلا.

(و قد تقدم التصريح من العلامة فى التحرير بانه لو انهدمت الدار لم تخرج العرصة من الوقف) و هذا شاهد لعدم جواز البيع، اذ:

بالانهدام لا تخرج العرصة عن كونها وقفا (و لم يجز بيعها) هذا مؤكد لما استفيد من كلامه السابق، و من ان الفائدة الجزئية كلا فائدة، فيكون بقاء الوقف خلاف غرض الواقف- و قد اسقط المصنف هذا الشق الّذي هو عدل لقوله «من عدم الدليل» لانه واضح، و لان قوله «اللهم» يشير إليه-.

(اللهم الا ان يحمل النفع المنفى فى كلام المشهور) حيث اجازوا البيع فى صورة عدم النفع (على النفع المعتدّ به بحسب حال العين) اى ان

ص: 33

فان الحمام الّذي يستأجر كل سنة مائة دينار، اذا صار عرصة يؤجر كل سنة خمسة دراهم او عشرة لغرض جزئى كمجمع الزبائل و نحوه يصدق عليه انه لا يجدى نفعا.

و كذا القرية الموقوفة، فان خرابها بغور انهارها و هلاك اهلها، و لا تكون تسلب منافع اراضيها رأسا.

و يشهد لهذا ما تقدم عن التحرير، من جعل عرصة الدار المنهدمة مواتا لا ينتفع بها بالكلية، مع انها كثيرا ما تستأجر

______________________________

هذا النفع ليس يعدّ نفعا لمثل هذا العين، و ان كان هو نفع فى الجملة فى نظر الواقع و الحقيقة (فان الحمام الّذي يستأجر كل سنة مائة دينار، اذا صار عرصة يؤجر كل سنة خمسة دراهم أو عشرة) دراهم (لغرض جزئى كمجمع الزبائل و نحوه) بان تستعمل العرصة لجمع الزبائل (يصدق عليه انه لا يجدى نفعا) لان هذا ليس نفعا للحمام لا من جهة الاستعمال فى جمع الزبائل فيه و لا من حيث الاجرة.

(و كذا القرية الموقوفة، فان خرابها بغور انهارها) يقال غار الماء و غار النهر اذ اذهب مائه (و هلاك اهلها) او نزوحهم عنها.

و قوله «بغور» خبر «خرابها» (و لا تكون تسلب منافع اراضيها) سلبا (رأسا) بحيث لا تكون لها منفعة اصلا، و مع ذلك يطلق عليها الخراب

(و يشهد لهذا) الّذي ذكرنا من صدق الخراب و ان لم ينعدم النفع الجزئى (ما تقدم عن التحرير، من جعل عرصة الدار المنهدمة مواتا لا ينتفع بها بالكلية، مع انها) اى الدار المنهدمة (كثيرا ما تستأجر

ص: 34

للاغراض الجزئية فالظاهر دخول الصورة المذكورة فى اطلاق كلام كل من سوغ البيع عند خرابه بحيث لا يجدى نفعا.

و يشمله الاجماع المدعى فى الانتصار و الغنية.

لكن الخروج بذلك عن عموم ادلة وجوب العمل بمقتضى وقف الواقف الّذي هو حبس العين، و عموم قوله (ع) لا يجوز شراء الوقف مشكل.

و يؤيد المنع: حكم اكثر من تأخر عن الشيخ بالمنع عن بيع النخلة

______________________________

للاغراض الجزئية) فان التحرير جعل الهدم موجبا لصدق الموت على الدار مما يدل على عدم الاعتناء بالمنافع الجزئية.

و على هذا (فالظاهر دخول الصورة المذكورة) اى الصورة الثانية (فى اطلاق كلام كل من سوغ البيع عند خرابه) اى الوقف خرابا (بحيث لا يجدى نفعا) اذ النفع القليل كلا نفع.

(و يشمله) اى ما اذا خرب حتى كان نفعه جزئيا (الاجماع المدعى فى الانتصار و الغنية) المتقدم.

(لكن الخروج بذلك) اى بالخراب الموجب للنفع الجزئى (عن عموم ادلة وجوب العمل بمقتضى وقف الواقف الّذي هو حبس العين) بان نجز البيع خلافا لحبس الواقف- الّذي كان له هذا الحبس- (و) عن (عموم قوله (ع): لا يجوز شراء الوقف) الشامل لصورة الخراب فى الجملة، مع بقاء الانتفاع القليل (مشكل) لانه لا وجه لهذا الخروج الا احتمال شمول ادلة الصورة الاولى للصورة الثانية.

(و يؤيد المنع: حكم اكثر من تأخر عن الشيخ بالمنع عن بيع النخلة

ص: 35

المنقلعة، بناء على جواز الانتفاع بها فى وجوه اخر، كالتسقيف، و جعلها جسرا، و نحو ذلك.

بل ظاهر المختلف- حيث جعل النزاع بين الشيخ و الحلى ره لفظيا حيث نزّل تجويز الشيخ على صورة عدم امكان الانتفاع به فى منفعة أخرى- الاتفاق على المنع، اذا حصل فيه انتفاع، و لو قليلا كما يظهر من التمثيل بجعله جسرا.

______________________________

المنقلعة) التى كانت موقوفة، فانقلعت (بناء اعلى جواز) اى امكان (الانتفاع بها) بتلك النخلة (فى وجوه اخر) غير الثمرة (كالتسقيف، و جعلها جسرا، و نحو ذلك) كالاسطوانة لحفظ السقف، مع ان هذه المنافع جزئية بالنسبة الى النخلة، فلو كانت النخلة المثمرة دينارا كانت المنقلعة مائة فلس مثلا.

(بل ظاهر المختلف- حيث جعل النزاع بين الشيخ و الحلى ره لفظيا) فان الشيخ يجوز البيع، و الحلى يمنع.

و انما جعل العلامة النزاع بينهما لفظيا (حيث نزّل تجويز الشيخ على صورة عدم امكان الانتفاع به) اى بالوقف (فى منفعة اخرى-) و عدم تجويز الحلى على صورة الانتفاع فى الجملة (الاتفاق) خبر لقوله «ظاهر المختلف» (على المنع، اذا حصل فيه انتفاع، و لو قليلا).

اذ حمل كلام المجوز على صورة عدم الانتفاع، معناه ان لا مجوز فى صورة الانتفاع (كما يظهر) المنع فى صورة الانتفاع القليل (من التمثيل بجعله) اى النخل (جسرا) فانه انتفاع قليل جدا، و مع ذلك لم يجوز

ص: 36

نعم: لو كان قليلا فى الغاية بحيث يلحق بالمعدوم امكن الحكم بالجواز، لانصراف قوله عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف، الى غير هذه الحالة.

و كذا حبس العين، و تسبيل المنفعة، انما يجب الوفاء به ما دامت المنفعة المعتد بها موجودة، و الا فمجرد حبس العين و امساكه و لو من دون منفعة لو وجب الوفاء به لمنع عن البيع فى الصورة الاولى.

ثم ان الحكم المذكور جار فيما اذا صارت منفعة الموقوف قليلة لعارض آخر

______________________________

البيع فى هذه الصورة.

(نعم: لو كان) الانتفاع (قليلا فى الغاية) اى فى غاية القلة (بحيث يلحق بالمعدوم) كما لو كان نفع بستان الفا، فصار واحدا (امكن الحكم بالجواز، لانصراف قوله عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف، الى غير هذه الحالة) اى حالة النفع القليل.

(و كذا) ظاهر كلام الواقف الّذي هو (حبس العين، و تسبيل المنفعة، انما يجب الوفاء به ما دامت المنفعة المعتد بها موجودة، و الا) يجز البيع فى حال النفع الملحق بالعدم (فمجرد حبس العين و امساكه و لو من دون منفعة) معتد بها (لو وجب الوفاء به) اى بالحبس بان يبقى محبوسا (لمنع عن البيع فى الصورة الاولى) و هى صورة عدم المنفعة اطلاقا.

(ثم ان الحكم المذكور) اى جواز البيع، او عدم جوازه على الاختلاف المتقدم (جار فيما اذا صارت منفعة الموقوف قليلة، لعارض آخر

ص: 37

غير الخراب، لجريان ما ذكرنا فيه.

ثم انك قد عرفت فيما سبق، انه ذكر بعض ان جواز بيع الوقف لا يكون الا مع بطلان الوقف، و عرفت وجه النظر فيه.

ثم وجه بطلان الوقف فى الصورة الاولى، بفوات شرط الوقف المراعى فى الابتداء و الاستدامة و هو كون العين مما ينتفع بها مع بقاء عينها

______________________________

غير الخراب) كما لو ان القرية صارت منفورا عنها، فهجر اكثر اهلها حتى صار ايجار الدكان بعشرة بعد ان كان بالف مثلا، او وجد فى الدار دودا و ما اشبه سبّب قلة الرغبة فيها الى حدّ ما يسمى بعدم الانتفاع.

و انما نقول بجواز البيع فى هذه الصورة (لجريان ما ذكرنا) من الادلة فى جواز البيع حالة الخراب (فيه) اى فى غير الخراب من العوارض المشابهة للخراب لوحدة للمناط.

(ثم انك قد عرفت فيما سبق، انه ذكر بعض) و هو الجواهر (ان جواز بيع الوقف لا يكون، الا مع بطلان الوقف، و عرفت وجه النظر فيه) و أنه لا وجه للقول بالبطلان، و انما البيع يوجب ابطال الوقف.

(ثم وجّه) ذلك البعض (بطلان الوقف فى الصورة الاولى) اى صورة عدم الانتفاع (بفوات شرط الوقف المراعى)- بصيغة المفعول- اى الشرط الّذي روعى (فى الابتداء و الاستدامة، و هو) اى الشرط (كون العين مما ينتفع بها مع بقاء عينها) فان هذا الشرط لو لم يكن موجودا من الابتداء لم يصح الوقف اصلا.

اذ الوقف عبارة عن حبس العين و تسبيل المنفعة، كما انه لو فقد

ص: 38

و فيه ما عرفت سابقا: من ان بطلان الوقف بعد انعقاده صحيحا لا وجه له فى الوقف المؤبّد، مع انه لا دليل عليه.

مضافا الى انه لا دليل على اشتراط الشرط المذكور فى الاستدامة، فان الشرط فى العقود الناقلة يكفى وجودها حين النقل.

فانه قد يخرج المبيع عن المالية، و لا يخرج بذلك عن ملك المشترى.

______________________________

هذا الشرط فى الاثناء لم يبق مقدم الوقف فيبطل.

(و فيه ما عرفت سابقا: من ان بطلان الوقف بعد انعقاده صحيحا لا وجه له فى الوقف المؤبد) مقابل الوقف غير المؤبد كما تقدم (مع أنه لا دليل عليه) اى على البطلان.

(مضافا الى انه لا دليل على اشتراط الشرط المذكور) اى الانتفاع مع بقاء العين (فى الاستدامة) و انما الدليل خاص بالابتداء فقط (فان الشرط فى العقود الناقلة يكفى وجودها حين النقل) فقط.

(ف) مثلا (انه قد يخرج المبيع عن المالية، و لا يخرج بذلك عن ملك المشترى)

و واضح انه يشترط النقل بالمالية، فقد اشترطت الملكية فى الابتداء لا فى الاستدامة.

و الحاصل: انه لا دليل على ان كل شرط يشترط فى الابتداء يشترط فى الاستدامة أيضا.

ثم اشار المصنف الى الاشكال فى قول الجواهر: بان اجازة الشارع

ص: 39

مع ان جواز بيعه لا يوجب الحكم بالبطلان، بل يوجب خروج الوقف عن اللزوم الى الجواز كما تقدم.

ثم ذكر انه قد يقال بالبطلان أيضا: بانعدام عنوان الوقف، فيما اذا وقف بستانا مثلا ملاحظا فى عنوان وقفه البستانية، فخربت حتى خرجت عن قابلية ذلك، فانه و ان لم تبطل منفعتها اصلا، لإمكان الانتفاع بها دارا مثلا، لكن ليس من عنوان الوقف، و

______________________________

للبيع لازمها البطلان للوقف بقوله.

(مع ان جواز بيعه) اى الوقف (لا يوجب الحكم بالبطلان) اى بطلان الوقف قبل البيع (بل يوجب خروج الوقف عن اللزوم) اى لزوم البقاء (الى الجواز) اى جواز البقاء و جواز البيع، و المراد بالجواز الاعم حتى من الوجوب اى وجوب البيع (كما تقدم) الكلام فى ذلك عند نقل كلام الجواهر

(ثم ذكر) الجواهر (انه قد يقال بالبطلان) للوقف (أيضا) كبطلانه فيما اذا انعدمت فائدته او قلّت (بانعدام عنوان الوقف، فيما اذا وقف بستانا مثلا ملاحظا فى عنوان وقفه البستانية) بان كان من باب وحدة المطلوب، لا من باب تعدّد المطلوب، فانه قد يريد الواقف اعاشة ذويه و يريد ان يكون بستانا حتى اذا لم يكن بستانا اوقفه أيضا، و قد يريد وقف البستان بما هو بستان حتى انه اذا لم يكن بستانا لم يوقفه (فخربت حتى خرجت عن قابلية ذلك) اى كونه بستانا (فانه و ان لم تبطل منفعتها) اى البستان (اصلا، لإمكان الانتفاع بها دارا مثلا) بل و بنفس مقدار الانتفاع السابق (لكن ليس) الانتفاع الدارى (من عنوان الوقف، و

ص: 40

احتمال بقاء العرصة على الوقف باعتبار انها جزء من الوقف، و هى باقية و خراب غيرها و ان اقتضى بطلانه فيه، لا يقتضي بطلانه فيها.

يدفعه ان العرصة كانت جزءا من الموقوف من حيث كونه بستانا، لا مطلقا، فهى حينئذ جزء عنوان الوقف الّذي فرض خرابه.

و لو فرض إرادة وقفها ليكون بستانا او غيره، لم يكن اشكال فى بقائها لعدم ذهاب عنوان الوقف.

______________________________

احتمال بقاء العرصة على الوقف) بعد بطلان كونه بستانا (باعتبار انها) اى العرصة (جزء من الوقف، و هى) اى العرصة التى هى جزء (باقية)

(و خراب غيرها) اى غير العرصة- كالبناء- و «خراب» مبتدأ (و ان اقتضى بطلانه) اى الوقف (فيه) اى فى العين كالبناء (لا يقتضي بطلانه) اى الوقف (فيها) اى فى العرصة، فاللازم القول بعدم بطلان الوقف.

(يدفعه) خبر «و خراب» (ان العرصة كانت جزءا من الموقوف من حيث كونه) اى الموقوف (بستانا، لا مطلقا) سواء كان بستانا او غير بستان (فهى) اى العرصة (حينئذ) اى حين كان الوقف بعنوان كونه بستانا (جزء عنوان الوقف الّذي فرض خرابه) اى خراب ذلك العنوان و بخراب العنوان يخرب الجزء أيضا.

(و لو فرض إرادة) الواقف (وقفها) اى البستان (ليكون بستانا او غيره، لم يكن اشكال فى بقائها) اى الموقوفية للعرصة حين ذهاب البستان (لعدم ذهاب عنوان الوقف) الّذي هو الاعم من البستان.

ص: 41

و ربما يؤيد ذلك فى الجملة ما ذكروه فى باب الوصية: من انه لو اوصى بدار، فانهدمت قبل موت الموصى، بطلت الوصية، لانتفاء موضوعها.

نعم: لو لم يكن الدارية، و البستانية، و نحو ذلك، مثلا عنوانا للوقف و ان قارنت وقفه بل كان المراد به الانتفاع به فى كل وقف على حسب ما يقبله، لم يبطل الوقف بتغير احواله.

______________________________

(و ربما يؤيد ذلك) الّذي ذكرنا من انه لو كان الوقف على عنوان البستان بما هو بستان، ثم ذهب كونه بستانا، بطل الوقف (فى الجملة) لا كلية، اذ ليس البابان من مقولة واحدة، و لا دليل على وحدة المناط فى البابين (ما ذكروه فى باب الوصية: من انه لو اوصى بدار، فانهدمت قبل موت الموصى، بطلت الوصية، لانتفاء موضوعها) اى الدار، فان الوصية كالوقف فى انها لو تعلقت بشي ء خاص ثم ذهب ذلك العنوان، بطلت، اذ بذهاب الموضوع يذهب الحكم.

(نعم: لو لم يكن الدارية، و البستانية، و نحو ذلك، مثلا عنوانا للوقف و ان قارنت) الدارية و البستانية (وقفه) اى وقف ذلك الموقوف، بان كان فى حال الوقف دارا او بستانا- مثلا- (بل كان المراد به) اى بالدار و البستان الموقوفين (الانتفاع به) اى بالدار و البستان (فى كل وقت) و ان بقى عنوان الدارية و البستانية، أم لا، (على حسب ما يقبله) اى يقبله من الصور كالدار تقبل ان تكون بستانا، و هكذا، و بالعكس (لم يبطل الوقف بتغير احواله) لان العنوان باق، و ببقاء العنوان يبقى

ص: 42

ثم ذكر ان فى عود الوقف الى ملك الواقف، او وارثه بعد البطلان او الموقوف عليه وجهين.

أقول يرد على ما قد يقال بعد الاجماع على ان انعدام العنوان لا يوجب بطلان الوقف، بل و لا جواز البيع، و ان اختلفوا فيه عند الخراب او خوفه لكنه غير تغير العنوان، كما لا يخفى انه

______________________________

الوقف.

(ثم ذكر) الجواهر (ان فى عود الوقف الى ملك الواقف، او وارثه) اذا مات الواقف (بعد البطلان) للوقف بذهاب العنوان فيما كان مقيدا على نحو وحدة المطلوب (او) عوده الى (الموقوف عليه وجهين)

وجه لعوده الى الواقف، لانه اخرجه عن ملكه بمقدار بقاء العنوان فاذا ذهب العنوان عاد الى المالك.

و وجه لعوده الى الموقوف عليه، لانه خرج عن ملك الواقف بالوقف و صار متعلق حق الموقوف عليه، فاذا بطل الوقف كان ملكا لهم، دون الواقف، فان الواقف انقطعت علاقته عن الوقف.

(اقول) الى هنا كان كلام الجواهر، و من هنا كلام الشيخ من الايراد على الجواهر (يرد على ما قد يقال) اى قول الجواهر (بعد الاجماع على ان انعدام العنوان لا يوجب بطلان الوقف، بل و لا جواز البيع و ان اختلفوا فيه) اى فى البطلان او جواز البيع و الترديد لان صاحب الجواهر يقول بالبطلان و غيره يقولون بجواز البيع (عند الخراب او خوفه) اى خوف الخراب (لكنه) اى الخراب (غير تغير العنوان، كما لا يخفى انه) «انه»

ص: 43

لا وجه للبطلان بانعدام العنوان، لانه ان اريد بالعنوان ما جعل مفعولا فى قوله: وقفت هذا البستان فلا شك انه ليس الا كقوله: بعت هذا البستان، او وهبته فان التمليك المعلق بعنوان، لا يقتضي دوران الملك مدار العنوان، فالبستان اذا صار ملكا فقد ملك منه كل جزء خارجى و ان لم يكن فى ضمن عنوان البستان، و ليس التمليك من قبيل الاحكام الجعلية المتعلقة بالعنوانات.

و ان اريد بالعنوان

______________________________

فاعل «يرد» (لا وجه للبطلان) اى بطلان الوقف (بانعدام العنوان)

فاوّلا: اجماع على عدم البطلان.

و ثانيا: لا مقتضى له (لانه ان اريد بالعنوان) الّذي يبطل فيبطل الوقف (ما جعل مفعولا فى قوله: وقفت هذا البستان) او هذه الدار مثلا (فلا شك انه ليس الا كقوله: بعت هذا البستان، او وهبته، فان) الوقف المعلق بعنوان مثل (التمليك المعلق بعنوان، لا يقتضي دوران الملك) و الوقف (مدار العنوان، فالبستان اذا صار ملكا) للمشترى بان باعه مالكه (فقد ملك منه) اى المشترى (كل جزء خارجى) من عرصة و اشجار (و ان لم يكن فى ضمن عنوان البستان) و كذلك الوقف، و الهبة و غيرهما (و ليس التمليك من قبيل الاحكام الجعلية المتعلقة بالعنوانات) حتى اذا تبدل العنوان يتبدل الحكم، كالحكم بالقصر المعلق على عنوان المسافر، و الحكم بوجوب النفقة المعلق على عنوان الزوجية، و هكذا.

(و ان اريد بالعنوان) الّذي قال الجواهر: ان انعدامه يوجب

ص: 44

شي ء آخر فهو خارج عن مصطلح اهل العرف و العلم.

و لا بد من بيان المراد منه هل يراد ما اشترط لفظا او قصدا فى الموضوع زيادة على عنوانه.

و اما تأييد ما ذكر بالوصية، فالمناسب ان يقايس ما نحن فيه بالوصية بالبستان

______________________________

بطلان الوقف (شي ء آخر) غير عنوان البستانية (فهو خارج عن مصطلح اهل العرف و العلم) فان مصطلحهم فى العنوان: ما جعل مفعولا فى قوله وقفت هذا البستان.

(و لا بد من بيان المراد منه) اى من العنوان (هل يراد ما اشترط لفظا) اى قال وقفت بشرط ان يبقى بستانا (او قصدا فى الموضوع زيادة على عنوانه) اى عنوان الموضوع، بان قصد «بستان» الموضوع بعنوان انه بستان، لا بالاعم من البستان و غيره، الصادق ذلك الاعم على العرصة بعد خراب البستان.

و الحاصل: ان هناك ثلاث تصورات.

الاول: «عنوان البستان»

الثانى: «البستان بشرط البستانية شرطا لفظيا»

الثالث: «البستان المقصود كونه بحالة البستانية»

(و اما تأييد) الجواهر (ما ذكر) من انه لو خرج البستان عن البستانية بطل الوقف (بالوصية) فى مثال ما لو اوصى بالدار، فانهدمت فى حياة الموصى مما اوجب بطلان الوصية (فالمناسب ان يقايس ما نحن فيه بالوصية بالبستان

ص: 45

بعد تمامها، و خروج البستان عن ملك الموصى بموته، و قبول الموصى له، فهل يرضى احد بالتزام بطلان الوصية بصيرورة البستان عرصة.

نعم: الوصية قبل تمامها يقع الكلام فى بقائها و بطلانها من جهات اخر.

ثم ما ذكره من الوجهين مما لا يعرف له وجه بعد اطباق كل من قال بخروج

______________________________

بعد تمامها) اى تمام الوصية (و) بعد (خروج البستان عن ملك الموصى) بصيغة الفاعل- (بموته، و قبول الموصى له) للوصية (فهل يرضى احد) من الفقهاء (بالتزام بطلان الوصية بصيرورة البستان عرصة) و الوقف من هذا القبيل، لا من قبيل انهدام الدار قبل موت الموصى، اذ قبل الموت لم تتم الوصية، بخلاف انهدام البستان بعد الوقف، فانه قد تم الوقف.

(نعم: الوصية قبل تمامها) بان لم يمت الوصى (يقع الكلام فى بقائها) اى الوصية (و بطلانها من جهات اخر) غير جهة انتفاء العنوان كجهة بعد الموت و قبل القبول، او جهة بعد الموت و قبل القبض و القبول، أو بعد القبض قبل القبول، اى ان الوصية هل تبطل، أم لا؟

اذ أطرأ عليها طارئ غير الخراب، اما من جهة الخراب بعد تمامية الوصية- الّذي هو المقيس عليه- فلا وجه للقول بالبطلان، فتأمل.

(ثم ما ذكره) الجواهر (من الوجهين) اى قوله «ان فى عود الوقف وجهين» (مما لا يعرف له) اى للوجهين- و المراد وجه العود الى الواقف- (وجه، بعد اطباق كل من قال بخروج

ص: 46

الوقف المؤبّد عن ملك الواقف على عدم عوده إليه ابدا.

الصورة الثالثة: ان تخرب بحيث تقل منفعته لكن لا الى حد يلحق بالمعدوم

و الاقوى هنا: المنع و هو الظاهر من الاكثر فى مسئلة النخلة المنقلعة حيث جوز الشيخ فى محكى الخلاف بيعها، محتجا بانه: لا يمكن الانتفاع بها الاعلى هذا الوجه، لان الوجه الّذي

______________________________

الوقف المؤبّد عن ملك الواقف على عدم عوده إليه) اى الى الواقف (ابدا)

و فيه: ان عدم قول احد، لا ينفى ان له وجها وجيها كما لا يخفى، و الله العالم.

(الصورة الثالثة) من الصور التى يجوز بيع الوقف فيها فى الجملة (ان تخرب) ارض الوقف (بحيث تقل منفعته) قلة عرفية، لا قلة قليلة جدا، اذ: المنصرف من القلة، القلة العرفية، و لذا قال (لكن لا الى حدّ يلحق بالمعدوم) فى نظر العرف (و الاقوى هنا: المنع) عن بيع الوقف، و ذلك لاطلاق ادلة منع بيع الوقف، و دليل الاستثناء لا يشمل هذه الصورة (و هو) المنع (الظاهر من الاكثر فى مسئلة النخلة المنقلعة) اذا كانت موقوفة، فانقلعت بسبب السيل، و نحوه فهل يجوز بيعها، أم لا؟ فان النخلة المنقلعة لها منفعة قليلة، اذ يمكن جعلها فى السقف و نحوه، و مع ذلك لم يجوز الاكثر بيعها (حيث جوز الشيخ فى محكى الخلاف بيعها) خلافا للاكثر (محتجا) للجواز (بانه: لا يمكن الانتفاع بها) منفعة معتدا بها عرفا، اذ منفعة النخلة الاثمار، لا جعلها فى السقف مثلا (الا على هذا الوجه) اى البيع، فلذا يجوز بيعها (لان الوجه الّذي

ص: 47

شرطه الواقف قد بطل، و لا يرجى عوده.

و منعه الحلّى، قائلا، و لا يجوز بيعها: بل ينتفع بها بغير البيع مستندا الى وجوب ابقاء الوقف على حاله، مع امكان الانتفاع.

و زوال بعض المنافع، لا يستلزم زوال جميعها، لإمكان التسقيف بها، و نحوه و حكى موافقته عن الفاضلين، و الشهيدين، و المحقق الثانى و اكثر المتأخرين.

______________________________

شرطه الواقف) فى الانتفاع، و هو الاثمار (قد بطل، و لا يرجى عوده).

اذ: النخلة بعد الانقلاع لا تثبت فى الارض مرة ثانية لتنمو.

(و منعه) اى الجواز (الحلى، قائلا: و لا يجوز بيعها، بل ينتفع بها بغير البيع) فلم يبطل اثر الوقف حتى يجوز البيع (مستندا) اى ان الحلّى استند فى عدم جواز بيع الوقف (الى وجوب ابقاء الوقف على حاله مع امكان الانتفاع) فى جعله فى السقف و نحوه.

(و) ان قلت: قد زال نفع اعطاء النخلة الثمرة.

قلت: (زوال بعض المنافع، لا يستلزم زوال جميعها) و زوال الجميع هو ميزان جواز البيع (لإمكان التسقيف بها) اى بالنخلة (و نحوه) كجعلها جسرا، او بابا، او ما اشبه ذلك.

(و حكى موافقته) اى موافقة الحلى فى عدم جواز البيع (عن الفاضلين) المحقق، و العلامة، (و الشهيدين) الاول و الثانى (و المحقق الثانى) الكركى (و اكثر المتأخرين) عن هؤلاء العلماء، هذا.

ص: 48

و حكى فى الايضاح عن والده قدس سرهما ان النزاع بين الشيخ و الحلّى، لفظى.

و استحسنه، لان فى تعليل الشيخ اعترافا بسلب جميع منافعها

و الحلّى فرض وجود منفعته، و منع لذلك بيعها و قيل يمكن بناء نزاعهما على رعاية المنفعة المعدّ لها الوقف كما هو الظاهر من تعليل الشيخ

______________________________

(و) لكن (حكى) فخر المحققين ولد العلامة (فى) كتابه (الايضاح عن والده) العلامة الحلّى (قدس سرهما ان النزاع) فى جواز البيع و عدمه (بين الشيخ و الحلّى، لفظى) اذ الشيخ يجوز البيع، فى ما لا نفع لها اطلاقا، و الحلّى لا يجوز البيع، فيما لها نفع فى الجملة.

(و استحسنه) اى ان الايضاح استحسن نظر ولده (لان فى تعليل الشيخ) لجواز بيع النخلة (اعترافا بسلب جميع منافعها) هو يجوز البيع فى هذه الصورة.

(و الحلى فرض وجود منفعته) اى منفعة الوقف (و منع لذلك) لوجود المنفعة (بيعها)

فكلام المجوز فى موضوع، و كلام المانع فى موضوع آخر (و قيل) القائل صاحب المقابيس، قال فى بيان كلام العلامة و ولده فى وجه كون النزاع بين الشيخ و الحلى لفظيا (يمكن بناء نزاعهما) الشيخ و الحلّى (على رعاية) و ملاحظة (المنفعة المعدّ لها الوقف كما هو الظاهر من تعليل الشيخ)

فوجه كون النزاع بينهما لفظيا ان الشيخ يقول: المنفعة المعدّ لها الوقف هى الاثمار.

ص: 49

و لا يخلو عن تأمل.

و كيف كان: فالاقوى هنا المنع.

و اولى منه بالمنع ما لو قلّت منفعة الوقف من دون خراب.

فلا يجوز بذلك البيع اذا قلنا بجواز بيعه، اذا كان اعود و سيجي ء تفصيله.

الصورة الرابعة: [أن يكون بيع الوقف أنفع و أعود للموقوف عليه]

______________________________

فحيث لا اثمار، فلا منفعة.

و الحلّى يقول: المنفعة المعدّ لها الوقف كلّ منفعة- حتى التسقيف- فحيث للنخلة منفعة التسقيف، لم يجز البيع.

(و) لكن هذا الجمع الّذي ذكره صاحب المقابيس (لا يخلو عن تأمل)

اذ الكلام فى المنفعة مطلقا، لا المنفعة المعدّ لها الوقف.

(و كيف كان) سواء كان وجه لفظية النزاع ما ذكرناه، او ما ذكره المقابيس (فالاقوى هنا) فى قلة المنفعة (المنع) عن بيع الوقف.

(و اولى منه بالمنع) عن البيع (ما لو قلّت منفعة الوقف من دون خراب) كما اذا بقيت النخلة قائمة لكن صار ثمرها العشر مثلا.

(فلا يجوز بذلك) اى بسبب القلّة (البيع) للنخلة (اذا قلنا بجواز بيعه) بيع الوقف (اذا كان) البيع (اعود) و انفع (و سيجي ء تفصيله) فى الصورة الرابعة إن شاء الله تعالى.

(الصورة الرابعة) من الصور التى يجوز بيع الوقف فيها فى الجملة

ص: 50

ان يكون بيع الوقف انفع و اعود للموقوف عليه، و ظاهر المراد منه ان يكون ثمن الوقف ازيد نفعا من المنفعة الحاصلة تدريجا مدة وجود الموقوف عليه.

و قد نسب جواز البيع هنا الى المفيد، و قد تقدم عبارته، فراجع.

و زيادة النفع قد تلاحظ بالنسبة الى البطن الموجود، و قد تلاحظ بالنسبة الى جميع البطون، إذا قيل بوجوب شراء بدل الوقف بثمنه.

______________________________

(ان يكون بيع الوقف انفع و اعود للموقوف عليه، و ظاهر المراد منه) اى من كونه اعود (ان يكون ثمن الوقف ازيد نفعا من المنفعة الحاصلة تدريجا مدة وجود الموقوف عليه).

مثلا لو كانت الدار قائمة مدة خمسين سنة التى هى مده وجود الموقوف عليه، كان ايجارها كل سنة عشرين دينارا، فالمجموع الف دينار و لو بيعت الدار كان ثمنها خمسة آلاف و نفع خمسة آلاف اذا وضع فى التجارة، كان كل سنة خمسين دينارا مثلا.

(و قد نسب جواز البيع هنا الى المفيد) بل و السيد، و جملة من المتأخرين، كما فى الجواهر (و قد تقدم عبارته، فراجع) حتى ترى هل تدل على ما نسب إليه، أم لا؟

(و زيادة النفع قد تلاحظ بالنسبة الى البطن الموجود) حيث ان نفع الثمن يعطيهم كل سنة خمسين، بينما نفع الموقوفة كل سنة عشرون (و قد تلاحظ بالنسبة الى جميع البطون، اذا قيل بوجوب شراء بدل الوقف بثمنه)

ص: 51

و الاقوى: المنع مطلقا، وفاقا للاكثر، بل الكلى، بناء على ما تقدم من عدم دلالة قول المفيد على ذلك.

و على تقديره فقد تقدم عن التحرير: ان كلام المفيد متأوّل.

و كيف كان، فلا اشكال فى المنع لوجود مقتضى المنع، و هو: وجوب العمل على طبق إنشاء الواقف.

______________________________

اذ: الانفعية حينئذ، يجب ان تلاحظ بالنسبة الى الكل، حتى يطلق عليه الانفعية بقول مطلق، و الا فلا يطلق عليه الانفعية الا فى الجملة.

و اما اذا لم نقل بوجوب شراء البدل، بل قلنا: بان الثمن يأكله البطن الموجود فقط، فاللازم ملاحظة الانفعية بالنسبة إليهم فقط.

(و الاقوى: المنع مطلقا) سواء كان انفع بالنسبة إليهم، أم بالنسبة الى جميع البطون (وفاقا للاكثر، بل الكل، بناء اعلى ما تقدم) قبل اسطر من قولنا «و قد تقدم عبارته فراجع» حيث ان فيه تعريضا بان عبارته لا تدلّ على ما نسب إليه (من عدم دلالة قول المفيد على ذلك) الّذي نسب إليه.

(و على تقديره) اى تقدير ان عبارته دالة على البيع (فقد تقدم عن التحرير: ان كلام المفيد متأول) الى صورة عدم الفائدة فى بقاء الوقف.

(و كيف كان) سواء افتى المفيد بذلك، أم لا (فلا اشكال فى المنع) عن البيع (لوجود مقتضى المنع، و هو: وجوب العمل على طبق إنشاء الواقف) و البيع و التبديل مخالفان لانشائه.

ص: 52

و قوله عليه السلام لا يجوز شراء الوقف، و غير ذلك.

و عدم ما يصلح للمنع عدا رواية ابن محبوب عن على بن رئاب، عن جعفر بن حنان، قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام: عن رجل وقف غلّة له على قرابته من ابيه، و قرابته من أمّه، و اوصى لرجل و لعقبه من تلك الغلة ليس بينه و بينه قرابة بثلاثمائة درهم فى كل سنة، و يقسّم الباقى على قرابته من ابيه، و قرابته من أمّه، فقال عليه السّلام: جائز للذى اوصى له بذلك، قلت: أ رأيت أن لم تخرج من غلّة تلك الارض التى اوقفها الّا

______________________________

(و قوله عليه السلام لا يجوز شراء الوقف) كما تقدم (و غير ذلك) من الادلة الدالة على المنع عن بيع الوقف.

(و عدم ما يصلح للمنع) عن المقتضى، ان يفيد جواز البيع اذا كان الثمن انفع (عدا رواية ابن محبوب عن على بن رئاب، عن جعفر بن حنان، قال سألت أبا عبد الله عليه السلام: عن رجل وقف غلة له) اى ارضا ذات غلة، و انما اطلق عليها غلة، بعلاقة الحال و المحلّ (على قرابته من ابيه، و قرابته من أمّه، و اوصى لرجل و لعقبه من تلك الغلة ليس بينه و بينه) اى بين الواقف و بين ذلك الرجل (قرابة بثلاثمائة درهم فى كل سنة، و يقسّم الباقى) بعد الثلاثمائة (على قرابته من ابيه، و قرابته من أمّه) هذا تكرار كما لا يخفى (فقال عليه السلام: جائز للذى اوصى له بذلك) اى للرجل الّذي اوصى له بثلاثمائة درهم فى كل سنة (قلت: أ رأيت ان لم تخرج من غلة تلك الارض التى اوقفها الّا

ص: 53

خمسمائة درهم، فقال عليه السلام: أ ليس فى وصيّته ان يعطى الّذي اوصى له من الغلة ثلاثمائة درهم، و يقسّم الباقى على قرابته من ابيه و أمّه، قلت: نعم، قال عليه السلام: ليس لقرابته ان يأخذوا من الغلة شيئا، حتى يوفى الموصى له ثلاثمائة درهم، ثم لهم ما يبقى بعد ذلك، قلت: أ رأيت ان مات الّذي اوصى له، قال عليه السلام: ان مات كانت له ثلاثمائة درهم لورثته يتوارثونها ما بقى احد منهم، فان انقطع ورثته و لم يبق منهم احد كانت ثلاثمائة درهم لقرابة الميت، يرد الى ما يخرج من الوقف، ثم يقسّم بينهم يتوارثون ذلك ما بقوا و بقيت الغلة قلت:

فللورثة

______________________________

خمسمائة درهم) اى ما ذا بهذه الخمسمائة (فقال عليه السلام: أ ليس فى وصيّته ان يعطى الّذي اوصى له من الغلة ثلاثمائة درهم، و يقسّم الباقى على قرابته من ابيه و أمّه قلت: نعم) هكذا كانت الوصية (قال عليه السلام: ليس لقرابته ان يأخذوا من الغلة شيئا، حتى يوفى الموصى له) اى يعطى لذلك الرجل (ثلاثمائة درهم، ثم لهم) اى للقرابة (ما يبقى بعد ذلك، قلت: أ رأيت ان مات الّذي اوصى له، قال عليه السلام: ان مات كانت له ثلاثمائة درهم لورثته، يتوارثونها ما) دام (بقى احد منهم، فان انقطع ورثته) بان لم يكن للرجل ورثة (و لم يبق منهم احد كانت ثلاثمائة درهم لقرابة الميت، يرد) و يرجع ذلك الثلاثمائة (الى) سائر (ما يخرج من الوقف، ثم يقسّم بينهم) اى بين الموقوف عليهم (يتوارثون) القرابة (ذلك) المال (ما بقوا و بقيت الغلة قلت: و) هل (للورثة

ص: 54

من قرابة الميت ان يبيعوا الارض اذا احتاجوا، و لم يكفهم ما يخرج من الغلّة، قال: نعم، اذا رضوا كلهم، و كان البيع خيرا لهم باعوا، و الخبر المروى عن الاحتجاج ان الحميرى كتب الى صاحب الزمان جعلنى الله فداه، انه روى عن الصادق عليه السلام خبر مأثور، ان الوقف اذا كان على قوم باعيانهم و اعقابهم فاجتمع اهل الوقف على بيعه، و كان ذلك اصلح لهم ان يبيعوا، فهل يجوز ان يشترى عن بعضهم، ان لم يجتمعوا كلهم على البيع، أم لا يجوز؟ الا ان يجتمعوا كلهم على ذلك، و عن الوقف الّذي لا يجوز بيعه.

فاجاب عليه السلام: اذا كان الوقف على امام المسلمين، فلا يجوز

______________________________

من قرابة الميت ان يبيعوا الارض اذا احتاجوا) الى ثمن الارض (و لم يكفهم ما يخرج من الغلّة، قال: نعم) لهم ان يبيعوا (اذا رضوا كلهم و كان البيع خيرا لهم باعوا) الى آخر الخبر (و) مثله (الخبر المروى عن الاحتجاج ان الحميرى كتب الى صاحب الزمان جعلنى الله فداه، انه روى عن الصادق عليه السلام خبر مأثور، ان الوقف اذا كان على قوم باعيانهم و اعقابهم) كالذرية، لا مثل الطلبة او المساكين، فان الوقف هنا للعنوان، لا لشخص رقبته (فاجتمع اهل الوقف على بيعه، و كان ذلك اصلح لهم ان يبيعوا، فهل يجوز ان يشترى عن بعضهم، ان لم يجتمعوا كلهم على ذلك) البيع (و عن الوقف الّذي لا يجوز بيعه) اى سأله عليه السلام عن المسألة السابقة، و عن هذه المسألة.

(فاجاب عليه السلام: اذا كان الوقف على امام المسلمين، فلا يجوز

ص: 55

بيعه، و اذا كان على قوم من المسلمين، فليبع كل قوم ما يقدرون على بيعه مجتمعين و متفرقين ان شاء الله.

دلّت على جواز البيع، اما فى خصوص ما ذكره الراوى، و هو كون البيع اصلح، و اما مطلقا بناء على عموم الجواب.

لكنه مقيّد بالاصلح، لمفهوم رواية جعفر.

كما انه يمكن حمل اعتبار رضى الكل فى رواية جعفر على صورة بيع تمام الوقف لا اعتباره بما فى بيع كل واحد بقرينة رواية الاحتجاج.

______________________________

بيعه، و اذا كان على قوم من المسلمين، فليبع كل قوم ما يقدرون على بيعه مجتمعين و متفرقين ان شاء الله) اى جائز سواء باع بعضهم او باع كلهم.

(دلّت) هذه الرواية المروية عن الاحتجاج (على جواز البيع، امّا فى خصوص ما ذكره الراوى، و هو كون البيع اصلح، و اما مطلقا) كبيع سائر الاملاك (بناء على عموم الجواب) اذا لم يقيده الامام بالاصلحية.

(لكنه) اى الجواب (مقيّد بالاصلح، لمفهوم رواية جعفر) المتقدمة التى دلّت على اشتراط جواز البيع بكونه اصلح للموقوف عليهم.

(كما انه يمكن حمل اعتبار رضى الكل فى رواية جعفر) حيث اعتبرت رضاية الكل فى جواز البيع (على صورة بيع تمام الوقف لا اعتباره) اى رضى الكل (بما فى بيع كل واحد) حصته الخاصة (بقرينة رواية الاحتجاج) التى قالت مجتمعين و متفرقين.

ص: 56

و يؤيّد المطلب صدر رواية ابن مهزيار الآتية لبيع حصّة ضيعة الامام عليه السلام عن الوقف.

و الجواب اما عن رواية جعفر فبانها انما تدل على الجواز مع حاجة الموقوف عليهم، لا لمجرد كون البيع انفع.

فالجواز مشروط بالامرين كما تقدم عن ظاهر النزهة، و سيجي ء الكلام فى هذا القول بل يمكن ان يقال: ان المراد بكون البيع خيرا لهم مطلق النفع الّذي يلاحظه الفاعل، ليكون منشأ لإرادته.

فليس مراد الامام عليه السلام: بيان اعتبار ذلك

______________________________

(و يؤيّد المطلب) اى جواز بيع الوقف (صدر رواية ابن مهزيار الآتية لبيع حصّة ضيعة الامام عليه السلام عن الوقف) بل و بعض الروايات الاخر كرواية امير المؤمنين عليه السلام الآتية، و غيرها.

(و الجواب اما عن رواية جعفر فبانها انما تدل على الجواز مع حاجة الموقوف عليهم، لا لمجرد كون البيع انفع) الظاهر خصوصا من اخير الرواية الجواز فى صورة رضاية البائع، و كون البيع انفع.

(فالجواز مشروط بالامرين) الحاجة، و كون البيع انفع (كما تقدم عن ظاهر النزهة، و سيجي ء الكلام فى هذا القول) و انه هل يصح البيع فى هذا الحال، أم لا؟ (بل يمكن ان يقال: ان المراد بكون البيع خيرا لهم مطلق النفع الّذي يلاحظه الفاعل، ليكون) النفع الملحوظ (منشئا لارادته) لا ان المراد خيرية واقعية يستحق موضوع الاعود و الانفع.

(فليس مراد الامام عليه السلام: بيان اعتبار ذلك) اى الخير

ص: 57

تعبدا.

بل المراد بيان الواقع الّذي فرضه السائل يعنى اذا كان الامر على ما ذكرت من المصلحة فى بيعه «جاز» كما يقال: اذا اردت البيع و رأيته اصلح من تركه، فبع.

و هذا مما لا يقول به احد.

و يحتمل أيضا: ان يراد من الخبر هو خصوص رفع الحاجة التى فرضها السائل.

______________________________

(تعبّدا) بان يكون الشارع اجاز البيع فى حالكونه خيرا واقعا.

(بل المراد بيان الواقع الّذي فرضه السائل) اى الواقع الفرضى الّذي هو رؤية الموقوف عليه كون البيع خيرا (يعنى اذا كان الامر على ما ذكرت من المصلحة فى بيعه، جاز، كما يقال: اذا اردت البيع و رأيته اصلح من تركه، فبع).

(و) الحاصل: ان الرواية ان كان معناها ان البيع اذا كان اصلح واقعا جاز، كما يقوله النزهة فى الجملة فسيأتي الكلام فيه.

و ان كان: معناها ان الموقوف عليه اذا رأى البيع اصلح ف (هذا مما لا يقول به احد) فيلزم طرح الرواية، لانها معرض عنها.

(و يحتمل أيضا: ان يراد من الخبر هو خصوص رفع الحاجة) التى المّت بالموقوف عليه (التى فرضها السائل) فلا يرتبط بما نحن فيه الّذي هو كون البيع انفع.

ص: 58

و عن المختلف و جماعة: الجواب عنه بعدم ظهوره فى المؤبّد، لاقتصاره على ذكر الاعقاب.

و فيه نظر، لان الاقتصار فى مقام الحكاية لا يدل على الاختصاص

اذ يصح ان يقال: فى الوقف المؤبّد انه وقف على الاولاد مثلا.

و حينئذ فعلى الامام عليه السلام ان يستفصل اذا كان بين المؤبّد و غيره فرق فى الحكم، فافهم.

______________________________

(و عن المختلف و جماعة: الجواب عنه بعدم ظهوره) اى الحديث (فى) الوقف (المؤبّد لاقتصاره على ذكر الاعقاب) فقط دون اضافة «الى ان يرث الله الارض و من عليها» مثلا.

(و فيه نظر) بل ظاهر الرواية الوقف المؤبّد (لان الاقتصار) على ذكر الاعقاب فقط (فى مقام الحكاية لا يدل على الاختصاص) بما اريد به الاعقاب فقط لا المؤبّد.

(اذ يصح ان يقال: فى الوقف المؤبّد انه وقف على الاولاد مثلا) دون ان يقال و اولاد الاولاد، الى ان يرث الله الارض.

(و حينئذ) اى حين اقتصر على ذكر الاعقاب او الاولاد المحتمل للمؤبّد، و غيره (فعلى الامام عليه السلام ان يستفصل اذا كان بين المؤبّد و غيره فرق فى الحكم) بجواز بيع غير المؤبّد، و عدم جواز بيع المؤبّد (فافهم) فانه لا وجه لهذه المحامل بعد ظهور الرواية فى المعنى الاول، و ليست معرضا عنها، فاللازم العمل بها.

ص: 59

و كيف كان، ففى الاستدلال بالرواية مع ما فيها من الاشكال على جواز البيع بمجرد الانفعية، اشكال مع عدم الظفر بالقائل به عدا ما يوهمه ظاهر عبارة المفيد المتقدمة.

و مما ذكرنا يظهر الجواب عن رواية الحميرى.

ثم لو قلنا فى هذه الصورة بالجواز، كان الثمن للبطن الاول البائع يتصرف فيه على ما شاء.

و منه يظهر وجه آخر لمخالفة

______________________________

(و كيف كان) الامر فى احتمالات محامل الرواية (ففى الاستدلال بالرواية مع ما فيها من الاشكال على جواز البيع بمجرد الانفعية، اشكال)

اما ما فيها من الاشكال فهو منافاتها لادلة الوقف، و للسيرة، و ما اشبه

و اما وجه الاشكال فقد بينه بقوله (مع عدم الظفر بالقائل به عدا ما يوهمه ظاهر عبارة المفيد المتقدمة).

لكنك عرفت ان غير المفيد أيضا افتى بذلك.

(و مما ذكرنا يظهر الجواب عن رواية الحميرى) من الاشكال فيها، و عدم القائل أيضا، فتأمل.

(ثم لو قلنا فى هذه الصورة) اى الصورة الرابعة فيما كان البيع اعود (بالجواز، كان الثمن للبطن الاول البائع يتصرف فيه على ما شاء) لانه ظاهر النص و الفتوى، اذ: لو لا تصرفه فأيّ فرق بين بقاء الوقف او تبديله بالثمن.

(و منه) اى من لزوم تصرف البطن الاول (يظهر وجه آخر لمخالفة

ص: 60

الروايتين للقواعد، فان مقتضى كون العين مشتركة بين البطون كون بدله كذلك كما تقدم من استحالة كون بدله ملكا لخصوص البائع، فيكون تجويز البيع فى هذه الصورة، و التصرف فى الثمن رخصة من الشارع للبائع فى اسقاط حق اللاحقين آنا مّا قبل البيع، نظير الرجوع فى الهبة المتحقق ببيع الواهب، لئلا يقع البيع على المال المشترك.

______________________________

الروايتين للقواعد) المقررة فى الوقف، مما استفيد من النص و السيرة (فان مقتضى كون العين مشتركة بين البطون كون بدله كذلك) مشتركا بين البطون (كما تقدم من استحالة) عرفية (كون بدله ملكا لخصوص البائع).

اذ: كيف يمكن ان يكون المبدل ملكا لكل البطون، و البدل ملكا لخصوص بطن واحد.

و عليه (فيكون تجويز) الشارع (البيع فى هذه الصورة) اى صورة الانفعية (و التصرف فى الثمن رخصة من الشارع للبائع فى اسقاط حق) البطون (اللاحقين آنا مّا قبل البيع).

اذ: لو بقى حقهم لم يكن للبطن ان يبيع، و كيف يبيع ما هو متعلق لحق غيره (نظير الرجوع) من الواهب (فى الهبة المتحقق) ذلك الرجوع (ببيع الواهب) فان البيع دليل على ان الهبة رجعت الى الواهب آنا مّا، ثم وقع البيع عليها، اذ: لا بيع الا فى ملك.

و انما نقول انه رخصة من الشارع فى اسقاط حق اللاحقين (لئلا يقع البيع على المال المشترك) اى الوقف الّذي هو مشترك بين البطون

ص: 61

فيستحيل كون بدله مختصا.

الصورة الخامسة: ان يلحق الموقوف عليهم ضرورة شديدة.

و قد تقدم عن جماعة، تجويز البيع فى هذه الصورة، بل عن الانتصار و الغنية الاجماع عليه، و يدل عليه رواية جعفر المتقدمة.

و يرده ان ظاهر الرواية انه يكفى فى البيع عدم كفاية غلّة الارض لمئونة سنة الموقوف عليهم، كما لا يخفى، و هذا اقل مراتب الفقر الشرعى، و المأخوذ من عبائر من تقدم من المجوزين اعتبار الضرورة و الحاجة الشديدة، و بينها و بين مطلق الفقر عموم

______________________________

(فيستحيل) اى حتى يكون محالا (كون بدله مختصا).

وجه الاستحالة: لانه يخرج المثمن من كيس من لا يدخل فى كيسه الثمن.

(الصورة الخامسة) من الصور التى يجوز بيع الوقف فيها فى الجملة (ان يلحق الموقوف عليهم ضرورة شديدة) احتاجوا معها الى البيع.

(و قد تقدم عن جماعة، تجويز البيع فى هذه الصورة، بل عن الانتصار) للسيد (و الغنية) لابن زهرة (الاجماع عليه، و يدل عليه رواية جعفر المتقدمة) فى الصورة الرابعة.

(و يردّه ان ظاهر الرواية انه يكفى فى البيع عدم كفاية غلّة الارض لمئونة سنة الموقوف عليهم، كما لا يخفى، و هذا اقلّ مراتب الفقر الشرعى) و كلما اشتدّت الحاجة كان اظهر مصداقا للفقر الشرعى، كما لا يخفى (و المأخوذ من عبائر من تقدم من المجوزين) للبيع فى هذه الصورة (اعتبار الضرورة و الحاجة الشديدة، و بينها) اى الضرورة (و بين مطلق الفقر عموم

ص: 62

من وجه، اذ قد يكون فقيرا، و لا يتفق له حاجة شديدة بل مطلق الحاجة لوجدانه من مال الفقراء ما يوجب التوسعة عليه.

و قد يتفق الحاجة و الضرورة الشديدة فى بعض الاوقات لمن يقدر على مئونة سنته.

فالرواية بظاهرها غير معمول بها، مع انه قد يقال: ان ظاهر الجواب جواز البيع بمجرّد رضى الكل، و كون البيع انفع، و لو لم يكن حاجة.

______________________________

من وجه، اذ قد يكون فقيرا، و لا يتفق له حاجة شديدة، بل مطلق الحاجة) اى لا يوجد له حاجة مطلقا لا شديدة و لا قليلة (لوجدانه) اى الفقير (من مال الفقراء ما يوجب التوسعة عليه) اى على نفسه.

(و قد يتفق الحاجة و الضرورة الشديدة فى بعض الاوقات لمن يقدر على مئونة سنته) كما لو اتفق له مرض، او ما اشبه.

و لكن الانصاف: ان هذا صرف اشكال صورى، اذ: وجدان مال الفقراء لا يدفع صدق الحاجة الشديدة، و كذلك ذو الحاجة فقير فى هذا الحال.

و لو اردنا الاشكال فى الروايات بمثل هذه الاشكالات لم يبق الا اقلّ الروايات سالمة عن الاشكال.

(ف) قوله (الرواية بظاهرها غير معمول بها) محلّ منع (مع انه قد يقال: ان ظاهر الجواب) للامام عليه السلام فى رواية جعفر (جواز البيع بمجرّد رضى الكل، و كون البيع انفع، و لو لم يكن حاجة) فالرواية غير مربوطة بالصورة الخامسة.

ص: 63

و كيف كان: فلا يبقى للجواز عند الضرورة الشديدة الا الاجماعان المعتضدان بفتوى جماعة، و فى الخروج بهما عن قاعدة عدم جواز البيع، و عن قاعدة وجوب كون الثمن على تقدير البيع غير مختص بالبطن الموجود مع وهنه بمصير جمهور المتأخرين، و جماعة من القدماء الى الخلاف بل معارضته بالاجماع المدّعى فى السرائر اشكال.

الصورة السادسة: ان يشترط الواقف بيعه عند الحاجة او اذا كان فيه مصلحة

______________________________

(و كيف كان: فلا يبقى للجواز عند الضرورة الشديدة الا الاجماعان) من الانتصار و الغنية (المعتضدان بفتوى جماعة، و فى الخروج بهما عن قاعدة عدم جواز البيع) الّذي هو الاصل فى كل وقف (و عن قاعدة وجوب كون الثمن على تقدير البيع غير مختص بالبطن الموجود مع وهنه) اى دعوى الاجماع على الجواز (بمصير جمهور المتأخرين، و جماعة من القدماء الى الخلاف) و انهم لم يجوزوا البيع، فكيف يتحقق الاجماع (بل معارضته) اى اجماع الجواز (بالاجماع المدّعى فى السرائر) على عدم جواز البيع (اشكال) مبتداء، خبره ما تقدم من قوله «و فى الخروج بهما»

(الصورة السادسة) من الصور التى يجوز بيع الوقف فيها فى الجملة (ان يشترط الواقف) عند اجراء الصيغة (بيعه) اى الوقف كلا او بعضا (عند الحاجة) لنفسه او للموقوف عليهم (او اذا كان فيه) اى فى البيع (مصلحة) و لو بدون حاجة.

ص: 64

البطن الموجود، او جميع البطون، او عند مصلحة خاصة على حسب ما يشترط.

فقد اختلف كلمات العلامة، و من تأخر عنه فى ذلك.

فقال فى الارشاد: و لو شرط بيع الوقف عند حصول ضرر كالخراج و المؤن من قبل الظالم و شراء غيره بثمنه، فالوجه الجواز، انتهى.

و فى القواعد: و لو شرط بيعه عند الضرورة كزيادة خراج و شبهه و شراء غيره بثمنه، او عند خرابه، و عطلته،

______________________________

و الصلاح المشترط اما بالنسبة الى (البطن الموجود) لدى البيع (او جميع البطون) الحاضرة و المستقبلة (او عند مصلحة خاصة) لا للبطون بل لاعتبارات اخر (على حسب ما يشترط) الواقف.

(فقد اختلف كلمات العلامة، و من تأخر عنه فى ذلك) اى جواز البيع بالاشتراط.

(فقال فى الارشاد: و لو شرط بيع الوقف عند حصول ضرر كالخراج و المؤن من قبل الظالم) بان اراد الظالم اخذ خراج باهض و مئونة كثيرة من الوقف، فنبيعه لنتخلص من اعطاء المال للظالم (و شراء غيره بثمنه، فالوجه الجواز، انتهى) كلام الارشاد.

(و فى القواعد: و لو شرط) الواقف (بيعه) اى الوقف (عند الضرورة كزيادة خراج) من الظالم، بل او العادل أيضا (و شبهه) اى شبه الخراج كما لو عين الظالم ضريبة جديدة ظلما، او صارت مئونة السقى و شبهه كثيرة (و شراء غيره بثمنه، او) شرط بيعه (عند خرابه، و عطلته) عن

ص: 65

او خروجه عن حد الانتفاع، او قلة نفعه، ففى صحة الشرط اشكال.

و مع البطلان ففى ابطال الوقف نظر، انتهى.

و ذكر فى الايضاح فى وجه الجواز رواية جعفر بن حنان المتقدمة قال: فاذا جاز بغير شرط، فمع الشرط اولى.

و فى وجه المنع ان الوقف للتأبيد، و البيع ينافيه

______________________________

قابلية ما وقف لاجله (او خروجه عن حد الانتفاع، او قلة نفعه، ففى صحة الشرط اشكال).

اذ المألوف من الشرط، ان يكون فى العقود، لا فى الايقاعات، كالطلاق و العتق، و الوقف شبيه بالايقاع.

(و مع البطلان) اى لو قلنا ببطلان هذا الشرط، لانه شرط فاسد (ففى ابطال) اى الشرط (الوقف نظر) للخلاف فى ان الشرط الفاسد هل هو مفسد، أم لا؟ (انتهى) كلام القواعد.

(و ذكر) فخر المحققين (فى الايضاح فى وجه الجواز) لبيع الوقف عند الشرط المذكور (رواية جعفر بن حنان المتقدمة، قال) الايضاح (فاذا جاز) بيع الوقف (بغير شرط، فمع الشرط اولى) لانه جائز من جهة الشرط، و من جهة اصل الوقف، كما انه لو وجبت صلاة الظهر فى نفسها فمع النذر اولى، لاجتماع جهتى الوجوب فيها.

(و) ذكر الايضاح (فى وجه المنع) عن بيع الوقف مع الشرط (ان الوقف للتأبيد، و البيع ينافيه) فلا يصح اشتراطه لانه خلاف مقتضى الوقف

ص: 66

قال: و الاصح ان لا يجوز بيع الوقف بحال، انتهى.

و قال الشهيد فى الدروس: و لو شرط الواقف بيعه عند حاجتهم او وقوع الفتنة بينهم، فاولى بالجواز، انتهى.

و يظهر منه ان للشرط تأثيرا، و انه يحتمل المنع من دون الشرط، و التجويز معه.

و عن المحقق الكركى انه قال: التحقيق ان كل موضع قلنا بجواز بيع الوقف يجوز اشتراط البيع فى الوقف، اذا بلغ تلك الحالة، لانه شرط مؤكد و ليس بمناف للتأبيد المعتبر فى الوقف، لانه

______________________________

(قال: و الاصح ان لا يجوز بيع الوقف بحال) من الاحوال، سواء اشترط، أم لا، (انتهى) كلام الايضاح.

(و قال الشهيد فى الدروس: و لو شرط الواقف بيعه عند حاجتهم) اى حاجة ارباب الوقف (او وقوع الفتنة بينهم، فاولى بالجواز) من جواز البيع بدون الاشتراط (انتهى).

(و يظهر منه) اى من كلام الدروس (ان للشرط تأثيرا) فى الجواز (و انه يحتمل المنع) عن البيع (من دون الشرط، و) يحتمل (التجويز معه) اى مع الشرط.

(و عن المحقق الكركى انه قال: التحقيق ان كل موضع قلنا بجواز بيع الوقف) كالخراب، و الاختلاف، و نحوهما (يجوز اشتراط البيع فى الوقف، اذا بلغ) الوقف (تلك الحالة، لانه) اى الشرط المذكور (شرط مؤكد) بصيغة اسم الفاعل (و ليس بمناف للتأبيد المعتبر فى الوقف لانه)

ص: 67

مقيّد واقعا بعدم حصول احد اسباب البيع.

و الا، فلا للمنافات فلا يصح حينئذ حبسا لان اشتراط شراء شي ء بثمنه، يكون وقفا مناف لذلك، لاقتضائه الخروج عن المالك، فلا يكون وقفا و لا حبسا

______________________________

اى التأبيد فى الوقف (مقيد واقعا بعدم حصول احد اسباب البيع) عن التأبيد.

(و الا) نقل فى موضع بجواز البيع (فلا) يصح الاشتراط (للمنافات) بين الشرط المجوّز، و بين مقتضى الوقف الّذي هو التأبيد.

و على هذا (فلا يصح حينئذ حبسا) بمعنى انه اذا شرط فى الوقف او الحبس ان يبيعه و يشترى بثمنه ما يكون وقفا، لم يصح وقفا و لا حبسا.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 9، ص: 68

اما الوقف: فلانه شرط البيع، و هو مناف للوقف.

و اما الحبس: فلانه ذكر ان يشترى بثمنه شيئا ليوقفه، و الحبس لا يكون ثمنه وقفا (لان اشتراط شراء شي ء بثمنه) اى بثمن المحبوس (يكون) ذلك المشترى (وقفا مناف لذلك) الحبس اذ: الحبس ليس مؤبّدا حتى يجب ان يشترى بثمنه شيئا ليوقف مكان المحبوس (لاقتضائه) اى شرط شراء شي ء بثمن الحبس ليكون وقفا (الخروج) للمال المحبوس (عن) ملك (المالك) و الحال ان الحبس لا يوجب الخروج عن الملك.

و على هذا (فلا يكون) الموقوف المشترط بيعه و الاشتراء بثمنه (وقفا) لانه مناف لاشتراط البيع (و لا حبسا) لانه مناف لتبديل ثمنه الى شي ء آخر ليبقى وقفا

ص: 68

انتهى.

اقول: يمكن ان يقال: بعد التمسّك فى الجواز بعموم الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها، و: المؤمنون عند شروطهم، بعدم ثبوت كون جواز البيع منافيا لمقتضى الوقف، فلعله مناف لاطلاقه.

و لذا يجتمع الوقف مع جواز البيع عند طروّ مسوّغاته،

______________________________

(انتهى).

(اقول: يمكن ان يقال: بعد التمسّك فى الجواز) اى جواز الاشتراط فى الوقف، و انه نافذ (بعموم الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها) حيث دل على ان الكيفية التى يوقف الواقف الوقف على تلك الكيفية تكون نافذة، و الاشتراط من كيفية الوقف (و: المؤمنون عند شروطهم) فانه اعم من شرط الوقف، او غير الوقف (بعدم) متعلق ب «يقال» (ثبوت كون جواز البيع منافيا لمقتضى الوقف) اذ: الوقف عبارة عن تحبيس الاصل و تسبيل الثمرة، اما التأبيد فلا (فلعله) اى الاشتراط (مناف لاطلاقه) اى اطلاق الوقف، اذ: التحبيس ظاهر فى الدوام.

(و لذا) الّذي ليس جواز البيع مناف لمقتضى الوقف (يجتمع الوقف مع جواز البيع عند طروّ مسوّغاته) و لو كان البيع منافيا للمقتضى، لم يجز البيع اصلا.

مثلا: هل يمكن بيع بدون ثمن؟

و من عدم امكان ذلك يستكشف ان عدم الثمن مناف لمقتضى البيع.

اما امكان بيع مع عدم النقدية يستكشف منه ان النقدية من مقتضى

ص: 69

فان التحقيق- كما عرفت سابقا- ان جواز البيع لا يبطل الوقف، بل هو وقف يجوز بيعه، فاذا بيع خرج عن كونه وقفا.

ثم انه لو سلّم المنافاة، فانما هو بيعه للبطن الموجود، و اكل ثمنه و اما تبديله بوقف آخر، فلا تنافى بينه و بين مفهوم الوقف، فمعنى كونه حبسا، كونه محبوسا من ان يتصرف فيه بعض طبقات الملاك على نحو الملك المطلق، و اما حبس شخص الوقف فهو لازم لاطلاقه و تجرّده عن مسوغات

______________________________

الاطلاق لا مقتضى اصل البيع (فان التحقيق- كما عرفت سابقا-) فى ردّ كلام الجواهر (ان جواز البيع، لا يبطل الوقف، بل هو) حين جواز بيعه (وقف يجوز بيعه) و هذا كاشف عن ان جواز البيع لا ينافى مقتضى اصل الوقف (فاذا بيع خرج عن كونه وقفا) لانتفاء الموضوع.

(ثم انه لو سلّم المنافاة) بين الاشتراط و بين الوقف (فانما هو) اى المنافى للوقف (بيعه للبطن الموجود، و اكل ثمنه) بان يكون المنافى اكل الثمن بعد البيع (و اما تبديله) بعد البيع (بوقف آخر، فلا تنافى بينه) اى بين البيع الّذي يعقبه التبديل (و بين مفهوم الوقف).

و على هذا (فمعنى كونه) اى الوقف (حبسا، كونه محبوسا من ان يتصرف فيه بعض طبقات الملاك على نحو الملك المطلق) بان يبعه و يأكل ثمنه (و اما حبس شخص الوقف) بان لا يباع حتى لاجل التبديل (فهو لازم لاطلاقه) اى اطلاق الوقف (و تجرّده عن مسوّغات

ص: 70

الابدال شرعية كانت، كخوف الخراب، او بجعل الواقف، كالاشتراط فى متن العقد، فتأمل.

ثم انه روى صحيحا فى الكافى ما ذكره امير المؤمنين عليه السلام، فى كيفية وقف ماله فى عين ينبع، و فيه، فان اراد- يعنى الحسن عليه السلام- ان يبيع نصيبا من المال ليقضى به الدين، فليفعل ان شاء لا حرج عليه فيه و ان شاء جعله سرىّ الملك

______________________________

الابدال شرعية كانت) تلك المسوّغات للابدال (كخوف الخراب) او الخراب الفعلى (او بجعل الواقف، كالاشتراط فى متن العقد) للواقف بان يشترط ان يبيعه البطن متى ما عرض بعض العوارض (فتأمل) فان الظاهر ان منع الشخص من لوازم مفهوم الوقف لا لوازم اطلاقه فالاشتراط محلّ اشكال.

(ثم انه) يدل بعض الروايات انه لا منافات بين الوقف و البيع اذا اشترط الواقف ذلك، فقد (روى صحيحا فى الكافى ما ذكره امير المؤمنين عليه السلام، فى كيفية وقف ماله فى عين ينبع) و هى عين قرب المدينة (و فيه) اى فى لفظ وقف الامام عليه السلام (فان اراد- يعنى الحسن عليه السلام- ان يبيع نصيبا من المال) الموقوف (ليقضى به الدين، فليفعل ان شاء، لا حرج عليه) فانه دال على صحة الاشتراط (فيه) اى فى لفظ الوقف (و ان شاء) الحسن عليه السلام (جعله) اى جعل الحسن عليه السلام الوقف (سرىّ الملك) السري بالتشديد فعيل بمعنى الشريف من اضافة الصفة الى الموصوف، اى جعله ملك الشريف الّذي هو ملك

ص: 71

و ان ولد عليّ و مواليهم و اموالهم الى الحسن بن على.

و ان كانت دار الحسن بن على غير دار الصدقة فبدا له ان يبيعها فليبعها ان شاء و لا حرج عليه فيه فان باع، فانه يقسّم ثمنه ثلاثة اثلاث، فليجعل ثلثا فى سبيل الله، و يجعل ثلثا فى بنى هاشم و بنى المطلب،

______________________________

طلق، لا قيد فيه كالانسان السري الّذي لا عبودية و قيد فيه.

و هذا أيضا يدل على جواز اشتراط تبديل الوقف الى الملك (و ان) جملة مستأنفة (ولد عليّ و مواليهم) اى عبيدهم (و اموالهم الى الحسن بن على) اى انه الناظر فى امورهم، و المكلف بقيام مصالحهم و ذلك وصاية من الامام عليه السلام، او بيان لان الحسن عليه السلام امام، فله ذلك.

(و ان كانت) جملة مستأنفة اخرى (دار الحسن بن على) التى سكن الحسن عليه السلام فيها (غير دار الصدقة) بان لم يسكن فى الدار الموقوفة (فبدا له) اى ظهر للحسن عليه السلام (ان يبيعها) اى يبيع دار الوقف، لانه لم يحتج إليها، لان له دار ملكية هو ساكن فيها (فليبعها ان شاء).

و هذا أيضا يدل على جواز اشتراط الواقف بيع الموقوف عليه الوقف (و لا حرج عليه) اى على الحسن عليه السلام (فيه) اى فى بيع دار الصدقة (فان باع، فانه يقسّم ثمنه) اى ثمن الدار، و تذكير الضمير باعتبار كونها وقفا (ثلاثة اثلاث، فليجعل ثلثا فى سبيل الله، و يجعل ثلثا فى بنى هاشم و بنى المطلب،

ص: 72

و ثلثا فى آل ابى طالب، و انه يضعه فيهم حيث يراه الله.

ثم قال و ان حدث فى الحسن، او فى الحسين حدث فان الآخر منهما ينظر فى بنى على، الى ان قال فانه يجعله فى رجل يرضاه من بنى هاشم، و انه يشترط على الّذي يجعله إليه ان يترك هذا المال على اصوله، و ينفق الثمرة حيث امره من سبيل الله، و وجهه، و ذوى الرحم من

______________________________

و ثلثا فى آل ابى طالب، و انه) اى الحسن عليه السلام (يضعه) اى الثلثين (فيهم) فى آل هاشم، و مطلب، و طالب (حيث يراه الله) اى ان الاختيار بيده، لا انه يجب عليه ان يقسّم بينهم بالسويّة.

(ثم قال) الامام عليه السلام (و ان حدث فى الحسن، او فى الحسين) المتوليين للوقف، و لهما النظارة طولا (حدث) كالموت (فان الآخر منهما ينظر فى بنى على) اى يكون ناظرا عليهم، كما اذا سافر الحسن عليه السلام، فالحسين ناظر، و هكذا.

فان هذه الفقرة أيضا تدل على اختيار الحسين عليه السلام كاختيار الحسن عليه السلام فله ان يبيع الوقف حسب التفصيل المتقدم (الى ان قال) الامام عليه السلام (فانه) اى الثانى من الحسن و الحسين (يجعله) اى الوقف- بعد موته- (فى رجل يرضاه من بنى هاشم، و انه يشترط على الّذي يجعله) اى الوقف (إليه) بان يجعله متوليا على الوقف (ان يترك هذا المال) الموقوف (على اصوله، و ينفق الثمرة حيث امره) اى فى الموارد المقررة (من سبيل الله، و وجهه) اى ما كان لوجه الله تعالى و قربة إليه- عطف بيان- (و ذوى الرحم من

ص: 73

بنى هاشم، و بنى المطلب، و القريب و البعيد، لا يباع شي ء منه، و لا يوهب و لا يورث، الرواية.

و ظاهرها جواز اشتراط البيع فى الوقف لنفس البطن الموجود فضلا عن البيع لجميع البطون و صرف ثمنه فيما ينتفعون به.

و السند صحيح، و التأويل مشكل، و العمل اشكل.

______________________________

بنى هاشم، و بنى المطلب، و القريب و البعيد، لا يباع شي ء منه، و لا يوهب، و لا يورث) الى آخر (الرواية) مما يدل على ان كلام الامام فى الوقف، و ان جواز بيعه حسب شرطه عليه السلام كان خاصا بالامامين الحسن و الحسين عليهما السلام.

(و ظاهرها جواز اشتراط البيع فى الوقف لنفس البطن الموجود) الّذي هو اوّل السلسلة (فضلا عن البيع لجميع البطون) اى للبطون المتأخرة، فانه يفهم منه بطريق اولى (و) جواز (صرف ثمنه) اى الوقف المبيوع (فيما ينتفعون به) فضلا عن تبديله الى وقف آخر.

(و السند) للرواية (صحيح) كما عرفت (و التأويل) بانه لم يكن وقفا (مشكل) لانه خلاف ظاهر الرواية (و العمل) بها (اشكل) لان معنى الوقف بقاء العين، و هذا هو المفهوم لدى العرف الظاهر من اطلاقات ادلة الوقف.

لكن الانصاف لزوم العمل بها بعد صحة السند، و ظهور الدلالة له و عدم الاعراض.

و لو اردنا المناقشة فى الروايات بهذه المناقشات لم تبق جملة

ص: 74

الصورة السابعة ان يؤدى بقائه الى خرابه، علما او ظنا،

و هو المعبّر عنه بخوف الخراب فى كثير من العبائر المتقدمة.

و الاداء الى الخراب قد يكون للخلف بين اربابه، و قد يكون لا له، و الخراب المعلوم، و المخوف قد يكون على حد سقوطه من الانتفاع نفعا معتدّا به، و قد يكون على وجه نقص المنفعة.

و اما اذا فرض جواز الانتفاع به بعد الخراب بوجه آخر

______________________________

كبيرة من الرواية سليمة، و لا وجه لذلك اطلاقا.

(الصورة السابعة) من الصور التى يجوز بيع الوقف فيها فى الجملة (ان يؤدّى بقائه الى خرابه، علما او ظنا) بان نعلم: انه اذا بقى خرب، او نظن ذلك (و هو المعبّر عنه بخوف الخراب فى كثير من العبائر المتقدمة) بل الخوف اعمّ حتى من الوهم العقلائى، فاذا كانت سيارة من كل ثلاث سيارات تصطدم، فان احتمال اصطدام كل سيارة و هم، لانه احتمال فى مقابل احتمالى عدم الاصطدام، و مع ذلك فهو خوف عقلائى.

(و الاداء الى الخراب قد يكون للخلف بين اربابه، و قد يكون لا له) اى لا للخلف بين الارباب (و الخراب المعلوم و المخوف) منه (قد يكون على حد سقوطه من الانتفاع نفعا معتدّا به) بان لا يكون له نفع يعتنى به العقلاء لمثل هذا الوقف (و قد يكون على وجه نقص المنفعة) كما لو كان نفع بستان الف دينار، فصار مائتين و خمسين- مثلا-.

(و اما اذا فرض جواز الانتفاع به) اى بالوقف (بعد الخراب بوجه آخر)

ص: 75

كانتفاعه السابق، او ازيد، فلا يجوز بيعه، الا على ما استظهره بعض من تقدم كلامه سابقا من ان تغير عنوان الوقف يسوّغ بيعه و قد عرفت ضعفه.

و قد عرفت من عبائر جماعة تجويز البيع فى صورة التأدية الى الخراب، و لو لغير الاختلاف.

و من اخرى تقييد هم به.

الصورة الثامنة ان يقع بين الموقوف عليهم اختلاف لا يؤمن معه تلف المال

______________________________

كالانتفاع بعرصة الدار المخروبة لجعلها محلا لوقوف الاغنام للبيع- مثلا- (كانتفاعه السابق، او ازيد) بان كان ايجار العرصة كايجار الدار مائة- مثلا- او مائة و خمسين بعد ان كان ايجار الدار مائة (فلا يجوز بيعه، الا على ما استظهره بعض من تقدم كلامه سابقا من ان تغير عنوان الوقف) كتغير الدار الى العرصة (يسوّغ بيعه) كما تقدم عن الجواهر (و قد عرفت ضعفه) اى ضعف كلام الجواهر.

(و قد عرفت) فيما تقدم (من عبائر جماعة تجويز البيع فى صورة التأدية الى الخراب، و لو لغير الاختلاف) اى خرابا ليس ناشئا من اختلاف ارباب الوقف، بل لعوارض اخر، كهجرة اهل القرية- مثلا-.

(و) عرفت (من) جماعة (اخرى تقييدهم) جواز البيع فى صورة التأدية الى الخراب (به) اى بما اذا كان ناشئا من الاختلاف، و اللّه العالم.

(الصورة الثامنة) من الصور التى يجوز بيع الوقف فيها (أن يقع بين الموقوف عليهم اختلاف لا يؤمن معه تلف المال) بسبب الصرف فى

ص: 76

و النفس و ان لم يعلم او يظن بذلك، فان الظاهر من بعض العبارات السابقة، جوازه لذلك، خصوصا من عبر بالاختلاف الموجب لخوف الخراب.

الصورة التاسعة: ان يؤدى الاختلاف بينهم الى ضرر عظيم من غير تقييد بتلف المال،

فضلا عن خصوص الوقف.

الصورة العاشرة: ان يلزم فساد يستباح منه الانفس.

و الاقوى الجواز مع تأدية البقاء الى الخراب

______________________________

الشكايات، و الهدايا، و الرشوات، و ما اشبه (و النفس) بالقتال، و الاغتيال (و ان لم يعلم او يظن بذلك) بل كان صرف الاحتمال العقلائى (فان الظاهر من بعض العبارات السابقة، جوازه) اى البيع (لذلك) اى للاختلاف المؤدّى الى تلف الاموال و النفوس حكما، او احتمالا (خصوصا من عبر بالاختلاف الموجب لخوف الخراب) و سيأتى الدليل على ذلك.

(الصورة التاسعة) من الصور التى يجوز بيع الوقف فيها (أن يؤدّى الاختلاف بينهم) اى بين ارباب الوقف (الى ضرر عظيم من غير تقييد) للضرر (بتلف المال، فضلا عن) ضرر (خصوص الوقف) و سيأتى دليل هذا أيضا.

(الصورة العاشرة) من صور جواز بيع الوقف فيها (ان يلزم) من بقاء الوقف (فساد يستباح منه الانفس) قتلا، و جرحا، و ما اشبه.

(و الاقوى الجواز) لبيع الوقف (مع تأدية البقاء الى الخراب) علما

ص: 77

على وجه لا ينتفع به نفعا يعتد به عرفا، سواء كان لاجل الاختلاف، او غيره و المنع فى غيره من جميع الصور.

اما الجواز فى الاول فلما مرّ من الدليل على جواز بيع ما سقط عن الانتفاع فان الغرض من عدم البيع، عدم انقطاع شخصه فاذا فرض العلم او الظن بانقطاع شخصه فدار الامر بين انقطاع شخصه، و نوعه و بين انقطاع شخصه لا نوعه.

______________________________

او ظنا، او احتمالا عقلائيا (على وجه لا ينتفع به نفعا يعتد به عرفا، سواء كان) عدم الانتفاع (لاجل الاختلاف) المؤدّى الى الخراب (او غيره) كهجرة اهل البلد مما يؤدّى الى خراب الابنية، لتركها، او ما اشبه ذلك (و المنع) عن البيع (فى غيره) اى غير ما ادّى البقاء الى الخراب (من جميع الصور).

(اما الجواز فى الاول) اى صورة اداء البقاء الى الخراب (فلما مرّ من الدليل على جواز بيع ما سقط عن الانتفاع).

وجه الاستدلال بذلك، ما ذكره بقوله: (فان الغرض من عدم البيع عدم انقطاع شخصه) اى شخص الوقف، و هو عبارة اخرى عن بقائه (فاذا فرض العلم او الظن) المعتبر عند العقلاء فى الموضوعات، و لذا يجرون على حسبه حتى فى الامور المهمة (بانقطاع شخصه) اى فى المستقبل، لان بقائه يؤدى الى خرابه (فدار الامر بين انقطاع شخصه و) انقطاع (نوعه) معا بان يخرب، فلا شخص، و لا بدل (و بين انقطاع شخصه لا نوعه) بان يبدل الوقف حتى يبقى فرد آخر من النوع، و لا يذهب

ص: 78

كان الثانى اولى، فليس فيه منافاة لغرض الواقف اصلا.

و اما الادلة الشرعية فغير ناهضة لاختصاص الاجماع.

و انصراف النصوص الى غير هذه الصورة.

و اما الموقوف عليهم، فالمفروض اذن الموجود منهم، و قيام الناظر

______________________________

النوع بالكلية (كان الثانى) و هو انقطاع شخصه لا نوعه (اولى).

اذ هناك دليلان على حرمة بيع الوقف.

الاول: انه مناف لغرض الواقف، و الواقف بما كان مالكا محترم الغرض.

الثانى: الادلة الشرعية، و كلا الدليلين لا يجريان فى المقام.

اما الاول: لما اشار إليه بقوله: (فليس فيه منافاة لغرض الواقف اصلا) بل غرض الواقف المنكشف من اغراض العقلاء مثله هو بقاء النوع.

(و أما الادلة الشرعية فغير ناهضة) بحرمة مثل هذا البيع للتبديل (لاختصاص الاجماع) الدالّ على حرمة بيع الوقف بغير هذه الصورة، لان الفقهاء بانفسهم استثنوا من حرمة البيع هذه الصورة.

(و انصراف النصوص) الدالّة على عدم جواز بيع الوقف (الى غير هذه الصورة) التى تؤدّى فيها البقاء الى الخراب.

(و) ان قلت: فى الوقف حق للبطون الموقوف عليهم، و البيع مناف لحقهم.

قلت: (اما الموقوف عليهم، فالمفروض اذن الموجود منهم) فى البيع (و قيام الناظر

ص: 79

العامّ، و الخاص مقام غير الموجود.

نعم: قد يشكل الامر فيما لو فرض تضرّر البطن الموجود من بيعه للزوم تعطيل الانتفاع الى زمان وجدان البدل او كون البدل قليل المنفعة بالنسبة الى الباقى.

و مما ذكر

______________________________

العام) و هو الحاكم الشرعى (و الخاص) و هو المتولى المنصوب من قبل الواقف (مقام غير الموجود) فيأذن فى البيع.

(نعم: قد يشكل الامر) فى بيع الوقف المؤدّى بقائه الى خرابه (فيما لو فرض تضرر البطن الموجود من بيعه) فلم يرضوا فى البيع (للزوم تعطيل الانتفاع الى زمان وجدان البدل) كما لو كان وجدان البدل يحتاج الى سنة من التفتيش ففى هذه السنة يتضرر البطن الموجود حيث لا نفع لهم اذا بيع الوقف (او كون البدل) الّذي يشترى عاجلا لعدم تضرر البطن الموجود (قليل المنفعة بالنسبة الى) البطن (الباقى) حيث يوجب عدم رضاية الناظر الّذي يجب عليه ملاحظة نفع البطون اللاحقة، فانه يدور الامر حينئذ بين الضررين، اما ان يشترى بالثمن حالا مكان بعيد حتى لا يتضرر البطن الموجود، لكنه مستلزم قلة المنفعة فى المستقبل لعدم رغبة المستأجرين فى الآتى الى مكان بعيد، او يصبر حتى يوجد مكان قريب يشترى بالبدل لكنه مستلزم لعدم انتفاع البطن الموجود مدة سنة بالبدل.

(و مما ذكر) من ان البيع انما هو لعدم تفويت النوع بالإضافة الى

ص: 80

يظهر انه يجب تأخير البيع الى آخر ازمنة امكان البقاء، مع عدم فوات الاستبدال فيه.

و مع فوته، ففى تقديم البيع اشكال.

و لو دار الامر بين بيعه و الابدال به و بين صرف منفعته الحاصلة

______________________________

فوات الشخص (يظهر انه يجب تأخير البيع الى آخر ازمنة امكان البقاء) على الوقف (مع عدم فوات الاستبدال فيه) اى فى آخر ازمنة البقاء.

اذ الاصل فى الوقف: الابقاء، الا اذا كان الابقاء موجبا لفوت النوع و الشخص، فانه حينئذ يجوز البيع و ذلك آخر ازمنة الامكان.

(و مع فوته) اى فوت الاستبدال فى آخر ازمنة امكان البقاء (ففى تقديم البيع) على آخر ازمنة امكان البقاء (اشكال) كما لو ان الفوت كان فى شهر رمضان، فهل نقدم البيع فى شهر شعبان حتى لا يفوتنا الاستبدال لتوفر المثل فى شهر شعبان، او نؤخر البيع الى شهر رمضان تحفظا على ابقاء الوقف، و ان فاتنا البدل حينذاك بل يبقى الثمن للموقوف عليهم لكل وجه.

وجه التأخير فى البيع الابقاء على شخص الوقف.

و وجه التقديم الابقاء على نوع الوقف.

اقول و فى العبارة احتمال آخر كما لا يخفى.

(و لو دار الامر بين بيعه) اى الوقف (و الابدال به) حتى ينتفع البطن الموجود، و يبقى النوع لسائر البطون (و بين صرف منفعته الحاصلة

ص: 81

مدة من الزمان لتعميره، ففى ترجيح حق البطن الّذي يفوته المنفعة او حق الواقف و سائر البطون المتأخرة المتعلق بشخص الوقف وجهان، يخلوا و لهما عن قوة اذا لم يشترط الواقف اصلاح الوقف من منفعته

______________________________

مدة من الزمان) كايجاره عشر سنوات، و اخذ الاجرة و تعميره بها (لتعميره) حتى يبقى شخص الوقف، و لكن لا ينتفع به البطن الموجود فى مدة عشر سنوات (ففى ترجيح حق البطن) الحاضر (الّذي يفوته المنفعة) فى هذه المدة، فنقول باجارته و صرف الاجرة فى تعمير شخص الوقف، فان الواقف اراد شخص الوقف، و البطون تعلق حقهم بشخص الوقف (المتعلق) حق الواقف، و حق البطون، (بشخص الوقف وجهان، لا يخلو اوّلهما) و هو ترجيح حق البطن الموجود بالتبديل (عن قوة).

اذ لا وجه لضياع حق البطن الموجود، و قد تقرر فى الفقه انه لو دار الامر بين ان يصلى الانسان الركعة الاولى عن جلوس، او الركعة الثانية، كان الواجب عليه ان يصلى الركعة الاولى قياما.

و كذلك اذا دار بين ان يفطر اوّل يوم من شهر رمضان، او ثانى يوم منه، و هكذا.

و فى المقام لو دار الامر بين فوت نفع البطن الموجود و هو خلاف غرض الواقف، او فوت نفع البطن المتأخر، و هو خلاف غرض الواقف أيضا، يلزم ان نقدم حق البطن الموجود لانه اتباع لغرض الواقف المقدم على غرضه بالنسبة الى البطن اللاحق (اذا لم يشترط الواقف اصلاح الوقف من منفعته) اى منافع نفس الوقف

ص: 82

مقدما على الموقوف عليه.

و قد يستدل على الجواز فيما ذكرنا بما عن التنقيح من: ان بقاء الوقف على حاله- و الحال هذه- اضاعة و اتلاف للمال و هو منهى عنه شرعا فيكون البيع جائزا.

و لعله اراد الجواز، بالمعنى الاعم، فلا يرد عليه انه يدل على وجوب البيع.

و فيه ان المحرّم هو

______________________________

(مقدما) حال عن الاصلاح (على الموقوف عليه) فانه حينئذ يعمر الوقف باجرته، و لا يعطى مدة الاجارة نفعه الى البطن الموجود، و ذلك حسب شرط الواقف نفسه.

(و قد يستدل على الجواز) اى جواز البيع (فيما ذكرنا) من اداء بقاء الوقف الى خرابه (بما عن التنقيح من: ان بقاء الوقف على حاله) بدون بيع و تبديل (- و الحال هذه-) اى ممّا يؤدى بقائه الى خرابه (اضاعة و اتلاف للمال، و هو) اى اتلاف المال (منهى عنه شرعا فيكون البيع جائزا) و ترتفع حرمة بيع الوقف.

(و لعله اراد) بالجواز (الجواز، بالمعنى الاعم) الشامل للوجوب أيضا مقابل الحرمة (فلا يرد عليه) ما ذكره صاحب المقابيس (انه) اى الدليل المذكور (يدل على وجوب البيع) فلا يناسبه قوله «فيكون البيع جائزا» بل اللازم ان يقول «فيكون البيع واجبا».

(و فيه) اى فى الاستدلال المذكور لجواز بيع الوقف (ان المحرم هو

ص: 83

اضاعة المال المسلط عليه، لا ترك المال الّذي لا سلطان عليه الى ان يخرب بنفسه، و إلا لزم وجوب تعمير الاوقاف المشرفة على الخراب بغير البيع مهما امكن مقدّما على البيع او اذا لم يمكن البيع.

و الحاصل: ان ضعف هذا الدليل بظاهره واضح.

و يتضح فساده على القول بكون الثمن للبطن الموجود، لا غير.

______________________________

اضاعة المال المسلط عليه) اى الّذي كان للانسان سلطة على ذلك المال (لا) ان المحرم (ترك المال الّذي لا سلطان) و لا تسلّط للانسان (عليه الى ان يخرب بنفسه، و الا) فلو حرم ترك المال حتى يخرب (لزم وجوب تعمير الاوقاف المشرفة على الخراب بغير البيع) اى يعمر بدون ان يباع (مهما امكن) التعمير (مقدّما) للتعمير (على البيع) ابقاء اعلى شخص تلك الاوقاف (او اذا لم يمكن) التعمير بدون ان يباع فاللازم تعميره ب (البيع) بان يباع الوقف، و يبدل الى مكان آخر، و حيث ان اللازم، و هو قوله «لزم» باطل، فالملزوم، و هو قول المستدل- اى التنقيح- أيضا باطل.

و لا يخفى عليك ما فى كلام الشيخ من الاشكال، لعدم التلازم.

(و الحاصل: ان ضعف هذا الدليل بظاهره واضح) الا ان يؤول الدليل الى ما يرجع الى الدليل السابق، من انه خلاف غرض الواقف او ما اشبه ذلك.

(و يتضح فساده) اى فساد دليل التنقيح (على القول بكون الثمن للبطن الموجود، لا غير) اذا بقاء الوقف حتى ينهدم اسهل من بيعه، و

ص: 84

و يتلوه فى الضعف ما عن المختلف، و التذكرة، و المهذب، و غاية المرام، من: ان الغرض من الوقف استيفاء منافعه و قد تعذر فيجوز اخراجه عن حده تحصيلا للغرض منه، و الجمود على العين مع تعطيلها تضييع للغرض، كما انه لو تعطل الهدى ذبح فى الحال و ان اختص بموضع، فلما تعذر مراعاة المحل ترك مراعاته لتخلص المعتذر.

______________________________

اكل ثمنه، فان فى الابقاء امتدادا، و لو موقتا، و غرض الواقف بخلاف البيع و اكل ثمنه، فان فيه اذهابا له.

(و يتلوه) اى دليل التنقيح الّذي استدل به لجواز البيع فى صورة اداء البقاء الى الخراب (فى الضعف ما عن المختلف، و التذكرة، و المهذب، و غاية المرام، من: ان الغرض من الوقف استيفاء منافعه و قد تعذر) استيفاء المنافع، لان بقائه يؤدّى الى خرابه (فيجوز اخراجه) اى الوقف (عن حدّه) بالبيع و الاستبدال (تحصيلا للغرض منه) اى من الوقف (و الجمود على العين) هذا مبتدأ، و خبره «تضييع» بان يبقى الوقف حتى يخرب (مع تعطيلها) فى المستقبل لغرض ان بقائها يؤدّى الى خرابها (تضييع للغرض) الّذي من اجله اوجب الشارع بقاء الوقف (كما انه لو تعطّل الهدى) الّذي يساق الى الكعبة بكسر رجل، او ما اشبه، لم ينتظر به حتى يموت، بل (ذبح فى الحال) لادراك بعض الفوائد المترتبة عليه (و ان اختص) الهدى حسب التشريع (بموضع) خاص و هو مكة (فلما تعذر مراعاة المحل ترك مراعاته) بل اجاز الشارع ذبحه حيث تعطل (لتخلص المعتذر) اى تخلّصه من العطب.

ص: 85

و فيه ان الغرض من الوقف استيفاء المنافع من شخص الموقوف، لانه الّذي دل عليه صيغة الوقف و المفروض تعذره، فيسقط، و قيام الانتفاع بالنوع مقام الانتفاع بالشخص، لكونه اقرب الى مقصود الواقف، فرع الدليل على وجوب اعتبار ما هو الاقرب الى غرض الواقف بعد تعذّر اصل الغرض.

فالاولى

______________________________

(و فيه) اى فى هذا الدليل الّذي ذكره المختلف و غيره (ان الغرض من الوقف استيفاء المنافع من شخص الموقوف، لانه) اى لان الاستيفاء من شخصه، هو (الّذي دلّ عليه صيغة الوقف) اذ علق الواقف الوقف بالشخص الخاص (و المفروض تعذره) اى تعذّر الاستيفاء من الشخص (فيسقط) الغرض (و قيام الانتفاع بالنوع) ببدله (مقام الانتفاع بالشخص، لكونه) اى البدل (اقرب الى مقصود الواقف، فرع) وجود (الدليل على وجوب اعتبار ما هو الاقرب الى غرض الواقف بعد تعذر اصل الغرض) و ليس هنا دليل على ذلك.

لكن الانصاف ان الاعتبار العرفى هو: ان الواقف اراد الشخص، و مع تعذره اراد النوع، و هذا الاعتبار العرفى كاف فى لزوم الاخذ به، لان الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها، شامل له.

و كيف كان.

(فالاولى) عند المصنف ره، ان لا نقول: بان المقتضى للبقاء موجود، و انما هناك دليل على جواز البيع و التبديل فى صورة اداء

ص: 86

منع جريان ادلة المنع مع خوف الخراب المسقط للمنفعة راسا و جعل ذلك مؤيّدا.

و اما المنع فى غير هذا القسم من الصورة السابعة و فيما عداها من الصور اللاحقة فلعموم قوله عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة فى ملكك، فان ترك الاستفصال فيه عن علم المشترى بعدم وقوع بيع الوقف على بعض الوجوه المجوزة و عدمه الموجب لحمل فعل البائع على

______________________________

البقاء الى الخراب، بل (منع جريان ادلة المنع) عن بيع الوقف (مع خوف الخراب المسقط) ذلك الخراب (للمنفعة راسا و جعل ذلك) الدليل الّذي ذكره المختلف و غيره (مؤيّدا)

هذا كله وجه جواز البيع بالنسبة الى ما ذكره المصنف بقوله «و الاقوى الجواز»

(و اما المنع) عن البيع (فى غير هذا القسم من الصورة السابعة و فيما عداها) اى الصورة السابعة (من الصور اللاحقة) و هى الثامنة و التاسعة و العاشرة (فلعموم قوله عليه السلام: لا يجوز شراء الوقف، و لا تدخل الغلة فى ملكك، فان ترك الاستفصال فيه) اى فى المنع حيث ان الامام اطلق النهى عن الاشتراء، و لم يقل: ان وقع خلف بين اربابه مثلا- فاشتر، و ان لم يقع فلا تشتر.

فترك الاستفصال (عن علم المشترى بعدم وقوع بيع الوقف) من الواقف (على بعض الوجوه المجوزة، و عدمه) اى عدم وجود الوجه المجوّز (الموجب) ذلك اى عدم العلم (لحمل فعل البائع على

ص: 87

الصحة- يدل على ان الوقف ما دام له غلة لا يجوز بيعه.

و كذا قوله عليه السلام: الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها.

و ما دل على انه يترك حتى يرثها وارث السماوات و الارض.

هذا كله مضافا الى الاستصحاب فى جميع هذه الصور، و عدم الدليل الوارد عليه عدا المكاتبة المشهورة التى انحصر تمسك كل من جوّز هذه الصور فيها، و هى مكاتبة ابن مهزيار،

______________________________

الصحة- يدل) عدم الاستفصال (على ان الوقف ما دام له غلة) و لو قليلا فى مقابل عدم الغلة الّذي قلنا بالجواز حينئذ- (لا يجوز بيعه).

(و كذا قوله عليه السلام: الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها) فانه دالّ على اطلاق وجوب الابقاء عليها.

(و ما دل على انه يترك حتى يرثها وارث السماوات و الارض)

لكن يمكن ان يقال: ان هذه الادلة من قبيل العناوين الاولية، لا اطلاق لها من هذه الجهة، و انما يجب ان نلتمس المخصص، فان وجد فهو، و الا كان اللازم البقاء على مقتضى الوقف.

(هذا كله مضافا الى الاستصحاب) لوجوب ابقاء الوقف (فى جميع هذه الصور) السابعة و ما بعدها- لو شككنا فى ان العوارض هل هى مزيلة لحكم الوقف، أم لا؟ (و عدم الدليل الوارد عليه) اى على الاستصحاب (عدا المكاتبة المشهورة التى انحصر تمسك كل من جوّز هذه الصور) اى الصور السابعة و ما بعدها (فيها) اى فى المكاتبة، اذ لا دليل لهم سواها (و هى مكاتبة ابن مهزيار) التى هى حجة و

ص: 88

قال كتبت الى ابى جعفر الثانى انّ فلانا ابتاع ضيعة فاوقفها و جعل لك فى الوقف الخمس، و يسألك عن رأيك فى بيع حصتك من الارض او تقويمها على نفسه بما اشتراها او يدعها موقوفة، فكتب إليّ اعلم فلانا انى آمره ببيع حصتى من الضيعة، و ايصال ثمن ذلك إليّ ان ذلك رايى ان شاء الله تعالى او يقومها على نفسه ان كان ذلك اوفق له، فكتبت إليه ان الرجل ذكر

______________________________

معمول بها، فلا اشكال فيهما من هاتين الجهتين (قال كتبت الى ابى جعفر الثانى) و هو الجواد عليه السلام (انّ فلانا ابتاع ضيعة، فاوقفها و جعل لك فى الوقف الخمس) و الاربعة الاخماس الاخر لغيرك (و يسألك عن رايك فى بيع حصتك من الارض) ليرسل لك ثمنها (او تقويمها) اى الحصة (على نفسه) حتى يشتريها هو واقف الضيعة (بما اشتراها) بالقيمة التى اشترى الارض.

فمثلا اشترى الارض بالف، فيعطيك مائتين قيمة الخمس (او يدعها موقوفة) فلا يجوز له ان يبيعها لك، و لا ان يشتريها منك (فكتب) الامام عليه السلام (إليّ) اى و هو ابن مهزيار (اعلم فلانا) بصيغة الامر من باب الافعال على وزن اكرم (انى آمره) متكلم وحدة من فعل المستقبل من امر يأمر (ببيع حصتى من الضيعة، و ايصال ثمن ذلك) المبيع (إليّ ان ذلك رايى ان شاء الله تعالى) كلمة تبرك محض لا شرطية، كما لا يخفى (او يقومها على نفسه) فيشتريه هو و يرسل الثمن إليّ (ان كان ذلك) التقويم على نفسه (اوفق له) اى للواقف (فكتبت) اى ابن مهزيار (إليه) اى الى ابى جعفر عليه السلام- أيضا- (ان الرجل) الواقف (ذكر

ص: 89

ان بين من وقف عليهم بقية هذه الضيعة اختلافا شديدا، و انه ليس يأمن ان يتفاقم ذلك بينهم بعده، فان كان ترى ان يبيع هذا الوقف، و يدفع الى كل انسان منهم ما وقف له من ذلك امرته فكتب عليه السلام بخطه و اعلمه ان رأيى ان كان قد علم الاختلاف بين ارباب الوقف ان بيع الوقف امثل فليبع، فانه ربما جاء فى الاختلاف تلف الاموال و النفوس، الخبر حيث انه يمكن الاستدلال للجواز بها فى القسم الثانى من الصورة السابعة بناء

______________________________

ان بين من وقف عليهم بقية هذه الضيعة) و هى الاربعة اخماس الاخر (اختلافا شديدا، و انه ليس يأمن ان يتفاقم) و يشتد (ذلك) الاختلاف (بينهم بعده) اى بعد ان يحدث الواقف (فان كان ترى) ايها الامام عليه السلام (ان يبيع) الواقف (هذا الوقف، و يدفع الى كل انسان منهم ما وقف له من ذلك امرته) اى ثمن حصته (فكتب عليه السلام بخطه و اعلمه) فعل امر من باب الافعال (ان رأيى ان كان) الواقف (قد علم) بسبب (الاختلاف بين ارباب الوقف ان بيع الوقف امثل) اى احسن (فليبع، فانه ربما جاء فى الاختلاف تلف الاموال و النفوس) الى آخر (الخبر)

وجه الاستدلال بهذا الخبر (حيث أنه يمكن الاستدلال للجواز) اى جواز بيع الوقف (بها) اى بهذه المكاتبة (فى القسم الثانى من الصورة السابعة) و المراد بذلك صورة اداء البقاء الى الخراب فى الجملة، لا الخراب الكلى (بناء) علة للاستدلال بالخبر للقسم الثانى

ص: 90

على ان قوله عليه السلام: فانه الخ، تعليل لجواز البيع فى صورة الاختلاف و ان المراد بالمال هو الوقف فان ضمّ النفوس انما هو لبيان الضرر الآخر المترتب على الاختلاف، لا ان المناط فى الحكم هو اجتماع الامرين كما لا يخفى، فيكون حاصل التعليل انه كل ما كان الوقف فى معرض الخراب جاز بيعه.

و فيه:

______________________________

(على ان قوله عليه السلام: فانه) ربما جاء فى الاختلاف (الخ، تعليل لجواز البيع فى صورة الاختلاف) اى هذا الاثر للاختلاف و هو الخراب، هو العلة الوحيدة (و ان المراد بالمال)- اى قوله عليه السلام «الاموال» (هو الوقف) لان القسم الثانى من الصورة السابعة كان مدارها صرف اداء بقائه الى الخراب فى الجملة (فان ضمّ) الامام عليه السلام (النفوس) الى الاموال حيث قال «تلف الاموال و النفوس» (انما هو لبيان الضرر الآخر المترتب على الاختلاف، لا ان المناط فى الحكم) بجواز البيع (هو اجتماع الامرين) تلف الاموال و النفوس معابل يكفى تلف الاموال فقط فى الجملة (كما لا يخفى) اذ الظاهر: ان ذلك من باب الترقى، لا من باب مدخلية الاجماع (فيكون حاصل التعليل) لجواز البيع (انه كل ما كان الوقف فى معرض الخراب جاز بيعه) و لو لم يكن من جهة اختلاف ارباب الوقف، و لو كان فيه تلف بعض المال.

(و فيه) انه بناء اعلى ما ذكرتم، لا يكون كلام العلماء الا اخصّ من الدليل اذ الدليل دل على جواز البيع فى صورة الاحتمال، و كلام العلماء دل على

ص: 91

ان المقصود جواز بيعه اذا ادّى بقائه الى الخراب علما او ظنا، لا مجرد كونه ربما يؤدى إليه المجامع للاحتمال المساوى او المرجوح على ما هو الظاهر من لفظ «ربما» كما لا يخفى على المتتبع لموارد استعمالاته.

و لا اظن احدا يلتزم لجواز البيع بمجرد احتمال اداء بقائه الى الخراب، لان كلمات من عبّر بهذا العنوان- كما عرفت- بين قولهم ادّى بقائه الى خرابه، و بين قولهم يخشى او يخاف خرابه.

و الخوف- عند المشهور كما يعلم من سائر موارد

______________________________

جواز البيع فى صورة العلم بالخراب او الظن، ف (ان المقصود) للعلماء (جواز بيعه اذا ادّى بقائه الى الخراب علما او ظنا، لا مجرد كونه ربما يؤدى إليه) اى الى الخراب (المجامع) اى «ربما» يجتمع (للاحتمال المساوى) اى يتساوى فى الاحتمال الخراب و عدمه (او المرجوح) اى ان الخراب مرجوح (على ما هو الظاهر من لفظ «ربما») الوارد فى الرواية (كما لا يخفى على المتتبع لموارد استعمالاته) اى استعمالات «ربما»

(و لا اظن احدا يلتزم لجواز البيع بمجرد احتمال اداء بقائه الى الخراب)

و انما لا يلتزم به احد (لان كلمات من عبّر بهذا العنوان- كما عرفت-) بعضها (بين قولهم ادّى بقائه الى خرابه، و بين قولهم يخشى او يخاف خرابه) و الخوف لا يشمل الاحتمال المتساوى، فكيف بالمرجوح.

(و) ذلك لان (الخوف- عند المشهور كما يعلم من سائر موارد

ص: 92

اطلاقاتهم مثل قولهم يجب الافطار، و التيمم مع خوف الضرر، و يحرم السفر مع خوف الهلاك- لا يتحقق الا بعد قيام أمارة الخوف.

هذا مع ان مناط الجواز على ما ذكر تلف الوقف رأسا و هو القسم الاول من الصورة السابعة الّذي جوزنا فيه البيع، فلا يشمل الخراب الّذي لا يصدق معه التلف.

مع انه لا وجه- بناء اعلى عموم التعليل- للاقتصار على خوف خراب خصوص الوقف، بل كلما خيف تلف مال جاز بيع الوقف

______________________________

اطلاقاتهم مثل قولهم يجب الافطار، و التيمم مع خوف الضرر، و يحرم السفر مع خوف الهلاك- لا يتحقق الا بعد قيام أمارة الخوف).

لكن الانصاف ان هذا الاشكال من المصنف فى غاية الاشكال، بل الظاهر من الرواية هو ما ذكره مجوز البيع.

(هذا) اشكال على التمسك بالرواية (مع ان) هناك اشكالا آخر، اذ (مناط الجواز) للبيع (على ما ذكر) فى الرواية (تلف الوقف رأسا) لانه قال «تلف الاموال» و الجمع المحلى باللام يفيد العموم، و ذلك لا يكون الا بالخراب الكامل (و هو القسم الاول من الصورة السابعة الّذي جوزنا فيه البيع، فلا يشمل الخراب) فى الجملة (الّذي لا يصدق معه التلف) كما هو محل الكلام فى القسم الثانى من الصورة السابعة.

(مع انه لا وجه- بناء على عموم التعليل-) و ان العلة هى تلف المال فى الجملة (للاقتصار على خوف خراب خصوص الوقف، بل كلما خيف تلف مال) يصدق عليه «تلف الاموال» (جاز بيع الوقف).

ص: 93

و اما تقريب الاستدلال بالمكاتبة على جواز البيع فى الصورة الثامنة و هى صورة وقوع الاختلاف الّذي ربما اوجب تلف الاموال و النفوس، فهو ان الحكم بالجواز معلق على الاختلاف، الا ان قوله «فانه ربما الخ» مقيد بالاختلاف الخاص، و هو الّذي لا يؤمن معه من التلف، لان العلة تقيد المعلول، كما فى قولك: لا تأكل الرمان لانه حامض.

______________________________

و هذا أيضا لا يبعد القول به، فليس هذا اشكالا على التمسك بالرواية لكلام المشهور.

هذا كله تقريب الاستدلال بالمكاتبة لجواز البيع فى القسم الثانى من الصورة السابعة، و هو تلف بعض الاموال، اى ادّى البقاء الى خراب الوقف فى الجملة.

اما ادائه الى خرابه خرابا كاملا فقد تقدم عن المصنف اجازة البيع فى هذا القسم.

(و اما تقريب الاستدلال بالمكاتبة على جواز البيع فى الصورة الثامنة و هى صورة وقوع الاختلاف) بين ارباب الوقف (الّذي ربما اوجب) ذلك الاختلاف (تلف الاموال و النفوس، فهو ان الحكم بالجواز) لبيع الوقف (معلق على الاختلاف، الا ان قوله «فانه ربما الخ» مقيد بالاختلاف الخاص، و هو) الاختلاف (الّذي لا يؤمن معه من التلف، لان العلة تقيد المعلول، كما فى قولك: لا تأكل الرّمان لانه حامض) فانه يقيد النهى بالرمان الحامض، كما ان العلة تعمّم أيضا، فانه يستفاد منه عرفا ان كل حامض و لو لم يكن رمانا فانه محظور.

ص: 94

و فيه ان اللازم على هذا تعميم الجواز فى كل مورد لا يؤمن معه من تلف الاموال و النفوس، و ان لم يكن من جهة اختلاف الموقوف عليهم فيجوز بيع الوقف، لا صلاح كل فتنة، و ان لم يكن لها دخل فى الوقف.

اللهم الا ان يدعى سوق العلة مساق التقريب لا التعليل الحقيقى حتى يعدى الى جميع موارده.

______________________________

(و فيه ان اللازم على هذا) اى بناء على كون العلة مخصصة (تعميم الجواز) اى جواز البيع (فى كل مورد لا يؤمن معه من تلف الاموال و النفوس، و ان لم يكن) عدم الأمن (من جهة اختلاف الموقوف عليهم) لما عرفت من ان العلة كما تخصص، كذلك تعمم.

و السرّ ان المدار العلة، و كثيرا ما يكون بين العلة المذكورة و بين المعلول، العموم من وجه، كما بين الرمان و الحموضة (فيجوز بيع الوقف لا صلاح كل فتنة، و ان لم يكن لها) اى لتلك الفتنة (دخل فى الوقف) كما لو كان هناك فتنة بين طائفتين لا تخمد الا اذا صرفنا مالا و المال ليس عندنا الا بان نبيع الوقف.

(اللهم الا ان يدعى سوق العلة) و ذكرها (مساق التقريب) اى ان العلة تقريبية (لا التعليل الحقيقى حتى يتعدى الى جميع موارده).

و المراد بالعلة التقريبية الحكمة التى وجودها و عدمها ليسا مدارا للحكم، بل هى علة فى الجملة، مثل عدم اختلاط المياه علة للعدة، فان العدة لا تدور مدار الاختلاط.

اذ ربما كان اختلاطا و لا عدة، كما فى نكاح الامة المسبية.

ص: 95

لكن تقييد الاختلاف حينئذ بكونه مما لا يؤمن ممنوع و هو الّذي فهمه الشهيد ره فى الروضة كما تقدم كلامه، لكن الحكم على هذا الوجه مخالف للمشهور، فلا يبقى حينئذ وثوق بالرواية بحيث يرفع اليد بها عن العمومات

______________________________

و ربما لم يكن اختلاطا و كانت عدة كما فى نكاح من علمنا ببراءة رحمها.

و على هذا فتلف الاموال علة لبيع الوقف لكن لا كل تلف الاموال بل تلف الاموال فى صورة خاصة.

(لكن تقييد الاختلاف حينئذ) اى حين كان الاختلاف حكمة للبيع لا علة (بكونه مما لا يؤمن) بسببه من تلف الاموال و النفوس (ممنوع).

اذ الحكمة لا تلاحظ فى الحكم، بل اللازم ان نقول: ان الاختلاف سبب جواز البيع، سواء كان هناك خوف ذهاب الاموال و النفوس، أم لا.

كما نقول ان طلاق الزوج علة للعدة، سواء كان هناك اختلاط المياه أم لا.

و الحاصل: ان كان خوف التلف علة، لزم التعميم، و لا يقول به احد.

و ان كان حكمة، لزم ان يكون الاختلاف سببا، و لو علمنا عدم هدر الاموال و النفوس (و هو) اى عدم تقيّد الاختلاف بكونه مما لا يؤمن (الّذي فهمه الشهيد ره فى الروضة كما تقدم كلامه، لكن الحكم) بجواز البيع (على هذا الوجه) اى مجرد وجود الاختلاف بدون خوف هدر الاموال و النفوس (مخالف للمشهور، فلا يبقى حينئذ) اى حين كان فى كل من احتمال العلية و الحكمية اشكال (وثوق بالرواية) يمكن ان يعمل بها (بحيث يرفع اليد بها) اى بسبب هذه الرواية (عن العمومات

ص: 96

و القواعد، مع ما فيها من ضعف الدلالة، كما سيجي ء إليه الاشارة.

و مما ذكرنا يظهر تقريب الاستدلال على الصورة التاسعة و رده.

و اما تقريب الاستدلال على الصورة العاشرة فهو ان ضمّ تلف النفس الى تلف الاموال مع ان خوف تلف الانفس يتبعه خوف تلف المال غالبا يدل على اعتبار بلوغ الفتنة فى الشدة الى حيث يخاف منه تلف النفس.

______________________________

و القواعد، مع ما فيها من ضعف الدلالة، كما سيجي ء إليه الاشارة) اى الى وجه الضعف اى ضعف دلالتها على كون مورد السؤال الوقف، و كذلك لم يحصل قبض، مع ان القبض شرط فى الوقف.

و هذا تمام الكلام فى الصورة الثامنة من صور بيع الوقف.

(و مما ذكرنا يظهر تقريب الاستدلال) لجواز بيع الوقف (على الصورة التاسعة و ردّه).

اما تقريب الاستدلال: فبان يحمل «ربما» فى الرواية على التعليل الحقيقى، و يحمل ذكر تلف الاموال و الانفس على المثال، للضرر العظيم.

و اما رده: فبانه يلزم جواز بيع الوقف كلما حصل الضرر، و لو لا من جهة الاختلاف و لا يلتزم بذلك القائل بالصورة التاسعة، كما لا يخفى.

(و اما تقريب الاستدلال) بهذه الرواية (على الصورة العاشرة) و هو ان يستلزم فساد يستباح به الانفس (فهو ان ضمّ تلف النفس الى تلف الاموال) فى الرواية (مع ان خوف تلف الانفس يتبعه خوف تلف المال غالبا) اذ الغالب ان لا تتلف النفس الا و معه تلف المال (يدل على اعتبار بلوغ الفتنة فى الشدة الى حيث يخاف منه تلف النفس).

ص: 97

و لا يكفى بلوغها الى ما دون ذلك بحيث يخاف منه تلف المال فقط.

و فيه: ان اللازم على هذا عدم اختصاص موجب فساد بوقوع الفتنة بين الموقوف عليهم، بل يجوز حينئذ بيع الوقف لرفع كل فتنة.

مع ان ظاهر الرواية كفاية كون الاختلاف بحيث ربما جاء فيه

______________________________

فذكر تلف الاموال انما هو لاجل غلبة ملازمة تلف المال لتلف النفس لا لان لتلف المال مدخلية فى الجواز.

(و لا يكفى بلوغها) اى الفتنة (الى ما دون ذلك) اى دون تلف النفس (بحيث يخاف منه) اى من وقوع الفتنة (تلف المال فقط).

و الحاصل: ان ذكر تلف المال من باب الملازمة، لا من باب انه موضوع، اوله مدخلية فى الموضوع فالمعيار تلف النفس فقط.

(و فيه: ان اللازم على هذا) الّذي ذكرتم، من ان المناط: خوف تلف النفس (عدم اختصاص موجب الفساد بوقوع الفتنة بين الموقوف عليهم) اذ خوف تلف النفس اعم من ذلك (بل) لو كان المناط خوف تلف النفس (يجوز حينئذ بيع الوقف لرفع كل فتنة) مع انه لا يقول بذلك احد.

(مع ان ظاهر الرواية كفاية) الاحتمال.

و الفقهاء يقولون بانه لا بدّ من العلم او الظن، فالرواية اعم من المدعى- و هذا اشكال آخر-.

اما كون الرواية ظاهرة فى الاحتمال، لقوله «ربما».

و اما الفقهاء: فقد عرفت انهم قالوا بلزوم الظن او العلم.

فظاهر الرواية كفاية (كون الاختلاف بحيث ربما جاء فيه) اى فى ذلك

ص: 98

تلف الاموال و النفوس، و المقصود كما يظهر من عبارة الجامع المتقدمة هو اعتبار الفتنة التى يستباح بها الانفس.

و الحاصل: ان جميع الفتاوى المتقدمة فى جواز بيع الوقف الراجعة الى اعتبار اداء بقاء الوقف علما، او ظنا، او احتمالا، الى مطلق الفساد، او فساد خاص، او اعتبار الاختلاف مطلقا، او اختلاف خاص مستندة الى ما فهم اربابها من المكاتبة المذكورة.

و الاظهر فى مدلولها هو:

______________________________

الاختلاف (تلف الاموال و النفوس، و المقصود) للفقهاء من الصورة العاشرة (كما يظهر من عبارة الجامع المتقدمة هو اعتبار الفتنة التى يستباح بها) اى بسبب تلك الفتنة (الانفس) قطعا، لا «ربما» كما هو ظاهر الرواية.

(و الحاصل: ان جميع الفتاوى المتقدمة فى جواز بيع الوقف الراجعة الى اعتبار اداء بقاء الوقف علما، او ظنا، او احتمالا، الى مطلق الفساد) فى الاموال و الانفس (او فساد خاص) كالفساد فى الانفس (او اعتبار الاختلاف مطلقا) بين ارباب الوقف لجواز البيع سواء كان قلة المنفعة او عدم المنفعة، او كان اختلافا فقط او اختلافا مؤديا الى تلف الاموال و النفوس (او اختلاف خاص) يؤدى الى عدم المنفعة، او يؤدى الى تلف الاموال و النفوس (مستندة الى ما فهم اربابها) اى اصحاب تلك الفتاوى (من المكاتبة المذكورة).

(و الاظهر فى مدلولها) الّذي يجب ان نقول به لجواز بيع الوقف (هو:

ص: 99

اناطة الجواز بالاختلاف الّذي ربما جاء فيه تلف الاموال و النفوس، لا مطلق الاختلاف، لان الذيل مقيّد، و لا خصوص المؤدّى علما او ظنا لان موارد استعمال لفظة «ربما» اعم من ذلك، و لا مطلق ما يؤدّى الى المحذور المذكور لعدم ظهور الذيل فى التعليل، بحيث يتعدّى عن مورد النصّ

______________________________

اناطة الجواز بالاختلاف الّذي ربما جاء فيه تلف الاموال و النفوس) احتمالا عقلائيا (لا مطلق الاختلاف) الّذي ليس فيه احتمال تلف الاموال و النفوس (لان الذيل) للرواية، و هو قوله عليه السلام: فانه ربما جاء فى الاختلاف الخ (مقيّد) بصيغة اسم الفاعل، بمعنى ان صدر الرواية و ان علق جواز البيع بصورة الاختلاف، لكن ظاهر الذيل انه قيد للاختلاف، فان علمنا انه لا ينتهى الاختلاف الى تلف مال او نفس، لم يكن وجه لبيع الوقف (و لا خصوص) الاختلاف (المؤدى علما او ظنا).

و انما قلنا: لا خصوص (لان موارد استعمال لفظة «ربما») فى ذيل الحديث (اعم من ذلك) اى من خصوص المؤدّى علما او ظنا، فان ظاهر «ربما» انه قد يكون ذلك للعاقبة السيئة، لا انا نعلم او نظن، العاقبة السيئة (و لا مطلق ما يؤدّى الى المحذور) اى ما كان بيع الوقف لرفع كل فتنة خارجية، و ان لم تكن تلك الفتنة من الاختلاف حول الوقف (المذكور) اى ما كان فيه تلف تلك الاموال و النفوس بان وقعت مثلا فتنة حول امرأة، فان بعنا الوقف و قسمنا ثمنه على اطراف النزاع لم يقع تلف مال او نفس و ان لم نبع كان خوف تلف الاموال و النفوس، فانه لا يصح بيع الوقف حينئذ (لعدم ظهور الذيل فى التعليل، بحيث يتعدّى عن مورد النص)

ص: 100

و ان كان فيه اشارة الى التعليل.

و على ما ذكرنا فالمكاتبة غير مفتى بها عند المشهور، لان الظاهر اعتبارهم العلم او الظن باداء بقائه الى الخراب غير الملازم للفتنة الموجبة لاستباحة الاموال و الانفس،

______________________________

فانه ربما كان ظاهر العلة ان الحكم يدور مدارها.

و ربما كان ظاهرها ان الحكم معلق بالصدر و الذيل.

مثلا لو قال الطبيب لذى الحمّى: لا تأكل الرمان لانه حامض، فهم منه ان العلة الحموضة، و ان تحققت فى ضمن الخلّ.

و اما ان قال المؤمن انى احبّ المسجد الفلانى لانه اكبر، لم يفهم منه ان العلة الكبر و ان تحقق فى ضمن الزوجة، بل فهم منه ان العلة هو المسجد الاكبر.

و ما نحن فيه من القبيل الثانى اى ان العلة الاختلاف فى الوقف المحتمل ادائه الى تلف الاموال و النفوس (و ان كان فيه) اى فى الذيل (اشارة الى التعليل) و ان خوف التلف علة منحصرة بدون مدخلية كون ذلك للاختلاف فى الوقف.

(و على ما ذكرنا) من ان جواز البيع خاص بصورة الاختلاف الّذي ربما يؤدّى الى تلف الاموال و النفوس (فالمكاتبة غير مفتى بها عند المشهور، لان الظاهر) من كلامهم (اعتبارهم العلم او الظن باداء بقائه الى الخراب) و ذلك (غير الملازم للفتنة الموجبة لاستباحة الاموال و الانفس).

ص: 101

فتكون النسبة بين فتوى المشهور، و مضمون الرواية، عموما من وجه.

لكن الانصاف ان هذا لا يمنع من جبر ضعف دلالة الرواية، و قصور مقاومتها للعمومات المانعة بالشهرة، لان اختلاف فتاوى المشهور انما هو من حيث الاختلاف فى فهم المناط الّذي انيط به الجواز من قوله عليه السلام: ان كان قد علم

______________________________

و على هذا (فتكون النسبة بين فتوى المشهور، و مضمون الرواية، عموما من وجه) لان الاختلاف الّذي ربما جاء فيه تلف الاموال و الانفس، قد يكون مع العلم او الظن باداء بقائه الى الخراب، و قد يكون بدونه، كما ان العلم او الظن باداء بقائه الى الخراب، قد يكون مع الاختلاف الّذي ربما جاء فيه تلف الاموال و الانفس، و قد يكون بدونه.

(لكن الانصاف ان هذا) اى كون مضمون الرواية و فتوى المشهور بينهما عموما من وجه (لا يمنع من جبر ضعف دلالة الرواية، و قصور مقاومتها) «قصور» عطف على «ضعف» اى لا يمنع من جبر القصور الّذي فى المكاتبة فانها لا تقاوم (للعمومات المانعة) عن بيع الوقف (بالشهرة) متعلق ب «جبر».

وجه «لا يمنع» ان المكاتبة معمول بها، و العمل يجبرها فتتمكن ان تقاوم ما دل على المنع عن بيع الوقف.

و انما قلنا: لا يمنع (لان اختلاف فتاوى المشهور انما هو من حيث الاختلاف فى فهم المناط الّذي انيط به) اى بذلك المناط (الجواز) لبيع الوقف (من قوله عليه السلام) بيان «المناط» (ان كان قد علم

ص: 102

الاختلاف، المنضمّ الى قوله: فانه ربما جاء فى الاختلاف.

و اما دلالة المكاتبة على كون مورد السؤال هو الوقف المؤبّد التامّ، فهى على تقدير قصورها منجبرة بالشهرة، فيندفع بها ما يدعى من قصور دلالتها من جهات، مثل عدم ظهورها فى المؤبّد لعدم ذكر البطن اللاحق

______________________________

الاختلاف، المنضمّ الى قوله: فانه ربما جاء فى الاختلاف) و انه هل المناط الامر ان معا، او الصدر وحده، او الذيل وحده، و الا فعلى كل حال، المشهور عملوا بهذه المكاتبة.

(و) ان قلت: ان المكاتبة لا يمكن ان يعمل بها من جهة اخرى، و هى ان ظاهرها فى الوقف غير المقبوض، و من المعلوم ان القبض اذا لم يتحقق فى الوقف لم يتحقق الوقف.

قلت (اما دلالة المكاتبة على كون مورد السؤال هو الوقف المؤبّد) مقابل المنقطع (التامّ) مقابل غير المقبوض (فهى) اى المكاتبة (على تقدير قصورها) دالة بعدم دلالتها فى ان الموضوع للحكم الوقف المؤبّد التام (منجبرة بالشهرة) اى ان الشهرة تتم دلالتها، حيث ان المشهور فهموا منها الوقف المؤبّد التام، و ان لم يكن فيها دلالة على ذلك (فيندفع بها) اى بالشهرة (ما يدعى من قصور دلالتها من جهات) عديدة، فلا يمكن التمسك بها لجواز بيع الوقف (مثل عدم ظهورها فى المؤبّد، لعدم ذكر البطن اللاحق) فلا يمكن الاستدلال بالمكاتبة لاستفادة جواز بيع الوقف المؤبّد.

ص: 103

و ظهورها فى عدم اقباض الموقوف عليهم، و عدم تمام الوقف كما عن الايضاح.

و اوضحه الفاضل المحدث المجلسى، و جزم به المحدث البحرانى و مال إليه فى الرياض، قال الاول فى بعض حواشيه على بعض كتب الاخبار انه يخطر بالبال انه يمكن حمل الخبر على ما اذا لم يقبضهم الضيعة الموقوفة عليهم، و لم يدفعها إليهم.

و حاصل السؤال ان الواقف يعلم

______________________________

(و) مثل (ظهورها فى عدم اقباض الموقوف عليهم، و) ذلك موجب ل (عدم تمام الوقف) فلا يمكن الاستدلال بها، لجواز بيع الوقف المقبوض الّذي تم الوقف فيه.

و قوله: و عدم، عطف بيان لقوله «و ظهورها» (كما عن الايضاح) الاشكال فى المكاتبة بهذا الاشكال.

(و اوضحه) اى الاشكال (الفاضل المحدث المجلسى، و جزم به المحدث البحرانى) صاحب الحدائق (و مال إليه) اى الى الاشكال المذكور (فى الرياض، قال الاول) اى الايضاح (فى بعض حواشيه على بعض كتب الاخبار انه يخطر بالبال انه يمكن حمل الخبر على ما اذا) الواقف (لم يقبضهم) اى الموقوف عليهم (الضيعة الموقوفة عليهم، و لم يدفعها) اى الضيعة (إليهم) و اذا لم يحصل القبض لم يتم الوقف فيجوز بيعه، فلا تدل المكاتبة على جواز بيع الموقوف التام وقفه.

(و حاصل السؤال) اى سؤال الراوى فى المكاتبة (ان الواقف يعلم

ص: 104

انه اذا دفعها إليهم يحصل بينهم الاختلاف، و يشتدّ لحصول الاختلاف بينهم قبل الدفع إليهم فى تلك الضيعة، او فى امر آخر، فهل يدعها موقوفة و يدفعها إليهم؟ او يرجع عن الوقف لعدم لزومه بعد، و يدفع إليهم ثمنها ايهما افضل، انتهى موضع الحاجة.

و الانصاف انه توجيه حسن لكن ليس فى السؤال ما يوجب ظهوره فى ذلك فلا يجوز رفع اليد عن مقتضى ترك الاستفصال فى الجواب

______________________________

انه اذا دفعها) اى الضيعة الموقوفة (إليهم يحصل بينهم الاختلاف، و يشتدّ) الاختلاف، و انما يعلم الواقف (لحصول الاختلاف بينهم قبل الدفع إليهم فى تلك الضيعة، او) لعلم من قرائن الاحوال حصول الاختلاف منهم (فى امر آخر، ف) سؤال الراوى فى انه (هل يدعها) اى الضيعة (موقوفة و يدفعها إليهم، او يرجع عن الوقف).

و انما يتمكن ان يرجع عن الوقف (لعدم لزومه بعد) اذ لم يحصل القبض، و بدون القبض لا يكون الوقف لازما (و يدفع إليهم ثمنها) تبرعا (ايّهما افضل) من الابقاء على الوقف، او البيع و دفع الثمن (انتهى موضع الحاجة) من كلام الايضاح.

(و الانصاف انه توجيه حسن) فى حدّ ذاته (لكن ليس فى السؤال ما يوجب ظهوره) اى ظهور السؤال (فى ذلك) الّذي ذكره فى التوجيه (فلا يجوز رفع اليد عن مقتضى ترك الاستفصال فى الجواب) للامام، فان الامام لم يفصّل بين صورة اقباض الوقف، و عدم الاقباض، بل اطلق الجواب بجواز البيع فيدل الجواب على جواز البيع و لو حصل اقباض.

ص: 105

كما ان عدم ذكر البطن اللاحق لا يوجب ظهور السؤال فى الوقف المنقطع، اذ كثيرا ما يقتصر فى مقام حكاية وقف مؤبّد على ذكر بعض البطون

فترك الاستفصال عن ذلك، يوجب ثبوت الحكم للمؤبّد.

و الحاصل: ان المحتاج الى الانجبار بالشهرة، ثبوت حكم الرواية للوقف التامّ المؤبّد، لا تعيين ما انيط به الجواز

______________________________

(كما ان عدم ذكر البطن اللاحق) فى السؤال (لا يوجب ظهور السؤال فى الوقف المنقطع) حتى يقال: ان الرواية لا تدل على جواز بيع الوقف المؤيّد، و انما يدل على جواز بيع الوقف المنقطع، و لا اشكال فى ذلك.

و انما لا يوجب (اذ كثيرا ما يقتصر فى مقام حكاية وقف مؤبّد على ذكر بعض البطون) و منتهى الامر انه مطلق شامل للموقت و المؤبّد.

(فترك) الامام عليه السلام (الاستفصال عن ذلك) و هل انه مؤبّد او منقطع؟ (يوجب ثبوت الحكم) بجواز البيع (للمؤبّد) أيضا، بل لنا ان نقول: ان الظاهر من الوقف كونه مؤبّدا، الا اذا دلّ دليل على انه موقت

(و الحاصل: ان) الشي ء (المحتاج الى الانجبار بالشهرة، ثبوت حكم الرواية) بجواز البيع (للوقف التامّ المؤبّد) مقابل الوقف الناقص الّذي ليس بمقبوض، و الوقف المنقطع يعنى ان الرواية دلالتها على جواز البيع للتام المؤيّد ضعيفة- اذ الدليل هو عدم الاستفصال- فالشهرة تجبر ضعف الدلالة (لا) ان المحتاج الى الانجبار بالشهرة (تعيين ما انيط به الجواز) اى الميزان لجواز بيع الوقف- سواء كان

ص: 106

من كونه مجرّد الفتنة، او ما يؤدّى الفتنة إليه، او غير ذلك مما تقدم من الاحتمالات فى الفقرتين المذكورتين.

نعم تحتاج الى الاعتضاد بالشهرة من جهة اخرى، و هى ان مقتضى القاعدة كما عرفت: لزوم كون بدل الوقف كنفسه مشتركا بين جميع البطون

و ظاهر الرواية تقريره للسائل فى تقسيم ثمن الوقف على الموجودين فلا بد اما من رفع اليد عن مقتضى المعاوضة

______________________________

تاما مؤبّدا أم لا؟- (من كونه) مناط الجواز (مجرّد الفتنة) و ان لم تؤدّ الى شي ء (او ما يؤدّى الفتنة إليه) من ذهاب الاموال و الانفس (او غير ذلك مما تقدم من الاحتمالات فى الفقرتين المذكورتين) اى قوله عليه السلام: ان كان قد علم الاختلاف، و قوله عليه السلام: فانه ربما.

و انما لا يحتاج هذا الى الشهرة، لان المكاتبة دالة من هذه الجهة و انما اللازم ان نرى مدى ظهورها و كيفية دلالتها، اذ الانجبار انما يكون لضعف الدلالة، او ضعف السند، لا للدلالة الظاهرة.

(نعم تحتاج) المكاتبة (الى الاعتضاد بالشهرة من جهة اخرى، و هى ان مقتضى القاعدة كما عرفت: لزوم كون بدل الوقف كنفسه مشتركا بين جميع البطون) لان الواقف جعله هكذا، و الشرع أمضاه.

(و ظاهر الرواية) المكاتبة (تقريره) اى الامام عليه السلام (للسائل فى تقسيم ثمن الوقف على الموجودين) و هذا يحتاج الى الانجبار بالشهرة، لان دلالة الرواية ليست من القوة بحيث تكفى لخرق القاعدة الا اذا انضمت الشهرة إليها (فلا بد اما من رفع اليد عن مقتضى المعاوضة)

ص: 107

الا بتكلف سقوط حق سائر البطون عن الوقف آنا مّا، قبل البيع لتقع المعاوضة فى مالهم.

و اما من حمل السؤال على الوقف المنقطع اعنى الحبس الّذي لا اشكال فى بقائه على ملك الواقف، او على الوقف غير التام، لعدم القبض

______________________________

بان نقول: ان الوقف و ان كان لجميع البطون و مقتضى ذلك ان بدل الوقف أيضا يكون لجميع البطون- اذ العوض يدخل فى كيس من خرج المعوض من كيسه- الا انا نقول ان معاوضة الوقف خارجة عن قاعدة المعاوضة بدليل المكاتبة المنجبرة بالشهرة (الا) ان نقول: لا نحتاج الى اخراج الوقف عن مقتضى المعاوضة (بتكلف سقوط حق سائر البطون عن الوقف آنا مّا، قبل البيع) فالوقف يكون- آنا مّا- للبطن الموجود فقط (لتقع المعاوضة فى مالهم).

و من المعلوم ان البدل يدخل فى كيسهم فقط حينئذ، بدون ان يكون ذلك خلاف دليل المعاوضة.

(و اما من حمل السؤال على الوقف المنقطع اعنى الحبس) لا الوقف المنقطع المصطلح الّذي وقع الخلاف فيه، فى انه هل يبقى على ملك الواقف، أم لا؟ كما سيأتى الكلام حوله (الّذي لا اشكال فى بقائه على ملك الواقف) و حينئذ يحق للواقف ان يبيعه، و يعطى ثمنه للمحبوس عليهم، لانه ملكه، و لا خلاف لمقتضى قاعدة المعاوضة فى الرواية حينئذ، كما لا يحتاج الى الالتزام بالملك الآنى (او على الوقف غير التام، لعدم القبض).

ص: 108

او لعدم تحقق صيغة الوقف، و ان تحقق التوطين عليه و تسميته وقفا بهذا الاعتبار.

و يؤيّده تصدى الواقف بنفسه للبيع الا ان يحمل على كونه ناظرا، او يقال: انه اجنبى استأذن الامام (ع) فى بيعه عليهم حسبة، بل يمكن ان يكون قد فهم الامام عليه السلام

______________________________

و فيه أيضا لا خلاف لمقتضى قاعدة المعاوضة، و لا حاجة الى القول بالملك الآنى (اول) القول ب (عدم تحقق صيغة الوقف، و ان تحقق) من المالك (التوطين) و البناء (عليه) اى على ان يكون وقفا (و) عليه يكون (تسميته وقفا) و الحال انه ليس بوقف (بهذا الاعتبار) اى باعتبار توطين المالك على ان يكون وقفا.

(و يؤيّده) اى كونه بعد ملك الواقف، لانه حبس، او لعدم قراءته الصيغة، او لعدم اقباضه (تصدى الواقف بنفسه للبيع) اذ لو كل الوقف لم يكن ملكا للواقف بل صار ملكا للموقوف عليهم، فاية جهة لتصدى الواقف لبيع ما خرج عن ملكه، و لا ربط له به، فتأمل (الا ان يحمل) تصديه للبيع لا على كونه بعد ملكا له، بل (على كونه) اى الواقف (ناظرا) على الوقف، و لذا تصدى لبيعه و ان خرج عن ملكه بسبب الوقف التامّ (او يقال: انه) اى المالك لم يتصدّ للوقف لانه باق على ملكه، فانه (اجنبى) و انما (استأذن الامام (ع) فى بيعه عليهم حسبة) اى قربة الى اللّه تعالى، لقطع النزاع الّذي نشأ بسبب وقفه (بل يمكن ان يكون) الحديث المكاتبة غير مربوط بالوقف المؤبّد التامّ، لانه (قد فهم الامام عليه السلام) و فهمه

ص: 109

من جعل السائل قسمة الثمن بين الموجودين مفروغا عنها، مع ان المركوز فى الاذهان اشتراك جميع البطون فى الوقف، و بدله ان مورد السؤال هو الوقف الباقى على ملك الواقف، لانقطاعه، او لعدم تمامه.

و يؤيّده ان ظاهر صدره المتضمن لجعل الخمس من الوقف للامام عليه السلام هو هذا النحو أيضا الا ان يصلح هذا الخلل، و امثاله،

______________________________

حجة، فيكون ما اجازه عليه السلام من بيع الوقف انما هو فى صورة عدم تمامية الوقف- و تكون المكاتبة حينئذ اجنبية من موضع الكلام الّذي هو جواز بيع الوقف- (من جعل السائل قسمة الثمن بين الموجودين مفروغا عنها) لانه ذكره ارسال المسلمات (مع ان المركوز فى الاذهان) للمتشرعة (اشتراك جميع البطون فى الوقف، و) فى (بدله ان مورد السؤال) مفعول «فهم الامام» (هو الوقف الباقى على ملك الواقف، لانقطاعه) اى الحبس الّذي هو وقف منقطع الآخر، و لا يخرج الوقف بذلك عن ملك الواقف (او لعدم تمامه) اى لم يحصل القبض ليكون وقفا شرعيا، بل هو باق على ملك الواقف.

(و يؤيّده) هذا تأييد آخر لعدم كون مورد السؤال فى المكاتبة الوقف المصطلح (ان ظاهر صدره) اى صدر الحديث المكاتبة (المتضمن لجعل الخمس من الوقف للامام عليه السلام هو هذا النحو) اى ملكا محبوسا، لا وقفا تاما (أيضا) كما ان ظاهره ان أربعة الاخماس الاخر أيضا ملك محبوس للموقوف عليهم، لا انه وقف اصطلاحى مؤبد تامّ (الا ان يصلح هذا الخلل) فى المكاتبة، و هو ظهورها فى الملك المحبوس (و امثاله) من

ص: 110

بفهم الاصحاب الوقف المؤبّد التامّ.

و يقال: انه لا بأس بجعل الخبر المعتضد بالشهرة مخصّصا لقاعدة المنع عن بيع الوقف و موجبا لتكلف الالتزام لسقوط حقّ اللاحقين عن الوقف عند إرادة البيع.

او نمنع تقرير الامام للسائل فى قسمة الثمن الى الموجودين.

و يبقى الكلام

______________________________

الاشكالات الاخر التى تقدمت ورودها على المكاتبة (بفهم الاصحاب) من المكاتبة (الوقف المؤبّد) لا الحبس (التامّ) لا غير المقبوض.

(و) ثم (يقال: انه لا بأس بجعل الخبر المعتضد بالشهرة مخصّصا لقاعدة المنع عن بيع الوقف) بان يكون بيع الوقف مطلقا محظورا، الا فى مورد ذلك الخبر (و موجبا) عطف على مخصّصا (لتكلف الالتزام) اى لان نتكلف بان نلتزم (لسقوط حقّ اللاحقين) اى البطون اللاحقة (عن الوقف) متعلق بسقوط (عند إرادة البيع) اى عند ما يريد البطن الموجود بيع الوقف ليسقط حق البطون اللاحقة آنا ما، لانه لو لم يسقط يلزم ان يدخل العوض فى كيس البطن الموجود، بينما يخرج المعوض- و هو الوقف- من كيس كل البطون، و قد عرفت ان ذلك مستحيل.

(او) نقول: ان الخبر المكاتبة مخصص لعمومات المنع و (نمنع تقرير الامام للسائل فى قسمة الثمن الى الموجودين) فلا يلزم ان نقول بان الوقف يصبح آنا ما للموجودين- الّذي هو خلاف القاعدة-.

(و يبقى الكلام) بعد الفراغ عن الكلام فى حجية المكاتبة فى

ص: 111

فى تعيين المحتملات فى مناط جواز البيع، و قد عرفت الاظهر منها.

لكن فى النفس شي ء من الجزم بظهوره فلو اقتصر على المتيقن من بين المحتملات، و هو الاختلاف المؤدّى علما او ظنا الى تلف خصوص مال الوقف، و نفوس الموقوف عليهم، كان اولى.

______________________________

تخصيصها لعمومات المنع، و عن الكلام حول ان الثمن للموجودين فقط او لكل البطون (فى تعيين المحتملات فى مناط جواز البيع) و انه هل هو الاختلاف المؤدّى الى تلف الاموال و النفوس او مجرد الاختلاف، او لمجرد دفع تلف الاموال و النفوس، و ان لم يكن ذلك فى الوقف فى نفسه، و انما نبيع الوقف لاطفاء فتنة خارجية (و قد عرفت الاظهر منها) اى من هذه المحتملات عندنا.

(لكن فى النفس شي ء من الجزم بظهوره) اى ظهور الاحتمال الّذي استظهرناه فان «ربما» و ان كانت كثيرا ما تستعمل فى الاحتمال و هذا هو الّذي استظهرناه بدون قيد الاداء الى تلف الاموال و النفوس- الّا ان «ربما» أيضا كثيرا ما تستعمل فى مقام العلم و الظن، فلا وجه لتعيين المعنى الاول (فلو اقتصر) فى جواز بيع الوقف (على المتيقن من بين المحتملات، و هو الاختلاف المؤدّى علما او ظنا الى تلف خصوص مال الوقف، و نفوس الموقوف عليهم، كان) الاخذ بهذا المتيقن (اولى) اذ هذه الصورة خارجة عن حرمة بيع الوقف قطعا، امّا ما عداها فيبقى على اصالة التحريم، لانها مشمولة لعمومات المنع عن البيع.

ص: 112

و الفرق بين هذا، و القسم الاول من الصورة السابعة الّذي جوزنا فيه البيع ان المناط فى ذلك القسم العلم او الظن بتلف الوقف رأسا.

و المناط هنا خراب الوقف الّذي يتحقق به تلف المال و ان لم يتلف الوقف، فان الزائد من المقدار الباقى مال قد تلف، و ليس المراد من التلف فى الرواية تلف الوقف رأسا، حتى يتّحد مع ذلك القسم المتقدم اذ: لا يناسب هذا ما هو الغالب فى تلف الضيعة التى هى مورد الرواية

______________________________

(و الفرق بين هذا) القسم- بناء اعلى هذا المعنى الّذي ذكرناه- (و القسم الاول من الصورة السابعة الّذي جوزنا فيه البيع) مع ان بادى الرأى يظنّ اتحاد القسمين (ان المناط فى ذلك القسم) الاوّل من الصورة السابعة (العلم او الظن بتلف الوقف رأسا) اى تلف مجموع الوقف

(و المناط هنا) فى ما نحن فيه الّذي دل عليه المكاتبة (خراب الوقف) اى تلف بعضه فقط (الّذي يتحقق به) اى بذلك الخراب (تلف المال) فى الجملة (و ان لم يتلف الوقف) كله (فان الزائد من المقدار الباقى) الّذي لم يخرب، كما اذا فرضنا ان الوقف يسوى الفا و قد خرب منه ستمائة، فان الاربعمائة باقية، و الزائد عليها «اى الستمائة» (مال قد تلف، و) على هذا (ليس المراد من التلف فى الرواية تلف الوقف رأسا، حتى يتّحد) هذا القسم (مع ذلك القسم المتقدم) اى القسم الاوّل من الصورة السابعة (اذ: لا يناسب هذا) اى تلف الوقف كلّه (ما هو الغالب فى تلف الضيعة التى هى) اى الضيعة (مورد الرواية)

ص: 113

فان تلفها غالبا بسقوطها عن المنفعة المطلوبة منها بحسب شأنها.

ثم ان الظاهر من بعض العبائر المتقدمة، بل المحكى عن الاكثر ان الثمن فى هذا البيع للبطن الموجود، الا ان ظاهر كلام جماعة، بل صريح بعضهم كجامع المقاصد، هو انه يشترى بثمنه ما يكون وقفا على وجه يندفع به الخلف، تحصيلا لمطلوب الواقف بحسب الامكان.

و هذا منه قدس سره مبنى على وجه ظهور الرواية فى تقرير السائل فى قسمة الثمن على الموجودين

______________________________

المكاتبة و انما لا يناسب التلف الكلى لمورد الرواية (فان تلفها) اى الضيعة (غالبا بسقوطها عن المنفعة المطلوبة منها بحسب شأنها) و ذلك بتلف البعض لا تلف الكل.

(ثم ان الظاهر من بعض العبائر المتقدمة، بل المحكى عن الاكثر ان الثمن فى هذا البيع) للوقف (للبطن الموجود) فقط (الا ان ظاهر كلام جماعة، بل صريح بعضهم كجامع المقاصد، هو انه يشترى بثمنه ما يكون وقفا على وجه يندفع به) اى بذلك الاشتراء (الخلف) و الخلاف بين اربابه (تحصيلا لمطلوب الواقف بحسب الامكان).

اذ: مطلوب الواقف البقاء للوقف، لكن لما لم يمكن بقاء عين الوقف بيع، ثم يشترى بالثمن لكل واحد او جماعة من الموقوف عليهم قطعة خاصة حتى يرتفع الخلف.

(و هذا) الكلام (منه) اى من جامع المقاصد (قدس سره مبنى على وجه ظهور الرواية فى تقرير السائل فى قسمة الثمن على الموجودين) اذ

ص: 114

او على منع العمل بهذا التقرير فى مخالفة مقتضى قاعدة المعاوضة من اشتراك جميع البطون فى البدل كالمبدل.

لكن الوجه الثانى

______________________________

لو كانت الرواية ظاهرة عنده لم يكن وجه للاشتراء الّذي ذكره (او على) ظهور الرواية فى قسمة الثمن، لكن بنائه «ره» على (منع العمل بهذا التقرير) اى تقرير الامام لظاهر كلام السؤال من توزيع القيمة على البطن الموجود (فى مخالفة مقتضى قاعدة المعاوضة) بين الوقف و ثمنه.

اذ مقتضاها ان يدخل الثمن فى كيس كل البطون حيث خرج المثمن من كيس الكل (من اشتراك جميع البطون فى البدل) الّذي هو الثمن (ك) اشتراك جميعهم فى (المبدل) الّذي هو الوقف.

(لكن الوجه الثانى) اى ما قلناه بقولنا «او على» اى ان كان محذور المحقق الكركى من عدم القسمة بين البطن الموجود هو كونه خلاف مقتضى المعاوضة، فكيف افتى بالقسمة بين الموجودين فقط فى صورة البيع للحاجة الشديدة.

اذ المناط فى المسألتين- مسألة البيع للخراب و الفتنة و مسألة البيع للحاجة الشديدة- واحد.

فانه ان امكن كون الثمن يدخل فى كيس غير من خرج المثمن من كيسه، لزم ان نقول بالقسمة فى المسألتين.

و ان لم يمكن لزم، ان نقول بعدم القسمة فى صورة الحاجة أيضا،

ص: 115

ينافى قوله باختصاص الموجودين بثمن ما يباع للحاجة الشديدة، تمسكا برواية جعفر، فتعيّن الاول و هو منع التقرير.

لكنه خلاف مقتضى التأمل فى الرواية.

و اما

الوقف المنقطع

و هو ما اذا وقف على من ينقرض- بناء اعلى صحته- كما هو المعروف فاما ان نقول: ببقائه على ملك الواقف.

و اما ان نقول بانتقاله الى الموقوف عليهم، و على الثانى

______________________________

اذ: عدم القسمة فى المسألة الفتنة و الخراب للوقف (ينافى قوله) اى المحقق الثانى (باختصاص الموجودين بثمن ما يباع للحاجة الشديدة تمسكا برواية جعفر) المتقدمة (فتعيّن) ان يكون مراد المحقق الوجه (الاول و هو منع التقرير) اى تقرير الامام للسائل فى قسمة الثمن بين الموجودين.

(لكنه) اى منع التقرير (خلاف مقتضى التأمل فى الرواية) اذ ظاهرها ان الامام قرّر كلام السائل، فيرد الاشكال على المحقق الثانى فى منعه التقسيم على البطن الموجود.

هذا تمام الكلام فى الوقف المؤبّد، و انه هل يجوز بيعه أم لا؟

(و اما الوقف المنقطع و هو ما اذا وقف على من ينقرض- بناء اعلى صحته-) كما اذا وقف على زيد الّذي لا عقب له مثلا (كما هو المعروف) اى صحة الوقف المنقطع (فاما ان نقول: ببقائه على ملك الواقف) و انما هو حبس على الموقوف عليه لمدة بقائه.

(و اما ان نقول بانتقاله الى الموقوف عليهم، و) بناء (على الثانى)

ص: 116

فاما ان يملكوه ملكا مستقرا بحيث ينتقل منهم الى ورثتهم عند انقراضهم

و اما ان يقال: بعوده الى ملك الواقف.

و اما ان يقال: بصيرورته فى سبيل اللّه.

فعلى الاول لا يجوز للموقوف عليهم البيع لعدم الملك، و فى جوازه للواقف مع جهالة مدة استحقاق الموقوف عليهم اشكال من حيث لزوم الغرر بجهالة وقت استحقاق التسليم التام على وجه ينتفع به.

______________________________

و هو انتقاله الى الموقوف عليهم (فاما ان يملكوه ملكا مستقرا بحيث ينتقل منهم الى ورثتهم عند انقراضهم) الورثة الذين ليسوا بموقوف عليهم.

(و اما ان يقال: بعوده الى ملك الواقف) عند انقراضهم.

(و اما ان يقال: بصيرورته فى سبيل اللّه) لانه انقطع عن الواقف و لم يدخل فى ملك الموقوف عليهم.

(فعلى الاول) و هو ان لا يكون ملكا للموقوف عليه بل باقيا على ملك الواقف (لا يجوز للموقوف عليهم البيع لعدم الملك) و قد ورد: لا بيع الا فى ملك (و فى جوازه) اى البيع (للواقف مع جهالة مدة استحقاق الموقوف عليهم) لان الواقف لا يعلم متى ينقرض الموقوف عليهم حتى ينفك الملك عن الوقف (اشكال) من انه ملكه، فيصح له بيعه، و (من حيث لزوم الغرر) و قد نهى النبي صلى الله عليه و آله و سلم عن الغرر (ب) سبب (جهالة وقت استحقاق) المشترى (التسليم) من البائع (التام) بدون تقيد بكونه محبوسا (على وجه ينتفع) المشترى (به) و هذا من اعظم اقسام الغرر.

ص: 117

و لذا منع الاصحاب- كما فى الايضاح على ما حكى عنهم- بيع مسكن المطلقة المعتدّة بالاقراء لجهالة مدة العدة مع كثرة التفاوت.

نعم المحكى عن جماعة، كالمحقق، و الشهيدين فى المسالك و الدروس، و غيرهم صحة البيع فى السكنى الموقتة بعمر احدهما

______________________________

(و لذا منع الاصحاب- كما فى الايضاح على ما حكى عنهم- بيع مسكن المطلقة المعتدّة بالاقراء) لا المعتدة بالاشهر، لانها لا تحيض، و هى فى سنّ من تحيض، فانه لا يحق لها ان تخرج من البيت الّذي طلقت فيه، و لا يحق للزوج او غيره ان يخرجها من ذلك البيت.

و المراد بالاقراء الحيضات، فانها اذ اطلقت فى طهر غير المواقعة ثم مرت عليها ثلاث حيضات، خرجت عن العدة بمجرد الحيض الثالث.

و من المعلوم ان الحيض يتقدم و يتأخر و ان كانت المرأة ذات عدة و انما منعوا بيع دارها (لجهالة مدة العدة) فلا يعلم المشترى وقت استحقاق الدار، و ذلك غرر يمنع عن جواز البيع (مع كثرة التفاوت) بين محتملات اوقات تحقق الحيض الثالث الموجب لخروجها عن العدّة الّذي يترتب على ذلك الخروج استحقاق المشترى لتسلّم الدار.

(نعم المحكى عن جماعة، كالمحقق، و الشهيدين فى المسالك، و الدروس، و غيرهم، صحة البيع فى السكنى) اى فيما لو اسكن المالك الدار للانسان بنحو الحبس الشرعى المذكور فى كتاب الوقف (الموقتة) تلك السكنى (بعمر احدهما) اى احد من المالك و الساكن مع ان وقت انتهاء عمر احدهما مجهول.

ص: 118

بل ربما يظهر من محكى التنقيح، الاجماع عليه و لعله اما لمنع الغرر، و اما النص، و هو ما رواه المشايخ الثلاثة فى الصحيح او الحسن عن الحسين بن نعيم، قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل جعل داره سكنى لرجل زمان حياته و لعقبه من بعده، قال عليه السلام: هى له و لعقبه من بعده، كما شرط، قلت فان احتاج الى بيعها يبيعها قال: نعم قلت: فينقض البيع السكنى، قال

______________________________

(بل ربما يظهر من محكى التنقيح، الاجماع عليه) اى على صحة بيع السكنى، و هذا مما يؤيّد جواز بيع المالك للوقف فيما نحن فيه كهذه المسألة فى جهالة المدة الموجبة لجهالة وقت التسليم (و لعله) اى جواز بيع السكنى (اما لمنع الغرر) فان تقدم ايام، او شهور، او سنوات، لا يضر عرفا (و اما النص، و هو ما رواه المشايخ الثلاثة) اصحاب الكتب الاربعة الصدوق، و الكلينى، و الشيخ (فى الصحيح، او الحسن عن الحسين بن نعيم، قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل جعل داره سكنى رجل زمان حياته) اى حياة ذلك الرجل الجاعل (و لعقبه) اى عقب الجاعل (من بعده) اى بعد ان مات الجاعل- هذا حسب ما يستظهر من لفظ الرواية- (قال عليه السلام: هى) الدار (له) اى للجاعل (و لعقبه من بعده) اذ: السكنى لا تخرج الملك عن ملك الجاعل (كما شرط) الجاعل (قلت فان احتاج) الجاعل (الى بيعها) هل (يبيعها قال) عليه السلام (نعم قلت: فينقض البيع السكنى) بان يبطل السكنى فيحق ان يسلم الجاعل المسكن للمشترى بمجرد السكنى (قال)

ص: 119

لا ينقض البيع السكنى، كذلك سمعت ابى يقول: قال ابو جعفر لا ينقض البيع الاجارة، و لا السكنى، و لكن يبيعه على ان الّذي يشتريه لا يملك ما اشتراه، حتى ينقضى السكنى على ما شرط، الخبر.

و مع ذلك فقد توقف فى المسألة العلامة، و ولده، و المحقق الثانى و لو باعه

______________________________

عليه السلام: (لا ينقض البيع السكنى).

ثم قال عليه السلام (كذلك) الّذي ذكرت لك (سمعت ابى يقول:

قال ابو جعفر) الباقر عليه السلام (لا ينقض البيع الاجارة) فان آجر زيد داره من عمرو، ثم باعها زيد من خالد، لا يوجب البيع بطلان الاجارة بل تبقى الاجارة على حالها، فاذا انقضت مدة الاجارة كان عليه ان يسلمها الى المشترى (و لا السكنى) اى لا ينقض البيع السكنى، فاذا انقضت مدة السكنى، كان للمشترى ان يتسلم الدار (و لكن يبيعه على) شرط (ان الّذي يشتريه لا يملك ما اشتراه، حتى ينقضى السكنى على) نحو (ما شرط) الى آخر (الخبر).

و هذا الخبر صريح فى ان جهالة مدة السكنى لا توجب عدم جواز البيع.

(و مع ذلك) الخبر الصريح فى جواز البيع (فقد توقف فى المسألة العلامة، و ولده، و المحقق الثانى) و ذلك لقوة الادلة الدالة على منع البيع الغررى مما يوجب التأويل فى الرواية او رد علمها الى اهلها.

(و لو باعه) الواقف فى الوقف المنقطع، حيث قلنا بان الموقوف

ص: 120

من الموقوف عليه المختص بمنفعة الوقف، فالظاهر جوازه، لعدم الغرر

و يحتمل العدم لان معرفة المجموع المركب من ملك البائع، و حق المشترى لا يوجب معرفة المبيع.

و كذا لو باعه ممن انتقل إليه حق الموقوف عليه.

نعم لو انتقل الى الواقف ثم باع، صحّ جزما.

و

______________________________

يبقى ملكا للواقف (من الموقوف عليه المختص) ذلك الموقوف عليه (بمنفعة الوقف، فالظاهر جوازه) و ان اشكلنا فى جواز بيعه للاجنبى (لعدم الغرر) فى المقام، اذ الموقوف يبقى تحت تصرف الموقوف عليه قطعه بالوقف، و قطعه بالملك.

(و يحتمل العدم) اى عدم جواز البيع أيضا، اذ هو غرر (لان معرفة المجموع المركب من ملك البائع) بعد نهاية الوقف (و حق المشترى) حال الوقف (لا يوجب معرفة المبيع) اذ لم يعرف المشترى انه فى وقت يملك المبيع.

(و كذا لو باعه) اى الواقف باع الموقوف (ممن انتقل إليه حق الموقوف عليه) بان كان الوقف بحيث يصحّ ان ينقله الموقوف عليه عن نفسه الى غيره، ثم نقله الموقوف عليه و بعد ذلك باعه الواقف للمنقول إليه.

(نعم لو انتقل) الحق من الموقوف عليه (الى الواقف) نفسه، حتى اصبح الحق للواقف كما ان عين الملك له (ثم باع صحّ جزما) لانه لا غرر هنا

(و) ان قلت: يمكن ان نجوّز البيع حال كونه حقا للموقوف عليه،

ص: 121

اما مجرد رضى الموقوف عليهم، فلا يجوز البيع من الاجنبى، لان المنفعة مال لهم، فلا ينتقل الى المشترى بلا عوض.

اللهم الا ان يكون على وجه الاسقاط لو صححناه منهم.

او يكون المعاملة مركبة من نقل العين من طرف الواقف، و نقل المنفعة من قبل الموقوف عليهم، فيكون العوض موزّعا عليهما.

و لا بدّ ان يكون ذلك

______________________________

اذا هم رضوا بذلك، و ان يسلموا الملك الى المشترى.

قلت: (اما مجرد رضى الموقوف عليهم، فلا يجوز البيع من الاجنبى) الّذي هو ليس بموقوف عليه، فى مقابل ما اذا باعه الواقف من نفس الموقوف عليهم (لان المنفعة مال لهم) اى للموقوف عليهم (فلا ينتقل الى المشترى بلا عوض) اذ: كيف يمكن ان تخرج المنفعة من كيسهم ليدخل عوضها فى كيس الواقف.

(اللهم الا ان يكون) رضى الموقوف عليهم (على وجه الاسقاط لو صححناه منهم) اى من الموقوف عليهم، بان قلنا ان لهم حق اسقاط حقهم فى الوقف.

(او) نقول: بانه (يكون المعاملة) اى بيع الوقف برضى الموقوف عليهم (مركبة من نقل العين من طرف الواقف، و نقل المنفعة) و هى حق السكنى (من قبل الموقوف عليهم، فيكون العوض موزّعا عليهما) بان يقوم الملك مسلوب المنفعة الى خمسين سنة، و يقوم منفعة الملك خمسين سنة

(و) على هذا (لا بدّ ان يكون ذلك) اى نقل العين و المنفعة

ص: 122

على وجه الصلح لان غيره لا يتضمن نقل العين و المنفعة كليهما خصوصا مع جهالة المنفعة.

و مما ذكرنا يظهر وجه التأمل فيما حكى عن التنقيح من انه: لو اتفق الواقف و الموقوف عليه على البيع فى المنقطع جاز، سواء اراد بيع الوقف او بيع الموقوف عليه.

كما يدل عليه كلامه المحكى عنه فى مسألة السكنى حيث اجاز استقلال مالك العين بالبيع، و لو من دون رضى مالك الانتفاع او المنفعة

______________________________

(على وجه الصلح) من المالك و الموقوف عليه بالنسبة الى المشترى، لا على وجه البيع (لان غيره) اى غير الصلح (لا يتضمن نقل العين و المنفعة كليهما) فان البيع مبادلة مال بمال، لا مبادلة المنفعة بالمال (خصوصا مع جهالة المنفعة) فان الطرفين فى البيع يجب ان يكونا معلومين، فكيف يمكن نقل المنفعة المجهولة بالبيع، فلا بد اذا من الصلح

(و مما ذكرنا) من انه لا يصح البيع للجهالة (يظهر وجه التأمل فيما حكى عن التنقيح من انه: لو اتفق الواقف و الموقوف عليه على البيع فى) الوقف (المنقطع) الآخر (جاز) البيع (سواء اراد) صاحب التنقيح (بيع الوقف، او بيع الموقوف عليه) بان يبيع الواقف برضاية الموقوف عليه او يبيع الموقوف عليه برضاية الواقف.

(كما يدل عليه كلامه المحكى عنه فى مسألة السكنى) اى يدل على جواز الانضمام (حيث اجاز استقلال مالك العين بالبيع، و لو من دون رضى مالك الانتفاع او المنفعة) فانه اذا جاز بيع المالك استقلالا بدون

ص: 123

نعم: لو كان للموقوف عليه حق الانتفاع من دون تملك للمنفعة كما فى السكنى على قول- صحّ ما ذكره، لإمكان سقوط الحق بالاسقاط بخلاف المال، فتأمل.

______________________________

رضى الموقوف عليه، جاز بيع المالك منضما الى رضى الموقوف عليه بطريق اولى، و مالك الانتفاع هو من قال له المالك انتفع به كالاباحة، و لا يملك المنفعة حتى يجوز له المعاوضة على المنفعة، بخلاف مالك المنفعة كالمستأجر الّذي يملك منفعة الدار مثلا.

(نعم) استثناء عما تقدم من عدم صحة بيع الواقف حتى مع رضاية الموقوف عليه (لو كان للموقوف عليه حق الانتفاع من دون تملك للمنفعة كما فى السكنى على قول-) و القول الآخران السكنى حالها حال الاجارة، فكما يملك المستأجر المنفعة كذلك يملك الساكن منفعة العين (صحّ ما ذكره) التنقيح من صحة بيع المالك برضاية الموقوف عليه (لإمكان سقوط الحق بالاسقاط) فان الساكن يسقط حقه فى العين، فيكون الملك خالصا اصلا و منفعة للمالك فيصح له بيعه (بخلاف المال) فانه اذا كان مالكا للمنفعة لم يصح اسقاط الساكن حقه، لانه مال له، و المال لا يسقط (فتأمل) لانه كما يمكن اسقاط الحق يمكن اسقاط المال بمعنى المنفعة، كما نرى صحة ذلك فى باب الاجارة، فان للمستأجر ان يسقط حقه حتى يخلص الملك للمالك، و كذلك ما نحن فيه.

و يمكن ان يكون: فتأمل، اشارة الى انه لا يصح للساكن اسقاط حقه مطلقا حتى لو قلنا بانه مالك للانتفاع اذ: السكنى عقد قرره الشارع، و

ص: 124

و تمام الكلام فى هذه المسائل فى باب السكنى و الحبس ان شاء اللّه تعالى.

و على الثانى فلا يجوز البيع للواقف، لعدم الملك: و لا للموقوف عليه لاعتبار الواقف بقائه فى يدهم الى انقراضهم.

و على الثالث: فلا يجوز البيع للموقوف عليه، و ان اجاز الواقف لمنافاته لاعتبار الواقف فى الوقف بقاء العين كما لا يجوز أيضا للواقف

______________________________

لا دليل على انه يمكن للساكن او الواقف اسقاطه، فيكون لازما.

(و تمام الكلام فى هذه المسائل) اى مسئلة انه هل السكنى حق الانتفاع، او ملك المنفعة، و على اىّ، فهل يحق للساكن اسقاطه، أم لا؟ (فى باب السكنى و الحبس) من كتاب الوقف (ان شاء الله تعالى)

(و على الثانى) و هو القول بانتقال المنقطع الى الموقوف عليهم و انهم يملكوه ملكا مستقرا (فلا يجوز البيع للواقف، لعدم الملك) اذ بناء اعلى هذا القول انتقل المال منه الى الموقوف عليه (و لا للموقوف عليه) و ان كان المال ملكا لهم (لاعتبار الواقف بقائه) اى المال (فى يدهم، الى انقراضهم) فهو كالملك المحجور.

(و على الثالث) و هو انتقال المال الى الموقوف عليه، لكن اذا انقرضوا انتقل المال الى الواقف (فلا يجوز البيع للموقوف عليه، و ان اجاز الواقف) بيعهم (لمنافاته) اى منافات البيع (لاعتبار) اى للذى اعتبره (الواقف فى الوقف بقاء العين) و البيع مناف للوقف المعتبر بقائه (كما لا يجوز أيضا للواقف) بيعه، و ان كان المال ينتقل إليه حين انقراض

ص: 125

الغير المالك فعلا و ان اجاز الموقوف عليه الا اذا جوزنا بيع ملك الغير مع عدم اعتبار مجيز له فى الحال بناء اعلى ان الموقوف عليه الّذي هو المالك فعلا ليس له الاجازة، لعدم تسلّطه على النقل فاذا انقرض الموقوف عليه، و ملكه الواقف، لزم البيع.

ثم انه قد اورد على القاضى قدس سره حيث

______________________________

الموقوف عليه، لانه (الغير المالك فعلا) بل مالك فى المستقبل، و لا بيع الا فى ملك (و ان اجاز الموقوف عليه) الّذي هو المالك فعلا اذ الموقوف عليه له حق السكنى فى ملك محجور عليه و المالك المحجور عليه لا يستحق البيع حتى يتمكن من اجازة البيع (الا اذا جوزنا بيع ملك الغير مع عدم اعتبار مجيز له فى الحال).

و حينئذ يصح للمالك الواقف البيع، فانه بيع لملك الغير اى الموقوف عليه، و لا مجيز فعلا اذ المالك ليس له حق الاجازة لانه ليس بماله الآن، و الموقوف عليه ليس له حق الاجازة لانه يملك العين محجورا و لا يحق له البيع حتى تكون الاجازة بيده.

و قوله «مع عدم الخ» انما يصحّ (بناء اعلى ان الموقوف عليه الّذي هو المالك فعلا ليس له الاجازة، لعدم تسلّطه على النقل) و انما له الانتفاع فقط (فاذا انقرض الموقوف عليه، و ملكه الواقف، لزم البيع) لانه وجد المجيز الآن.

(ثم انه قد اورد على القاضى قدس سره) بالتهافت فى كلامه (حيث

ص: 126

جوز للموقوف عليه بيع الوقف المنقطع، مع قوله ببقاء الوقف المنقطع على ملك الواقف.

و يمكن دفع التنافى بكونه قائلا بالوجه الثالث، من الوجوه المتقدمة و هو ملك الموقوف عليهم ثم عوده الى الواقف الا ان الكلام فى ثبوت هذا القول بين من اختلف فى مالك الموقوف فى الوقف المنقطع.

و يتضح ذلك فى مراجعة المسألة فى كتاب الوقف.

______________________________

جوز للموقوف عليه بيع الوقف المنقطع) و هذا يقتضي ان يكون ملكا للموقوف عليه (مع قوله ببقاء الوقف المنقطع على ملك الواقف) و هذا يقتضي عدم جواز بيع الموقوف عليه.

(و يمكن دفع التنافى) بين كلامى القاضى ره (بكونه قائلا بالوجه الثالث، من الوجوه المتقدمة) فى الوقف المنقطع (و هو) ان يكون الموقوف (ملك الموقوف عليهم) الآن (ثم عوده الى) ملك (الواقف) بعد الانقراض، اذا بقى فى ملك الموقوف عليهم (الا ان الكلام فى ثبوت هذا القول) اى كون الوقف للموقوف عليهم ثم يرجع الى ملك الواقف (بين من اختلف فى مالك الموقوف) اذ المسلم ان هناك قولين:

قول بانه ملك الواقف.

و قول بانه ملك الموقوف عليهم من الاول الى الاخير (فى الوقف المنقطع) اما القول الثالث ففى وجود القائل به اشكال.

(و يتضح ذلك) الاشكال فى وجود هذا القول (فى مراجعة المسألة فى كتاب الوقف).

ص: 127

و على الرابع: فالظاهر ان حكمه حكم الوقف المؤبّد، كما صرّح به المحقق الثانى- على ما حكى عنه- لانه حقيقة وقف مؤبّد، كما لو صرح بكونه فى سبيل الله بعد انقراض الموقوف عليه الخاص.

ثم ان ما ذكرنا فى حكم الوقف المنقطع فانما هو بالنسبة الى البطن الّذي لا بطن بعده يتلقى الملك من الواقف.

و اما حكم بيع بعض البطون مع وجود من بعدهم فان قلنا: بعدم تملكهم

______________________________

(و على الرابع) و هو رجوع الوقف بعد انقراض الموقوف عليهم الى سبيل الله (فالظاهر ان حكمه حكم الوقف المؤبّد، كما صرّح به المحقق الثانى- على ما حكى عنه-)

و انما كان حاله حال الوقف المؤبّد (لانه حقيقة وقف مؤبّد) اذ ما دام الموقوف عليه موجودا فهو محجور، و بعده أيضا محجور، لكونه فى سبيل الله، فيكون حاله (كما لو صرح بكونه فى سبيل الله بعد انقراض الموقوف عليه الخاص)

و عليه فما ذكرناه فى المؤبّد يأتى هنا أيضا.

(ثم ان ما ذكرنا فى حكم الوقف المنقطع) من الاقوال و الاحتمالات (فانما هو بالنسبة الى البطن الّذي لا بطن بعده) بحيث يكون البطن اللاحق (يتلقى الملك) الموقوف (من الواقف) فان بناء الفقهاء ان كل بطن يتلقى الملك من الواقف لا من البطن الّذي سبقه.

(و اما حكم بيع بعض البطون مع وجود من بعدهم) فيما علمنا بانقراضهم كبيع الأب مع وجود ابن له عقيم (فان قلنا: بعدم تملكهم)

ص: 128

للمنقطع، فهو كما تقدم.

و اما على تقدير القول بملكهم، فحكم بيع غير الاخير من البطون حكم بيع بعض البطون فى الوقف المؤبّد فيشترك معه فى المنع فى الصور التى منعنا و فى الجواز فى الصورة التى جوزنا لاشتراك دليل المنع و الجواز.

و يتشاركان أيضا فى حكم الثمن بعد البيع.

______________________________

اى البطون (ل) الوقف (المنقطع، فهو كما تقدم) من انه لا يحق له البيع.

(و اما على تقدير القول بملكهم) اى مالكية كل بطن للوقف فى زمان وجود ذلك البطن (فحكم بيع غير الاخير من البطون، حكم بيع بعض البطون فى الوقف المؤبّد) كما تقدم الكلام فيه (فيشترك) المنقطع (معه) اى مع المؤبّد (فى المنع) عن البيع (فى الصور التى منعنا. و فى الجواز فى الصورة التى جوزنا لاشتراك دليل المنع و الجواز) فى المؤبّد و المنقطع- فى هذه الصورة-

(و يتشاركان أيضا) المنقطع و المؤبّد (فى حكم الثمن بعد البيع) فما قلنا بانه تكليف الثمن فى المؤبّد، نقول به فى المنقطع فى هذه الصورة و لا يخفى ان هناك فارقا بين الصورتين، فتنظير احدهما بالآخر محل اشكال، و الله العالم.

ص: 129

مسألة و من أسباب خروج الملك عن كونه طلقا، صيرورة المملوكة أم ولد لسيّدها،
اشارة

فان ذلك يوجب منع المالك عن بيعها، بلا خلاف بين المسلمين على الظاهر المحكى عن مجمع الفائدة، و فى بعض الاخبار دلالة على كونه من المنكرات فى صدر الاسلام، مثل ما روى من قول امير المؤمنين عليه السلام لمن سأله عن بيع امة ارضعت ولده، قال له خذ بيدها و قل من يشترى أمّ ولدى

______________________________

(مسألة: و من اسباب خروج الملك عن كونه طلقا، صيرورة المملوكة أم ولد لسيّدها) بان كانت له مملوكة فاولدها (فان ذلك يوجب منع المالك عن بيعها، بلا خلاف بين المسلمين على الظاهر المحكى عن مجمع الفائدة، و فى بعض الاخبار دلالة على كونه من المنكرات فى صدر الاسلام، مثل ما روى من قول امير المؤمنين عليه السلام لمن سأله عن بيع امة ارضعت ولده) و ليست بامّ ولد له، و انما أمّ ولد رضاعية (قال له) عليه السلام استنكارا (خذ بيدها و قل من يشترى أمّ ولدى) فاذا ثبت الحكم فى أمّ الولد الرضاعية يثبت الحكم فى أمّ الولد النسبية بطريق اولى

لكن الظاهر انه لم يقل احد بحرمة بيع أمّ الولد الرضاعية، فيكون كلام الامام من باب الانكار العرفى، لا الشرعى، فلا يثبت الحكم فى أمّ الولد الرضاعية.

و هناك فى الوسائل فى الباب الثالث و الثمانين من نكاح العبيد

ص: 130

و فى حكم البيع كل تصرف ناقل للملك الغير المستعقب بالعتق، او مستلزم للنقل كالرهن،

كما يظهر من تضاعيف كلماتهم فى جملة من الموارد.

منها: ما جعل أمّ الولد ملكا غير طلق، كالوقف و الرهن.

______________________________

و الاماء دلالة على عدم جواز البيع اذا ولدت الولد و هى امة له، لا ما اذا ولدت و هى زوجة له، و ان اشتراها بعد ذلك.

نعم فى الخبر الآتى: لم باع امير المؤمنين عليه السلام امهات الاولاد، دلالة على حرمة البيع مطلقا.

اللهم الّا ان ينصّ بخبر الوسائل كما سيأتى (و فى حكم البيع كل تصرف ناقل للملك) كالصلح و الهبة و جعلها بدل الاجارة، و ما اشبه ذلك (الغير المستعقب بالعتق) مقابل النقل الّذي يتعقبه العتق، كما لو باعها من ابنها، اذ الانسان لا يملك العمودين- كما قرر فى كتاب العتق- (او مستلزم للنقل) عطف على «ناقل» اى ان مثل هذا التصرف أيضا فى حكم النقل الموجب لبطلانه (كالرهن) فانه اذا لم يعط المديون دينه كان الدائن يحق له ان يبيع الوثيقة ليستوفى من ثمنها طلبه (كما يظهر) عدم جواز كل تصرف ناقل، او مستلزم للنقل (من تضاعيف) و خلال (كلماتهم فى جملة من الموارد)

(منها: ما جعل أمّ الولد ملكا غير طلق، كالوقف و الرهن) اى انهم يقولون، ان أمّ الولد ملك، و لكنهما ليس ملكا طلقا، كما ان الوقف و الرهن ملك، و لكنهما ليسا طلقا.

ص: 131

و قد عرفت: ان المراد من الطلق تمامية الملك و الاستقلال فى التصرف.

فلو جاز الصلح عنها و هبتها، لم يخرج عن كونها طلقا بمجرد عدم جواز ايقاع عقد البيع عليها كما ان المجهول الّذي يصح الصلح عنه وهبته و الابراء عنه و لا يجوز بيعه، لا يخرج عن كونه طلقا.

______________________________

(و قد عرفت ان المراد من الطلق تمامية الملك، و الاستقلال فى التصرف) عطف على تمامية.

(فلو جاز الصلح عنها) اى عن أمّ الولد (و) جاز (هبتها لم يخرج عن كونها طلقا) فقولهم ليست بطلق دليل على عدم جواز الصلح عنها او هبتها، كما هو شأن كل ملك غير طلق، كالوقف و المرهون، و ليس المراد عدم جواز بيعها فقط، اذ: (بمجرد عدم جواز ايقاع عقد البيع عليها) لا تخرج عن الطلقية.

و الحاصل: ان قولهم انها ليست بطلق، يدل على عدم جواز تصرف ناقل عليها، لا انه دليل على عدم جواز البيع فقط، بان يجوز اجراء سائر التصرفات عليها.

اذ كثيرا ما لا يجوز البيع بالنسبة الى شي ء و مع ذلك لا يخرج عن الطلقية

و إليه اشار بقوله: (كما ان المجهول الّذي يصح الصلح عنه، و هبته و الابراء عنه) اى ابراء الذمة عن ذلك المجهول (و لا يجوز بيعه، لا يخرج عن كونه طلقا).

فمرادهم بانها ليست بطلق، انها لا يصح كل تصرف ناقل فيها، بيعا كان او غيره.

ص: 132

و منها: كلماتهم فى رهن أمّ الولد فلاحظها.

و منها: كلماتهم فى استيلاد المشترى فى زمان خيار البائع، فان المصرح به فى كلام الشهيدين فى خيار الغبن، ان البائع لو فسخ يرجع الى القيمة لامتناع انتقال أمّ الولد كذا فى كلام العلامة، و ولده، و جامع المقاصد ذلك أيضا فى زمان مطلق الخيار.

و منها: كلماتهم فى مستثنيات بيع أمّ الولد، ردّ او قبولا

______________________________

(و منها: كلماتهم فى رهن أمّ الولد فلاحظها) فان ظاهرهم فى تلك الكلمات عدم صحة كل تصرف ناقل.

(و منها: كلماتهم فى استيلاد المشترى) للجارية التى يشتريها (فى زمان خيار البائع) كما لو اشترى الانسان جارية، و كان للبائع خيار الى سنة مثلا، ثم ان المشترى استولد الجارية فى هذه المدة، فهل للبائع الاخذ بالخيار بمقتضى جعل الخيار لنفسه، أمّ لا يحق له؟

لان الامة صارت أمّ ولد للمشترى، فلا يمكن نقلها من ملك المشترى الى البائع حتى النقل بالخيار (فان المصرح به فى كلام الشهيدين فى خيار الغبن، ان البائع لو فسخ) و الحال ان المشترى استولد الجارية (يرجع) البائع (الى القيمة) فياخذ قيمة الجارية من المشترى، لا عينها (لامتناع انتقال أمّ الولد) من المشترى الى البائع (كذا فى كلام العلامة و ولده، و جامع المقاصد ذلك أيضا) يرجع البائع الى القيمة، لا العين (فى زمان مطلق الخيار) الاقسام الاخر للخيار لا فقط خيار الغبن.

(و منها: كلماتهم فى مستثنيات بيع أمّ الولد، ردّ او قبولا) اى سواء

ص: 133

فانها كالصريحة فى ان الممنوع مطلق نقلها، لا خصوص البيع.

و بالجملة فلا يبقى للمتأمل شك فى ثبوت حكم البيع لغيره من النواقل.

و مع ذلك كله فقد جزم بعض سادة مشايخنا بجواز غير البيع من النواقل، للاصول و خلو كلام المعظم عن حكم غير البيع، و قد عرفت ظهوره من تضاعيف كلمات المعظم فى الموارد المختلفة و مع ذلك فهو الظاهر من المبسوط

______________________________

من رد ان الشي ء الفلانى يكون مستثنى، أم قبل كون الشي ء الفلانى مستثنى، فان ظاهرهم المنع عن مطلق الانتقال (فانها) اى كلماتهم (كالصريحة فى ان الممنوع مطلق نقلها، لا خصوص البيع)

(و بالجملة فلا يبقى للمتأمل) فى كلماتهم (شك فى ثبوت حكم البيع لغيره من النواقل) لا ان المنع خاص بالبيع فقط.

(و مع ذلك كله) مما عرفت من ادلة كون المنع عاما لكل ناقل (فقد جزم بعض سادة مشايخنا) يعنى سيد المناهل (بجواز غير البيع من النواقل، للاصول) اى اصالة شمول ادلة تلك النواقل لام الولد و اصالة صحة تلك النواقل، و اصالة سلطة المالك (و) ل (خلو كلام المعظم) من الفقهاء (عن حكم غير البيع، و) لكن خلو كلام المعظم محل نظر.

اذ: (قد عرفت ظهوره) اى ظهور المنع عن النواقل (من تضاعيف) و ثنايا (كلمات المعظم فى الموارد المختلفة و مع ذلك) الظهور من التضاعيف (فهو) اى المنع (الظاهر) من كلام الآخرين (من المبسوط

ص: 134

و السرائر، حيث قالا: اذا مات ولدها جاز بيعها، و هبتها، و التصرف فيها بسائر انواع التصرف.

و فى الايضاح قد ادعى الاجماع صريحا على المنع عن كل ناقل، و ارسله بعضهم كصاحب الرياض، و جماعة ارسال المسلمات، بل عبارة بعضهم ظاهرة فى دعوى الاتفاق حيث قال: ان الاستيلاد مانع من صحة التصرفات الناقلة من ملك المولى الى ملك غيره، او المعرّضة لها للدخول فى ملك غيره، كالرهن على خلاف فى ذلك

______________________________

و السرائر، حيث قالا: اذا مات ولدها جاز بيعها، و هبتها، و التصرف فيها بسائر انواع التصرف) فان المفهوم من هذا الكلام: ان قبل موت الولد لا يصح سائر التصرفات فيها لا انه لا يصح خصوص البيع فقط.

(و فى الايضاح قد ادعى الاجماع صريحا على المنع عن كل ناقل، و ارسله) اى المنع عن سائر التصرفات (بعضهم كصاحب الرياض و جماعة ارسال المسلمات) و كانه لا مخالف للمسألة اطلاقا (بل عبارة بعضهم ظاهرة فى دعوى الاتفاق) عن سائر التصرفات الناقلة (حيث قال: ان الاستيلاد مانع من صحة التصرفات الناقلة من ملك المولى) الّذي استولدها (الى ملك غيره، او) التصرفات (المعرّضة لها) اى لامّ الولد (للدخول فى ملك غيره، كالرهن) فانه و ان لم يكن ناقلا، الا انه يعرض الوثيقة كام الولد- للنقل الى ملك الدائن (على خلاف فى ذلك) اى فى التصرف المعرّض.

ص: 135

ثم ان عموم المنع لكل ناقل، و عدم اختصاصه بالبيع، قول جميع المسلمين.

و الوجه فيه ظهور ادلة المنع المعنونة بالبيع فى إرادة مطلق النقل فان مثل قول امير المؤمنين فى الرواية السابقة: خذ بيدها، و قل من يشترى أم ولدى، يدل على ان كون مطلق نقل أمّ الولد الى الغير كان من المنكرات.

و هو مقتضى التأمّل فيما سيجي ء من اخبار بيع أمّ الولد فى ثمن رقبتها و عدم جوازه فى ما سوى ذلك.

______________________________

(ثم ان عموم المنع) عن نقل أمّ الولد (لكل ناقل، و عدم اختصاصه) اى اختصاص النقل (بالبيع، قول جميع المسلمين)

(و الوجه فيه) اى فى ان علماء المسلمين كلهم قالوا بالمنع (ظهور ادلة المنع المعنونة بالبيع) اى التى ذكر فيها البيع فقط (فى إرادة مطلق النقل) «فى» متعلق ب «ظهور» (فان مثل قول امير المؤمنين) عليه السلام (فى الرواية السابقة) فى اوّل المسألة (خذ بيدها، و قل من يشترى أم ولدى، يدل على ان كون مطلق نقل أمّ الولد الى الغير كان من المنكرات) اذ العرف لا يفهم من مثل هذا الكلام الا استنكار نقل الولد لا خصوص البيع- بقرينة الحكم و الموضوع-.

(و هو) اى كون الممنوع مطلق النقل لا خصوص البيع (مقتضى التأمّل فيما سيجي ء من اخبار بيع أمّ الولد فى ثمن رقبتها، و عدم جوازه) اى البيع (فى ما سوى ذلك) اى سائر الضرورات.

ص: 136

هذا، مضافا الى ما اشتهر و ان لم نجد نصّا عليه من ان الوجه فى المنع هو بقائها رجاء لانعتاقها من نصيب ولدها بعد موت سيّدها.

و الحاصل: انه لا اشكال فى عموم المنع لجميع النواقل.

ثم ان المنع مختص بعدم هلاك الولد، فلو هلك جاز، اتفاقا، فتوى و نصّا.

و لو مات الولد، و خلف ولدا، ففى اجراء حكم الولد عليه، لاصالة بقاء المنع و لصدق الاسم

______________________________

(هذا، مضافا الى ما اشتهر) بين الفقهاء (و ان لم نجد نصّا عليه من ان الوجه فى المنع) عن بيع أمّ الولد (هو بقائها) فى ملك المستولد (رجاء لانعتاقها من نصيب ولدها بعد موت سيّدها) المستولد لها، فان هذه العلة عامة شاملة للبيع و غيره.

لكن لا يخفى ان مثل هذا الاشتهار انما يكون وجها لظهور كلماتهم فى المنع عن مطلق النقل، لكنه لا يكون دليلا.

(و الحاصل: انه لا اشكال فى عموم المنع لجميع النواقل) لا خصوص البيع فقط (ثم ان المنع مختص بعدم هلاك الولد) و عليه (فلو هلك جاز) البيع (اتفاقا، فتوى و نصّا) اذ بارتفاع الموضوع، يرتفع الحكم، و أمّ الولد غير صادقه الآن و المشتق ليس حقيقة فى ما انقضى خصوصا بقرينة ما تقدم من اشتهار أن المنع لاجل رجاء الانعتاق من حصّة ولدها

(و لو مات الولد، و خلف ولدا، ففى اجراء حكم الولد عليه لاصالة بقاء المنع) اذ نشكّ فى ان المنع هل ارتفع، أم لا؟ (و لصدق الاسم)

ص: 137

فيندرج فى اطلاق الادلة، و تغليبا للحرمة،.

او العدم لكونه حقيقة فى ولد الصلب، و ظهور ارادته من جملة من الاخبار و اطلاق ما دلّ من النصوص و الاجماع على الجواز بعد موت ولدها.

او التفصيل بين كونه وارثا لعدم ولد الصلب للمولى و عدمه

______________________________

لانها تسمّى أمّ ولد- الآن- كما يصدق «حلائل ابنائكم» لزوجة ولد الولد (فيندرج فى اطلاق الادلة) المانعة عن بيع أمّ الولد (و تغليبا للحرمة) اذ رأينا من موارد الشرع المختلفة ان الشارع يميل الى المنع عن بيع الانسان، و الى إرادة عتق الانسان، و المنع عن بيع أمّ ولد الولد اقرب الى الانعتاق، لانها تعتق من نصيب حفيدها فى بعض الاحيان.

(او العدم) اى عدم اجراء حكم الولد على ولد الولد (لكونه) اى «الولد» (حقيقة فى ولد الصلب) لا ولد الولد.

و ذلك لانصراف ولد الولد عن اطلاق لفظة «الولد» (و ظهور ارادته) اى ولد الصلب (من جملة من الاخبار) كالآتى بعضها (و) ل (اطلاق ما دلّ من النصوص و الاجماع على الجواز) اى جواز البيع (بعد موت ولدها) فان الاطلاق شامل لما اذا كان للولد ولد، و لما اذا لم يكن للولد ولد.

(او التفصيل بين كونه) اى ولد الولد (وارثا لعدم ولد الصلب للمولى) من غير هذه الجارية- اذ ولد الولد يقوم مقام والده فى إرث الجدّ اذا لم يكن والده موجودا- (و عدمه) اى عدم كونه وارثا.

ص: 138

لمساوات الاول مع ولد الصلب فى الجهة المقتضية للمنع وجوه، حكى أوّلها عن الايضاح، و ثالثها عن المهذب البارع، و نهاية المرام، و عن القواعد و الدروس و غيرهما التردّد.

بقى الكلام فى معنى أم الولد،

فان ظاهر اللفظ اعتبار انفصال الحمل، اذ لا يصدق الولد الا بالولادة لكن المراد هنا مجازا ولدها و لو حملا للمشارفة.

______________________________

و انما نفصل بهذا التفصيل (لمساوات الاول) و هو ما اذا كان ولد الولد وارثا (مع ولد الصلب فى الجهة المقتضية للمنع) و هى عتق الامة من إرث ولدها (وجوه، حكى اوّلها) و هو المنع عن البيع (عن الايضاح و ثالثها) و هو التفصيل (عن المهذب البارع، و نهاية المرام، و عن القواعد و الدروس و غيرهما التردّد) فى المسألة.

و الظاهر ان الشيخ أيضا مردد و ان كان لا يبعد الجواز لان المستثنى من ادلة السلطنة صورة وجود الولد ففى ما عداه يرجع الى ادلة السلطنة

(بقى الكلام فى معنى أمّ الولد، فان ظاهر اللفظ) عند الفهم العرفى (اعتبار انفصال الحمل، اذ لا يصدق الولد الا بالولادة) فالمرأة الحامل لا تسمّى أمّ ولد (لكن المراد هنا مجازا ولدها) اى اذا كان لها ولد (و لو حملا للمشارفة) و هو مجاز يئول و يشرف الى الحقيقة، كمن اقترب المدينة يقال دخلها، و المرأة الحامل تسمّى والدة مجازا بالمشارفة- لكن لا يخفى ان المجاز خلاف القاعدة الا اذا كان له ظهور-.

ص: 139

و يحتمل ان يراد الولادة من الوالد دون الوالدة.

و كيف كان فلا اشكال، بل لا خلاف فى تحقق الموضوع بمجرد الحمل و يدل عليه الصحيح عن محمّد بن مارد، عن ابى عبد الله عليه السلام فى الرجل يزوّج الجارية تلد منه اولادا ثم يشتريها فتمكث عنده ما شاء الله لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها، ثم يبدو له فى بيعها، قال: هى امته إنشاء باع ما لم يحدث عنده حمل، و ان شاء اعتق.

______________________________

(و يحتمل) ان تكون هى أمّ ولد بالحقيقة لا مجازا بالمشارفة، ب (ان يراد الولادة من الوالد دون الوالدة) فان الوالد انما يسمّى والد الانفصال المنى منه، و اذا تحقق الوالد تحققت الوالدة للتضايف بين الوالد و الوالدة، و الولد.

لكن لا يخفى ان هذا و ان كان صحيحا بالدقة، لكنه لا يصح عند الظهور العرفى، مضافا الى ان تحقق الوالدة يكون بتحقق الوالد غير تام

(و كيف كان) سواء قلنا بصدق «أمّ الولد» عرفا، أم لا (فلا اشكال، بل لا خلاف فى تحقق الموضوع) الموجب لحرمة البيع (بمجرد الحمل) و لو نطفة.

(و يدل عليه الصحيح عن محمّد بن مارد، عن ابى عبد الله عليه السلام فى الرجل يزوّج الجارية تلد منه اولادا ثم يشتريها فتمكث عنده) بعد الاشتراء (ما شاء الله) من الزمان (لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها، ثم يبدو له) اى يظهر للرجل- اى يريد- (فى بيعها، قال: هى امته إنشاء باع ما لم يحدث عنده حمل، و ان شاء اعتق) فانه دليل على ان

ص: 140

و فى رواية السكونى عن جعفر بن محمّد قال: قال على بن الحسين صلوات الله عليهم اجمعين فى مكاتبة يطأها مولاها فتحبل فقال عليه السلام: يردّ عليها مهر مثلها و تسعى فى رقبتها، فان عجزت فهى من امهات الاولاد.

لكن فى دلالتها على ثبوت الحكم بمجرّد الحمل، نظر، لان زمان الحكم بعد تحقق السعى و العجز عقيب الحمل، و الغالب ولوج الروح حينئذ.

______________________________

الحمل مانع.

(و فى رواية السكونى عن جعفر بن محمّد قال: قال على بن الحسين صلوات الله عليهم اجمعين فى) امة (مكاتبة يطأها مولاها فتحبل) ما حكمها؟ (فقال عليه السلام: يردّ عليها مهر مثلها) لان الوطي كان حيث لا يجوز له ان يطأ، اذ المكاتبة تملك امر نفسها، و ليست كسائر الاماء الخالصة للمولى (و تسعى) هى (فى) فكّ (رقبتها) بمقتضى عقد المكاتبة (فان عجزت) عن دفع مال الكتابة (فهى) لاتباع، لانها (من امهات الاولاد) فان الظاهر: كون الحمل صار سببا لان تكون أم ولد.

(لكن فى دلالتها) اى رواية السكونى (على ثبوت الحكم بمجرّد الحمل، نظر، لان زمان الحكم) اى حكم الامام عليه السلام بانها من أمّهات الاولاد (بعد تحقق السعى و العجز) لانه عليه السلام قال «تسعى .. فان عجزت» (عقيب الحمل، و الغالب ولوج الروح حينئذ)

ص: 141

ثم الحمل يصدق بالمضعة اتفاقا، على ما صرح فى الرياض، و استظهره بعض آخر، و حكاه عن جماعة هنا و فى باب انقضاء عدة الحامل

و فى صحيحة ابن الحجاج، قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحبلى يطلّقها زوجها، ثم تضع سقطا تمّ او لم يتمّ، او وضعته مضغة أ تنقضي عدتها عنها؟ فقال عليه السلام: كل شي ء وضعته يستبين انه حمل تمّ او لم يتمّ فقد انقضت عدتها، و ان كانت

______________________________

فالرواية تدل على ان كونها أمّ ولد انما تتحقق بعد ولوج الروح لا بمجرد الحمل فتأمّل.

(ثم الحمل يصدق بالمضغة اتفاقا، على ما صرح) به (فى الرياض، و استظهره بعض آخر) المضغة حين تكون النطفة كاللحم الممضوغ، و هى بعد النطفة، و العلقة التى هى كقطعة دم منجمدة (و حكاه عن جماعة هنا) فى مسألة بيع أمّ الولد (و فى باب انقضاء عدة الحامل) بانها اذا طرحت المضغة انقضت عدتها فى باب الطلاق.

(و فى صحيحة ابن الحجاج، قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحبلى يطلّقها زوجها، ثم تضع سقطا تمّ) السقط (او لم يتمّ او وضعته مضغة، أ تنقضي عدتها عنها؟) اى عن المضغة، بمعنى ان تكون المضغة سببا لانقضاء العدة (فقال عليه السلام: كل شي ء وضعته) الحامل بحيث (يستبين) و يظهر (انه حمل) لا ما اذا لم يكن الشي ء الموضوع فيه ظهور الحملية، بان لم يعلم كونه مبدأ نشو ادمى، أم لا (تمّ) ذلك الشي ء الموضوع (او لم يتمّ، فقد انقضت عدتها و ان كانت) ذلك الشي ء اسقطته

ص: 142

مضغة الخ.

ثم الظاهر صدق الحمل على العلقة.

و قوله عليه السلام و ان كانت مضغة، تقرير لكلام السائل لا بيان لاقل مراتب الحمل- كما عن الاسكافى-.

و ح فيتجه الحكم بتحقق الموضوع بالعلقة، كما عن بعض، بل عن

______________________________

المرأة (مضغة الخ).

(ثم الظاهر) عند العرف (صدق الحمل على العلقة) لان العرف يسمّون المرأة حينئذ حاملا.

(و) ان قلت: ظاهر كلام الامام «و ان كانت مضغة» ان ما دون المضغة لا يسبب سقوطها انقضاء عدتها، فيدل على انه لا يصدق عليها حامل، اذا كان ما فى بطنها علقة.

قلت: (قوله عليه السلام و ان كانت مضغة تقرير لكلام السائل) الّذي سئل عن المضغة (لا بيان لاقل مراتب الحمل- كما عن الاسكافى-) حيث انه جعل اقل مراتب الحمل المضغة.

فكلام الامام مثل ان يسأل سائل هل تتحقق دية الانسان بقتل صبىّ له عمره عشر سنوات، فيجاب بانه يتحقق و ان كان للصبىّ عشر سنوات، فانه لا يدل على عدم الدية، فيما اذا كان العمر اقل من عشر سنوات.

(و ح فيتجه الحكم بتحقق الموضوع) أم عدم جواز بيع أمّ الولد (بالعلقة، كما عن بعض) الفتوى به (بل عن

ص: 143

الايضاح، و المهذب البارع الاجماع عليه، و فى المبسوط فيما اذا القت جسدا ليس فيه تخطيط، لا ظاهر و لا خفى لكن قالت القوابل انه مبدأ خلق آدمى، و انه لو بقى لخلق و تصور قال قوم انها لا تصير أمّ ولد بذلك، و قال بعضهم تصير أمّ ولد، و هو مذهبنا، انتهى.

و لا يخلو عن قوة، لصدق الحمل.

و اما النطفة فهى بمجردها لا عبرة بها ما لم تستقر فى الرحم، لعدم صدق كونها حاملا.

و على هذا الفرد ينزل اجماع الفاضل المقداد على عدم العبرة بها فى العدة

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 9، ص: 144

______________________________

الايضاح، و المهذب البارع الاجماع عليه، و) قال الشيخ (فى المبسوط فيما اذا القت جسدا ليس فيه تخطيط) للاعضاء (لا ظاهر) للعين (و لا خفى) تعرف بدقة نظر و امعان (لكن قالت القوابل انه) اى الجسد الملقى (مبدأ خلق آدمى، و انه لو بقى) فى رحم أمه (لخلق) بالمجهول (و تصور) بالصورة (قال قوم انها لا تصير أمّ ولد بذلك، و قال بعضهم) انها (تصير أمّ ولد، و هو مذهبنا، انتهى) كلام المبسوط.

(و) هذا (لا يخلو عن قوة، لصدق الحمل) الّذي عرفت انه المناط

(و اما النطفة) قبل العلقة اى المنى الذاهب الى الرحم (فهى بمجردها لا عبرة بها) فى صدق الحمل، و صدق أمّ الولد (ما لم تستقر فى الرحم لعدم صدق كونها حاملا) بل هى من قبيل الشي ء العابر.

(و على هذا الفرد) اى النطفة قبل استقرارها (ينزل اجماع الفاضل المقداد على عدم العبرة بها فى العدة) فلو وطئها شبهة مثلا ثم

ص: 144

و اما مع استقرارها فى الرحم، فالمحكى عن نهاية الشيخ تحقق الاستيلاد بها، و هو الّذي قواه فى المبسوط فى باب العدة، بعد أن نقل عن المخالفين عدم انقضاء العدة، به مستدلا بعموم الآية و الاخبار

و مرجعه الى صدق الحمل.

و دعوى: ان اطلاق الحامل مجاز بالمشارفة

______________________________

قبل استقرار المنى فى الرحم سقط، لم تنقض بذلك عدة وطى الشبهة مثلا-

(و اما مع استقرارها فى الرحم، فالمحكى عن نهاية الشيخ تحقق الاستيلاد بها) اى بالنطفة، فهى تكون أمّ ولد (و هو الّذي قواه فى المبسوط فى باب العدة، بعد ان نقل عن المخالفين عدم انقضاء العدة به) اى باسقاط النطفة المستقرة (مستدلا) لما ذكره من انقضاء العدة بالاسقاط للنطفة (بعموم الآية) و هى قوله تعالى «و اولات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن» حيث يصدق انها وضعت حملها اذ الوضع اعم من الوضع التام او الناقص (و الاخبار) الدالة على ان انقضاء عدة الحامل بوضع الحمل.

(و مرجعه) اى مرجع استدلال الشيخ بعموم الآية و الاخبار (الى صدق الحمل) اذ لو لا صدق الحمل لم تكن الآية و الاخبار شاملة له.

(و دعوى: ان اطلاق الحامل) على المرأة التى تحمل النطفة المستقرة (مجاز بالمشارفة) لانها تؤل و تشرف على الحمل حين تكون النطفة مضغة، او ما اشبه، و ليس الصدق حقيقة، فلا تشملها الآية و

ص: 145

يكذّبها التأمل فى الاستعمالات.

و ربما يحكى عن التحرير موافقة الشيخ مع انه لم يرد فيه على حكاية الحكم عن الشيخ.

نعم فى بعض نسخ التحرير لفظ يوهم ذلك.

نعم قوى التحرير موافقته فيما تقدم عن الشيخ فى مسألة الجسد الّذي ليس فيه التخطيط، و نسب القول المذكور الى الجامع أيضا.

______________________________

الاخبار، لان المطلق يشمل الافراد الحقيقية، لا المجازية (يكذّبها التأمل فى الاستعمالات) فان العرف يرى ان المرأة بمجرد استقرار النطفة فى رحمها حامل.

(و ربما يحكى عن التحرير موافقة الشيخ) فى صدق أمّ الولد بمجرد استقرار النطفة (مع انه لم يزد فيه) فى التحرير (على حكاية الحكم عن الشيخ)

(نعم فى بعض نسخ التحرير لفظ يوهم ذلك) اى موافقة الشيخ بل الظاهر ان نقل الفقيه كلام الفقيه الاخر ساكتا عليه، يدل على انه موافق له، و الّا لما ذا سكت عليه.

(نعم قوى التحرير موافقته) اى الشيخ (فيما تقدم عن الشيخ فى مسألة الجسد الّذي ليس فيه التخطيط، و نسب القول المذكور الى الجامع أيضا) فمذهب التحرير و الجامع ان الجسد أيضا اذا كان مبدأ نشو آدمى يكون موجبا لصدق أمّ الولد.

ص: 146

و اعلم ان ثمرة تحقق الموضوع فيما اذا القت المملوكة ما فى بطنها انما تظهر فى بيعها الواقع قبل الالقاء فيحكم ببطلانه اذا كان الملقى حملا.

و اما بيعها بعد الالقاء، فيصح بلا اشكال،

و حينئذ فلو وطئها المولى، ثم جاءت بولد تام، او غير تام فيحكم ببطلان البيع الواقع بين اوّل زمان العلوق، و زمان الالقاء، و عن المسالك الاجماع على ذلك فذكر صور القاء المضغة و العلقة، و النطفة فى باب العدة انما هو لبيان انقضاء العدة بالالقاء، و

______________________________

(و اعلم ان ثمرة تحقق الموضوع) اى صدق أمّ الولد (فيما اذا القت المملوكة ما فى بطنها انما تظهر فى بيعها الواقع قبل الالقاء) اذ: لا ثمرة بعد الالقاء، لجواز البيع على كل حال، سواء صدقت أمّ الولد، أم لا (فيحكم ببطلانه) اى البيع (اذا كان الملقى حملا) بان يصدق عليه انه حمل

(و اما بيعها بعد الالقاء، فيصح بلا اشكال) فانه بطريق اولى يكون مجوزا لبيعها اذا مات ولدها.

(و حينئذ) اى حين كان العلوق موجبا لصدق أمّ الولد (فلو وطئها المولى، ثم جاءت بولد تام، او غير تام فيحكم ببطلان البيع الواقع بين اوّل زمان العلوق) اى انعقاد النطفة (و زمان الالقاء، و عن المسالك الاجماع على ذلك)

و على هذا (فذكر صور القاء المضغة، و العلقة، و النطفة فى باب العدة) اى عدة الطلاق، اما عدة الوفاة فانها ابعد الاجلين كما لا يخفى (انما هو لبيان انقضاء العدة بالالقاء، و) ذكرها

ص: 147

فى باب الاستيلاد لبيان كشفها عن ان المملوكة بعد الوطء صارت أمّ ولد لا ان البيع الواقع قبل تحقق العلقة صحيح الّا ان تصير النطفة علقة.

و لذا عبر الاصحاب عن سبب الاستيلاد بالعلوق الّذي هو اللّقاح

نعم: لو فرض عدم علوقها بعد الوطي الى زمان صحّ البيع قبل العلوق.

ثم المصرح به فى كلام بعض حاكيا له عن غيره، انه لا يعتبر فى العلوق ان يكون بالوطى فيتحقق

______________________________

(فى باب الاستيلاد لبيان كشفها) اى هذه الامور الثلاثة (عن ان المملوكة بعد الوطي صارت أمّ ولد، لا) لبيان (ان البيع الواقع قبل تحقق العلقة صحيح الّا ان تصير النطفة علقة) فحينئذ لا يصح البيع.

(و لذا) الّذي مراد هم تحديد زمان صيرورتها أمّ ولد لا بيان صحة البيع قبل العلقة (عبر الاصحاب عن سبب الاستيلاد) الموجب لعدم بيع الامة (بالعلوق الّذي هو اللقاح) و استقرار النطفة، لا صيرورتها مضغة او علقة، او ما اشبه.

(نعم: لو فرض عدم علوقها بعد الوطي الى زمان) بان دخلت النطفة، و لكنها لم تستقر، لاضطراب، او ما اشبه (صحّ البيع قبل العلوق) اذ لم تستقر النطفة بعد، و كذلك لو فرض ان النطفة افرغت فى كيس اصطناعى، و بعد البيع افرغت فى الرحم- مثلا-.

(ثم المصرح به فى كلام بعض حاكيا له عن غيره، انه لا يعتبر فى العلوق ان يكون بالوطى، فيتحقق) بجذب الرحم من المحلّ الّذي

ص: 148

بالمساحقة لان المناط هو الحمل، و كون ما يولد منها ولدا للمولى شرعا فلا عبرة بعد ذلك بانصراف الاطلاقات الى الغالب، من كون الحمل بالوطى.

نعم: يشترط فى العلوق بالوطى ان يكون الوطي على وجه يلحق الولد بالواطى، و ان كان محرما، كما اذا كانت فى حيض، او ممنوعة الوطي شرعا لعارض آخر.

______________________________

افرغ فيه منى الرجل، كما يتحقق (بالمساحقة) أيضا بان يساحق الرجل امته بدون ادخال، فيعلق المنى برحمها كما يتحقق أيضا بمساحقة المرأة التى وطئها الزوج بالامة بحيث يدخل منى الرجل منها الى الامة (لان المناط هو الحمل، و كون ما يولد منها ولدا للمولى شرعا) و هذا المناط متحقق فى المساحقة (فلا عبرة بعد ذلك) اى بعد تحقق المناط (بانصراف الاطلاقات الى الغالب، من كون الحمل بالوطى) اذ هذا الانصراف بدوى، لا يوجب تغيير وجهة اللفظ.

(نعم: يشترط فى العلوق بالوطى ان يكون الوطي على وجه يلحق الولد بالواطى، و ان كان) الوطي (محرما، كما اذا كانت) الامة (فى حيض او ممنوعة الوطي شرعا لعارض آخر) كما لو كانا فى حال الاحرام او صيام شهر رمضان، او كان ناذرا عدم الوطي، او ما اشبه ذلك.

اما اذا لم يكن الوطي على وجه يلحق به الولد، فلا اشكال فى عدم كونه مانعا عن البيع، كما اذا زنى بامة الغير فحبلت، ثم صارت ملكا له اذ الزنا لا ينقلب حلالا بالملكية المستقبلة كما ان حرمة الوطي لحيض، او ما

ص: 149

اما الامة المزوّجة فوطيها زنا لا يوجب لحوق الولد.

ثم ان المشهور اعتبار الحمل فى زمان الملك، فلو ملكها بعد الحمل، لم تصر أمّ ولد، خلافا للمحكى عن الشيخ و ابن حمزة فاكتفيا بكونها أمّ ولد قبل الملك.

و لعله لاطلاق العنوان.

و وجود العلة و هى كونها فى معرض الانعتاق

______________________________

اشبه، لا يوجب نفى الولد.

نعم: لو قلنا بجريان اللعان فى الامة لنفى الولد كان اللازم ان لا يكون الولد للاعن، فلا بأس ببيعها.

(اما الامة المزوّجة) و المشتركة، و المعتدة، و ما اشبه (فوطيها زنا) ف (لا يوجب لحوق الولد)

نعم الوطي بالشبهة يوجب لحوق الولد، لكن انما يحرم ذلك اذا لم نشترط كون الولد يعلق فى ملك الواطئ كما تقدم فى بعض الروايات، او كانت مزوجة فوطئها المولى شبهة- مثلا-.

(ثم ان المشهور اعتبار الحمل) المحرّم للبيع (فى زمان الملك، فلو ملكها بعد الحمل، لم تصر أمّ ولد، خلافا للمحكى عن الشيخ و ابن حمزة فاكتفيا بكونها أمّ ولد قبل الملك) أيضا.

(و لعله لاطلاق العنوان) فان عنوان أمّ الولد، يطلق على ما لو كان الولد سابقا على الملك، او لاحقا بالملك.

(و وجود العلة) المانعة عن البيع (و هى كونها فى معرض الانعتاق

ص: 150

من نصيب ولدها.

و يردّ الاول، منع اطلاق يقتضي ذلك، فان المتبادر من أمّ الولد، صنف من اصناف الجوارى باعتبار الحالات العارضة لها بوصف المملوكية، كالمدبّر و المكاتب.

و العلة المذكورة غير مطردة، و لا منعكسة.

______________________________

من نصيب ولدها) اذ: لا فرق فى ذلك بين سبق الولد على الملك، او لحوقه.

(و يردّ الاول) اى صدق العنوان (منع اطلاق) لعنوان «أمّ الولد» (يقتضي ذلك) اى شمول العنوان لولد كان سابقا على الملك (فان المتبادر من أمّ الولد، صنف من اصناف الجوارى باعتبار الحالات العارضة لها) اى للجوارى (بوصف المملوكية) اى المملوكة تكون أمّ ولد و غير أمّ ولد فاذا صارت صاحبة ولد، و هى ليست مملوكة للاب، لم تسمّ أمّ ولد اصطلاحا (كالمدبّر و المكاتب) فانهما عنوانان للمملوك لا يصدقان على كل مورد تحقق المعنى اللغوى لهذين اللفظين، كما اذا قال انسان لعبد غيره اوصى بان يحررك بعد وفاتى، و اعطى القائل المال لصاحب العبد لان يحرر عبده بعد ان توفى معطى المال.

(و العلة المذكورة) اى كون السبب لعدم البيع الانعتاق من حصة ولدها (غير مطردة، و لا منعكسة)

اما عدم الاطراد اى عدم جمع الافراد، فان هناك بعض امهات الاولاد تباع، كما اذا كانت الامة المستولدة مات قريب لها، و لا وارث للميّت

ص: 151

مضافا الى صريح رواية محمد بن مارد المتقدمة.

ثم ان المنع عن بيع أمّ الولد، قاعدة كلية مستفادة من الاخبار كروايتى السكونى، و محمد بن مارد المتقدمتين، و صحيحة عمر بن يزيد الآتية و غيرها.

و من الاجماع على انها لا تباع، الا لامر

______________________________

فانها تشرى من ذلك المال، و تعتق و تعطى ما بقى من الارث فالعلة موجودة هنا و مع ذلك تباع.

و اما عدم الانعكاس اى عدم منع الاغيار فان هناك بعض امهات الاولاد لاتباع مع عدم وجود العلة- اى انها لا تعتق من نصيب ولدها- كما اذا كان ولدها مرتدا اذا المرتدّ لا يرث.

(مضافا الى صريح رواية محمد بن مارد المتقدمة) الدالّة على عدم تحقق أمّ الولد بالعلوق قبل الملك.

(ثم) هل مقتضى القاعدة الكلية عدم بيع أمّ الولد الا اذا دل الدليل على جواز البيع، أم العكس اى جواز بيع أمّ الولد الا اذا دلّ الدليل على عدم جواز البيع.

الظاهر الاول، ف (ان المنع عن بيع أمّ الولد، قاعدة كلية مستفادة من الاخبار، كروايتى السكونى و محمد بن مارد المتقدمتين، و صحيحة عمر بن يزيد الآتية و غيرها) كقول امير المؤمنين عليه السلام، خذ بيدها و قل من يشترى أم ولدى- كما تقدم-

(و من الاجماع) عطف على «من الاخبار» (على انها لاتباع، الا لامر

ص: 152

يغلب ملاحظته على ملاحظة الحق الحاصل منها باستيلاد اعنى تشبثها بالحرية.

و لذا كل من جوز البيع فى مقام لم يجوز الا بعد اقامة الدليل الخاص فلا بد من التمسك بهذه القاعدة المنصوصة المجمع عليها، حتى تثبت بالدليل ثبوت ما هو اولى بالملاحظة فى نظر الشارع من الحق المذكور.

فلا يصغى اذا الى منع الدليل على المنع كلية، و التمسك باصالة صحة البيع من حيث قاعدة: تسلط الناس على اموالهم، حتى يثبت

______________________________

يغلب ملاحظته على ملاحظة الحق الحاصل منها باستيلاد) اى اذا كان هناك حق يغلب على حقها الحاصل بالاستيلاد بيعت، و الا لم تبع (اعنى تشبثها بالحرية) فان التشبث بالحرية حق لها قد حصل بالاستيلاد.

(و لذا) الّذي ذكرنا ان مقتضى القاعدة عدم الجواز، الا اذا قام الدليل على الجواز، ف (كل من جوز البيع فى مقام لم يجوز الا بعد اقامة الدليل الخاص) و لو كان الاصل الجواز، الا ما خرج، احتاج المنع الى الدليل (فلا بد من التمسك بهذه القاعدة المنصوصة) قاعدة اصالة المنع عن البيع، الا ما خرج (المجمع عليها، حتى تثبت بالدليل ثبوت ما هو اولى بالملاحظة فى نظر الشارع من الحق المذكور) اى حقها الحاصل بالاستيلاد.

(فلا يصغى اذا) و الحال هذه (الى منع الدليل على المنع) اى الى كلام من يقول انه لا دليل على المنع عن بيع أمّ الولد (كلية) اى المنع الكلى (و التمسك باصالة صحة البيع من حيث قاعدة: تسلط الناس على اموالهم) فالجواز هو الاصل (حتى يثبت

ص: 153

المخرج.

ثم ان المعروف بين العلماء ثبوت الاستثناء عن الكلية المذكورة فى الجملة.

لكن المحكى فى السرائر عن السيد قدس سره، عموم المنع، و عدم الاستثناء، و هو غير ثابت، و على تقدير الثبوت، فهو ضعيف.

يرده، مضافا الى ما ستعرف من الاخبار قوله فى صحيحة زرارة، و قد سأله عن أم ولد، قال: تباع و تورث، وحدها حد الامة بناء اعلى حملها على

______________________________

المخرج) الدال على عدم جواز البيع.

(ثم ان المعروف بين العلماء ثبوت الاستثناء عن الكلية المذكورة) اى كلية عدم جواز البيع (فى الجملة) فى بعض الموارد الآتية.

(لكن المحكى فى السرائر عن السيد) المرتضى (قدس سره، عموم المنع، و عدم الاستثناء) اصلا (و هو) اى كون السيد قائلا بهذا القول (غير ثابت، و على تقدير الثبوت، فهو ضعيف) لوجود النص و الفتوى على الجواز فى بعض الصور.

(يرده، مضافا الى ما ستعرف من الاخبار قوله) فاعل «يرده» (فى صحيحة زرارة، و قد سأله عن أم ولد قال: تباع و تورث) اى يرثها اولياء المولى فى مقابل انها تعتق بعد المولى (وحدها حد الامة) فان الامة و العبد فى باب الحدود و التعزيرات لها اقل من حد الحر، بمعنى انها ليست حرة حتى يكون حدها حد الاحرار (بناء على حملها على

ص: 154

انها قد تعرض لها ما يجوز ذلك.

و اما المواضع القابلة للاستثناء
اشارة

و قد وقع التكلم فى استثنائها لاجل وجود ما يصلح ان يكون اولى بالملاحظة من الحق فهى صور يجمعها تعلق حق للغير بها او تعلق حقها بتعجيل العتق او تعلق حق سابق على الاستيلاد او عدم تحقق الحكمة المانعة عن النقل.

______________________________

انها قد تعرض لها ما يجوز ذلك) اى البيع بان بطل مقتضى كونها أم ولد.

(و اما المواضع القابلة للاستثناء) فهى أربعة.

الاول: البائع او غير البائع كما اذا كان المولى مديونا.

الثانى: لحق نفسها.

الثالث: لحق سابق على الاستيلاد- و بين هذا و بين الاول عموم مطلق-.

الرابع: عدم تحقق الحكمة المانعة عن بيعها- كما سيأتى تفصيلها- (و قد وقع التكلم فى استثنائها) فقد ناقش بعض الفقهاء فى هذه المواضع (لاجل وجود ما يصلح ان يكون اولى بالملاحظة من الحق) اى حق الاستيلاد و «لاجل» علة ل «القابلة للاستثناء» (فهى صور يجمعها).

«1» (تعلق حق للغير بها) سواء كان الحق للبائع او لغيره.

«2» (او تعلق حقها) بنفسها (بتعجيل العتق).

«3» (او تعلق حق سابق على الاستيلاد).

«4» (او عدم تحقق الحكمة المانعة عن النقل) و هى كون بقائها موجبا لعتقها من حصة ولدها من إرث المولى، كما اذا كان ولدها قاتلا

ص: 155

[موارد القسم الأول أي تعلق حق للغير بها]
فمن موارد القسم الأول ما اذا كان على مولاها دين، و لم يكن له ما يؤدى هذا الدين.

و الكلام فى هذا المورد قد يقع فيما اذا كان الدين ثمن رقبتها.

و يقع فيما اذا كان غير ثمنها، و على الاول: يقع الكلام تارة بعد موت المولى، و اخرى فى حال حياته.

اما بعد الموت فالمشهور الجواز، بل عن الروضة انه موضع وفاق، و عن جماعة انه لا خلاف فيه، و لا ينافى ذلك

______________________________

او كافرا، او ما اشبهه مما يمنع عن إرثه.

(فمن موارد القسم الاول) و هو تعلق حق للغير بها (ما اذا كان على مولاها دين، و لم يكن له) اى للمولى (ما يؤدى هذا الدين).

(و الكلام فى هذا المورد قد يقع فيما اذا كان الدين ثمن رقبتها) بان اشتريها المولى نسيئة، و لم يدفع الثمن، و مات، فانها تباع ليؤدى بثمنها دين البائع.

(و) قد (يقع) الكلام (فيما اذا كان) دين المولى (غير ثمنها، و على الاول) و هو ما اذا كان الدين ثمن رقبتها (يقع الكلام تارة بعد موت المولى، و اخرى فى حال حياته).

فاللازم ان نتكلم فى باب دين المولى من ثلاث جهات.

(اما بعد الموت) بان كان المولى مديونا لثمن رقبتها، و مات و لم يكن عنده شي ء يؤدّى به ذلك الدين (فالمشهور الجواز) لبيعها (بل عن الروضة انه موضع وفاق، و عن جماعة انه لا خلاف فيه، و لا ينافى ذلك) اى

ص: 156

مخالفة السيد فى اصل المسألة، لانهم يريدون نفى الخلاف بين القائلين بالاستثناء فى بيع أمّ الولد، او القائلين باستثناء بيعها فى ثمن رقبتها فى مقابل صورة حياة المولى المختلف فيها.

و كيف كان فلا اشكال فى الجواز فى هذه الصورة لا لما قيل من قاعدة: تسلط الناس على اموالهم لما عرفت من انقلاب القاعدة الى المنع فى خصوص هذا المال، بل لما رواه المشايخ الثلاثة فى الصحيح

______________________________

دعوى عدم الخلاف (مخالفة السيد) المرتضى (فى اصل المسألة) اى اصل مسألة جواز بيع أمّ الولد، لانه لا يجوز البيع مطلقا (لانهم) اى المدعون للاتفاق (يريدون نفى الخلاف بين القائلين بالاستثناء فى بيع أمّ الولد) مطلقا، سواء فى ثمن رقبتها، او غير ثمن رقبتها (او القائلين باستثناء بيعها فى ثمن رقبتها) فقط (فى مقابل صورة حياة المولى المختلف فيها) فان بعض المجوزين للبيع فى حالة موت المولى، لم يجوز البيع فى حالة حياة المولى.

(و كيف كان) سواء اعتبرنا خلاف السيد ضارا بدعوى اللاخلاف، أم غير ضاربه (فلا اشكال فى الجواز) لبيع أمّ الولد (فى هذه الصورة) اى صورة دين المولى لثمن رقبتها بعد موت المولى (لا لما قيل من قاعدة: تسلط الناس على اموالهم).

و انما قلنا «لا لما ..» (لما عرفت من انقلاب القاعدة) فى باب أمّ الولد (الى المنع فى خصوص هذا المال) اى أمّ الولد (بل لما رواه المشايخ الثلاثة) الكلينى، و الصدوق، و الشيخ (فى الصحيح

ص: 157

عن عمر بن يزيد، قال: قلت لابى ابراهيم عليه السلام، أسألك عن مسألة، فقال عليه السلام: سل، قلت: لم باع امير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه امهات الاولاد؟ قال عليه السلام: فى فكاك رقابهن، قلت فكيف ذلك قال: ايما رجل اشترى جارية، فاولدها، و لم يؤدّ ثمنها، و لم يدع من المال ما يؤدى عنه اخذ منها ولدها و بيعت و أدّى ثمنها، قلت: فتباع فيما سوى ذلك من دين قال عليه السلام: لا و فى رواية اخرى لعمر بن يزيد، عن ابى الحسن عليه السلام قال سألته عن أمّ الولد تباع فى الدين قال: نعم، فى ثمن رقبتها، و مقتضى اطلاقها بل اطلاق الصحيحة- كما قيل-

______________________________

عن عمر بن يزيد، قال: قلت لابى ابراهيم عليه السلام، أسألك عن مسألة، فقال عليه السلام: سل، قلت: لم باع امير المؤمنين صلوات اللّه و سلامه عليه امهات الاولاد؟ قال عليه السلام: فى فكاك رقابهن، قلت فكيف ذلك) اى كيف يكون الامر حتى يكون البيع جائزا (قال: ايما رجل اشترى جارية، فاولدها، و لم يؤدّ ثمنها، و لم يدع من المال ما يؤدّى عنه) ثمن الجارية (اخذ منها ولدها، و بيعت، و ادّى ثمنها، قلت ف) هل (تباع فيما سوى ذلك من دين قال عليه السلام: لا و فى رواية اخرى لعمر بن يزيد، عن ابى الحسن عليه السلام، قال سألته عن) بيع (أمّ الولد) هل (تباع فى الدين؟ قال: نعم، فى ثمن رقبتها و) لا يخفى ان (مقتضى اطلاقها) لانها لم تقيد البيع بما بعد موت المولى (بل اطلاق الصحيحة- كما قيل-) ان لها اطلاقا يشمل حالتى الحياة

ص: 158

ثبوت الجواز مع حياة المولى، كما هو مذهب الاكثر، بل لم يعرف الخلاف فيه صريحا، نعم: تردد فيه الفاضلان و عن نهاية المرام، و الكفاية ان المنع نادر، لكنه لا يخلو عن قوة.

و ربما يتوهم القوة من حيث توهم تقييدها بالصحيحة السابقة بناء على اختصاص الجواز فيها بصورة موت المولى، كما يشهد به قوله عليه السلام فيها و لم يدع من المال الخ، فيدل على نفى الجواز عما سوى هذا الفرد.

______________________________

و الموت و ان كان الظاهر انه لا اطلاق لها، لظاهر قوله «و لم يدع من المال».

اما القائل بالإطلاق، فكانه فهم ان القيد غالبى لا انه قيد احترازى (ثبوت الجواز) لبيع الامة (مع حياة المولى، كما هو مذهب الاكثر، بل لم يعرف الخلاف فيه صريحا، نعم: تردد فيه الفاضلان) المحقق و العلامة (و عن نهاية المرام، و الكفاية) للسبزوارى (ان المنع) قول (نادر، لكنه لا يخلو عن قوة) التقوية من النهاية و الكفاية- لا من المصنف كما لا يخفى-.

(و ربما يتوهم القوة من حيث توهم تقييدها) اى رواية عمر بن يزيد (بالصحيحة السابقة) اى صحيحة عمر أيضا (بناء اعلى اختصاص الجواز فيها) اى فى الصحيحة (بصورة موت المولى) فالرواية مقيدة بالصحيحة (كما يشهد به) اى بان الصحيحة خاصة بصورة الموت (قوله عليه السلام فيها) اى فى الصحيحة (و لم يدع من المال الخ، فيدل) هذا القيد (على نفى الجواز عما سوى هذا الفرد) و هو حالة حياة المولى، و انما يكون هذا القيد فى

ص: 159

اما لورودها فى جواب السؤال عن موارد بيع امهات الاولاد، فيدل على الحصر.

و اما لان نفى الجواز فى ذيلها فيما سوى هذه الصورة يشمل بيعه فى الدين مع حياة المولى.

و اندفاع التوهم بكلا وجهيه واضح.

______________________________

الصحيحة احترازيا.

(اما لورودها فى جواب السؤال عن موارد بيع امهات الاولاد، فيدل على الحصر) لانه حينئذ فى مقام التحديد، و مقام التحديد دال على الحصر.

(و اما لان نفى الجواز فى ذيلها) حيث قال الراوى: قلت فتباع فيما سوى ذلك من دين؟ قال لا (فيما سوى هذه الصورة) اى صورة موت المولى (يشمل بيعه فى الدين مع حياة المولى) فحياة المولى خارجة عن جواز البيع، اما مفهوما، و اما منطوقا.

(و اندفاع التوهم بكلا وجهيه واضح).

اما اندفاع التوهم الاول، فلان الكلام ليس فى موارد جواز بيع أمّ الولد مطلقا حتى يكون التقييد ذا مفهوم، و انما الكلام فى مورد بيع امير المؤمنين عليه السلام أمّهات الاولاد.

و اما اندفاع التوهم الثانى: فلان قوله «فيما سوى ذلك» كما يحتمل ان يكون المراد منه سوى حالة الموت- فيكون له مفهوم بعدم الجواز فى حالة الحياة- كذلك يحتمل ان يكون المراد منه سوى حالة الدين المتعلق برقبتها، فيشمل حالة الحياة و الموت.

ص: 160

نعم: يمكن ان يقال فى وجه القوة بعد الغضّ عن دعوى ظهور قوله تباع، الظاهر فى الدين فى كون البائع غير المولى فيما بعد الموت ان النسبة بينها و بين رواية ابن مارد المتقدمة، عموم من وجه.

______________________________

و لا يخفى عليك عدم وضوح اندفاع التوهم لما يرد على الاندفاعين من الاشكال.

(نعم: يمكن ان يقال فى وجه القوة) اى قوة اختصاص جواز البيع بما بعد الموت (بعد الغضّ) و الاغماض (عن دعوى ظهور قوله: تباع، الظاهر فى الدين فى كون البائع غير المولى) «فى» متعلق ب «ظهور» (فيما بعد الموت) اى كون البيع بعد الموت.

و انما كان ظاهرا فى ذلك، لان «تباع» بصيغة المجهول يدل على مجهولية البائع، و لو كان البائع المولى لم يكن وجه للاتيان به مجهولا، بل مقتضى الكلام ان يقول «بيعه».

و انما قال «بعد الغض» لانه لو أردنا ان نأخذ بهذا الظاهر، و لم نغض عنه، يكون هذا منافيا لرواية ابن مارد، لا اعم من وجه، اذ ظاهر رواية ابن مارد البيع فى حال الحياة، لانه قال «إنشاء باعها» فان كان ظاهر «تباع» فى هذه الرواية: البيع بعد الموت، تكون النسبة بين الروايتين التنافى و المباينة، لا العموم من وجه (ان النسبة بينها) اى بين صحيحة عمر (و بين رواية ابن مارد المتقدمة، عموم من وجه).

اذ الصحيحة شاملة لحالة الموت و الحياة، لكنها خاصة بثمن الرقبة.

و رواية ابن مارد شاملة لثمن الرقبة و غيره، لكنها خاصة بحالة الحياة.

ص: 161

فيرجع الى اصالة المنع الثابتة بما تقدم من القاعدة المنصوصة المجمع عليها.

نعم ربما يمنع عموم القاعدة على هذا الوجه بحيث يحتاج الى المخصص.

فيقال بمنع الاجماع فى محل الخلاف، سيما مع كون المخالف جل المجمعين بل كلهم الا نادر.

و حينئذ فالمرجع الى قاعدة: سلطنة الناس على اموالهم.

______________________________

(ف) فى مورد الاجتماع و هو ثمن الرقبة فى حال الحياة، حيث تجتمع الروايتان، و احداهما يجوز البيع، و الاخرى تمنع البيع (يرجع الى اصالة المنع الثابتة بما تقدم من القاعدة المنصوصة المجمع عليها) و هى قاعدة المنع عن بيع أمّ الولد، الا ما خرج.

(نعم ربما يمنع عموم القاعدة على هذا الوجه) اى عموما يشمل حتى مثل حالة المولى فيما لو اراد ان يبيعها فى دين نفسها (بحيث تحتاج) القاعدة المانعة (الى المخصص) لجواز بيعها فى هذه الصورة.

(فيقال) فى وجه شمول القاعدة لهذه الصورة (بمنع الاجماع) على عدم جواز البيع (فى محل الخلاف) و هو صورة حياة المولى (سيما مع كون المخالف) اى الّذي يجوز البيع- مخالفا للمنع عن بيعها فى هذه الصورة- (جل المجمعين بل كلهم الا نادر) فكيف يتحقق الاجماع على المنع فى هذه الصورة.

(و حينئذ) اى حين منع الاجماع (فالمرجع) فى صورة حياة المولى (الى قاعدة: سلطنة الناس على اموالهم).

ص: 162

لكن التحقيق خلافه، و ان صدر هو عن بعض المحققين لان المستفاد من النصوص و الفتاوى: ان استيلاد الامة يحدث لها حقا مانعا عن نقلها الا اذا كان هناك حق اولى منه بالمراعات.

و ربما توهم معارضة هذه القاعدة وجوب اداء الدين، فيبقى قاعدة السلطنة، و اصالة بقاء جواز بيعها فى ثمن رقبتها قبل الاستيلاد.

و لا يعارضها اصالة بقاء المنع حال الاستيلاد، قبل العجز عن ثمنها،

______________________________

و عليه فيجوز بيع الامة فى ثمن رقبتها.

(لكن التحقيق خلافه، و ان صدر هو عن بعض المحققين) و هو صاحب المقابيس كما قيل (لان المستفاد من النصوص و الفتاوى: ان استيلاد الامة يحدث لها حقا مانعا عن نقلها الا اذا كان هناك حق اولى منه) اى من حقها (بالمراعات) و لم يعلم ان الحق فى حال حياة المولى اولى من حقها.

(و ربما توهم معارضة هذه القاعدة) اى قاعدة حق الامة مع حق (وجوب اداء الدين) الّذي هو حق للبائع فيتساقطان (فيبقى قاعدة السلطنة) للمولى على ماله (و) قاعدة (اصالة بقاء جواز بيعها فى ثمن رقبتها قبل الاستيلاد) «قبل» ظرف «لجواز» اى استصحاب الجواز، فيرجع إليهما فيجوز بيعها.

(و لا يعارضها) اى لا يعارض اصالة نقل بقاء جواز البيع (اصالة بقاء المنع حال الاستيلاد، قبل العجز عن ثمنها).

ص: 163

لان بيعها قبل العجز ليس بيعها فى الدين كما لا يخفى.

و يندفع اصل المعارضة بان ادلة وجوب اداء الدين مقيدة بالقدرة العقلية.

و الشرعية،

______________________________

فهنا استصحابان، استصحاب المنع الّذي كان قبل العجز، و استصحاب الجواز الّذي كان قبل الاستيلاد.

لكن استصحاب المنع لا يعارض استصحاب الجواز (لان بيعها قبل العجز ليس بيعا فى الدين) فتبدل الموضوع بالنسبة الى المنع، فالمرأة قبل العجز غير المرأة بعد العجز.

و الدليل انما دلّ على عدم الجواز فى صورة عدم العجز، بان لم يكن بيعها لاجل الدين، فاذا تبدل الموضوع لم يكن مجال لاستصحاب المنع، و يبقى استصحاب جواز البيع قبل الاستيلاد بلا معارض (كما لا يخفى) هذا كلام من اجاز البيع حال الحياة.

(و يندفع) هذا التوهم الّذي توهمه مجيز البيع حال الحياة (اصل المعارضة) اى التعارض بين قاعدة حق المستولدة فى نفسها المانع عن بيعها، و بين قاعدة وجوب اداء الدين (بان ادلة وجوب اداء الدين مقيدة بالقدرة العقلية) فاذا لم يكن للانسان قدرة عقلية، لم يجب اداء الدين.

(و) القدرة (الشرعية) فانه اذا قدر عقلا لكنه كان مالكا للمستثنيات لم يجب شرعا بيعها و اداء الدين من ثمنها.

ص: 164

و قاعدة المنع ينفى القدرة الشرعية كما فى المرهون، و الموقوف.

فالاولى فى الانتصار لمذهب المشهور ان يقال: برجحان اطلاق رواية عمر بن يزيد على اطلاق رواية ابن مارد الظاهر فى عدم كون بيعها فى ثمن رقبتها، كما يشهد به قوله عليه السلام: فتمكث عنده ما شاء اللّه لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها، ثم يبدو له فى بيعها،

______________________________

(و قاعدة المنع) المستفادة من ان لها حقا فى نفسها بمجرد الاستيلاد (ينفى القدرة الشرعية) فان الشارع اذا قال: لا تبع الشي ء الفلانى، فانه لا قدرة للانسان على اداء الدين فحاله كما لو كان مديونا و له وقف، فان منع الشارع عن بيع الوقف، يمنع عن كونه قادرا على اداء الدين.

اذا لا معارضة بين القاعدتين، و انما المقدم منهما قاعدة المنع (كما فى المرهون و الموقوف) فان ملك الانسان لهما، لا يوجب جواز بيعها فى اداء الدين.

(فالاولى فى الانتصار لمذهب المشهور) القائلين بجواز بيع أمّ الولد فى حال حياة المولى (ان يقال: برجحان اطلاق رواية عمر بن يزيد) الدالة على الجواز (على اطلاق رواية ابن مارد) و ان كان بينهما عموم من وجه (الظاهر) ذلك الاطلاق فى رواية ابن مارد (فى عدم كون بيعها فى ثمن رقبتها، كما يشهد به) اى عدم كون البيع فى ثمن الرقبة (قوله عليه السلام: فتمكث عنده ما شاء الله لم تلد منه شيئا بعد ما ملكها، ثم يبدو له فى بيعها).

ص: 165

مع ان ظاهر البداء فى البيع ينافى الاضطرار إليه لاجل ثمنها.

و بالجملة فبعد منع ظهور سياق الرواية فيما بعد الموت، لا اشكال فى رجحان دلالتها على دلالة رواية ابن مارد على المنع كما يظهر بالتأمل.

مضافا الى اعتضادها بالشهرة المحققة، و المسألة محل اشكال.

ثم على المشهور من الجواز فهل يعتبر فيه عدم ما يفى به الدين،

______________________________

و قوله: الظاهر، اشارة الى وجه رجحان اطلاق رواية عمر على رواية ابن مارد

هذا (مع ان ظاهر البداء فى البيع) حيث قال عليه السلام:

يبدو له فى بيعها (ينافى الاضطرار إليه) اى الى البيع (لاجل ثمنها) و الا لعبر بانه اضطر.

و هذا وجه اخر لتقديم رواية عمر على رواية ابن مارد.

(و بالجملة فبعد منع ظهور سياق الرواية) اى رواية عمر (فيما بعد الموت، لا اشكال فى رجحان دلالتها على دلالة رواية ابن مارد على المنع) متعلق ب «دلالة» (كما يظهر بالتأمل).

و وجهه ما ذكرناه، مما اشار إليه بقوله «الظاهر فى عدم كون بيعها .. الخ».

(مضافا الى اعتضادها) اى رواية عمر الصحيحة (بالشهرة المحققة) القائلة بجواز البيع حال حياة المولى (و المسألة) بعد (محل اشكال) لو لا الشهرة.

(ثم على المشهور من الجواز) اى جواز بيع المولى امته المستولدة لاداء دين رقبتها اذا لم يجد المولى ما يؤدى به دينها (فهل يعتبر فيه) اى فى الجواز (عدم) وجدان المولى (ما يفى به الدين،

ص: 166

و لو من المستثنيات، كما هو ظاهر اطلاق كثير، او مما عداها كما عن جماعة الاقوى هو الثانى، بل لا يبعد ان يكون ذلك مراد من اطلق، لان الحكم بالجواز فى هذه الصورة فى النص و الفتوى مسوق لبيان ارتفاع المانع عن بيعها من جهة الاستيلاد، فتكون ملكا طلقا، كسائر الاملاك التى يؤخذ

______________________________

و لو من المستثنيات، كما هو ظاهر اطلاق كثير)

فاللازم ان لا يكون للمولى اى شي ء، لا من مستثنيات الدين، و لا من غير المستثنيات حتى يجوز له بيع المستولدة (او مما عداها) اى ما عدا المستثنيات، فاذا كان عنده المستثنيات، و لم يكن عنده غيرها، جاز بيعها، لان المستثنيات لا تباع فى الدين، فوجودها غير ضارّ بجواز بيع المستولدة (كما عن جماعة الاقوى هو الثانى) فيجوز بيعها و ان كان عنده المستثنيات (بل لا يبعد ان يكون ذلك) اى «عدم وجود ما عدا المستثنيات» (مراد من اطلق) و قال: يجوز البيع اذا لم يكن عند المولى شي ء.

فمراده ب «شي ء» ما عدا المستثنيات.

و انما قلنا «الاقوى الثانى» (لان الحكم بالجواز) اى جواز بيع المستولدة (فى هذه الصورة) اى صورة بيعها لاجل اداء دين رقبتها (فى النص و الفتوى مسوق لبيان ارتفاع المانع عن بيعها من جهة الاستيلاد) اى ان الاستيلاد اوجب مانعا عن بيعها، فاذا لم يكن للمولى شي ء يؤدى به ثمنها ارتفع المانع و جاز البيع (فتكون) الامة فى هذا الحال الّذي ارتفع المانع (ملكا طلقا، كسائر الاملاك التى يؤخذ

ص: 167

المالك بيعها من دون بيع المستثنيات.

فحاصل السؤال فى رواية عمر بن يزيد انه هل تباع أمّ الولد فى الدين؟ على حد سائر الاموال التى تباع فيه.

و حاصل الجواب تقرير ذلك فى خصوص ثمن الرقبة فيكون ثمن الرقبة بالنسبة الى أمّ الولد، كسائر الديون بالنسبة الى سائر الاموال

______________________________

المالك) اى يجب على المالك (بيعها من دون بيع المستثنيات) اى من دون ان يؤخذ المالك ببيع المستثنيات.

و ان شئت قلت: المستفاد من دليل المستثنيات، ان الشارع لم يعتبرها ما لا يؤدى به الدين، فهذا المولى لا مال له- و ان كان له المستثنيات-.

و اذا لم يكن له مال صدق عليه قوله عليه السلام «و لم يدع من المال ما يؤدى عنه»

(فحاصل السؤال، فى رواية عمر بن يزيد انه هل تباع أمّ الولد فى الدين؟ على حد) و مثل (سائر الاموال التى تباع فيه) اى فى الدين و من المعلوم ان المستثنيات لا تباع فى الدين.

(و حاصل الجواب تقرير ذلك) اى جواز البيع (فى خصوص ثمن الرقبة فيكون ثمن الرقبة بالنسبة الى أمّ الولد) لا كلّ دين على المولى (كسائر الديون) التى تجوّز بيع مال المولى (بالنسبة الى سائر الاموال) للمولى.

فالفارق فقط: هو ان بيع أمّ الولد فى دين رقبتها و بيع سائر

ص: 168

و مما ذكرنا يظهر: انه لو كان نفس أمّ الولد مما يحتاج إليه المولى للخدمة فلا تباع فى ثمن رقبتها، لان غاية الامر كونها بالنسبة الى الثمن كجارية اخرى يحتاج إليها.

و مما ذكرنا يظهر الوجه فى استثناء الكفن و مئونة التجهيز، فاذا كان للميت

______________________________

الاموال فى كل دين.

اما لزوم ان يكون خارجا من المستثنيات فهذا مشترك بين أمّ الولد و غير أمّ الولد، اى لا تباع المستثنيات لا فى دين رقبة أمّ الولد، و لا فى دين آخر من سائر ديون المولى.

(و مما ذكرنا) من ان وجود المستثنيات لا يضرّ بجواز بيع أمّ الولد (يظهر: انه لو كان نفس أمّ الولد مما يحتاج إليه المولى للخدمة، فلا تباع فى ثمن رقبتها) بل يبقى الدين على المولى حتى يؤدى من مكان آخر.

نعم تباع بعد موت المولى (لان غاية الامر فى) حال احتياج المولى إليها (كونها) اى أمّ الولد (بالنسبة الى الثمن) اى ثمن نفسها (كجارية اخرى يحتاج) المولى (إليها)

فكما لا تباع تلك الجارية لاداء ثمن أمّ الولد، كذلك لا تباع أمّ الولد لاداء ثمن نفسها.

(و مما ذكرنا) من ان أمّ الولد تباع، و لا تباع مستثنيات الدين (يظهر الوجه فى استثناء الكفن و مئونة التجهيز) الواجبة (فاذا كان للميّت

ص: 169

كفن، و أمّ ولد بيعت فى الدين، دون الكفن، اذ يصدق ان الميّت لم يدع ما يؤدى عنه الدين عداها لان الكفن لا يؤدّى عنه الدين.

ثم انه لا فرق بين كون ثمنها بنفسه دينا للبائع، او استدان الثمن، و اشترى به.

اما لو اشترى فى الذمة ثم استدان ما اوفى به البائع، فليس بيعها بيعها فى ثمن رقبتها بل ربما تامل فى ما قبله، فتأمل.

______________________________

كفن، و أمّ ولد) و كان الميّت مديونا لثمنها (بيعت) أمّ الولد (فى الدين دون الكفن) بل يكفن به الميّت (اذ يصدق ان الميّت لم يدع ما يؤدى عنه الدين عداها) اى عدا أمّ الولد (لان الكفن لا يؤدّى عنه الدين) فحاله حال المستثنيات.

(ثم انه لا فرق) فى بيع أمّ الولد فى ثمن رقبتها (بين كون ثمنها بنفسه دينا للبائع) بان اشتراها بالذّمة (او استدان الثمن، و اشترى به) لصدق الدليل الدالّ على انه ثمن لنفسها.

(اما لو اشترى) الامة (فى الذمة ثم استدان ما اوفى به البائع ف) هل تباع، أم لا؟ يحتمل العدم، لانه (ليس بيعها فى ثمن رقبتها) بل فى دين آخر على المشترى لانسان آخر غير البائع (بل ربما تأمل فى) جواز بيعها فى صورة (ما قبله) اى اذا استدان الثمن و اشترى به (فتأمل) اذ يصدق فى جميع الصورة انه دين رقبة الامة، حتى اذا دار الدين دورات متعددة، كما لو اشترى الامة فى الذمة ثم استدان دارا و باعها، و ادّى بثمنها ثمن الامة- مثلا-.

ص: 170

و لا فرق بين بقاء جميع الثمن فى الذمة، او بعضه و لا بين نقصان قيمتها عن الثمن او زيادتها عليه.

نعم لو امكن الوفاء ببيع بعضها اقتصر عليه كما عن غاية المراد التصريح به.

و لو كان الثمن مؤجّلا، لم يجز للمولى بيعها قبل حلول الاجل و ان كان مأيوسا عن الاداء عند الاجل.

______________________________

(و لا فرق) فى جواز بيعها (بين بقاء جميع الثمن فى الذمة، او بعضه) كما لو اشترى الامة بمائة و نقد منها تسعين، و بقى عشرة فى ذمته لاطلاق النص و الفتوى (و لا بين نقصان قيمتها عن الثمن او زيادتها عليه) كما لو نقصت قيمة الامة الآن عن قيمتها التى اشتريت بها، فكانت قيمتها وقت الاشتراء مائة، و الآن تسوى خمسين، او بالعكس.

(نعم لو امكن الوفاء ببيع بعضها اقتصر عليه) لان الاصل عدم الجواز الا بمقدار الضرورة بعد ما علمنا من الشارع نفرة عن بيعها (كما عن غاية المراد التصريح به) و هل انه لو امكن ايجارها او عملها حتى يوفر الثمن جاز البيع أم لا؟ احتمالان، من: اطلاق الادلة، و من العلة المذكورة من الاقتصار بمقدار الضرورة.

ثم لو امكن بيعها ممن تنعتق عليه و من غيره، فهل يقدم الاول أمّ هما متساويان؟ احتمالان.

(و لو كان الثمن مؤجّلا لم يجز للمولى بيعها قبل حلول الاجل و ان كان) المولى (مأيوسا عن الاداء عند الاجل) اذ الضرورات تقدر

ص: 171

و فى اشتراط مطالبة البائع، او الاكتفاء باستحقاقه و لو امتنع عن التسلّم.

او الفرق بين رضاه بالتأخير، و اسقاطه لحق الحلول، و ان لم يسقط بذلك و بين عدم المطالبة فيجوز فى الثانى دون الاول.

وجوه، احوطها الاول.

و مقتضى الاطلاق الثانى.

______________________________

بقدرها.

لكن لو خاف عدم الاشتراء عند الاجل، او خاف موت الجارية اذا صبر عليها الى ذلك الوقت، او خاف نقص قيمتها بما لا يتمكن سدّ البقية احتمل جواز البيع، لاطلاق الادلة المجوزة.

(و فى اشتراط مطالبة البائع) فى جواز البيع (او الاكتفاء باستحقاقه) اى استحقاق البائع الثمن (و لو امتنع) البائع (عن التسلّم) للمال- و لو وصلية-.

(او الفرق بين رضاه) اى البائع (بالتأخير و اسقاطه لحق الحلول و ان لم يسقط) الحق (بذلك) اى بالاسقاط (و بين عدم المطالبة فيجوز) البيع (فى الثانى دون الاول)

(وجوه، احوطها الاوّل) اى اشتراط مطالبة البائع.

(و مقتضى الاطلاق الثانى) اذ اطلاق الادلة المجوزة شامل لجميع صور الاستحقاق.

اللهم الا ان يقيد بدليل: الضرورات تقدر بقدرها.

ص: 172

و لو تبرع متبرع بالاداء فان سلّم الى البائع، برئت ذمة المشترى و لا يجوز بيعها.

و ان سلّم الى المولى، او الورثة ففى وجوب القبول نظر.

و كذا لو رضى البائع باستسعائها فى الاداء.

و لو دار الامر بين بيعها ممن ينعتق عليه، او بشرط العتق و بيعها من غيره ففى وجوب تقديم الاول وجهان.

______________________________

(و لو تبرع متبرع بالاداء) لثمن الجارية (فان سلّم) الثمن (الى البائع، برئت ذمة المشترى، و لا يجوز بيعها) حينئذ لانتفاء الموضوع الموجب لانتفاء الحكم.

(و ان سلّم) الثمن (الى المولى، او) الى (الورثة) بعد موت المولى (ففى وجوب القبول نظر) اذ القبول نوع اكتساب، و لم يدل الدليل على انه يجب الاكتساب لاداء الثمن.

(و كذا لو رضى البائع باستسعائها فى الاداء) بان لا يبيعها المولى، و انما تسعى هى لاداء ثمنها، فانه لا دليل على انه يجب على المولى القبول.

بل اطلاق ادلة جواز البيع يدل على عدم وجوب الاستسعاء.

(و لو دار الامر بين بيعها ممن ينعتق عليه) كالعمودين (او) بيعها (بشرط العتق) بان كان هناك مشتر يشتريها و يشترط عليه ان يعتقها و مشتر آخر لا يقبل هذا الشرط (و بيعها من غيره) الّذي لا يعتقها و لا تنعتق عليه (ففى وجوب تقديم الاول وجهان) من اطلاق الادلة، فلا

ص: 173

و لو ادى الولد ثمن نصيبه انعتق عليه و حكم الباقى يعلم من مسائل السراية.

و لو ادّى ثمن جميعها، فان اقبضه البائع فكالمتبرع و ان كان بطريق الشراء ففى وجوب قبول ذلك على الورثة نظر، من الاطلاق و من الجمع بين حقى الاستيلاد و الدّين.

______________________________

يجب، و من ان العتق اقرب الى ميل الشارع و رغبته فيجب.

(و لو ادى الولد ثمن نصيبه) بعد موت المولى الوالد، بان ادّى ثمن المقدار الّذي يرثه منها- على تقدير الارث- (انعتق عليه) لان الولد لا يملك اباه او أمه (و حكم الباقى) الّذي لم ينعتق (يعلم من مسائل السراية) فان بناء العتق على التغليب.

فربما نقول بذلك فاللازم حينئذ عتق الامة كلا، و السعى فى ثمن الباقى.

و ربما لا نقول بذلك فاللازم بيع الباقى و اداء باقى الثمن للبائع.

(و لو ادّى) ولدها (ثمن جميعها، فان اقبضه البائع فكالمتبرع) تنعتق هى (و ان كان بطريق الشراء) بان اراد الولد شراء أمه من المولى، او الورثة (ففى وجوب قبول ذلك على الورثة نظر، من الاطلاق) اى اطلاق الادلة الدالة على ان المولى او الورثة يجوز لهم البيع لكل من أرادوا فلا يجب عليهم بيعها من ولدها لتنعتق (و من الجمع بين حقى الاستيلاد) المقتضى لحبلها بحيث تنعتق (و الدّين) المقتضى لبيعها لاداء ثمنها الى البائع، فاللازم على هذا بيعها من ولدها.

ص: 174

و لو امتنع المولى من اداء الثمن من غير عذر فلجواز بيع البائع لها مقاصّة مطلقا او مع اذن الحاكم وجه.

و ربما يستوجبه خلافه لان منع البيع لحق أمّ الولد، فلا يسقط بامتناع المولى.

و لظاهر الفتاوى.

و تغليب جانب الحرية و فى الجميع نظر

______________________________

(و لو امتنع المولى من اداء الثمن) لها (من غير عذر) بان كان متمكنا، و لكنه لم يؤدّ عصيانا (فلجواز بيع البائع لها مقاصّة) لاخذ ما يطلبه (مطلقا) و لو بدون اذن الحاكم الشرعى (او مع اذن الحاكم وجه).

اذ من المحتمل لزوم استيذان الحاكم فى كل مقاصّة فهنا يجب أيضا.

و من المحتمل عدم وجوب استيذانه مطلقا فهنا لا يجب أيضا.

(و ربما يستوجبه) اى يقال الاوجه (خلافه) اى عدم جواز بيع أمّ الولد مقاصّة، حتى باذن الحاكم (لان منع البيع) انما هو (لحق أمّ الولد، فلا يسقط بامتناع المولى) لانه لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ.

(و لظاهر الفتاوى) الدالة على انه لاتباع الا فى ثمن نفسها فى صورة عدم المولى.

(و) ل (تغليب جانب الحرية) المقتضى لعدم جواز مقاصّة البائع من نفس أمّ الولد (و فى الجميع نظر).

اذ يرد على الاول: ان حق البائع مقدم على حقى أمّ الولد و المولى.

و على الثانى: ان الفتاوى انما هى فى صورة اقدام المولى للاعطاء

ص: 175

و المراد بثمنها ما جعل عوضا لها فى عقد مساومتها و ان كان صلحا.

و فى الحاق الشرط المذكور فى متن العقد بالثمن، كما اذا اشترط الانفاق على البائع مدة معينة اشكال.

و على العدم لو فسخ البائع

______________________________

اما صورة عدم اقدامه فلا وجه، لسقوط حق البائع.

و على الثالث: انه لا دليل بتغليب جانب الحرية مطلقا حتى فى امثال هذه المسألة، هذا.

و لكن للقائل فى المسألة مجال واسع (و المراد بثمنها ما جعل عوضا لها فى عقد مساومتها) اى حين اريد التبادل و انتقالها الى المولى الجديد (و ان كان) العقد (صلحا) لوضوح ان ليس المراد الاشتراء بما هو اشتراء، بل العرف يرى ان الاشتراء فرد من افراد الكلّى.

(و فى الحاق الشرط المذكور) اى الشرط الّذي يذكر (فى متن العقد بالثمن، كما اذا اشترط الانفاق على البائع مدة معينة) فى ضمن اشترائها، كما لو اشتراها بمائة بشرط ان ينفق على البائع سنة كاملة مما يوجب ان يخسر المشترى مائة اخرى أيضا، فلم يكن للمشترى هذه المائة، فهل له ان يبيع الامة لسد هذه النفقة (اشكال) من انه كالثمن فيجوز البيع، و من ان المال الآتى على ذمة المشترى بسبب الشرط لا يسمى ثمنا، فلا يجوز البيع.

(و على العدم) بان قلنا: ان الشرط لا يلحق بالثمن، فلا يجوز للمشترى بيعها (لو فسخ البائع) حيث رأى ان المشترى بالشرط

ص: 176

فان قلنا: بعدم منع الاستيلاد من الاسترداد بالفسخ استردت.

و ان قلنا: بمنعه عنه فينتقل الى القيمة.

و لو قلنا بجواز بيعها حينئذ فى اداء القيمة، امكن القول بجواز استردادها، لان المانع عنه هو عدم انتقالها، فاذا لم يكن بدّ من نقلها لاجل القيمة، لم يمنع على ردّها الى البائع، كما لو بيعت على البائع فى

______________________________

(ف) هل يتمكن البائع من فسخ المعاملة و استرداد الامة و قد استولدها المشترى، أم لا؟ احتمالان.

ف (ان قلنا: بعدم منع الاستيلاد من الاسترداد بالفسخ) فى كل مكان كان للبائع الفسخ (استردت) بعد ان فسخ البائع المعاملة.

(و ان قلنا: بمنعه) اى الاستيلاد (عنه) اى عن الاسترداد (فينتقل الى القيمة) فاذا لم يف المشترى بالشرط، و فسخ البائع، اخذ القيمة من المشترى، لكن لما كان المشترى غير قادر على اعطاء القيمة كان له ان يبيع الجارية، و يصدق انها بيعت فى ثمن رقبتها.

(و لو قلنا بجواز بيعها حينئذ فى اداء القيمة) لدلالة النص و الفتوى عليه (امكن القول بجواز استردادها) فاذا فسخ البائع استردها من دون حاجة الى القول باسترداد القيمة و بيعها، لرد المشترى القيمة الى البائع (لان المانع عنه) اى عن الاسترداد (هو عدم انتقالها) من ملك المشترى الّذي اولدها (فاذا لم يكن بدّ) و علاج (من نقلها لاجل القيمة، لم يمنع عن ردّها الى البائع) اذ لا فرق بين الانتقالين (كما لو بيعت على البائع فى

ص: 177

ثمن رقبتها.

هذا مجمل القول فى بيعها فى ثمنها.

و اما بيعها فى دين آخر.

فان كان مولاها حيا، لم يجز اجماعا على الظاهر المصرح به فى كلام بعض.

و ان كان بعد موته، فالمعروف من مذهب الاصحاب المنع أيضا، لاصالة بقاء المنع فى حال الحياة.

______________________________

ثمن رقبتها).

(هذا مجمل القول فى بيعها فى ثمنها).

و هناك فروع اخر اضرب عنها المصنف «ره» و السكوت عنها اجمل، لان المسألة خارجة عن محل الاستيلاد فعلا، و ان كانت فى زمن وجود العبيد و الاماء من اكثر المسائل دورا، و الله المستعان.

(و اما بيعها فى دين آخر) كما لو كان المولى مديونا لاجلها، او لاجل غيرها، مثلا كان مديونا فى نفقات شفائها من المرض، او نفقات نفس المولى.

(فان كان مولاها حيا، لم يجز اجماعا على الظاهر المصرح به) اى بالاجماع (فى كلام بعض) لان الكلى المذكور فى الروايات المانع عن بيعها شامل لهذا الفرد أيضا.

(و ان كان بعد موته، فالمعروف من مذهب الاصحاب المنع أيضا، لاصالة بقاء المنع فى حال الحياة) «فى» متعلق ب «المنع» اى استصحاب المنع الى ما بعد الموت.

ص: 178

و لاطلاق روايتى عمر بن يزيد المتقدمتين منطوقا و مفهوما.

و بهما يخصّص ما دل بعمومه على الجواز، مما يتخيل صلاحيته لتخصيص قاعدة المنع عن بيع أمّ الولد، كمفهوم مقطوعة يونس فى أمّ ولد ليس لها ولد، مات ولدها، و مات عنها صاحبها، و لم يعتقها، هل يجوز لاحد تزويجها؟ قال: لا، لا يحل لاحد تزويجها الا بعتق من الورثة

و ان كان لها ولد، و ليس على الميّت دين، فهى للولد، و اذا ملكها الولد عتقت بملك

______________________________

(و لاطلاق روايتى عمر بن يزيد) الصحيحة، و غيرها (المتقدمتين) فى مسألة البيع فى ثمن نفسها (منطوقا و مفهوما)

فان الصحيحة كانت صريحة فى عدم جواز البيع فى سائر الموارد و الرواية كانت دالّة بالمفهوم.

(و بهما يخصّص ما دل بعمومه على الجواز، مما يتخيل صلاحيته لتخصيص قاعدة المنع عن بيع أمّ الولد) و ما يتخيل صلاحية، هو (كمفهوم مقطوعة يونس فى أم ولد ليس لها ولد مات ولدها و مات عنها صاحبها، و لم يعتقها، هل يجوز لاحد تزويجها؟ قال: لا، لا يحل لاحد تزويجها الا بعتق من الورثة)

المراد التزويج بدون رضاية الورثة، فان ذلك لا يصح الا بعد عتقها اما تزويجها باجازة الموالى اى الورثة فان ذلك لا يحتاج الى العتق

(و ان كان لها ولد، و ليس على الميّت دين، فهى للولد) من باب إرثه عن والده (و اذا ملكها الولد) بالارث (عتقت ب) مجرد (ملك

ص: 179

ولدها لها، و ان كانت بين شركاء، فقد عتقت من نصيبه و تستسعى فى بقية ثمنها خلافا للمحكى عن المبسوط، فجوّز البيع حينئذ مع استغراق الدين.

و الجواز ظاهر اللّمعتين، و كنز العرفان، و الصيمرى، و لعل وجه تفصيل الشيخ: ان الورثة لا يرثون مع الاستغراق، فلا سبيل الى انعتاق أمّ الولد الّذي

______________________________

ولدها لها، و ان كانت) الامة (بين شركاء، فقد عتقت من نصيبه) اى نصيب ولدها، كما لو كان المشترك فيها ولدها، و ورثة آخرين للمولى (و تستسعى) الامة (فى بقية ثمنها) اى بقايا ثمن رقبتها، فان مفهوم قوله عليه السلام «و ليس على الميت دين» انه لو كان عليه دين، لم تكن هى للولد، بل تصرف فى الدين.

و هذا مطلق شامل لما يكون الدين فى ثمن رقبتها، او كان فى جهة اخرى (خلافا للمحكى عن المبسوط، فجوّز البيع حينئذ) اى حين كان المولى مديونا لدين آخر غير ثمن رقبتها (مع استغراق الدين) بان كان الدين مثلا الفا، او اكثر، و ثمنها الفا.

(و الجواز ظاهر اللّمعتين، و كنز العرفان، و الصيمرى، و لعل وجه تفصيل الشيخ) بين الدين المستغرق فيجوز بيعها، و بين الدين غير المستغرق، فلا يجوز بيعها (ان الورثة لا يرثون مع الاستغراق) اى استغراق الدين لثمن الامة (فلا سبيل الى انعتاق أمّ الولد) اذ المال يبقى فى ملك الميت، و ينتقل الى الديان لا الى الورثة (الّذي)

ص: 180

هو الغرض من المنع عن بيعها.

و عن نكاح المسالك: ان الاقوى انتقال التركة الى الوارث مطلقا

و ان منع من التصرف بها على تقدير استغراق الدين فينعتق نصيب الولد منها كما لو لم يكن دين، و يلزمه اداء قيمة النصيب من ماله

و ربما ينتصر للمبسوط على المسالك

______________________________

صفة «انعتاق» (هو الغرض من المنع عن بيعها) اذ لو لا قصد الانعتاق فباىّ سبب آخر يمنع بيعها.

و هذا بخلاف ما اذا لم يكن الدين مستغرقا، كما لو كان الدين الفا، و الامة بالف و مائة، فانه يكون لولدها نصيب، و بذلك النصيب تنعتق منها بقدر حصته، فلا يجوز البيع لان بناء الحرية على التغليب و اللازم ان تستسعى فى بقية الثمن.

(و عن نكاح المسالك: ان الاقوى انتقال التركة الى الوارث مطلقا) سواء كان الدين مستغرقا، أم لا؟

(و ان منع من التصرف بها) اى بالتركة (على تقدير استغراق الدين) كسائر الاملاك المحجورة على اربابها (فينعتق نصيب الولد منها) اى من الامّ المستولدة (كما لو لم يكن دين، و يلزمه) اى الولد (اداء قيمة النصيب من ماله) لان المفروض ان المال كله يجب ان يصرف فى الدّيان.

(و ربما ينتصر للمبسوط على المسالك) فيقال: بان مقتضى القاعدة ما ذكره الشيخ من: انه مع استغراق الدين لا سبيل لانعتاق أمّ الولد،

ص: 181

أوّلا بان المستفاد مما دلّ على انها تعتق من نصيب ولدها، ان ذلك من جهة استحقاقه لذلك النصيب، من غير ان يقوّم عليه اصلا.

و انما الكلام فى باقى الحصص ان لم يف نصيبه من جميع التركة بقيمة أمّه هل تقوم عليه، او تسعى هى فى اداء قيمتها.

______________________________

لا كما قاله المسالك من انه مع الاستغراق أيضا تنعتق الامّ (أوّلا بان المستفاد مما دلّ على انها تعتق من نصيب ولدها، ان ذلك من جهة استحقاقه لذلك النصيب، من غير ان يقوّم عليه اصلا)

فالولد اذا كان مستحقا للنصيب، بان لم يكن الدين مستغرقا اعتقت أمّ الولد من نصيبه.

اما اذا لم يكن له نصيب بل كان اللازم ان يعطى الولد المال بالنتيجة- لم يشمله: دليل انعتاق الامّ من حصته.

(و انما الكلام فى باقى الحصص) اذا كان نصيب الامّ من الولد ربعها مثلا، فثلاثة الارباع الباقية كيف تكون فى ما (ان لم يف نصيبه) اى نصيب الولد من الارث (من جميع التركة بقيمة أمّه) «بقيمة» متعلق ب «لم يف» (هل تقوم) الحصص الباقية كالثلاثة ارباع فى المثال (عليه) اى على الولد حتى يجب عليه اعطاء قيمة ثلاثة الارباع (او تسعى هى فى اداء قيمتها) الباقية.

و الحاصل: انه لا كلام فى صورة استغراق الدين، و انما الكلام فى صورة كون الدين غير مستغرق، مما يسبب عدم وفاء نصيب الولد بقيمة الامّ كاملة، او لم يكن دين، لكن كانت قيمة الامّ اكثر من نصيب الولد.

ص: 182

و ثانيا: بان النصيب اذا نسب الى الوارث فلا يراد منه، الا ما يفضل من التركة بعد اداء الدين، و سائر ما يخرج من الاصل و المقصود منه النصيب المستقر الثابت، لا النصيب الّذي يحكم بتملك الوارث له تفصّيا من لزوم بقاء الملك بلا مالك.

و ثالثا: ان ما ادعاه من الانعتاق على الولد بمثل هذا الملك مما

______________________________

(و ثانيا: بان النصيب) للولد (اذا نسب الى الوارث) بان قبل نصيب الوارث (فلا يراد منه، الا ما يفضل من التركة بعد اداء الدين، و) بعد اداء (سائر ما يخرج من الاصل) كالكفن، و ما اشبه (و المقصود منه النصيب المستقر الثابت) الّذي يبقى للاخير فى ملك الوارث (لا) ان المراد ب (النصيب الّذي يحكم بتملك الوارث له) و يقال: بانه ملك للوارث- لا لانه ملك حقيقة- بل (تفصّيا) و تخلصا (من لزوم بقاء الملك بلا مالك) اذ لو كان الدين مستغرقا فالمال بالنتيجة للديان، لكن لا مالك له فعلا الا الوارث، اذ الميّت ليس قابلا للملك، و الديان لا يملكون المال تلقيا من الميّت، بل لا بدّ من القول بان الورثة هم المالكون، لكنه محجور عليهم.

و انما نقول بذلك حتى لا يلزم بقاء الملك بدون المالك، فمثل هذا المال ليس للولد فيه نصيب واقعى حتى يشمله قولهم: ان الام تعتق من نصيب الولد.

(و ثالثا: ان ما ادعاه) المبسوط (من الانعتاق على الولد بمثل هذا الملك) المحجور الّذي ليس فيه للولد نصيب واقعى (مما

ص: 183

لم ينصّ عليه الاصحاب، و لا دلّ عليه دليل معتبر.

و ما يوهمه الاخبار، و كلام الاصحاب من اطلاق الملك فالظاهر ان المراد به غير هذا القسم.

و لذا لا يحكم بانعتاق العبد الموقوف على من ينعتق عليه بناء اعلى صحة الوقف، و انتقال الموقوف الى الموقوف عليه.

______________________________

لم ينصّ عليه الاصحاب، و لا دلّ عليه دليل معتبر) فكيف يقال: بعتق الامّ من هذا الملك.

(و) ان قلت: هذا ملك، فيشمله الاخبار و الفتوى.

قلت: (ما يوهمه الاخبار، و كلام الاصحاب من اطلاق الملك) على هذا المال الّذي خلفه الميّت (فالظاهر ان المراد به غير هذا القسم) من الملك المحجور.

فقول الاصحاب: بان الام تنعتق من ملك الولد، لا يراد به الا الملك الطلق، لا الملك المحجور- كالتركة فيما اذا كان الدين مستغرقا-

(و لذا) الّذي لا يشمل الملك فى كلام الاصحاب، و الاخبار للملك المحجور (لا يحكم بانعتاق العبد الموقوف على من ينعتق عليه) فيما اذا وقف مالك العبد عبده على ولد العبد- مثلا- فان الأب لو صار ملكا للولد ينعتق عليه، لكن اذا لم يكن ملكا محجورا كما فى المثال حيث ان العبد وقف (بناء اعلى صحة الوقف) اى صحة وقف العبد على ابنه مثلا (و انتقال الموقوف الى الموقوف عليه) اما لو لم نقل بصحة مثل هذا الوقف، او قلنا بصحته لكن قلنا: بانه لا ينتقل الموقوف الى الموقوف عليه، خرج ذلك

ص: 184

و رابعا: انه يلزم على كلامه انه متى كان نصيب الولد من اصل التركة باجمعها يساوى قيمة أمه، تقوم عليه سواء كان هناك دين مستغرق أم لا:

و سواء كان نصيبه الثابت فى الباقى بعد الديون، و نحوها يساوى قيمتها، أم لا:

و كذلك لو ساوى نصيبه من الاصل، نصفها، او ثلثها، او غير ذلك، فانه يقوم نصيبه عليه كائنا ما كان، و يسقط من القيمة نصيبه الباقى

______________________________

عن التمثيل به.

(و رابعا: انه يلزم على كلامه) اى كلام المبسوط (انه متى كان نصيب الولد من اصل التركة باجمعها) اى تمام التركة (يساوى قيمة أمه تقوم) الام (عليه) اى على الولد (سواء كان هناك) على الميّت (دين مستغرق) للتركة (أم لا) بل الدين لا يستغرق.

(و) حين كان الدين غير مستغرق (سواء كان نصيبه الثابت فى الباقى) من التركة (بعد الديون، و نحوها) اى نحو الديون كالكفن (يساوى قيمتها، أم لا)

(و كذلك) هذا عطف على قوله «يساوى قيمة أمه» (لو ساوى نصيبه) اى الولد (من الاصل، نصفها، او ثلثها) اى نصف قيمة الامّ او ثلث قيمة الام (او غير ذلك) كما لو كان ربعها، او ثلثيها- الى غير ذلك من النسب الكسرية- (فانه يقوم نصيبه عليه) اى على الولد (كائنا ما كان) النصيب (و يسقط من القيمة نصيبه الباقى

ص: 185

الثابت ان كان له نصيب، و يطلب بالباقى.

و هذا مما لا يقوله احد من الاصحاب، و ينبغى القطع ببطلانه

______________________________

الثابت ان كان له نصيب) باق ثابت، بان كان الدين غير مستغرق (و يطلب) الولد (بالباقى) الّذي هو ازيد من نصيبه.

(و هذا مما لا يقوله احد من الاصحاب، و ينبغى القطع ببطلانه)

و الحاصل: ان الصور اربع، لان نصيب الولد اما يساوى قيمة أمه أو لا يساوى.

و فى صورة التساوى الدين اما مستغرق، او غير مستغرق.

و فى صورة الدين غير مستغرق اما نصيبه الثابت فى الباقى يساوى قيمتها، او لا.

(1) نصيب الولد يساوى قيمة أمه و الدين مستغرق.

(2) نصيب الولد يساوى قيمة أمه و الدين غير مستغرق، لكن نصيب الولد الثابت فى الباقى يساوى قيمتها.

(3) نصيب الولد لا يساوى قيمة أمه و الدين غير مستغرق لكن نصيب الولد الثابت فى الباقى لا يساوى قيمتها.

(4) نصيب الولد لا يساوى قيمة أمّه و الا مثلة على ذلك.

(1) نصيب الولد خمسون و الدين مائة و قيمتها خمسون، و قد خلف الميّت ولدين و تركته مائة، فان نصيب الولد و هو خمسون يساوى عشر قيمة الامة لكن الدين مستغرق.

(2) الصورة السابقة باستثناء كون الدين خمسين «لا مائة» و

ص: 186

..........

______________________________

باستثناء كون قيمتها خمسا و عشرين «لا خمسين» فان نصيب الولد ليس اقل من قيمة أمه، و الدين ليس بمستغرق، و نصب الولد الثابت فى الباقى «بعد اخراج الدين» يساوى قيمتها اذ يبقى للولد بعد الدين خمس و عشرون، و ذلك يساوى قيمتها.

(3) نصيب الولد خمسون و الدين خمسون، و قيمتها ثلاثون، فان نصيب الولد الباقى لا يساوى قيمتها، اذ نصيبه الباقى خمسة و عشرون، و قيمتها اكثر من ذلك بخمسة.

(4) نصيب الولد خمسون و الدين خمسون، و قيمتها مائة، فان نصيب الولد لا يساوى قيمة أمه بل قيمة الام اكثر، و هذه صور الاقسام.

نصيب الولد يساوى قيمة أمه لا يساوى (4)

الدين مستغرق (1) ليس الدين بمستغرق

نصيبه الثابت فى الباقى يساوى قيمتها (2) لا يساوى (3)

ثم ان مرجع الوجوه الثلاثة الاول التى أوردها صاحب المقابيس على الشهيد الى الاشكال فى انه لا دليل على ان الولد يعتق أمه من مال آخر غير ماله الّذي ورثه.

و مرجع الوجه الرابع الى انه تلزم الغرامة على الولد و ذلك خلاف الاجماع، فالدليل موجود على بطلان هذا الوجه.

هذا حاصل كلام المقابيس على الشهيد فى المسالك انتصار الكلام المبسوط، قال الشيخ فى صدد ردّ المقابيس انتصارا للشهيد الثانى.

ص: 187

و يمكن دفع الاول بان المستفاد من ظاهر الادلة انعتاقها من نصيب ولدها، حتى مع الدين المستغرق، فالدين غير مانع من انعتاقها على الولد.

لكن ذلك لا ينافى اشتغال ذمة الولد، قهرا بقيمة نصيبه.

او وجوب بيعها فى القيمة جمعا بين ما دل على الانعتاق على الولد

______________________________

(و يمكن دفع الاول) اى ما ذكر بقوله «أولا» (بان المستفاد من ظاهر الادلة) الدالة على ان أمّ الولد تعتق من نصيب ولدها (انعتاقها من نصيب ولدها، حتى مع الدين المستغرق، فالدين) على المولى الأب (غير مانع من انعتاقها على الولد) و ذلك لاطلاق دليل ان الوالد ينعتق من مال ولده.

(لكن ذلك) الانعتاق من نصيب الولد (لا ينافى اشتغال ذمة الولد، قهرا بقيمة نصيبه) بان يعطى قيمة ما يصيبه من الارث، فاذا كان نصيب الولد مائة- من الارث- و كانت قيمة الامّ مائة انعتقت الامّ فى مقابل نصيب الولد، و كان على الولد ان يعطى مائة للذين يطلبون من ابيه حيثما كان الدين مستغرقا.

(او وجوب بيعها فى القيمة) بان يعطى الولد قيمة نصيبه، فاذا لم يتمكن من اداء قيمة النصيب، بيعت أمّ الولد لاداء دين الولد الّذي ركبه من جراء انعتاق أمّه.

و انما نقول: بانعتاق الامّ من جانب، و وجوب اعطاء الولد قيمة نصيبه من جانب آخر (جمعا بين ما دل على الانعتاق على الولد

ص: 188

الّذي يكشف عنه اطلاق النهى عن بيعها.

و بين ما دلّ على ان الوارث لا يستقر له ما قابل نصيبه من الدين على وجه يسقط حق الدّيان.

غاية الامر سقوط حقهم عن عين هذا المال الخاص، و عدم كونه كسائر الاموال التى يكون للوارث الامتناع عن اداء مقابلها، و دفع عينها الى الدّيان فيكون لهم اخذ العين

______________________________

الّذي يكشف عنه) اى عن الانعتاق على الولد (اطلاق النهى عن بيعها) فان الاطلاق شامل لما اذا كان على المولى دين مستغرق او لم يكن عليه دين مستغرق.

(و بين ما دلّ على ان الوارث لا يستقر له ما قابل نصيبه من الدين) استقرارا (على وجه يسقط حق الدّيان)

فالدليل الاول- اى الاطلاق- يقول بالانعتاق.

و الدليل الثانى «- اى ما دل على ان الوارث لا يستقر.» يدل على اشتغال ذمة الولد بقيمة نصيبه.

(غاية الامر) فى تقديم حق انعتاق الام على حق الديان (سقوط حقهم) اى الديان (عن عين هذا المال الخاص) اى أمّ الولد (و عدم كونه) اى أمّ الولد (كسائر الاموال التى يكون للوارث الامتناع عن اداء مقابلها، و) يكون له (دفع عينها الى الديان) بل على الوارث ان يعطى مقابل هذا المال «اى أمّ الولد» الى الديان، و تنعتق أمّ الولد من حصته فى الارث (فيكون لهم) اى للدّيان (اخذ العين) اى أمّ الولد

ص: 189

اذا امتنع الوارث من اداء ما قابل العين.

و الحاصل ان مقتضى النهى عن بيع أمّ الولد فى دين غير ثمنها بعد موت المولى عدم تسلط الديان على اخذها، و لو مع امتناع الولد عن فكها بالقيمة.

و عدم تسلط الولد على دفعها وفاء عن دين ابيه.

و لازم ذلك انعتاقها على الولد.

______________________________

(اذا امتنع الوارث من اداء ما قابل العين) اى قيمة أمّ الولد و هذا اشارة الى ما ذكره قبلا «او وجوب بيعها فى القيمة»

(و الحاصل) من الجمع بين دليلى حق أمّ الولد، و حق الدّيان (ان مقتضى النهى عن بيع أمّ الولد فى دين غير ثمنها بعد موت المولى)

و انما قال «غير ثمنها» لانه تقدم انه يجوز بيعها فى ثمن رقبتها اذا كان الدين مستغرقا بان لم يكن للمولى ما يؤدّى به ثمن الامة (عدم تسلط الدّيان على اخذها) اى اخذ أمّ الولد من باب دينهم (و لو مع امتناع الولد عن فكها بالقيمة) بان امتنع من اعطاء قيمة الامّ للدّيان لتنفك الامّ.

(و عدم) عطف على «عدم» (تسلط الولد على دفعها وفاء عن دين ابيه) لان دليل الانعتاق مانع عن دفعها.

(و لازم ذلك) اى لازم عدم تسلط الديان، و لا الولد على رقبة الامة (انعتاقها على الولد) قهرا من نصيبه من الارث.

ص: 190

فيتردد الامر حينئذ بين سقوط حق الديان عما قابلها من الدين، فتكون أمّ الولد نظير مئونة التجهيز التى لا يتعلق حق الديان بها.

و بين ان يتعلق حق الديان بقيمتها على من: تتلف فى ملكه، و تنعتق عليه و هو الولد.

و بين ان يتعلق حق الديان بقيمتها على رقبتها، فتسعى فيها.

و بين ان يتعلق حق الديان بمنافعها فلهم ان يؤجروها مدة طويلة يفى

______________________________

(فيتردد الامر) فى شأنها و شأن الديان (حينئذ) اى حين عدم حق الديان فى اخذها، و عدم حق الولد فى اعطائها (بين سقوط حق الديان عما قابلها من الدين) فيكون حال الميت كانه لا أم ولد له، فاللازم تقسيم الديان بقية التركة بالنسبة (فتكون أمّ الولد نظير مئونة التجهيز التى لا يتعلق حق الديان بها) اى بام الولد- اصلا-.

(و بين ان يتعلق حق الديان بقيمتها) اى قيمة أمّ الولد- لا عينها- تعلقا (على من تتلف) أمّ الولد (فى ملكه، و تنعتق عليه)

«و تنعتق عطف على» من «تتلف» و المراد ب «من» و بضمير «ملكه» «عليه»: الولد.

و لذا قال (و هو الولد) بان يأخذ الديان قيمة الامّ من الولد.

(و بين ان يتعلق حق الديان بقيمتها على رقبتها، فتسعى) هى بعد عتقها (فيها) اى فى قيمة نفسها.

(و بين ان يتعلق حق الديان بمنافعها فلهم ان يؤجروها مدة طويلة يفى

ص: 191

اجرتها بدينهم، كما قيل يتعلق حق الغرماء بمنافع أمّ ولد المفلّس.

و لا اشكال فى عدم جواز رفع اليد عما دل على بقاء حق الديان متعلقا بالتركة فيدور الامر بين الوجهين الاخيرين، فتنعتق على كل حال

و يبقى الترجيح بين الوجهين محتاجا الى التأمّل.

______________________________

اجرتها بدينهم) او يصالحوا عن اجرتها، او ما اشبه ذلك (كما قيل يتعلق حق الغرماء بمنافع أمّ ولد المفلّس) فاذا افلس انسان و حجر عليه الحاكم باع امواله، و وزعها فى الديان، لكنه لا يبيع أم ولده، و انما يؤجرها اجارة طويلة بمقدار قيمتها و يوزع الاجرة على الديان.

(و) حيث دار الامر بين ان لا يتعلق بها حق الديان اصلا كالتجهيز- و بين ان يتعلق على احد الوجوه المذكورة، ف (لا اشكال فى عدم جواز رفع اليد عما دل على بقاء حق الديان متعلقا بالتركة)

اذ لا وجه لذلك بعد اطلاق الادلة (فيدور الامر بين الوجهين الاخيرين) اى ان يتعلق حق الديان على الولد، و ان يتعلق حق الديان على نفسها، اما برقبتها، او بمنافعها (فتنعتق) أمّ الولد (على كل حال) سواء قلنا بهذا الوجه، او بذلك.

(و يبقى الترجيح بين الوجهين محتاجا الى التأمل)

اذ يحتمل ان يتعلق الحق على نفسها لانه لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ.

و يحتمل ان يتعلق الحق على ولدها، لانه المكلف بعتقها فيما اذا كان له نصيب، فيسحب الحكم الى صورة ما لم يكن له نصيب.

ص: 192

و مما ذكرنا يظهر اندفاع الوجه الثانى.

فان مقتضى المنع عن بيعها مطلقا، او فى دين غير ثمنها استقرار ملك الوارث عليها.

و منه يظهر: الجواب عن الوجه الثالث

______________________________

(و مما ذكرنا) فى دفع الاشكال الاول (يظهر اندفاع الوجه الثانى) القائل بان المراد «نصيب الولد» فى قولهم «تعتق الام من نصيب الولد» انما هو النصيب الّذي يكون له بعد اداء الدين، لا ان المراد النصيب الّذي امكن ان يكون له اذا لم يكن على الميت دين.

(فان مقتضى المنع عن بيعها) اى ما دل على المنع من بيع أمّ الولد (مطلقا) سواء فى دين رقبتها، او دين غير رقبتها (او فى دين غير ثمنها)- بان قلنا: بانه يجوز بيعها فى دين رقبتها، و انما لم يجز ان تباع فى دين غير رقبتها- (استقرار ملك الوارث عليها) اى ان الوارث الّذي هو الولد- ثابت ملكه لها، بمعنى انها ملك للولد من نصيب الولد، فلا يمكن ان تباع.

و بمجرد ان صارت ملكا للولد اعتقت، فاذا كان هناك دين مستغرق او غير مستغرق- للمولى الميت- يجب ان يعالج ذلك الدين، اما بتغريم الولد، او تغريم أمّ الولد فى سعيها، او فى عملها بان تؤجر و تعطى الاجرة للديان- كما تقدم-.

(و منه يظهر: الجواب عن الوجه الثالث) القائل بان الولد لا يملك الامّ بالارث، اذا كان على المولى دين مستغرق.

ص: 193

اذ بعد ما ثبت عدم تعلق حق الديان بعينها على ان يكون لهم اخذها عند امتناع الوارث من الاداء فلا مانع عن انعتاقها.

و لا جامع بينها و بين الوقف الّذي هو ملك للبطن اللاحق، كما هو ملك للبطن السابق.

و اما ما ذكره رابعا فهو انما ينافى الجزم

______________________________

و اذا لم يملكها الولد لم تنعتق (اذ بعد ما ثبت عدم تعلق حق الديان بعينها) تعلقا (على ان يكون لهم اخذها عند امتناع الوارث من الاداء) اذ هى متشبثة بالحرية (فلا مانع) بعد هذا الثبوت (عن انعتاقها).

اذ المانع عن الانعتاق انما هو حق الدّيان.

فاذا قلنا بانه لاحق لهم فيها، كان اللازم القول بالانعتاق.

(و) القول: بانها كالوقف غير تام، اذ (لا جامع بينها) اى الامة (و بين الوقف الّذي هو ملك للبطن اللاحق، كما هو ملك للبطن السابق)

فان تعلق حق البطن اللاحق بالعبد الموقوف، مانع عن انعتاق العبد على البطن السابق- اذا كان البطن السابق ولدا للعبد الموقوف-.

و هنا ليس كذلك، اذ الديان لا حقّ لهم فى الامة المستولدة حتى يوجب حقهم عدم صحة انعتاق الامة على ولدها.

(و اما ما ذكره رابعا) القائل: بان لازم انعتاقها اعطاء الولد لثمنها فى كل الصور، و هذا ما لا يقول به احد (فهو انما ينافى الجزم) اى

ص: 194

بكون قيمتها بعد الانعتاق متعلقا بالولد.

اما اذا قلنا: باستسعائها فلا يلزم شي ء.

فالضابط حينئذ انه تنعتق على الولد ما لم يتعقبه ضمان من نصيبه فان كان مجموع نصيبه او بعض نصيبه يملكه مع ضمان اداء ما قابله من الدين،

______________________________

ان نجزم (بكون قيمتها بعد الانعتاق) اى بعد ان انعتقت (متعلقا بالولد) اذ يلزم منه ما لا يقول به احد- كما تقدم-.

(اما اذا قلنا: باستسعائها) اى بانها تسعى لاداء قيمتها، او قلنا: بانها تؤجر و يصرف بدل ايجارها فى ثمنها (فلا يلزم شي ء) من القول بما يخالف الاجماع.

(فالضابط حينئذ) اى حين قلنا: باستسعائها (انه تنعتق على الولد ما لم يتعقبه) اى يتعقب عتقه (ضمان من نصيبه) بان لم يضمن الولد ان يعطى شيئا من كيسه او بعض نصيبه اى لم يجب العتق ان يعطى الولد تمام ثمنها، او بعض ثمنها، و ذلك بان كان الارث الّذي ورثه الولد يكفى بانعتاقها، بان لم يكن الدين على المولى بحيث يوجب انعتاق أمّ الولد خسارة على الولد (فان كان مجموع نصيبه) اى نصيب الولد (او بعض نصيبه) بحيث (يملكه) الولد (مع ضمان اداء ما قابله من الدين)

مثلا: كانت أمّ الولد مائة، و لا نصيب للولد- لكون الدين مستغرقا-

او كان نصيبه من الارث خمسين، لكون الدين ذهب بنصف حصة

ص: 195

كان ذلك فى رقبتها.

و ممّا ذكرنا يظهر أيضا انه لو كان غير ولدها أيضا مستحقا لشي ء منها بالارث لم يملك نصيبه مجانا، بل اما ان يدفع الى الديان ما قابل

______________________________

الولد- مثلا- حتى اذا اريد ان يكون الانعتاق من نصيب الولد، لزم على الولد ان يؤدى و يضمن المائة او الخمسين الّذي يقابل ثمن أمّ الولد (كان ذلك)- اى ما قابل- ف «ذلك» راجع الى الموصول- اى «ما»- (فى رقبتها) كلّا- كالمائة- او بعضا كالخمسين.

و قوله «فان كان» شرط، و قوله «كان ذلك» جزاء.

و حاصل هذا الكلام: ان الولد لا يخسر شيئا، بل الخسارة عليها و عليه فلا يلزم ما ذكره صاحب المقابيس فى اشكاله الرابع من انه يلزم من خسارة الولد خلاف الاجماع.

(و مما ذكرنا) من ان الولد لا يخسر، و انما الخسارة على نفس أمّ الولد فى سعيها (يظهر أيضا انه لو كان غير ولدها أيضا مستحقا لشي ء منها بالارث) كما لو مات الأب، و خلّف الجارية فقط، و كان وارثه ولدين مثلا- حيث ان الجارية تنصف بينهما، و كان على المولى دين يستغرق كل الامة، فان الامة تعتق و تكلف الامة باعطاء دين الديان (لم يملك نصيبه) و كذلك «يدفع» بالمجهول اى لم تملك أمّ الولد نصيب سائر الورثة (مجانا) حتى يكون عتقها ضررا على غير ولدها حتى يجب على الولد الثانى ان يعطى من كيسه نصف الدين (بل اما ان يدفع الى الديان) و هو الوارث الّذي سبب انعتاق أمّ الولد ذهاب نصيبه (ما قابل

ص: 196

نصيبه فتسعى أمّ الولد كما لو لم يكن دين فينعتق نصيب غير ولدها عليه مع ضمانها او ضمان ولدها قيمة حصته التى فكها من الديان.

و اما ان يخلى بينها و بين الديان، فتنعتق أيضا عليهم

______________________________

نصيبه) اى نصيب ذلك الديان (فتسعى أمّ الولد) لاداء ذلك النصيب من الدين (كما لو لم يكن دين)

فكما كان يحصل الولد الاخر على نصيبه اذا لم يكن دين من سعى أمّ الولد.

كذلك يحصل الديان- الآن- على دينهم من سعى أمّ الولد، فالتشبيه ب «كما» لاجل افادة وجوب سعى أمّ الولد فى الحالتين (فينعتق نصيب غير ولدها) «غير الولد» كالولد الثانى فى المثال (عليه) اى على غير الولد، بمعنى ان الولد الثانى يخسر عين الامة، اذ الانعتاق انما يكون من باب السراية رغما على الولد الثانى، و لكن الانعتاق لا يوجب خسارة الولد الثانى، بل (مع ضمانها) اى أمّ الولد بان تسعى لاداء حصة الولد الثانى (او ضمان ولدها) بان يكون الضمان على ولدها (قيمة حصته) اى حصة غير ولدها، فالضمير مصداقه «الولد الثانى» فى مثالنا (التى فكها من الديان) فان المفروض ان الولد الثانى اعطى الديان ما كان عليه- فى قبال حصته من الارث- اى اعطى نصف قيمة الامة، و الامة اعتقت، فاللازم ان يأخذ الولد حصته حتى لا يخسر شيئا (و اما ان يخلى بينها) اى بين أمّ الولد (و بين الديان فتنعتق أيضا عليهم) اى على الدّيان، لانهم لا يتمكنون من استملاكها

ص: 197

مع ضمانها، او ضمان ولدها ما قابل الدين لهم.

و اما حرمان الديان عنها عينا و قيمة وارث الورثة لها و اخذ غير ولدها قيمة حصته منها، او من ولدها و صرفها فى غير الدين فهو باطل لمخالفته لادلة ثبوت حق الديان من غير ان يقتضي النهى

______________________________

فى قبال دينهم (مع ضمانها) فى سعيها (او ضمان ولدها ما قابل الدين لهم) اذ لا وجه لخسارة الديان.

فاما ان نقول: انها تضمن، لان الحرية كانت فى كيسها.

و اما نقول: ان ولدها يضمن، لانه سبب حريتها و خسارة الديان، اذ لو لا هذا الولد لم تتحرر الامة حتى لا يتمكن الديان من استرقاقها فى قبال دينهم.

(و اما) بفتح الهمزة- و جوابه فهو باطل- (حرمان الديان عنها) اى عن هذه الامة (عينا و قيمة) بان نقول: بانه ليس لهم، لا عينها و لا قيمتها (وارث الورثة لها) بان ترث الورثة للامة لكنها لما اعتقت كان نصيب ولدها ضررا على الولد، اما نصيب سائر الورثة، فالامة او الولد مكلف باعطائهم نصيبهم (و) ذلك، ب (اخذ غير ولدها) من سائر الورثة (قيمة حصته) اى حصة غير ولدها (منها) بان تسعى هى لسدّ القيمة (او من ولدها) بان يكون مكلفا باعطاء القيمة لسائر الورثة (و صرفها) اى سائر الورثة يصرفون القيمة التى اخذوها (فى غير الدين) اى سائر شئونهم الشخصية (فهو باطل) جواب «اما» (لمخالفته لادلة ثبوت حق الديان) و لما ذا يذهب حق الديان هدرا (من غير ان يقتضي النهى

ص: 198

عن التصرف فى أمّ الولد لذلك.

و مما ذكرنا يظهر ما فى قول بعض من اورد على ما فى المسالك بما ذكرناه ان الجمع بين فتاوى الاصحاب و ادلتهم مشكل جدّا حيث انهم قيدوا الدين

______________________________

عن التصرف فى أمّ الولد لذلك) اى لحرمان الديان.

فان الجمع بين النهى عن التصرف فى أمّ الولد، و بين حق الديان، ان يأخذ الديان القيمة اما منها، او من ولدها، لا ان يبطل حقهم.

(و مما ذكرنا) من الجمع بين حق أمّ الولد، و حق الديان، بسقوط حق الديان عن عينها، و ثبوت حقهم فى قيمتها، اما على نفسها، او على ولدها (يظهر ما فى قول بعض من اورد على ما فى المسالك بما ذكرناه) و المورد صاحب المقابيس (ان الجمع) مقول القول (بين فتاوى الاصحاب و ادلتهم، مشكل جدّا)

اذ ادلتهم تقتضى غير قولهم، اذ دليلهم يقول: بان حق الديان يسقط- بمقتضى ان الامة تنعتق فان لازم انها تعتق سقوط حقهم- و هم لا يقولون بسقوط حق الديّان، لانهم يقولون: بان سقوط حق الديان من العين فقط.

و قوله «حيث» بيان من صاحب المقابيس لفتاوى الاصحاب حتى يظهر ان فتاواهم تخالف دليلهم (حيث انهم قيدوا الدين) الّذي اذا كان على المولى كان على الامة السعى، لفكه، او على ولدها ان

ص: 199

بكونه ثمنا، و حكموا بانها تعتق على ولدها من نصيبه و انّ ما فضل عن نصيبه ينعتق بالسراية، و تسعى فى اداء قيمته.

و لو قصدوا ان أمّ الولد، او سهم الولد، مستثنى من الدين كالكفن عملا بالنصوص المزبورة فله وجه.

الا انهم لا يعدون ذلك من المستثنيات

______________________________

يدفعه (بكونه ثمنا) لها، اما سائر الديون فليس على الامة او ولدها اداء تلك الديون (و حكموا بانها تعتق على ولدها من نصيبه) اى نصيب الولد (و انّ ما فضل عن نصيبه) كما لو كان نصيبه نصف الامة (ينعتق بالسراية، و تسعى) الامة (فى اداء قيمته) فاذا كان هذا فتوى الاصحاب و ادلتهم تقتضى سقوط حق الديان، كان بين دليلهم و فتواهم تخالفا

(و) ان قلت: لا تخالف بين الفتوى و الدليل، اذ فتواهم بوجوب سعى الامة، او ولدها لاداء الدين انما هو حسب وجوب اداء ديون الميّت، و دليلهم الدال على سقوط حق الديان يراد به سقوطه عن الامة لان الامة المستولدة كالكفن.

قلت: (لو قصدوا ان أمّ الولد) كلا فيما اذا كانت كلها من سهم الولد (او سهم الولد) منها فيما اذا كانت بعضها من سهم الولد (مستثنى من الدين، كالكفن، عملا بالنصوص المزبورة) حتى انها تفرض كانها لم تكن، فتوافق فتواهم دليلهم، اذ دليلهم سقوط حق الديان، و فتواهم استثناء أمّ الولد كالكفن (فله وجه) اذ لا يلزم التخالف بين الدليل و الفتوى

(الا انهم لا يعدون ذلك) اى أمّ الولد (من المستثنيات) من الدين

ص: 200

و لا ذكر فى النصوص صريحا، انتهى.

و انت خبير بان النصوص المزبورة لا تقتضى سقوط حق الديان كما لا يخفى.

و منها: تعلق كفن مولاها بها

على ما حكاه فى الروضة ذلك بشرط عدم كفاية بعضها له بناء على ما تقدم

______________________________

(و لا ذكر فى النصوص صريحا) بتصريح اسم أمّ الولد، كما صرحت النصوص باسم الكفن (انتهى) كلام صاحب المقابيس.

(و انت خبير بان النصوص المزبورة) التى دلت على عدم تعلق حق الديان بامّ الولد (لا تقتضى سقوط حق الديان) رأسا عن عين أمّ الولد، و عن قيمتها، بل انما دلت على سقوط حقهم عن عينها، و ذلك لا ينافى ثبوت حقهم فى قيمتها- فتسعى هى او ولدها فى اداء حق الديان-.

فلا يكون بين فتوى المشهور، و بين دليلهم تنافيا، اذ فتواهم تعلق حق الديان بقيمتها، و دليلهم سقوط حقهم عن عينها، و لا نحتاج الى تكلف ان نجعل أمّ الولد كالكفن (كما لا يخفى) و المسألة تحتاج الى كثير من التأمّل و الله العالم.

(و منها: تعلق كفن مولاها بها) بان لا يكون كفن و لا مال غير المستولدة (على ما حكاه فى الروضة ذلك بشرط عدم كفاية بعضها) اى بعض الامة (له) اى للكفن، بان كان ثمن الكفن مستغرقا لقيمة الامة.

و انما نقول: باستثناء هذه الصورة عن منع بيع الامة (بناء اعلى ما تقدم

ص: 201

نظيره فى الدين، من ان المنع لغاية الارث و هو مفقود مع الحاجة الى الكفن.

و قد عرفت ان هذه حكمة غير مطردة و لا منعكسة.

و اما بناء على ما تقدم من جواز بيعها فى غير ثمنها من الدين مع ان الكفن يتقدم على الدين

فبيعها له اولى، بل اللازم ذلك أيضا، بناء على حصر

______________________________

نظيره فى الدين) الّذي كان على المولى (من ان المنع) عن بيع الامة (لغاية الارث) اى لاجل ان يرث ولدها، فتتحرر هى من إرث ولدها (و هو) اى المنع لغاية الارث (مفقود مع الحاجة الى الكفن) اذ الكفن لا يبقى محلا للارث اذا الكفن مقدم على الارث.

(و) لكن هذا الاستثناء فيه اشكال.

اذ (قد عرفت) فى مسألة الدين (ان هذه) الحكمة: اى المنع عن البيع لاجل الارث (حكمة غير مطردة) فلا يشمل كل الافراد (و لا منعكسة) فلا تمنع الاغيار.

(و اما بناء على ما تقدم من جواز بيعها فى غير ثمنها من الدين) اى سائر ديون المولى (مع ان الكفن يتقدم على الدين) فالقياس هكذا، الكفن مقدم على الدين و الدين مقدم على حق الامة، فالكفن مقدم على حق الامة.

(فبيعها) اى أمّ الولد (له) اى للكفن (اولى) من بيعها فى سائر الديون (بل اللازم ذلك) اى بيعها فى الكفن (أيضا، بناء على حصر

ص: 202

الجواز فى بيعها و ثمنها على ما تقدم من ان وجود مقابل الكفن الممكن صرفه فى ثمنها، لا يعلم عن بيعها.

فيعلم من ذلك تقديم الكفن على حق الاستيلاد، و الا لصرف مقابله فى ثمنها و لم تبع.

و من ذلك يظهر النظر فيما قيل من: ان هذا القول مأخوذ من القول

______________________________

الجواز فى بيعها و ثمنها) و ان لم نقل بجواز البيع فى غير الثمن.

بناء (على ما تقدم من ان وجود مقابل الكفن) فى تركة المولى.

كما اذا ترك المولى جارية و دينارا، و الدينار كان مقابل الكفن اى تكون قيمة الكفن دينارا- (الممكن صرفه) اى صرف ذلك المقابل (فى ثمنها) اى ثمن الكفن (لا يعلم عن بيعها) اى بيع أمّ الولد فى دين رقبتها، فان الدينار لا يعطى للدين لتسلم أمّ الولد.

(فيعلم من ذلك) اى من عدم صرف المال فى الدين، بل يحفظ للكفن، و تباع الامة (تقديم الكفن على حق الاستيلاد، و الا) يكن الكفن مقدما على حق الاستيلاد (لصرف مقابله) اى مقابل الكفن- و هو الدينار فى المثال- (فى ثمنها) اى ثمن الامة الّذي كان المولى مديونا له (و لم تبع) الامة.

(و من ذلك) الّذي ذكرناه، من انه تباع الامة فى ثمن رقبتها، و لا يعطى المال الّذي عند المولى لدين الامة بل يشترى بذلك المال الكفن (يظهر النظر فيما قيل من: ان هذا القول) اى قول جواز بيع الامة فى الكفن (مأخوذ من القول

ص: 203

بجواز بيعها فى مطلق الدين المستوعب.

و توضيحه: انه اذا كان للميت المديون أم ولد، و مقدار ما يجهز به فقد اجتمع هنا حق الميت، و حق بايع أمّ الولد، و حق أمّ الولد، فاذا ثبت عدم سقوط حق بايع أمّ الولد دار الامر بين اهمال حق الميت بترك الكفن،

و اهمال حق أمّ الولد ببيعها.

فاذا حكم بجواز بيع أمّ الولد حينئذ

______________________________

بجواز بيعها فى مطلق الدين المستوعب) بمعنى انه ان لم نقل بذلك بل قلنا: بان جواز بيعها انما هو فى مجرد ثمن نفسها، لزم ان نقول:

بانها لاتباع فى الكفن.

(و توضيحه) اى توضيح قولنا «يظهر» (انه اذا كان للميت المديون أم ولد، و مقدار ما يجهز به) كالدينار- فى المثال- (فقد اجتمع هنا حق الميت) بان يكفّن (و حق بايع أمّ الولد) فى ثمن رقبتها (و حق أمّ الولد) فى انفكاكها (فاذا ثبت عدم سقوط حق بايع أمّ الولد) لشمول اطلاق الادلة له، بان كان الواجب اداء قيمة أمّ الولد (دار الامر بين اهمال حق الميت) بان يعطى الدينار- فى المثال- للبائع و تعتق الامة، و لا يكفن الميت.

و الاهمال انما هو (بترك الكفن) كما عرفت (و اهمال حق أمّ الولد ببيعها) ليؤدى حق البائع و يكفّن الميت بالدينار.

(فاذا حكم بجواز بيع أمّ الولد حينئذ) اى حين دار الامر بين اهمال

ص: 204

بناء على ما تقدم فى المسألة السابقة، كان معناه تقديم حق الميت على حق أمّ الولد.

و لازم ذلك تقديمه عليها مع عدم الدين و انحصار الحق فى الميت و أمّ الولد.

اللهم الا ان يقال: لما ثبت بالدليل السابق تقديم دين ثمن أمّ الولد على حقها، و ثبت بعموم النص تقديم الكفن على الدين، اقتضى الجمع بينهما

______________________________

حق الميت او حق أمّ الولد (بناء على ما تقدم فى المسألة السابقة، كان معناه تقديم حق الميت على حق أمّ الولد)

و منه يستكشف: انه كلما دار الامر بين حق أمّ الولد، او حق الميت قدم حق الميت.

(و لازم ذلك تقديمه) اى حق الميت (عليها) اى على حق أمّ الولد (مع عدم الدين) على الميت (و) ذلك فى صورة (انحصار الحق فى الميت، و أمّ الولد) بان دار الامر بين ان لا يكفّن الميت، او تباع أمّ الولد.

(اللهم الا ان يقال) فى وجه تقديم حق أمّ الولد (لما ثبت بالدليل السابق تقديم دين ثمن أمّ الولد) بان كان الميت مديونا لثمن أمّ الولد (على حقها) اى حق أمّ الولد، لان أمّ الولد تباع فى الدين (و ثبت بعموم النص) الدال على تقديم الكفن على كل شي ء (تقديم الكفن على الدين، اقتضى الجمع بينهما) اى بين دليل تقديم دين ثمنها و تقديم

ص: 205

تخصيص جواز صرفها فى ثمنها بما اذا لم يحتج الميت الى الكفن بنفسه او لبذل باذل، او بما اذا كان للميت مقابل الكفن، لان مقابل الكفن غير قابل للصرف فى الدين فلو لم يكن غيرها، لزم من صرفها فى الثمن تقديم الدين على الكفن

______________________________

الكفن (تخصيص جواز صرفها) اى صرف الامة (فى ثمنها) بان تباع و يعطى ثمنها للبائع (بما اذا لم يحتج الميت الى الكفن بنفسه) بان كان له كفن (او لبذل باذل) للكفن.

و عليه: فاذا لم يكن للميت كفن و لا بذل باذل، لزم صرف ثمنها فى الكفن، لتقدم الكفن على الدين (او) تخصيص جواز الصرف (بما اذا كان للميت مقابل الكفن) اى مال يمكن ان يشترى به الكفن (لان مقابل الكفن غير قابل للصرف فى الدين) اذا الكفن مقدم على الدين، كما عرفت (فلو لم يكن غيرها) بان لم يكن للمولى غير الامة و لا كفن له (لزم من صرفها فى الثمن) اى ثمن نفسها (تقديم الدين على الكفن)

و قد عرفت: ان الكفن مقدم على الدين.

و الحاصل: ان هنا دليلين، بينهما عموم من وجه، دليل تقديم الكفن على الدين و هو خاص بالكفن و عام يشمل صورة كون الدين ثمن رقبتها أم لا.

و دليل بيعها لصرف ثمنها فى رقبتها فانه خاص بكون الدين ثمن رقبتها، و عام يشمل صورة الاحتياج الى الصرف فى الكفن أم لا.

فيجتمعان فى صورة الاحتياج الى صرفها فى الكفن مع كون الدين

ص: 206

اما اذا لم يكن هناك دين و تردد الامر بين حقها و حق مولاها الميت فلا دليل على تقديم حق مولاها ليخصص به قاعدة: المنع عن بيع أمّ الولد، عدا ما يدعى من قاعدة: تعلق حق الكفن بمال الميت.

لكن الظاهر اختصاص تلك القاعدة بما اذا لم يتعلق به حق سابق مانع من التصرف فيه و الاستيلاد من ذلك الحق.

و لو فرض

______________________________

ثمن رقبتها.

لكن حيث عرفنا من الخارج اهمية الكفن و انه مقدم على كل شي ء، لزم ان تخصص جواز صرفها فى ثمن رقبتها بما اذا لم يبق الميت بدون الكفن و الا لزم تقديم الكفن على صرفها فى ثمن رقبتها، فتأمل.

(اما اذا لم يكن هناك دين) على المولى (و تردد الامر بين حقها) بان تعتق من نصيب ولدها (و حق مولاها الميت) بان تباع فى الكفن (فلا دليل على تقديم حق مولاها) فى الكفن على حقها فى الحرية (ليخصص به) اى بذلك الدليل (قاعدة: المنع عن بيع أمّ الولد، عدا ما يدعى من قاعدة: تعلق حق الكفن بمال الميت) فيقدم الكفن على حقها

(لكن الظاهر) من دليل الكفن لدى الفهم العرفى (اختصاص تلك القاعدة) اى قاعدة تعلق حق الكفن (بما اذا لم يتعلق به) اى بمال الميت (حق سابق) على حق الكفن (مانع من التصرف فيه) اى فى المال (و الاستيلاد من) قبيل (ذلك الحق) السابق لانه سابق على الكفن.

(و لو فرض) انا لم نقل بتقدم حق الاستيلاد على حق الكفن، بان

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 9، ص: 208

ص: 207

تعارض الحقين، فالمرجع الى اصالة فساد بيعها قبل الحاجة الى الكفن، فتأمل.

نعم: يمكن ان يقال: نظير ما قيل فى الدين، من ان الولد يرث نصيبه، و ينعتق عليه، و يتعلق بذمته مئونة التجهيز او تستسعى أمه و لو بايجار نفسها فى مدة و اخذ الاجرة قبل العمل، و صرفها فى التجهيز و المسألة محل اشكال.

______________________________

قلنا: ب (تعارض الحقين) و تساقطهما، لزم ان نلتمس دليلا آخر (فالمرجع الى اصالة فساد بيعها قبل الحاجة الى الكفن)

فاذا شك فى انه هل انقلب البيع صحيحا بعد الحاجة الى الكفن، أم لا؟ كان استصحاب الفساد محكما (فتامل) اذ لا مجال للاستصحاب لتبدل الموضوع و انما يكون المرجع اصالة صحة البيع.

(نعم: يمكن ان يقال) فى باب تعارض حق الاستيلاد و حق الكفن (نظير ما قيل فى الدين) اذا تعارض مع حق الاستيلاد (من ان الولد يرث نصيبه، و ينعتق عليه، و يتعلق بذمته) اى ذمة الولد (مئونة التجهيز) للميت (او تستسعى أمه) اى أمّ الولد (و لو بايجار نفسها فى مدة، و اخذ الاجرة قبل العمل) فيما اذا توقف الكفن على اخذ الاجرة قبل العمل، و الا فلو تمكثت من ان تعطى نفسها متعة- مثلا- مقدار ساعة لتحصل ثمن الكفن لم يحتج الامر الى التقييد بكون اخذ الاجرة قبل العمل (و صرفها فى التجهيز) للميت (و المسألة محل اشكال) من قوة حق الحرية، و من قوة دليل الكفن بعد ان لم يكن دليل على كون

ص: 208

و منها ما اذا جنت على غير مولاها فى حياته.

اما بعد موته فلا اشكال فى حكمها، لانها بعد موت المولى تخرج عن التشبث بالحرية، اما الى الحرية الخالصة، او الرقية الخالصة.

و حكم جنايتها عمدا انه ان كانت فى مورد ثبت القصاص، فللمجنى عليه القصاص نفسا كان او طرفا.

______________________________

التجهيز بذمة الولد، او فى سعيها باجارة، او نحوها.

(و منها) اى من موارد بيع أمّ الولد و انتقالها عن مولاها (ما اذا جنت على غير مولاها) فان الجناية توجب ان يكون للمجنى عليه حق استرقاق الجانى (فى حياته) اى فى حياة المولى.

(اما بعد موته) بان جنت بعد ان مات المولى (فلا اشكال فى حكمها) اى حكم أمّ الولد (لانها بعد موت المولى تخرج عن التشبث) و التعلق (بالحرية، اما الى الحرية الخالصة) فيما اذا اعتقت من نصيب ولدها فتكون الجناية جناية حر، لا جناية عبد (او الرقية الخالصة) فيما اذا بيعت فى ثمن رقبتها، او ما اشبه، فانها مملوكة حينئذ و تكون جنايتها من جناية العبد، فتأمل.

(و حكم جنايتها عمدا انه) اى الشأن (ان كانت) الجناية (فى مورد ثبت القصاص، فللمجنى عليه) او ذويه (القصاص نفسا كان) بان قتلت نفسا فلذوى المقتول ان يقتلوها (او طرفا) كما لو فقئت عين انسان، فللمجنى عليه ان يفقأ عينها.

ص: 209

و له استرقاقها كلا، او بعضا على حسب جنايتها فيصير المقدار المسترق منها ملكا طلقا.

و ربما تخيل بعض انه يمكن ان يقال: ان رقبتها للمجنى عليه لا تزيد على رقبتها للمالك الاول لانها تنتقل إليه على حسب ما كانت عند الاول.

ثم ادعى انه يمكن ان يدعى ظهور ادلة المنع خصوصا صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة، فى عدم بيع أمّ الولد مطلقا.

______________________________

(و له) اى المجنى عليه (استرقاقها كلا) اذا كانت الجناية بحيث تكون مستوعبة لثمنها كلّا (او بعضا) اذا كانت الجناية بقدر بعض ثمنها (على حسب جنايتها) و بمقدار الجناية (فيصير المقدار المسترق منها ملكا طلقا) للمجنى عليه او ذويه.

(و ربما تخيل بعض) و هو صاحب الجواهر (انه يمكن ان يقال:

ان رقبتها) اى أمّ الولد (للمجنى عليه) اذ تنتقل الامة إليه بالاسترقاق (لا تزيد على رقبتها للمالك الاول) اى المالك الّذي استولدها.

فكما ان الاول لا يحق له ان يبيعها، كذلك المالك الثانى، فهى رق محجور عند الاول و عند الثانى (لانها تنتقل إليه) اى الى المالك الثانى (على حسب ما كانت عند الاول) فهى تنتقل فى حالكونها محجورة

(ثم ادعى) صاحب الجواهر (انه يمكن ان يدعى ظهور ادلة المنع) عن بيع أمّ الولد (خصوصا صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة فى عدم بيع أمّ الولد مطلقا) «فى» متعلق ب «ظهور»

و معنى مطلقا، انها سواء كانت عند المالك الاول، او المالك

ص: 210

و الظاهر ان مراده بامكان القول المذكور مقابل امتناعه عقلا و الا فهو احتمال مخالف للاجماع و النص الدال على الاسترقاق الظاهر فى صيرورة الجانى رقا خالصا.

و ما وجه به هذا الاحتمال من انها تنتقل الى المجنى عليه على حسب ما كانت عند الاول فيه:

______________________________

الثانى.

(و) لكن او رد الشيخ على الجواهر، بان (الظاهر ان مراده بامكان القول المذكور) حيث «يمكن ان يدعى» (مقابل امتناعه عقلا) اى ان هذا القول ليس بممتنع عقلا (و الا) يرد الاحتمال العقلى (فهو احتمال مخالف للاجماع و النص)

فليس الاحتمال احتمالا من الادلة و الظواهر (الدال على الاسترقاق) اى استرقاق المجنى عليه للعبد الجانى،.

و قوله «الدال» صفة للاجماع و النص، باعتبار كل واحد، مثل قوله «فانظر الى طعامك و شرابك لم يتسنه» (الظاهر) ذلك الاسترقاق (فى صيرورة الجانى رقا خالصا) لا رقا محجورا بحيث لا يتمكن المجنى عليه من نقله و انتقاله.

(و ما وجه) صاحب الجواهر (به) الضمير عائد الى «ما» (هذا الاحتمال) اى احتمال كونه محجورا عند المجنى عليه (من انها تنتقل الى المجنى عليه على حسب ما كانت عند الاول)

فكما كانت محجورة عند الاول، كذلك تكون محجورة عند الثانى (فيه:

ص: 211

انه ليس فى النص، الا الاسترقاق، و هو جعلها رقّا له، كسائر الرقيق لا انتقالها عن المولى الاول إليه حتى يقال: انه انما كان على نحو الّذي كان للمولى الاوّل.

و الحاصل ان المستفاد بالضرورة من النص و الفتوى: ان الاستيلاد يحدث للامة حقا على مستولدها، يمنع من مباشرة بيعها، و من البيع لغرض عائد عليه، مثل قضاء ديونه، و كفنه، على خلاف فى ذلك

______________________________

انه ليس فى النص، الا الاسترقاق) اى النص الدال على ان للمجنى عليه استرقاق العبد الجانى (و هو) اى الاسترقاق- لغة و عرفا- (جعلها رقّا له، كسائر الرقيق، لا انتقالها عن المولى الاول إليه) اى الى المجنى عليه (حتى يقال: انه) اى الانتقال (انما كان على نحو الّذي كان للمولى الاول) بالإضافة الى الفرق بين المولى الاول و الثانى.

فانها مستولدة للمولى الاول و ليست كذلك للثانى.

كما انها اذا بيعت لدين او كفن، لم تكن عند المولى الثانى بمنزلتها عند المولى الاول.

(و الحاصل) فى رد الجواهر القائل بانها محجورة عند الثانى (ان المستفاد بالضرورة) و البداهة (من النص و الفتوى: ان الاستيلاد يحدث للامة حقا على مستولدها، يمنع) ذلك الحق (من مباشرة بيعها و من البيع لغرض عائد عليه) اى الى المولى- و ذلك بعد موته- (مثل قضاء ديونه، و كفنه) اى كفن المولى (على خلاف فى ذلك) فى ان حق الاستيلاد هل يمنع عن البيع لاجل الدين و الكفن، أم لا؟- كما

ص: 212

و ان كانت الجناية خطأ، فالمشهور انها كغيرها من المماليك يتخير المولى بين دفعها، او دفع ما قابل الجناية منها الى المجنى عليه، و بين ان يقديها باقلّ الامرين على المشهور او بالارش،

______________________________

تقدم نقل الخلاف- هذا كله فيما اذا كانت جناية المستولدة عمدا.

(و ان كانت الجناية خطأ، فالمشهور انها) اى أمّ الولد (كغيرها من المماليك) الخالصة الملكية (يتخير المولى بين دفعها) الى المجنى عليه ليسترقها (او دفع ما قابل الجناية منها الى المجنى عليه) فان كانت الجناية تسوى نصفها، دفع المولى نصفها او ثلثها دفع ثلثها و هكذا.

و قوله «او» للتفصيل اى دفعها فيما كانت الجناية مستوعبة و دفع بعضها فيما اذا لم تكن الجناية مستوعبة (و بين ان يفديها) باعطاء الفدية الى المجنى عليه (باقلّ الامرين) من قيمتها و قيمة الجناية، مثلا اذا فقئت عينا واحدة لانسان- و من المعلوم ان قيمة العين الواحدة خمسمائة دينار-.

فان كانت قيمة الامة أربعمائة اعطى المولى أربعمائة- لانه لا يجنى الجانى اكثر من قيمته-.

و ان كانت قيمة الامة ستمائة دفع خمسمائة فقط، و هذا معنى اقل الامرين (على المشهور) فى ان المولى مخيّر بين اقل الامرين (او بالارش) عطف على اقل الامرين- بمعنى انه ليس اقل الامرين، بل الارش، اى قيمة الجناية من غير فرق بين ان تكون اقل من قيمة الامة او

ص: 213

على ما عن الشيخ و غيره.

و عن الخلاف و السرائر، و استيلاد المبسوط: انه لا خلاف فى ان جنايتها تتعلق برقبتها لكن عن ديات المبسوط ان جنايتها على سيدها بلا خلاف، الا من ابى ثور فانه جعلها فى ذمتها تتبع بها بعد العتق، و هو مخالف لما فى الاستيلاد من المبسوط.

و ربما يوجه بإرادة نفى الخلاف بين العامة.

______________________________

اكثر او مساويا- (على ما عن الشيخ و غيره) فانهم لم يخيروا المولى بين دفع ما قابل الجناية منها، او اعطاء اقل الامرين بل قالوا بدفع ما قابل الجناية، او الارش.

(و عن الخلاف و السرائر، و استيلاد المبسوط: انه لا خلاف فى ان جنايتها تتعلق برقبتها) بمعنى عدم الخلاف فى انها تنتقل بسبب الجناية و ليس حق الاستيلاد مانعا عن انتقالها (لكن عن ديات المبسوط ان جنايتها على سيدها بلا خلاف، الا من ابى ثور) من العامة (فانه) اى أبا ثور (جعلها) اى جنايتها (فى ذمتها تتبع بها) و تؤخذ قيمة الجناية من الامة (بعد العتق، و) لا يخفى ان (هو) اى ما فى ديات المبسوط (مخالف لما فى الاستيلاد من المبسوط) اذ كون الجناية عليها مخالف لكون الجناية على سيّدها.

(و ربما يوجه) الجمع بين كلامى المبسوط (بإرادة نفى الخلاف) فى باب الديات (بين العامة) بقرينة استثناء ابى ثور و المراد بباب الاستيلاد عدم الخلاف بين الخاصة.

ص: 214

و ربما نسب إليه الغفلة، كما عن المختلف.

و الاظهر ان المراد بكونها على سيدها عود خسارة جنايتها على السيد فى مقابل عدم خسارة المولى لا من عين الجانى، و لا من مال آخر.

و كونها فى ذمة نفسها تتبع بها بعد العتق، و ليس المراد وجوب فدائها.

و على هذا أيضا

______________________________

(و ربما نسب إليه) اى الى الشيخ (الغفلة) فى دعواه عدم الخلاف تارة هكذا، و تارة هكذا (كما عن المختلف) فانه قال: ان الشيخ غفل حيث ادعى عدم الخلاف، مرة هكذا، و مرة هكذا.

(و الاظهر) انه لا تنافى بين كلامى الشيخ، ف (ان المراد بكونها) اى الخسارة (على سيدها) ليس انها ليست فى رقبتها، بل بمعنى (عود خسارة جنايتها على السيد فى مقابل عدم خسارة المولى) اصلا (لا من عين الجانى، و لا من مال آخر)

اذ المولى على اى تقدير خاسر، سواء اخذت عين الامة، او اخذت قيمة الجناية من المولى، بدليل انه مقابل كلام ابى ثور الّذي لا يجعل الجناية على المولى اطلاقا.

(و كونها) اى الجناية، عطف على «عدم» (فى ذمة نفسها تتبع بها) اى تتبع الامة بتلك الخسارة (بعد العتق، و ليس المراد وجوب فدائها) حتى يقع التنافى بين كلامى الشيخ.

(و على هذا) يعنى كون الخسارة بالنتيجة من كيس السيّد (أيضا

ص: 215

يحمل ما فى رواية مسمع، عن ابى عبد الله عليه السلام، قال: أمّ الولد جنايتها فى حقوق الناس على سيدها و ما كان من حقوق الله فى الحدود فان ذلك فى بدنها.

فمعنى كونها على سيدها: ان الامة بنفسها لا تتحمل من الجناية شيئا.

و مثلها ما ارسل عن على عليه السلام، فى المعتق عن دبر، فهو من الثلث و ما جنى هو و أمّ الولد، فالمولى ضامن لجنايتهم.

و المراد من جميع ذلك خروج دية الجناية من مال المولى المردد بين ملكه

______________________________

يحمل) كما حمل كلام الشيخ (ما فى رواية مسمع، عن ابى عبد الله عليه السلام، قال: أمّ الولد جنايتها فى حقوق الناس على سيدها) بمعنى ان الخسارة تقع على السيد اما فى عين الامة، او فى خسارة المولى لقيمة الجناية (و ما كان من حقوق الله فى الحدود) كما اذا زنت، او سرقت (فان ذلك فى بدنها) يجرى عليها الحد.

(فمعنى كونها على سيدها: ان الامة بنفسها لا تتحمل من الجناية شيئا) حتى يتبع بها بعد العتق.

(و مثلها ما ارسل عن على عليه السلام، فى المعتق عن دبر) اى من قال له المولى: انت حر دبر وفاتى (فهو من الثلث) لانه كالوصية (و ما جنى هو) اى المدبّر (و أمّ الولد فالمولى ضامن لجنايتهم)

(و المراد من جميع ذلك) كلام الشيخ و الروايات (خروج دية الجناية من مال المولى المردد) ذلك المال للمولى (بين ملكه) اى ملك

ص: 216

الجانى او ملك آخر.

و كيف كان فاطلاقات حكم جناية مطلق المملوك سليمة عن المخصص

و لا يعارضها أيضا اطلاق المنع عن بيع أمّ الولد لان ترك فدائها و التخلية بينها، و بين المجنى عليه ليس نقلا لها، خلافا للمحكى عن موضع من المبسوط، و المهذب، و المختلف من تعيين الفداء على السيد

______________________________

المولى الّذي هو (الجانى) بنفسه، بان يسترقه المجنى عليه (او ملك آخر) للمولى.

(و كيف كان فاطلاقات حكم جناية مطلق المملوك سليمة عن المخصص) فى باب أمّ الولد.

فما دل على ان المولى يخير او المجنى عليه يخيّر بين جعل الجناية فى نفس العبد الجانى، او فى مال آخر للمولى يشمل ما لو كان الجانى أم ولد أيضا.

اذ لا مخصص لتلك الادلة يوجب خروج أمّ الولد عن هذا الحكم بان يجب اعطاء الجناية من مال آخر للمولى.

(و لا يعارضها) اى لا يعارض اطلاقات حكم جناية مطلق المملوك (أيضا) اى كما لم يكن هناك مخصص لها (اطلاق المنع عن بيع أمّ الولد) و انما لا يعارض (لان ترك) المولى (فدائها) بان لم يعط قيمة جنايتها من ماله (و التخلية بينها، و بين المجنى عليه ليس نقلا لها) حتى يشملها دليل المنع عن نقل أمّ الولد (خلافا للمحكى عن موضع من المبسوط، و المهذب، و المختلف من تعيين الفداء على السيد) و انه

ص: 217

و لعله للروايتين المؤيدتين بان استيلاد المولى هو الّذي ابطل احد طرفى التخيير فتعين عليه الآخر بناء على انه لا فرق بين ابطال احد طرفى التخيير بعد الجناية، كما لو قتل، او باع عبده الجانى و بين ابطاله قبلها كالاستيلاد الموجب لعدم تأثير اسباب الانتقال فيها.

و قد عرفت معنى الروايتين.

و المؤيد مصادرة

______________________________

ليس فى رقبتها.

(و لعله للروايتين) رواية مسمع و المرسلة (المؤيدتين بان استيلاد المولى هو الّذي ابطل احد طرفى التخيير) اى الاسترقاق، لانها لا تنقل (فتعين عليه) اى على المولى الطرف (الآخر) و هو الفداء (بناء على انه لا فرق بين ابطال احد طرفى التخيير) اى الاسترقاق (بعد الجناية كما لو قتل، او باع عبده الجانى) فانه مكلف بدفع الفداء الى المجنى عليه (و بين ابطاله قبلها) اى قبل الجناية (كالاستيلاد الموجب لعدم تأثير اسباب الانتقال) كالجناية التى هى من اسباب الانتقال (فيها) اى فى الامة متعلق ب «عدم»

(و) لكن لا يخفى ما فى هذا الكلام، اذ (قد عرفت معنى الروايتين) بمعنى ان نتيجة الخسارة على المولى اما فى عين مملوكة، او فى كيسه الخاص، لا ان معنا هما الانحصار بالفداء.

(و المؤيّد) الّذي ذكروه (مصادرة) اى الاستدلال بالمطلوب على المطلوب، فان كون استيلاد المولى ابطل احد طرفى التخيير اوّل الكلام

ص: 218

لا يبطل به اطلاق النصوص.

و منها: ما اذا جنت على مولاها، بما يوجب صحة استرقاقها لو كان المجنى عليه غير المولى،

فهل تعود ملكا طلقا، ب جنايتها على مولاها فيجوز له التصرف الناقل فيها، كما هو المحكى عن الروضة عن بعض.

و عدّها السيورى من صور الجواز، أم لا كما هو المشهور، اذ لم يتحقق بجنايتها على مولاها الا جواز الاقتصاص منها.

و اما الاسترقاق فهو تحصيل للحاصل.

______________________________

(لا يبطل به) اى بمثل هذا المؤيّد الّذي هو مصادرة (اطلاق النصوص) الواردة فى باب العبد الجانى، و ان للمجنى عليه استرقاقه.

(و منها) اى من اسباب جواز انتقال أمّ الولد (ما اذا جنت على مولاها بما يوجب صحة استرقاقها لو كان المجنى عليه غير المولى) كما لو اعمت عينى المولى مثلا (فهل تعود) الامة (ملكا طلقا، ب) سبب (جنايتها على مولاها فيجوز له التصرف الناقل فيها) كان يبيعها مثلا (كما هو المحكى عن الروضة عن بعض) العلماء.

(و عدها) اى الجناية على مولاها (السيورى من صور الجواز) اى جواز نقل الامة المستولدة (أم لا) تعود ملكا طلقا (كما هو المشهور، اذ لم يتحقق بجنايتها على مولاها الا جواز الاقتصاص منها) كان يعمى المولى عينيها قصاصا فى المثال السابق.

(و اما الاسترقاق) بان يسترقها المولى (فهو تحصيل للحاصل) اذ لا يعقل رقية ثانية عليها بعد رقيتها الاولى.

ص: 219

و ما يقال: فى توجيهه من ان الاسباب الشرعية تؤثر بقدر الامكان فاذا لم تؤثر الجناية الاسترقاق امكن ان يتحقق للمولى اثر جديد، و هو استقلال جديد فى التصرف فيها.

مضافا: الى ان استرقاقها لترك القصاص كفكاك رقابهن الّذي انيط به الجواز فى صحيحة ابن يزيد المتقدمة.

______________________________

(و ما يقال: فى توجيهه) اى توجيه الاسترقاق (من ان الاسباب الشرعية) كالاسباب العقلية (تؤثر بقدر الامكان)

كما انه لو كان كل واحد من السهمين قاتلا، و ضرب بسهم فتأخر موته ساعة، ثم ضرب بسهم ثان عجل هذا السهم الثانى موته، بدون ان يكون سببا مستقلا لعدم معقولية اجتماع علتين فى معلول واحد.

كذلك اذا صارت يده نجسة بالدم الّذي يكتفى فى غسله بالمرة، ثم تنجست بالبول الّذي يحتاج الى المرتين، اثّر البول نجاسة زائدة بان احتاجت اليد الى غسلتين.

و عليه (فاذا لم تؤثر الجناية) على المولى (الاسترقاق) لانه لا قابلية للمملوك ان تتضاعف مملوكيته (امكن ان يتحقق للمولى اثر جديد، و هو استقلال) للمولى (جديد فى التصرف فيها) اذ لم يكن له استقلال قبل الجناية، بحكم كونها أم ولد.

(مضافا: الى ان استرقاقها لترك القصاص كفكاك رقابهن الّذي انيط به) اى بفك الرقاب (الجواز فى صحيحة ابن يزيد المتقدمة)

اى كما انه اذا كان المولى مديونا فى رقبتها جاز بيعها، لفك رقبتها

ص: 220

مضافا الى ان المنع عن التصرف لاجل التخفيف لا يناسب الجانى عمدا.

فمندفع بما لا يخفى.

______________________________

عن الثمن الّذي على المولى، كذلك اذا كانت جانية، جاز فك رقبتها عن القصاص بالاسترقاق.

و الحاصل: ان فك رقبتها عن القصاص «حتى لا يقتص منها» مثل فك رقبتها عن الثمن «ببيعها و اداء دين رقبتها» فكما يجوز الثانى يجوز الاول.

(مضافا الى ان المنع عن التصرف) فى الامة الجانية بان يمنع المولى، فلا يجوز له بيعها (لاجل التخفيف) عليها، لكونها أم ولد (لا يناسب) هذا التخفيف (الجانى عمدا) اذ الجانى عمدا يؤخذ بالشدة، لا باللطف و التخفيف.

(فمندفع) خبر «ما يقال» (بما لا يخفى)

اما كون الاسباب الشرعية تؤثر بقدر الامكان فهو صحيح، لكن المنصرف من ادلة استرقاق المجنى عليه للجانى، اذا كان المجنى عليه اجنبيا لا ما اذا كان مولى للجانى، و اما ان ترك القصاص كفكّ الرقبة تباع الامة فى كليهما، ففيه اشكال اذ النص دل على بيعها لاجل اعطاء ثمنها فقياس الاسترقاق على البيع، و قياس فكها من القصاص على فكها من الدين مع الفارق.

و اما ان كون المنع عن البيع لاجل التخفيف، فهو و ان كان مسلما

ص: 221

و اما الجناية على مولاها خطأ، فلا اشكال فى انها لا يجوز التصرف فيها، كما لا يخفى.

و روى الشيخ فى الموثق عن غياث عن جعفر عن ابيه، عن على عليه السلام، قال: أمّ الولد اذا قتلت سيدها خطأ فهى حرّة لا سعاية عليها.

و عن الشيخ و الصدوق باسنادهما عن وهب بن وهب، عن جعفر، عن ابيه صلوات الله عليهما: ان أمّ الولد اذا قتلت سيدها خطاء فهى حرّة لا سبيل عليها و ان قتلته عمدا قتلت به.

______________________________

لكنه حكمة، و لا دليل على انه علة تامة حتى يدور الحكم مداره، و الا فاذا اخذت أمّ الولد فى الزنا او فى سائر المعاصى لزم ان يقال: بجواز بيعها، لانها تؤخذ بالشدة لا باللطف.

(و اما الجناية على مولاها خطاء فلا اشكال فى انها لا يجوز التصرف فيها، كما لا يخفى)

(و روى الشيخ فى الموثق عن غياث، عن جعفر عن ابيه عن على عليه السلام، قال: أمّ الولد اذا قتلت سيدها خطأ فهى حرّة) يعنى من نصيب ولدها (لا سعاية عليها) لا قصاصا و لا بقاء فى العبودية.

(و عن الشيخ و الصدوق باسناد هما عن وهب من وهب، عن جعفر، عن ابيه صلوات الله عليهما: ان أمّ الولد اذا قتلت سيدها خطأ فهى حرّة لا سبيل عليها و ان قتلته عمدا قتلت به) يعنى اذا لم يعف الولى، ثم ان عفى اعتقت من نصيب ولدها اذ القاتل لا يرث، اما ولد القاتل فيرث.

ص: 222

و عن الشيخ عن حماد عن جعفر عليه السلام عن ابيه عليه السلام اذا قتلت أمّ الولد مولاها سعت فى قيمتها.

و يمكن حملها على سعيها فى بقية قيمتها، اذ اقصر نصيب ولدها و عن الشيخ فى التهذيب و الاستبصار: الجمع بينهما بغير ذلك فراجع.

و منها: ما اذا جنى حرّ عليها

______________________________

(و عن الشيخ عن حماد عن جعفر عليه السلام عن ابيه عليه السلام) قال: (اذا قتلت أمّ الولد مولاها سعت فى قيمتها)

و حيث ان السعى لا وجه له ظاهرا، لانها ان كانت ذات ولد اعتقت من نصيب ولدها، و ان مات ولدها بقيت فى الرقية حملها الشيخ المرتضى و غيره على محامل، كما قال ره.

(و يمكن حملها على سعيها فى بقية قيمتها، اذ اقصر نصيب ولدها) كما لو كان نصيب ولدها من الارث بمقدار نصف قيمتها، فانها تسعى لاداء النصف الآخر من القيمة.

(و عن الشيخ فى التهذيب، و الاستبصار: الجمع بينهما بغير ذلك، فراجع)

فحمل الخبر الاخير فى محكى التهذيب على كون القتل شبه عمد، فان كان حرا سعى فى اداء الدية و محكى الاستبصار حمله على صورة موت الولد، و كون السعى على جهة الجواز.

(و منها) اى من موارد جواز بيع أمّ الولد (ما اذا جنى حرّ عليها)

ص: 223

بما فيه ديتها فانها لو لم تكن مستولدة، كان للمولى التخيير بين دفعها الى الجانى و اخذ قيمتها، و بين امساكها و لا شي ء له، لئلا يلزم الجمع بين العوض و المعوض.

ففى المستولدة يحتمل ذلك.

و يحتمل ان لا يجوز للمولى اخذ القيمة، ليلزم منه استحقاق الجانى للرقبة.

______________________________

جناية دون القتل- كما لا يخفى- (بما فيه ديتها) كان فقئت عينيها، او صلمت اذنيها، او ما اشبه (فانها لو لم تكن مستولدة، كان للمولى التخيير بين دفعها الى الجانى و اخذ قيمتها) لا الدية (و بين امساكها و لا شي ء له) اى للمولى من الدية.

و انما نقول بهذا التخيير (لئلا يلزم الجمع بين العوض و المعوض) اذ لو ابقاها المولى لنفسه و اخذ الدية، لزم ان يكون المولى جمع بين الامة و بين قيمتها، هذا هو الحكم فى المملوك غير المستولدة- كما ذكره جمع من الفقهاء-.

(ففى المستولدة يحتمل ذلك) التخيير أيضا فيكون قد جاز نقل أمّ الولد

(و يحتمل ان) لا يحق للمولى اعطائها و اخذ قيمتها، بل عليه الشق الثانى من التخيير اى الابقاء عليها بدون اخذ شي ء.

ف (لا يجوز للمولى اخذ القيمة) و اعطائها (ليلزم منه) اى من اخذ المولى للقيمة (استحقاق الجانى للرقبة) و يكون سببا لنقل أمّ الولد.

ص: 224

و اما احتمال منع الجانى عن اخذها و عدم تملكه لها بعد اخذ الدية منه فلا وجه له لان الاستيلاد يمنع عن المعاوضة او ما فى حكمها، لا عن اخذ العوض بعد اعطاء المعوض بحكم الشرع.

و المسألة من اصلها موضع اشكال، لعدم لزوم الجمع بين العوض و المعوض، لان الدية عوض شرعى عما فات بالجناية، لا عن رقبة العبد

______________________________

(و اما احتمال منع الجانى عن اخذها) اى اخذ الامة (و عدم تملكه لها) اى ان الجانى لا يملك الامة «و عدم» عطف على «منع» (بعد اخذ) مولاها (الدية منه) اى من الجانى (فلا وجه له)

لانه أولا جمع بين العوض و المعوض عند المولى.

و ثانيا (لان الاستيلاد يمنع عن المعاوضة) كالبيع (او ما فى حكمها) كالصلح على المستولدة بشي ء (لا عن اخذ) الجانى (العوض) و هى الامة (بعد اعطاء) الجانى (المعوّض) و هو الدية (بحكم الشرع) متعلق ب «اخذ» هذا.

(و) لكن (المسألة من اصلها موضع اشكال، لعدم لزوم الجمع بين العوض و المعوض) فيما اذا اخذ المولى الدية (لان الدية عوض شرعى عما فات بالجناية، لا) انها عوض (عن رقبة العبد) و إلا لزم عدم جواز اخذ الدية فيما لم تكن مستوعبة للقيمة أيضا.

اذ كما لا يجوز الجمع بين العوض و المعوض، كذلك لا يجوز الجمع بين المعوض و بعض العوض هذا.

ثم كيف يمكن ان تكون الجناية بلا غرامة اصلا بعد شمول الادلة

ص: 225

و تمام الكلام فى محله.

و منها: ما اذا لحقت بدار الحرب، ثم استرقت،

حكاه فى الروضة و كذا لو اسرها المشركون، ثم استعادها المسلمون، فكانه فيما اذا اسرها غير مولاها، و لم يثبت كونها امة المولى الا بعد القسمة،

______________________________

للحر و العبد على حدّ سواء.

و لو اشكل بهذا الاشكال فى العبد لزم مثله فى الحرّ فانه كيف يجوز للانسان ان يأخذ الف دينار- مثلا- قيمة نفسه فيما اذا اعمى الجانى عينيه و الحال ان نفسه باقية لم تزهق (و تمام الكلام فى محله) فى باب الجناية على العبد.

(و منها) اى من موارد جواز بيع أمّ الولد (ما اذا لحقت بدار الحرب ثم استرقت) اذ لحوقها بدار الحرب يوجب رفع عصمة الاسلام بتوابعه منها (حكاه فى الروضة، و كذا لو اسرها المشركون، ثم استعادها المسلمون، فكأنه) اى كان اطلاق هذا الكلام مقيد بثلاثة شروط.

الاول: (فيما اذا اسرها غير مولاها) اذ لو كان الّذي اسرها هو مولاها لم يكن وجه لان تكون قسمة بين المسلمين، بل حالها حال ما اذا اخذ الكافر الحربى عباءة زيد ثم استعادها زيد منه، فان تملك الحربى لمال المسلم لا يسبب خروج المال عن ملك المسلم.

الثانى: (و لم يثبت كونها امة المولى الا بعد القسمة) اى بعد ان قسم الامام الغنائم، اذ لو ظهر انها امة لانسان مسلم لم يجز قسمتها لما تقدم فى الشرط الاول.

ص: 226

و قلنا بان القسمة لا تنقض و يغرم الامام قيمتها لمالكها.

لكن المحكى عن الاكثر و المنصوص انها ترد على مالكها، و يغرم قيمتها للمقاتلة.

و منها: ما اذا خرج مولاها عن الذمة،

و ملكت امواله التى هى منها

و منها: ما اذا كان مولاها ذميا، و قتل مسلما،

فانه يدفع هو و امواله الى اولياء المقتول.

______________________________

الثالث: (و قلنا بان القسمة) التى اجراها الامام او نائبه (لا تنقض و يغرم الامام قيمتها لمالكها) من بيت المال، حيث ان غرامات الامام على بيت المال فانه لو لم تجتمع هذه الشروط الثلاثة لم يكن وجه لانتقال أمّ الولد عن ملك مولاها.

(لكن المحكى عن الاكثر) عدم تمامية الشرط الثالث (و) ذلك لان (المنصوص انها) بعد القسمة (ترد على مالكها، و يغرم) الامام من بيت المال (قيمتها للمقاتلة) اى المجاهدين الذين وقعت أمّ الولد فى سهمهم.

(و منها) اذا كانت امة لذمى فى (ما اذا خرج مولاها عن الذمة، و ملكت) بالمجهول اى ملك المسلمون (امواله التى هى) أمّ الولد (منها) اى من تلك اموال، اذ لو خرج الذمى عن الذمة صارت امواله مباحة لكل المسلمين، و من هذا القبيل لو خرج المعاهد عن المعاهدة.

(و منها) اى من صور جواز بيع أمّ الولد (ما اذا كان مولاها ذميا، و قتل مسلما، فانه يدفع هو و امواله) التى هى منها (الى اولياء المقتول)

ص: 227

هذا ما ظفرت به من موارد القسم الاول، و هو ما اذا عرض لام الولد حق للغير اقوى من الاستيلاد.

و اما القسم الثانى: و هو ما اذا عرض لها حق لنفسها اولى بالمراعات من حق الاستيلاد.
فمن موارده ما اذا اسلمت و هى أمة ذمّي

فانها تباع عليه بناء على ان حق اسلامها المقتضى لعدم سلطنة الكافر عليها اولى من حق

______________________________

بل ينبغى ان يعد من هذا القسم أيضا ما اذا كان الكافر فى دينه جواز بيع أمّ الولد، لقاعدة: الزموهم بما التزموا به، التى تطابق النص و الاجماع عليها.

(هذا ما ظفرت به من موارد القسم الاول) الّذي يجوز فيه بيع أمّ الولد او نقلها بسائر انحاء النقل (و هو ما اذا عرض لام الولد حق للغير اقوى من الاستيلاد) فان حق الغير يقدم على حق الاستيلاد.

(و اما القسم الثانى: و هو ما اذا عرض لها حق لنفسها اولى بالمراعات من حق الاستيلاد)

(فمن موارده ما اذا اسلمت و هى امة ذمّى)

و انما لم يذكر مطلق الكافر، اذ لو كان للمسلمين سلطة عليه لزم محاربته بحكم: ان الكافر الحربى يحارب حتى يسلم، او يعطى الذمة فلا مجال لجبره على بيع أم ولده، فتأمل (فانها تباع عليه) اى على الذمّى (بناء على ان حق اسلامها المقتضى لعدم سلطنة الكافر عليها اولى من حق

ص: 228

الاستيلاد المعرض للعتق.

و لو فرض تكافؤ دليلهما كان المرجع: عمومات صحة البيع، دون قاعدة: سلطنة الناس على اموالهم، المقتضية لعدم جواز بيعها عليه، لان المفروض ان: قاعدة السلطنة، قد ارتفعت بحكومة ادلة نفى سلطنة الكافر على المسلم، فالمالك ليس مسلطا قطعا و لا حق له فى عين الملك جزما.

______________________________

الاستيلاد المعرض للعتق) فان علة البيع الموجبة لخلاصها من الكافر موجودة الآن، فلا وجه للصبر حتى يموت الكافر و يؤثر حق الاستيلاد اثره فى ذلك الوقف.

(و لو فرض تكافؤ) و تعادل (دليلهما) دليل الاستيلاد، و دليل عدم سلطة الكافر على المؤمن، بحيث لم يكن احدهما مقدما على الآخر (كان) اللازم القول بتساقطهما.

و حينئذ، ف (المرجع: عمومات صحة البيع) مثل: احل الله البيع و تجارة عن تراض (دون قاعدة: سلطنة الناس على اموالهم، المقتضية) قاعدة السلطنة (لعدم جواز بيعها) اى الامة (عليه) اى على الكافر.

و انما نقول: بان المرجع عمومات صحة البيع (لان المفروض ان:

قاعدة السلطنة قد ارتفعت بحكومة ادلة نفى سلطنة الكافر على المسلم، فالمالك) الكافر (ليس مسلطا) على المسلمة (قطعا، و لا حق له) اى للكافر (فى عين الملك) اى ذات المسلمة (جزما)

فدليل السلطنة ساقط، و يبقى التعارض بين دليل الاستيلاد، و

ص: 229

انما الكلام فى تعارض حقى أمّ الولد من حيث كونها مسلمة فلا يجوز كونها مقهورة بيد الكافر،

و من حيث كونها فى معرض العتق، فلا يجوز اخراجها من هذه العرضة.

و الظاهر ان الاول اولى للاعتبار و حكومة قاعدة نفى السبيل على جل القواعد.

______________________________

دليل عدم سلطة الكافر على المسلم.

(انما الكلام فى تعارض حقى أمّ الولد من حيث كونها مسلمة فلا يجوز كونها مقهورة بيد الكافر) المقتضى لجواز بيعها الآن.

(و من حيث كونها فى معرض العتق، فلا يجوز اخراجها من هذه العرضة) لانها لو بيعت الآن، فاذا مات الكافر المولى لها لم تعتق.

(و الظاهر) من الادلة (ان الاول) اى دليل عدم السبيل (اولى)

أوّلا (للاعتبار) فان الاسلام له من الشرف ما يوجب ان لا يبقى مسلم تحت كافر اطلاقا، حتى اذا سبب خروجه عن ملكية الكافر ضررا مستقبلا عليه.

مثلا: لو اوجب بيع المسلم على الكافر ان لا يكون للامة زوج و هى بحاجة إليه لان المشترى لها من الكافر الآن امرأة و لا يوجد رجل يشتريها

(و) ثانيا: ل (حكومة قاعدة نفى السبيل) و هى قوله تعالى:

وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (على جل القواعد) كقاعدة:

ص: 230

و لقوله صلى الله عليه و آله: الاسلام يعلو و لا يعلى عليه.

و مما ذكرنا ظهر انه لا وجه للتمسك باستصحاب المنع قبل اسلامها لان الشك انما هو فى طروّ ما هو مقدم على حق الاستيلاد.

و الاصل عدمه، مع

______________________________

السلطنة، و قاعدة: تجارة عن تراض، و قاعدة الزوجية، فانه لو اسلمت الزوجة لم تبق فى حبالة زوجها الكافر، و قاعدة: لا ضرر، فيما اذا اوجب خروج المسلم عن تحت الكافر ضررا الى غيرها من القواعد.

(و) رابعا: (لقوله صلى الله عليه و آله: الاسلام يعلو و لا يعلى عليه) فان بقائها حتى تعتق عند موت الكافر موجب لكون الاسلام، قد على عليه.

(و مما ذكرنا) من تقديم دليل نفى السلطنة على المؤمن، على حق الاستيلاد (ظهر انه لا وجه للتمسك باستصحاب المنع) عن بيعها (قبل اسلامها) بان يقال: انها حال كفرها لم يجز بيعها، لانها أم ولد فاذا اسلمت و شككنا فى جواز بيعها، كان مقتضى الاستصحاب العدم.

وجه الظهور: وجود الادلة الاجتهادية كما عرفت، فلا مجال للاصل العملى.

اما وجه القائل بالاستصحاب ما ذكره بقوله: (لان الشك انما هو فى طروّ ما هو مقدم على حق الاستيلاد) بان يقال: هل طرأ- بسبب الاسلام- على هذه المرأة ما هو مقدم على حق الاستيلاد، أم لا؟

(و الاصل عدمه) اى عدم الطروّ، فيستصحب عدم جواز البيع (مع

ص: 231

امكان معارضة الاصل بمثله، لو فرض فى بعض الصور تقدم الاسلام على المنع عن البيع.

و مع امكان دعوى ظهور: قاعدة المنع، فى عدم سلطنة المالك، و تقديم حق الاستيلاد على حق الملك، فلا ينافى تقديم حق آخر لها على هذا الحق.

و منها: ما اذا عجز مولاها عن [عن نفقتها]

______________________________

امكان معارضة الاصل بمثله)

هذا ردّ آخر، لاستصحاب المنع عن بيعها، بان يقال: هناك استصحابان، استصحاب يدل على جواز البيع، و استصحاب يدل على عدم جواز البيع، فيتساقط الاصلان و يرجع الى عموم حق الاسلام (لو فرض فى بعض الصور تقدم الاسلام على المنع عن البيع) كما لو اسلمت قبل العلوق، ثم علق الولد بها، فانها قبل العلوق كانت جائزة البيع، و نشك فى ان علوقها هل صار سببا للمنع عن بيعها، الاصل العدم.

(و) هناك ردّ ثالث لاصالة عدم جواز البيع، و هو ما اشار إليه بقوله: (مع امكان دعوى ظهور: قاعدة المنع، فى عدم سلطنة المالك) فالمالك ليس مسلطا على البيع (و تقديم حق الاستيلاد على حق الملك) «و تقديم» عطف على «عدم سلطنة» (فلا ينافى) هذا المنع (تقديم حق آخر لها) اى للامة و هو حق الاسلام (على هذا الحق) و هو حق الاستيلاد فالاستيلاد مقدم على الملك و الاسلام مقدم على الاستيلاد.

(و منها) اى من اقسام القسم الثانى (ما اذا عجز مولاها عن

ص: 232

نفقتها، و لو فى كسبها، فتباع على من ينفق عليها، على ما حكى عن اللمعة و كنز العرفان، و ابى العباس، و الصيمرى، و المحقق الثانى، و قال فى القواعد لو عجز عن الانفاق على أمّ الولد امرت بالتكسب، فان عجزت انفق عليها من بيت المال، و لا يجب عتقها، و لو كانت الكفاية بالتزويج، وجب.

و لو تعذر الجميع ففى البيع اشكال، انتهى.

______________________________

نفقتها، و لو فى كسبها) بان لم يف كسب الامة لسدّ نفقاتها (فتباع على من ينفق عليها، على ما حكى) الجواز فى هذه الصورة (عن اللمعة، و كنز العرفان، و ابى العباس، و الصيمرى، و المحقق الثانى، و قال فى القواعد) ذكر المصنف كلام القواعد للاشارة الى انه مخالف بجواز بيعها فى هذه الصورة (لو عجز) المولى (عن الانفاق على أمّ الولد امرت) بصيغة المجهول (بالتكسب) لتستعيش من كسبها (فان عجزت) عن الكسب الكافى (انفق عليها من بيت المال) لانه معدّ لمصالح المسلمين و لسدّ حاجات الفقراء (و لا يجب) على المولى (عتقها) و ان كان العتق موجبا لسدّ حاجاته (و لو كانت الكفاية) لمعيشتها (بالتزويج، وجب) لوجوب سدّ حاجاته على المولى بكيفية محلّلة و الزواج من تلك الكيفيات.

(و لو تعذر الجميع) من الكسب و بيت المال و التزويج (ففى البيع اشكال) من انه: بيع أم ولد فلا يجوز و من انه:

لمصلحتها و سدّ حاجاتها فيجوز (انتهى) كلام العلامة.

ص: 233

و ظاهره عدم جواز البيع مهما امكن الانفاق من مال المولى او كسبها او مالها او عوض بضعها او وجود من يؤخذ بنفقتها او بيت المال، و هو حسن و مع عدم ذلك كله فلا يبعد المنع عن البيع أيضا،

و فرضها كالحرّ فى وجوب سدّ رمقها كفاية على جميع من اطلع عليها و لو فرض عدم ذلك أيضا،

او كون ذلك ضررا عظيما عليها فلا يبعد الجواز لحكومة ادلة: نفى الضرر و لان رفع هذا عنها اولى من تحملها ذلك رجاء ان تنعتق من نصيب

______________________________

(و ظاهره عدم جواز البيع مهما امكن الانفاق) و لو بغير الطرق التى ذكرها (من مال المولى، او كسبها، او مالها) ان كان لها مال (او عوض بضعها) بالزواج (او وجود من يؤخذ) شرعا (بنفقتها) كالعمودين مثلا (او بيت المال، و هو) اى كلام العلامة (حسن، و مع عدم ذلك كله فلا يبعد المنع عن البيع أيضا) اى كما يمنع عن البيع فى صورة وجود احد الامور المذكورة.

(و) لا يبعد (فرضها كالحرّ فى وجوب سدّ رمقها كفاية) اى وجوبا كفائيا (على جميع من اطلع عليها) اى على حالها (و لو فرض عدم ذلك أيضا) احتمل جواز اخذها بالقوة كعام المجاعة.

(او كون ذلك ضررا عظيما عليها) بحيث يكون دليل: لا ضرر مقدما على دليل: عدم بيعها (فلا يبعد الجواز لحكومة ادلة: نفى الضرر) على ادلة عدم جواز البيع (و لان رفع هذا) الضرر (عنها) اى عن المستولدة (اولى من تحملها ذلك) الضرر (رجاء ان تنعتق من نصيب

ص: 234

ولدها مع جريان ما ذكرنا اخيرا فى الصورة السابقة من احتمال ظهور ادلة المنع فى ترجيح حق الاستيلاد على حق مالكها لا على حقها الآخر فتدبر.

و منها: بيعها على من تنعتق عليه،

على ما حكى من الجماعة

______________________________

ولدها) فى المستقبل هذا.

و هناك وجه آخر لجواز البيع أيضا، اشار إليه بقوله: (مع جريان ما ذكرنا اخيرا فى الصورة السابقة) بقولنا «فلا ينافى تقديم حق آخر لها على هذا الحق» (من احتمال ظهور ادلة المنع فى ترجيح حق الاستيلاد على حق مالكها)

فحق الاستيلاد مقدم على قاعدة: سلطنة المالك (لا على حقها الآخر) اى حق نفس المستولدة، و «الآخر» صفة «حقها»

و المراد بحقها الاخر- هنا- حق سد حاجاتها (فتدبر)

فان دليل الاستيلاد قوى جدّا، فلا يمكن تقديم حق آخر لها على حق الاستيلاد.

نعم لتقديم: لا ضرر وجه قوى، لكن ذلك فيما اذا توقف دفع الضرر بالبيع، و الا فان امكن بما دون البيع- و لو بالرهن و ما اشبه- كان ما دون البيع مقدما.

(و منها) اى من صور القسم الثانى بان يكون لنفسها حق اولى بالمراعات من حق الاستيلاد (بيعها على من تنعتق عليه) كالعمودين، الآباء و الابناء (على ما حكى من الجماعة

ص: 235

المتقدم إليهم الاشارة، لان فيه تعجيل حقها، و هو حسن، لو علم ان العلة حصول العتق.

فلعل الحكمة انعتاق خاص.

اللهم الا ان يستند الى ما ذكرنا اخيرا فى ظهور ادلة المنع: او يقال: ان هذا عتق فى الحقيقة.

و يلحق بذلك بيعها بشرط العتق.

فلو لم يف المشترى

______________________________

المتقدم إليهم الاشارة) اللمعة، و كنز العرفان الخ (لان فيه) اى فى هذا البيع (تعجيل حقها) بالعتق (و هو حسن، لو علم ان العلة) فى عدم جواز بيعها (حصول العتق) بعد موت المولى.

(فلعل الحكمة انعتاق خاص) لسبب إرث الولد، لان الشارع لاحظ خدمتها الكاملة للمولى، ثم عتقها اجلالا لحق الامومة، و هذا غير حاصل فى البيع للعمودين.

(اللهم الا ان يستند) لجواز بيعها ممن ينعتق (الى ما ذكرنا اخيرا فى ظهور ادلة المنع) فى ترجيح حق الاستيلاد على حق مالكها لا على حقها الآخر (او يقال: ان هذا) البيع ممن ينعتق عليه (عتق فى الحقيقة) فلا يمنعه ادلة المنع عن بيع المستولدة.

(و يلحق بذلك) اى ببيعها ممن ينعتق عليه (بيعها بشرط العتق) لانه عتق لها فى الحقيقة.

(فلو لم يف المشترى) بان لم يعتقها عمدا، او لموت، او نحوه

ص: 236

احتمل وجوب استردادها كما عن الشهيد الثانى.

و يحتمل اجبار الحاكم، و العدول للمشترى على الاعتاق.

او اعتاقها عليه قهرا.

و كذلك بيعها ممن اقرّ بحريتها.

و يشكل بانه ان علم المولى صدق المقرّ لم يجز له البيع و اخذ الثمن

______________________________

(احتمل وجوب استردادها) على البائع (كما عن الشهيد الثانى)

اذ انما جاز البيع لاجل العتق، فاذا لم تعتق لزم ابطال البيع.

(و يحتمل اجبار الحاكم) للمشترى بالعتق، لان الحاكم ولى المخالف للشرع (و) اجبار (العدول) من المؤمنين، اذا لم يوجد الحاكم الشرعى و نائبه، فان الولاية بعد الحاكم لعدول المؤمنين و قوله:

(للمشترى) متعلق «بالاجبار» (على الاعتاق)

(او) يحتمل (اعتاقها عليه قهرا) بان تنعتق أمّ الولد على المشترى عتقا تلقائيا، بلا احتياج الى اعتاق المشترى لها، لان «المؤمنون عند شروطهم» يفيد الوضع.

(و كذلك) حال (بيعها ممن اقرّ بحريتها) اذ بمجرد الدخول فى ملك المقرّ تنعتق هى عليه.

(و يشكل) بيعها ممن تنعتق عليه حسب اقراره بحريتها (بانه ان علم المولى صدق المقرّ) بانها حرة (لم يجز له البيع و اخذ الثمن) اذ البيع بنظر المشترى باطل، فكيف يأخذ المولى الثمن منه.

و قد تحقق فى موضعه انه لا يمكن ان يكون بيع باطلا من جانب، و

ص: 237

فى مقابل الحر.

و ان علم بكذبه لم يجز أيضا، لعدم جواز بيع أمّ الولد.

و مجرد صيرورتها حرة على المشترى فى ظاهر الشرع- مع كونها ملكا له فى الواقع و بقائها فى الواقع على صفة الرقية للمشترى- لا يجوّز البيع، بل الحرية الواقعية و ان تأخرت اولى من الظاهرية و ان تعجلت.

و منها ما اذا مات قريبها، و خلف تركة، و لم يكن له وارث سواها فتشترى من مولاها

______________________________

صحيحا من جانب آخر.

فاخذ الثمن (فى مقابل الحر) غير جائز.

(و ان علم بكذبه لم يجز أيضا، لعدم جواز بيع أمّ الولد) اذ فى الواقع انها لا تتحرر بمجرد اقرار المشترى بانها حرة.

(و مجرد صيرورتها حرة على المشترى فى ظاهر الشرع- مع كونها ملكا له فى الواقع) ان صح البيع، لانه اذا صح البيع صارت ملكا للمشترى واقعا (و بقائها فى الواقع على صفة الرقية للمشترى-) اذا الاقرار لا يغير الواقع عن واقعه (لا يجوّز البيع، بل الحربة الواقعية و ان تأخرت) حتى موت المولى (اولى من) الحرية (الظاهرية، و ان تعجلت) اولوية لازمة لا اولوية راجحة- كما لا يخفى-.

(و منها) اى من صور القسم الثانى (ما اذا مات قريبها، و خلف تركة، و لم يكن له وارث سواها، فتشترى) الامة المستولدة (من مولاها

ص: 238

للعتق، و ترث قريبها و هو مختار الجماعة السابقة، و ابن سعيد فى النزهة، و حكى عن العمانى، و عن المهذّب اجماع الاصحاب عليه، و بذلك يمكن ترجيح اخبار الارث على قاعدة المنع.

مضافا الى ظهورها فى رفع سلطنة المالك، و المفروض هنا عدم كون البيع باختياره بل يباع عليه لو امتنع.

[موارد القسم الثالث أي تعلق حق سابق على الاستيلاد]
اشارة

و من موارد القسم الثالث: و هو ما يكون الجواز

______________________________

للعتق) اى لان تعتق (و) بعد العتق (ترث قريبها) اذ العبد لا يرث (و هو مختار الجماعة السابقة) اللمعة، و كنز العرفان الخ (و ابن سعيد فى النزهة، و حكى عن العمانى، و عن المهذّب اجماع الاصحاب عليه، و بذلك) اى بالاجماع (يمكن ترجيح اخبار الارث على قاعدة المنع) عن بيع أمّ الولد.

اذ الامر دائر بين تقديم اخبار الارث الدالة على ان العبد يشترى و يعتق و يرث.

و بين تقديم اخبار المنع عن بيع أمّ الولد، و الاجماع يرجّح الاول، و ان كان بين الطائفتين عموم من وجه.

(مضافا الى) وجود وجه آخر لتقديم اخبار الارث، و هو (ظهورها) اى اخبار المنع عن البيع (فى رفع سلطنة المالك) على المستولدة (و المفروض هنا) فى مسئلة اشترائها (عدم كون البيع باختياره) اى اختيار المالك (بل يباع عليه لو امتنع) عن البيع.

(و من موارد القسم الثالث) من اقسام بيع أمّ الولد (و هو ما يكون الجواز

ص: 239

لحق سابق على الاستيلاد

ما اذا كان علوقها بعد الرهن

فان المحكى عن الشيخ، و الحلّى، و ابن زهرة، و المختلف، و التذكرة، و اللمعة و المسالك، و المحقق الثانى، و السيورى، و ابى العباس و الصيمرى:

جواز بيعها حينئذ.

و لعله لعدم الدليل على بطلان حكم الرهن بالاستيلاد اللاحق بعد تعارض ادلة حكم الرهن و ادلة المنع عن بيع أمّ الولد فى دين غير ثمنها.

خلافا للمحكى عن الشرائع و التحرير، فالمنع مطلقا

______________________________

لحق سابق على الاستيلاد ما اذا كان علوقها بعد الرهن) بان رهن المولى امته غير الحامل، ثم اجاز له المرتهن ان يواقعها، فواقعها فحبلت (فان المحكى عن الشيخ، و الحلّى، و ابن زهرة، و المختلف، و التذكرة، و اللمعة و المسالك و المحقق الثانى، و السيورى، و ابى العباس، و الصيمرى: جواز بيعها حينئذ) اى حين كان الحق سابقا على الاستيلاد.

(و لعله لعدم الدليل على بطلان حكم الرهن) السابق (بالاستيلاد) متعلق بالبطلان، اى لم يبطل بسبب الاستيلاد (اللاحق بعد تعارض ادلة حكم الرهن) المقتضية لجواز البيع (و ادلة المنع عن بيع أمّ الولد فى دين غير ثمنها) و اذا تساقطا كان اللازم الرجوع الى استصحاب جواز البيع.

(خلافا للمحكى عن الشرائع و التحرير، فالمنع مطلقا) و ان الرهن

ص: 240

و عن الشهيد فى بعض تحقيقاته: الفرق بين وقوع الوطي باذن المرتهن، و وقوعه بدونه.

و عن الارشاد و القواعد التردّد، و تمام الكلام فى باب الرهن.

و منها: ما اذا كان علوقها بعد افلاس المولى، و الحجر عليه،

و كانت فاضلة عن المستثنيات فى اداء الدين، فتباع حينئذ كما فى القواعد، و اللمعة، و جامع المقاصد، و عن المهذب، و كنز العرفان، و غاية المرام

______________________________

لا يقتضي جواز البيع.

(و عن الشهيد) الاول (فى بعض تحقيقاته: الفرق بين وقوع الوطي) من الراهن (باذن المرتهن) فلا يجوز البيع (و وقوعه) اى الوطي (بدونه) اى بدون اذن المرتهن، فيجوز البيع.

(و عن الارشاد و القواعد التردد) فى المسألة (و تمام الكلام فى باب الرهن) و لو شك و لم يجر الاستصحاب كان اللازم الرجوع الى عمومات المنع.

(و منها) اى من صور القسم الثالث (ما اذا كان علوقها) و حملها (بعد افلاس المولى، و) بعد (الحجر عليه، و) قد (كانت) الامة (فاضلة عن المستثنيات فى اداء الدين) اذ الحجر انما يوجب بيع الزائد عن المستثنيات، اما ما كان من المستثنيات فانه لا يباع لاجل الديّان (فتباع) الامة المستولدة (حينئذ) اى حين وجود الشرطين الحجر، و كونها زائدة عن المستثنيات (كما فى القواعد، و اللمعة، و جامع المقاصد و) حكى أيضا (عن المهذب، و كنز العرفان، و غاية المرام

ص: 241

لما ذكر من سبق تعلق حق الديان بها.

و لا دليل على بطلانه بالاستيلاد، و هو حسن، مع وجود الدليل على تعلق حق الغرماء بالاعيان.

اما لو لم يثبت الا الحجر على المفلّس فى التصرف و وجوب بيع الحاكم امواله فى الدين، فلا يؤثر فى دعوى اختصاصها بما هو قابل للبيع فى نفسه، فتأمل، و تمام الكلام فى باب الحجر إن شاء الله

______________________________

لما ذكر) فى باب الرهن (من سبق تعلق حق الديان بها) على حق الاستيلاد.

و الحق السابق يمنع من الحق اللاحق الا اذا ثبت ان اللاحق اقوى.

(و لا دليل على بطلانه) اى بطلان حق الديان (بالاستيلاد، و هو حسن، مع وجود الدليل على تعلق حق الغرماء بالاعيان) اذ تكون الامة بنفسها حينئذ متعلقة لحق الغرماء، و هو حق سابق.

(اما لو لم يثبت) من ادلة الحجر (الا الحجر على المفلّس فى التصرف) فى امواله (و وجوب بيع الحاكم امواله فى الدين) لا ان امواله صارت متعلقة لحق الغرماء (فلا يؤثر) الحجر (فى دعوى اختصاصها بما هو قابل للبيع فى نفسه، فتأمل).

لعله اشارة الى ان القول: بان الحجر انما هو حجر عن التصرف لا عبارة عن تعلق حق الغرماء بالاموال، لا ينفع فى دفع البيع عن أمّ الولد، اذ المنع عن التصرف ليس الا مقدمة لاجل البيع، و الا فما وجه الحجر لو لم يرد بيع الشي ء المحجور (و تمام الكلام فى باب الحجر إن شاء الله

ص: 242

تعالى.

و منها: ما اذا كان علوقها بعد جنايتها.

و هذا فى الجناية التى لا يجوز البيع لو كانت الجناية لا حقة بل تلزم المولى بالفداء.

و اما لو قلنا: بان الجناية اللاحقة أيضا ترفع المنع، لم تكن فائدة فى فرض تقديمها.

______________________________

تعالى).

(و منها) اى من موارد القسم الثالث (ما اذا كان علوقها) و حملها (بعد جنايتها) فان حق الجانى المتعلق باسترقاقها مقدم على حق الاستيلاد.

(و هذا) المورد انما ينفع (فى الجناية التى لا يجوز البيع) لام الولد فى تلك الجناية (لو كانت الجناية لاحقة) و هى التى يتخير المولى بين الفداء و اعطائها (بل تلزم المولى بالفداء) فان هذه الجناية لو كانت بعد الاستيلاد كان على المولى الفداء.

اما لو كانت قبل الاستيلاد كان المولى مخيرا بين الفداء و بين اعطائها.

(و اما لو قلنا: بان الجناية اللاحقة) على الاستيلاد (أيضا) كالجناية السابقة (ترفع المنع) عن البيع (لم تكن فائدة فى فرض تقديمها) اى تقديم الجناية، لانها أولا و اخيرا على حد سواء.

ص: 243

و منها: ما اذا كان علوقها فى زمن خيار بايعها،

فان المحكى عن الحلى جواز استردادها مع كونها ملكا للمشترى.

و لعله لاقتضاء الخيار ذلك، فلا يبطله الاستيلاد، خلافا للعلامة، و ولده، و المحقق، و الشهيد الثانيين، و غيرهم فحكموا بانه اذا فسخ رجع بقيمة أمّ الولد و لعلّه لصيرورتها منزلة التالف.

و الفسخ بنفسه لا يقتضي الا جعل العقد من زمان الفسخ كان لم يكن.

______________________________

(و منها) اى من صور القسم الثالث (ما اذا كان علوقها فى زمن خيار بايعها) بان باع البائع الامة و جعل لنفسه الخيار مدة، ثم ان المشترى احبلها فى زمن الخيار (فان المحكى عن الحلّى جواز استردادها مع كونها) الآن (ملكا للمشترى).

و انما قال «مع كونها» لافادة انها تنتقل، حتى لا يتوهم انها لم تصبح ملكا للمشترى، فليس من باب انتقال أمّ الولد.

(و لعله) اى جواز النقل عن ملك المشترى بعد الاستيلاد (لاقتضاء الخيار ذلك) الاسترداد (فلا يبطله الاستيلاد) لان حق المشترى سابق على الاستيلاد (خلافا للعلامة، و ولده، و المحقق، و الشهيد الثانيين، و غيرهم فحكموا بانه اذا فسخ) البائع (رجع بقيمة أمّ الولد) لا الى عينها (و لعلّه لصيرورتها) بعد ان اصبحت أم ولد (منزلة التالف).

(و) ان قلت: ان الفسخ يقتضي رد العين و هى موجودة الآن.

قلت: (الفسخ بنفسه) مع قطع النظر عن لوازمه المترتبة عليه (لا يقتضي الا جعل العقد من زمان الفسخ) لا من اوّل العقد (كان لم يكن)

ص: 244

و اما وجوب رد العين فهو من احكامه لو لم يمتنع عقلا، او شرعا، و المانع الشرعى كالعقلى.

نعم: لو قيل ان الممنوع انما هو نقل المالك، او النقل من قبله لديونه.

اما الانتقال عنه بسبب يقتضيه الدليل خارج عن اختياره فلم يثبت فلا مانع شرعا من

______________________________

و لذا فالنماء فى ما بين العقد و الفسخ للمالك الثانى.

و لو كان الفسخ ابطالا من حين العقد، كان اللازم ان يكون النماء للمالك الاول.

(و اما وجوب رد العين فهو من احكامه) اى احكام الفسخ، لا انه نفس الفسخ (لو لم يمتنع) رد العين (عقلا) كما لو كان تالفا حقيقة (او شرعا) كما فى المقام، حيث ان أمّ الولد لا يمكن ان تنتقل من ملك مولاها الّذي احبلها (و المانع الشرعى كالعقلى) فى انه يمنع عن الاحكام الشرعية المترتبة لو لا المانع.

(نعم: لو قيل ان الممنوع انما هو نقل المالك) لام الولد (او النقل من قبله) اى قبل المالك (لديونه) كما لو بيعت فى ديون المالك، حيث تقدم انه لا يصح.

(اما الانتقال عنه) اى عن المالك، لا باختيار المالك، و لا لاجل المالك (بسبب يقتضيه الدليل) فى حال كون ذلك السبب (خارج عن اختياره)- صفة بسبب- (فلم يثبت) منع ذلك الانتقال (فلا مانع شرعا من

ص: 245

استرداد عينها.

و الحاصل: ان منع الاستيلاد عن استرداد بايعها لها يحتاج الى دليل مفقود.

اللهم الا ان يدعى ان الاستيلاد حق لام الولد مانع عن انتقالها عن ملك المولى لحقه، او لحق غيره.

الا ان يكون للغير حق اقوى، او سابق يقتضي انتقالها، و المفروض

______________________________

استرداد عينها) بعد الفسخ.

و انما قال المصنف «نعم لو قيل» اشعارا بضعف هذا القيل، لانه يفهم حق الامة من دليل «لا تباع» فلا فرق بين ان يكون سبب النقل، المولى، او غيره، و عليه فاللازم على المولى دفع القيمة.

(و الحاصل: ان منع الاستيلاد عن استرداد بايعها) اى بائع الامة (لها يحتاج) المنع (الى دليل مفقود) اذ مقتضى القاعدة: ان يكون للبائع حق الاسترداد.

(اللهم الا ان يدعى ان الاستيلاد حق لام الولد مانع عن انتقالها عن ملك المولى لحقه) اى لاجل حق المولى بان يكون حق المولى سببا للانتقال كما اذا كان المولى مديونا (او لحق غيره) اى غير المولى، كما اذا كان لحق ذى الخيار- فى المثال-.

(الا ان يكون للغير حق اقوى) و لو كان حقا حادثا بعد الاستيلاد (او) حق (سابق) كحق طالب ثمن الامة (يقتضي) ذلك الحق (انتقالها) اى الامة (و المفروض

ص: 246

ان حق الخيار لا يقتضي انتقالها بقول مطلق.

بل يقتضي انتقالها مع الامكان شرعا، و المفروض ان تعلق حق أمّ الولد مانع شرعا كالعتق و البيع، على القول بصحتهما فى زمان الخيار، فتأمل.

و منها: ما اذا كان علوقها بعد اشتراط اداء مال الضمان منها،

______________________________

ان حق الخيار لا يقتضي انتقالها بقول مطلق) اى فى جميع الصور.

(بل يقتضي انتقالها مع الامكان شرعا) اذ بدون الامكان لا يحكم الشارع بالانتقال (و المفروض ان تعلق حق أمّ الولد مانع شرعا) عن الانتقال (كالعتق و البيع، على القول بصحتهما فى زمان الخيار).

فكما انه اذا كان للبائع الخيار فاعتقه المشترى فى زمن الخيار، او باعه المشترى فى زمان الخيار لم يكن للبائع بعد الفسخ رد العين بل له ان يسترد القيمة.

كذلك اذا احبلها المشترى لم يكن للبائع ردها بل يسترد قيمتها (فتأمل) اذ عدم حق للبائع فى الاسترداد اوّل الكلام، فالاستدلال به مصادرة.

(و منها) اى من صور القسم الثالث (ما اذا كان علوقها) اى حملها (بعد اشتراط اداء مال الضمان منها) كما اذا باع زيد لعمرو شيئا فاخذ عمرو خالدا ضامنا للثمن، و قال خالد انى أؤدّي مال الضمان من هذه الجارية، فانه اذا احبلها المولى بعد ذلك كان الضمان سابقا على الاستيلاد

ص: 247

بناء على ما استظهر الاتفاق عليه، من جواز اشتراط الاداء من مال معين فيتعلق به حق المضمون له.

و حيث فرض سابقا على الاستيلاد فلا يزاحم به على قول محكى فى الروضة.

و منها: ما اذا كان علوقها بعد نذر جعلها صدقة، اذا كان النذر مشروطا بشرط لم يحصل قبل الوطي،

ثم حصل بعده، بناء على ما ذكروه من خروج المنذور كونها

______________________________

(بناء على ما استظهر) اى قال بعض الفقهاء انه الظاهر (الاتفاق عليه من جواز اشتراط الاداء من مال معين) بمعنى انه لا يشترط ان يكون الضمان فى الذمة (فيتعلق به) اى بهذا المال المعين (حق المضمون له) الّذي هو زيد.

(و حيث فرض) ان حق المضمون له (سابقا على الاستيلاد فلا يزاحم) الاستيلاد (به) اى بهذا الحق (على قول محكى فى الروضة) مقابل قوله آخر، و هو ان حق الاستيلاد اقوى، فلا فرق بين ان يكون الحق الآخر سابقا او لاحقا.

(و منها) اى من صور القسم الثالث (ما اذا كان علوقها بعد نذر جعلها صدقة، اذا كان النذر مشروطا بشرط لم يحصل قبل الوطي، ثم حصل بعده) كما اذا نذر ان جاء ولده اعطى امته صدقة ثم احبلها قبل مجي ء الولد، ثم جاء الولد، و انما يجوز استيلادها قبل حصول النذر، و تخرج عن ملكه بعد حصوله (بناء على ما ذكروه من خروج المنذور كونها

ص: 248

صدقة عن ملك الناذر بمجرد النذر فى المطلق و بعد حصول الشرط فى المعلق، كما حكاه صاحب المدارك عنهم فى باب الزكاة.

و يحتمل كون استيلادها كاتلافها فيحصل الحنث و يستقر القيمة، جمعا بين حقى أمّ الولد و المنذور له.

و لو نذر التصدق بها فان كان مطلقا، و قلنا: بخروجها عن الملك بمجرد ذلك كما حكى عن بعض فلا حكم للعلوق.

______________________________

صدقة عن ملك الناذر بمجرد النذر فى) النذر (المطلق) كما لو نذر ان تكون جاريته صدقة (و بعد حصول الشرط فى) النذر (المعلق) كمثال نذر الصدقة بمجي ء الولد (كما حكاه صاحب المدارك عنهم فى باب الزكاة) فقبل مجي ء الولد، حيث ان الامة له جاز استيلادها، و بعد مجي ء الولد خرجت الجارية عن ملك الناذر الى الجهة المنذورة لها.

(و يحتمل كون استيلادها كاتلافها) حيث انها خرجت عن قابلية الانتقال عن ملك الناذر (فيحصل الحنث) لانه اتلف متعلق النذر (و يستقر) على الناذر (القيمة) بان يصرف قيمتها الى الجهة المنذورة (جمعا بين حقى أمّ الولد) كى تبقى مقدمة للعتق (و المنذور له) حيث انه اذا تعذرت العين اعطى البدل.

(و لو نذر التصدق بها) اى بالامة- قبل الاستيلاد- نذر مطلقا (فان كان) نذرا (مطلقا، و قلنا: بخروجها عن الملك بمجرد ذلك) النذر (كما حكى عن بعض) كما تقدم (فلا حكم للعلوق) يوجب تحريم الانتقال عن ملك الناذر، اذ العلوق انما حصل فى ملك الغير، لا فى ملك

ص: 249

و ان قلنا: بعدم خروجها عن ملكه، احتمل تقديم حق المنذور له فى العين، و تقديم حق الاستيلاد، و الجمع بينهما بالقيمة.

و لو كان معلقا فوطئها قبل حصول الشرط صارت أم ولد، فاذا حصل الشرط وجب التصدق بها، لتقدم سببه.

و يحتمل انحلال النذر لصيرورة التصدق مرجوحا بالاستيلاد، مع الرجوع الى القيمة

______________________________

الناذر.

(و ان قلنا: بعدم خروجها عن ملكه) اى ملك الناذر، و انما صارت متعلق حق الغير فقط (احتمل تقديم حق المنذور له فى العين) فلا حكم للاستيلاد (و تقديم حق الاستيلاد) فلا حكم للنذر (و الجمع بينهما) اى بين الحقين (بالقيمة) بان تبقى العين لحق الاستيلاد، و يجب على الناذر دفع القيمة فى جهة النذر لحق النذر.

(و لو كان) النذر (معلقا) كما لو نذر ان جاء ولده فهى صدقة لزيد (فوطئها قبل حصول الشرط) كمجي ء الولد فى المثال (صارت أم ولد، فاذا حصل الشرط) بان جاء الولد (وجب التصدق بها) اى بالمستولدة (لتقدم سببه) اى سبب التصدق، و هو النذر على الاستيلاد.

(و يحتمل انحلال النذر) و بطلانه لسبب الاستيلاد (لصيرورة التصدق مرجوحا بالاستيلاد) اذ المستولدة لا تخرج عن ملك المستولد، و قد شرطوا ان يكون متعلق النذر راجحا (مع الرجوع الى القيمة) اى انحلال غير تام، بل انحلال فى العين فقط، بان تعطى قيمة الامة لجهة

ص: 250

او بدونه، و تمام الكلام يحتاج الى بسط تام لا يسعه الوقت.

و منها: ما اذا كان علوقها من مكاتب مشروط ثم فسخت كتابته، فللمولى ان يبيعها،

على ما حكاه فى الروضة عن بعض الاصحاب، بناء على ان مستولدته أم ولد بالفعل غير معلق على عتقه،

______________________________

الصدقة (او بدونه) اى بدون الرجوع الى القيمة (و تمام الكلام يحتاج الى بسط تام لا يسعه الوقت) المعد للاشارة الى مسائل الاستيلاد اذا تعارضت مع حقوق اخرى.

و لا يخفى ان القسم و العهد كذلك مع ادنى تفاوت.

(و منها) اى من مسائل صور القسم الثالث (ما اذا كان علوقها) و حملها (من مكاتب مشروط) و هو ما اذا قال المولى لعبده: انت حر اذا اعطيت كذا دينارا- مثلا- بشرط ان تكمل المبلغ، مقابل المكاتب المطلق الّذي يكون حرّا كل مقدار اعطى فى مقابله.

مثلا: اذا كان مال المكاتبة مائة فاعطى عشرة حرر عشرة، بخلاف ما اذا كان مكاتبا مشروطا فانه لا يحرر جزء منه الا بعد اعطاء تمام المائة (ثم فسخت كتابته) لتأخير اداء مال الكتابة مثلا كان الشرط اداء مال الكتابة الى سنة فلم يؤدّ (فللمولى ان يبيعها، على ما حكاه فى الروضة عن بعض الاصحاب).

و انما يكون هذا من المستثنيات (بناء على ان مستولدته) اى امة المكاتب (أم ولد بالفعل) قبل الحرية للمكاتب (غير معلق على عتقه) فكون الامة أم ولد، لا تتوقف على عتق الواطئ، بل لو كان الواطئ عبدا

ص: 251

فلا يجوز له بيع ولدها.

و القسم الرابع و هو ما كان ابقائها فى ملك المولى غير معرض لها للعتق،

لعدم توريث الولد من ابيه، لاحد موانع الارث، او لعدم ثبوت النسب من طرف الام و الأب واقعا لفجور،

______________________________

صدقت أمّ الولد على الحامل منه (فلا يجوز له بيع ولدها).

و انما نشترط هذا الشرط، لانه اذا قلنا: بان صدق أمّ الولد تتوقف على حرية الواطئ- حرية فعلية، و لا تكفى الحرية الاقتضائية- لم تصدق أمّ الولد فى المقام، اذ الواطئ ليس حرا فعلا حال الاستيلاد، فاذا لم تتحقق أمّ الولد، لا يكون هذا من المستثنيات.

و انما يحتمل وجوب الحرية الفعلية للواطى فى صدق أمّ الولد، لانه اذا لم يكن حرا لم يرث الولد حتى تكون أمّ الولد فى معرض الحرية.

اذ من المعلوم: ان الام تعتق من نصيب الولد من الارث و العبد لا يرث، فتأمل.

(و القسم الرابع) من صور الاستثناء عن بيع أمّ الولد (و هو ما كان ابقائها) اى أمّ الولد (فى ملك المولى غير معرض لها للعتق، لعدم توريث الولد من ابيه، لاحد موانع الارث) كالكفر و العبودية (او لعدم ثبوت النسب من طرف الام و الأب واقعا) قيد «لعدم ثبوت النسب» (لفجور) فان ولد الزنا لا يرث اباه و لا أمه.

و انما ذكرنا «الام و الأب» لانه ان كانت الزانية الام فقط، لم تصبح أم ولد شرعا، و ان كان الزانى الأب فقط، لم يرث الولد منه حتى

ص: 252

او ظاهرا باعتراف.

ثم انا لم نذكر فى كل مورد من موارد الاستثناء الا قليلا من كثير ما يتحمله الكلام، فيطلب تفصيل كل واحد من مقامه.

______________________________

تنعتق منه أمه من نصيبه من الارث (او ظاهرا) و ان كان النسب موجودا واقعا (باعتراف) او لعان، او جهل، او ما اشبه.

كما لو قال الأب: انه ليس بولده.

او لا عن المرأة بما يسبب نفى الولد منه ان صح لعان الامة- مثلا-.

او جهل بان الولد له و لم يكن اثبات شرعى، فانه لا يرث حينئذ ظاهرا و ان كان ولده واقعا و كان وارثا فى الحقيقة فتأمل.

(ثم انا لم نذكر فى كل مورد من موارد الاستثناء الا قليلا من كثير ما يتحمله الكلام، فيطلب تفصيل كل واحد من مقامه) اذ المستثنيات متوقفة على تنقيح المباحث فى باب النذر، و الحجر، و الرهن، و المكاتبة، و غيرها، كما لا يخفى.

ص: 253

مسئلة و من أسباب خروج الملك عن كونه طلقا، كونه مرهونا،

فان الظاهر بل المقطوع به الاتفاق على عدم استقلال المالك فى بيع ملكه المرهون و حكى عن الخلاف اجماع الفرقة، و اخبارهم على ذلك.

و قد حكى الاجماع عن غيره أيضا و عن المختلف فى باب تزويج الامة المرهونة انه ارسل عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: ان الراهن و المرتهن ممنوعات من التصرف.

______________________________

(مسألة) مربوطة بشرائط العوضين التى منها كون الملك طلقا (و من اسباب خروج الملك عن كونه طلقا، كونه مرهونا، فان الظاهر) من كلام الفقهاء (بل المقطوع به الاتفاق على عدم استقلال المالك فى بيع ملكه المرهون و حكى عن الخلاف اجماع الفرقة، و اخبارهم على ذلك) عدم جواز بيع المرهون.

(و قد حكى الاجماع عن غيره أيضا و عن المختلف فى باب تزويج الامة المرهونة انه ارسل عن النبي صلّى اللّه عليه و آله: ان الراهن و المرتهن ممنوعات من التصرف).

و اطلاقه يشمل البيع كسائر التصرفات فلا اشكال و لا كلام من هذه الناحية.

ص: 254

و انما الكلام فى ان بيع الراهن هل يقع باطلا من اصله او يقع موقوفا على الاجازة؟ او سقوط حقه باسقاطه، او بالفك.

فظاهر عبائر جماعة من القدماء و غيرهم، الاول، الا ان صريح الشيخ فى النهاية، و ابن حمزة فى الوسيلة، و جمهور المتأخرين عدا شاذ منهم، هو كونه موقوفا، و هو الاقوى، للعمومات السليمة عن المخصص لان معقد الاجماع و الاخبار الظاهرة

______________________________

(و انما الكلام فى ان بيع الراهن هل يقع باطلا من اصله او يقع موقوفا على الاجازة) من المرتهن (او) موقوفا على (سقوط حقه) اى حق المرتهن (باسقاطه) بان يقول المرتهن: اسقطت حقى عن الرهن، او اسقطت العين، و تلقائيا يسقط الرهن (او بالفك) باداء الراهن مال المرتهن حتى تنفك الوثيقة «التى هى الرهن».

(فظاهر عبائر جماعة من القدماء و غيرهم، الاول) اى ان البيع يقع باطلا (الا ان صريح الشيخ فى النهاية، و ابن حمزة فى الوسيلة، و جمهور المتأخرين عدا شاذ منهم، هو كونه) اى البيع (موقوفا) لا باطلا (و هو الاقوى) فلا يبطل البيع من رأسه (للعمومات السليمة عن المخصص) مثل: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و: تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ، و: أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ، و ما اشبه.

و ما دلّ على المنع عن تصرف الراهن و المرتهن لا يصلح مخصصا للعمومات (لان معقد الاجماع و الاخبار الظاهرة) ذلك المعقد.

و المراد بالمعقد اللفظ الّذي انصب عليه الاجماع.

مثلا لو قال: «الراهن ممنوع عن التصرف اجماعا كانت الجملة

ص: 255

فى المنع عن التصرف، هو الاستقلال، كما يشهد به عطف المرتهن على الراهن، مع ما ثبت فى محله من وقوع تصرف المرتهن موقوفا، لا باطلا.

و على تسليم الظهور فى بطلان التصرف رأسا.

فهى موهونة بمصير جمهور المتأخرين على خلافه.

______________________________

معقدا» (فى المنع عن التصرف، هو الاستقلال) بان يكون البيع نافذا بلا حاجة الى اذن او فك.

و ذلك لمناسبة الحكم و الموضوع، فان العرف يرى ان المنع من جهة حق المرتهن فاذا اجاز و سقط حقه فلا منع (كما يشهد به) اى بكون المنع انما هو فيما اذا كان مستقلا (عطف المرتهن على الراهن).

قالوا: الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف (مع ما ثبت فى محله من وقوع تصرف المرتهن موقوفا) على اجازة الراهن (لا باطلا) من رأسه.

(و على) تقدير (تسليم الظهور) لعبارة «الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف» (فى بطلان التصرف رأسا) بلا توقف على الاجازة او فك، بل لا تنفع الاجازة و الفك فى التصحيح.

(فهى) اى البطلان الناشئ من الظهور المذكور (موهونة بمصير جمهور المتأخرين على خلافه).

و كيف يمكن ان يقال: الشي ء الفلانى له ظاهر كذا، و الحال ان الفقهاء ذوى الفهم الثاقب لم يفهموا هذا الظهور.

ص: 256

هذا كله مضافا الى ما يستفاد من صحة نكاح العبد بالاجازة، معللا بانه: لم يعص الله، و انما عصى سيده،

اذ المستفاد منه ان كل عقد كان النهى عنه لحق الآدمى يرتفع المنع و يحصل التأثير بارتفاع المنع، و حصول الرضا، و ليس ذلك كمعصية الله اصالة فى ايقاع العقد التى لا يمكن ان يلحقها رضى الله تعالى.

هذا كله مضافا الى فحوى ادلة صحة الفضولى

______________________________

(هذا كله مضافا الى ما يستفاد من صحة نكاح العبد بالاجازة) من المولى (معللا بانه: لم يعص الله، و انما عصى سيده) اى ليست معصية كشرب الخمر، و الا فعصيان المولى عصيان لله تعالى أيضا «فاذا اجاز» المولى «جاز» النكاح.

(اذ المستفاد منه) اى من هذا التعليل (ان كل عقد كان النهى عنه لحق الآدمى) لا لان الله ابطله، كالربا (يرتفع المنع) عن ذلك العقد (و يحصل التأثير) للعقد (بارتفاع المنع، و) ب (حصول الرضا) من ذى الحق (و ليس ذلك كمعصية الله اصالة فى ايقاع العقد) «فى» متعلق بمعصية، اى ان اصل العقد ليس معصية (التى لا يمكن ان يلحقها رضى الله تعالى) فبيع المرهون أيضا كذلك.

(هذا كله) وجه الاستدلال لصحة بيع المرهون (مضافا الى فحوى ادلة صحة الفضولى) اى المناط الموجود فى صحة الفضولى موجود فى المقام، بل الصحة هنا اولى، لان الفضولى يفقد رضى المالك و الاستناد إليه- فان الاستناد لازم فان معنى قوله تعالى: بالعقود، عقود كم- و

ص: 257

لكن الظاهر من التذكرة ان كل من ابطل عقد الفضولى ابطل العقد هنا.

و فيه نظر لان من استند فى البطلان فى الفضولى الى مثل قوله (ص):

لا بيع الا فى ملك، لا يلزمه البطلان هنا.

بل الاظهر ما سيجي ء عن إيضاح النافع من: ان الظاهر وقوف هذا العقد، و ان قلنا ببطلان الفضولى.

و قد ظهر من ذلك ضعف ما قواه بعض من عاصرناه من القول بالبطلان متمسكا بظاهر الاجماعات و الاخبار المحكية على

______________________________

فى المقام يفقد الرضا فقط فلو قلنا بصحة الفضولى كان المقام اولى بالصحة.

(لكن الظاهر من التذكرة ان كل من ابطل عقد الفضولى ابطل العقد هنا) فى الرهن.

(و فيه نظر) اذ لو قلنا ببطلان الفضولى لم يلزم البطلان هنا (لان من استند فى البطلان فى الفضولى الى مثل قوله (ص): لا بيع الا فى ملك، لا يلزمه البطلان هنا) اذ المفروض ان المرهون ملك للبائع.

(بل الاظهر ما سيجي ء عن إيضاح النافع من: ان الظاهر وقوف هذا العقد) اى عقد بيع الرهن، على الاجازة من المرتهن (و ان قلنا ببطلان الفضولى).

(و قد ظهر من ذلك) الّذي ذكرناه من ان مقتضى الادلة الصحة بشرط اجازة المرتهن (ضعف ما قواه بعض من عاصرناه من القول بالبطلان) لبيع الراهن (متمسكا بظاهر الاجماعات و الاخبار المحكية على

ص: 258

المنع و النهى قال: و هو موجب للبطلان و ان كان لحق الغير اذ العبرة بتعلق النهى بالعقد كالأمر خارج منه.

و هو كاف فى اقتضاء الفساد كما اقتضاه فى بيع الوقف، و أمّ الولد، و غيرهما مع استوائهما فى كون سبب النهى حق الغير.

______________________________

المنع) عن البيع (و النهى) عنه (قال: و هو) اى كل من المنع و النهى (موجب للبطلان) لان الاوامر و النواهى المتعلقة بالعقود تقتضى الوضع (و ان كان) كل من المنع و النهى (لحق الغير) لا لحق الله تعالى (اذ العبرة) فى البطلان (بتعلق النهى بالعقد) نهيا (كالأمر خارج منه).

اذ النهى قد يكون لامر خارج، كالنهى عن البيع وقت النداء من يوم الجمعة فانه لا يقتضي الفساد، و لذا قالوا بصحة المعاملة و ان كان المتعامل آثما، لان النهى خارج عن ذات المعاملة.

و قد يكون النهى لامر داخل كالنهى عن بيع المجهول، فانه يوجب البطلان، و النهى فى المقام من هذا القبيل.

(و هو) اى النهى لا لامر خارج (كاف فى اقتضائه الفساد) بالنسبة الى المعاملة (كما اقتضاه) اى النهى، للفساد (فى بيع الوقف، و) بيع (أمّ الولد، و غيرهما) كالمجهول (مع استوائهما) اى بيع الرهن، و بيع أمّ الولد و الوقف (فى كون سبب النهى حق الغير) فكما يبطل بيع الوقف و أمّ الولد كذلك يبطل بيع المرهون.

ص: 259

ثم اورد على نفسه بقوله: فان قلت: فعلى هذا يلزم بطلان عقد الفضولى و عقد المرتهن، مع ان كثيرا من الاصحاب ساووا بين الراهن و المرتهن فى المنع، كما دلت عليه الرواية، فيلزم بطلان عقد الجميع او صحته.

فالفرق تحكم. قلنا: ان التصرف المنهى عنه ان كان انتفاعا بمال الغير فهو محرم، و لا تحل له الاجازة المتعقبة.

______________________________

(ثم اورد على نفسه بقوله: فان قلت: فعلى هذا) الّذي ذكرتم من بطلان بيع الرهن لان فيه حقا للغير (يلزم بطلان عقد الفضولى و عقد المرتهن) لان فى المرهون حقا للراهن (مع ان كثيرا من الاصحاب ساووا بين الراهن و المرتهن فى المنع) فاذا بطل عقد الراهن لزم بطلان عقد المرتهن (كما دلت عليه) اى التساوى بين الراهن و المرتهن (الرواية) حيث قال صلى الله عليه و آله: الراهن و المرتهن ممنوعان (فيلزم بطلان عقد الجميع او صحته) اى صحة عقد الجميع.

(فالفرق) بين الراهن بالبطلان، و بين المرتهن و الفضولى بالصحة (تحكم. قلنا: ان التصرف المنهى عنه) على ثلاثة اقسام:

الانتفاع، و العقد الاستقلالى، و غير الاستقلالى و الفضولى لا يقصد الاستقلال و المرتهن لا يقصد الاستقلال صحيح و الراهن حيث انه يقصد الاستقلال- بحكم ان المال ماله- باطل، فالفارق الاستقلال و عدم الاستقلال (ان كان انتفاعا بمال الغير) كالجلوس فى دار الناس بغير اذنهم (فهو محرم، و لا تحل له الاجازة المتعقبة) و انما فائدة الاجازة المتعقبة ارتفاع الضمان.

ص: 260

و ان كان عقدا او ايقاعا، فان وقع بطريق الاستقلال لا على وجه النيابة عن المالك.

فالظاهر انه كذلك، كما سبق فى الفضولى.

و الا فلا يعد تصرفا يتعلق به النهى، فالعقد الصادر عن الفضولى قد يكون محرما.

و قد لا يكون كذلك.

و كذا الصادر عن المرتهن، ان وقع بطريق الاستقلال المستند الى البناء على ظلم الراهن و غصب حقه، او الى زعم التسلط عليه بمجرد الارتهان

______________________________

(و ان كان عقدا او ايقاعا، فان وقع بطريق الاستقلال لا على وجه النيابة عن المالك) كما لو باع الغاصب لنفسه.

(فالظاهر انه كذلك) باطل أيضا، و محرم (كما سبق فى الفضولى).

(و الا) يقع بطريق الاستقلال (فلا يعد) ذلك التصرف (تصرفا يتعلق به النهى، فالعقد الصادر عن الفضولى قد يكون محرما) اذا وقع استقلالا لا على وجه النيابة عن المالك.

(و قد لا يكون كذلك) اى محرما، و ذلك فيما اذا وقع نيابة عن المالك.

(و كذا) العقد (الصادر عن المرتهن، ان وقع بطريق الاستقلال المستند الى البناء على ظلم الراهن و غصب حقه) بان باع لنفسه، و اراد التصرف فى الزائد عن مقابل الدين (او الى زعم التسلط عليه) اى الى المرهون (بمجرد الارتهان،

ص: 261

كان منهيا عنه.

و ان كان بقصد النيابة عن الراهن فى مجرد اجراء الصيغة، فلا يزيد عن عقد الفضولى، فلا يتعلق به نهى اصلا.

و اما المالك فلما حجر على ماله برهنه و كان عقده لا يقع الا مستندا الى ملكه، و انحصار المالكية فيه و لا معنى لقصده النيابة، فهو منهى عنه، لكونه تصرفا مطلقا، و منافيا للحجر الثابت عليه.

فيتخصص العمومات بما ذكر.

______________________________

كان منهيا عنه) و باطلا.

(و ان كان بقصد النيابة عن الراهن فى مجرد اجراء الصيغة) و ايقاع العقد (فلا يزيد عن عقد الفضولى، فلا يتعلق به) اى بهذا العقد (نهى اصلا) و لا يكون باطلا.

(و اما) وجه البطلان فى عقد (المالك) الراهن (فلما حجر على ماله برهنه) اى بسبب ان رهنه (و كان عقده لا يقع الا مستندا الى ملكه) اى انه انما يوقع العقد على المرهون، لانه ماله (و انحصار المالكية فيه) عطف على مستندا (و لا معنى لقصده النيابة) اذ المال ماله (فهو منهى عنه، لكونه تصرفا مطلقا) لم يؤخذ فيه رضى المرتهن، مع ان المرتهن ذو حق فى المال (و منافيا للحجر الثابت عليه) اى على المال، او على تصرف الراهن.

(فيتخصص العمومات) الدالة على صحة البيع، مثل: احل الله البيع، و: الناس مسلطون على اموالهم (بما ذكر) من انه مال محجور.

ص: 262

و مجرد الملك لا يقضى بالصحة اذ الظاهر- بمقتضى التأمل- ان الملك المسوّغ للبيع هو ملك الاصل، مع ملك المتصرف فيه.

و لذا لم يصح البيع فى مواضع وجد فيها سبب الملك، و كان ناقصا، للمنع عن التصرف.

ثم قال: و بالجملة، فالذى يظهر بالتتبع فى الادلة، ان العقود ما لم تنته الى المالك فيمكن وقوعها موقوفة على اجازته.

______________________________

(و مجرد الملك) للراهن (لا يقضى بالصحة) للعقد الواقع عليه (اذ الظاهر) من النص و الفتوى (- بمقتضى التأمل-) فى الادلة (ان الملك المسوّغ للبيع هو ملك الاصل، مع ملك المتصرف فيه) اى ان يملك المتصرف اصل الشي ء، و ان يملك التصرف فى ذلك الشي ء.

فلو ملك الاصل و لكنه لم يملك التصرف فيه- بان كان محجورا عليه- لم يصح التصرف.

(و لذا) الّذي يشترط الصحة بملك التصرف (لم يصح البيع فى مواضع وجد فيها) اى فى تلك المواضع (سبب الملك، و) لكنه (كان ناقصا، للمنع عن التصرف) «للمنع» متعلق ب «ناقصا» كالصبى و المفلس و المالك للوقف الخاص، و أمّ الولد، و هكذا.

(ثم قال) المعاصر (و بالجملة، فالذى يظهر بالتتبع فى الادلة، ان العقود ما لم تنته الى المالك) بان كان العاقد غير المالك كالفضولى (فيمكن وقوعها موقوفة على اجازته) كما يظهر من رواية عروة البارقى و روايات نكاح العبيد و غيرها.

ص: 263

و اما اذا انتهت الى اذن المالك، او اجازته، او صدرت منه و كان تصرفه على وجه الاصالة فلا تقع على وجهين، بل تكون فاسدة، او صحيحة لازمة اذا كان وضع العقد على اللزوم.

و اما التعليل المستفاد من الرواية المروية فى النكاح من قوله عليه السلام: لم يعص الله و انما عصى سيده الخ، فهو جار فيمن لم يكن له مال، كما ان العبد لا يملك من نفسه، و اما المالك المحجور عليه، فهو عاص

______________________________

(و اما اذا انتهت) العقود (الى اذن المالك، او اجازته) الاذن السابق على العقد، و الاجازة لاحقة عليه (او صدرت) العقود (منه) اى من المالك مباشرة (و كان تصرفه على وجه الاصالة) عطف بيان على «صدرت منه» (فلا تقع على وجهين) متزلزلا و مراعى، بان تكون صحيحة تارة و فاسدة اخرى (بل تكون فاسدة) اذا لم يكن هناك الشرائط المعتبرة فى العقود (او صحيحة لازمة) اذا توفرت الشرائط (اذا كان وضع العقد على اللزوم) شرط لقوله «لازمة» كالبيع و نحوه، لاخراج مثل الهبة، حيث ان صحتها لا تلازم لزومها.

(و اما التعليل المستفاد من الرواية المروية فى النكاح من قوله عليه السلام: لم يعص الله و انما عصى سيده الخ، ف) هذا لا يدل على ان الراهن لم يعص الله ببيعه، و انما عصى المرتهن ذى الحق، فاذا اجاز المرتهن جاز، اذ (هو) اى التعليل (جار فيمن لم يكن له مال، كما ان العبد لا يملك) العقد (من نفسه، و اما المالك) الّذي يملك من نفسه كالراهن (المحجور عليه، فهو عاص

ص: 264

للّه تعالى بتصرفه، و لا يقال: انه عصى المرتهن لعدم كونه مالكا، و انما منع الله من تفويت حقه بالتصرف.

و ما ذكرناه جار فى كل مالك متمول لامر نفسه اذا حجر على ماله لعارض، كالفلس، و غيره، فيحكم بفساد الجميع.

و ربما يتجه الصحة فيما اذا كان الغرض من الحجر رعاية مصلحة كالشفعة

______________________________

للّه تعالى بتصرفه) اذ الله سبحانه لم يأذن لهذا التصرف (و لا يقال:

انه عصى المرتهن) كما قيل فى العبد انه عصى سيده (لعدم كونه مالكا) اى المرتهن ليس بمالك (و انما منع الله من تفويت حقه) اى حق المرتهن (بالتصرف) اى تصرف الراهن فى المال، فهو منع من الله ابتداءً، لا انه منع اللّه تابع لعصيان المرتهن، كما كان فى العبد، حيث ان منع الله له كان تابعا لمنع السيد.

(و ما ذكرناه) من ان التصرف فى مال نفسه المتعلق لحق الغير فاسد (جار فى كل مالك متول لامر نفسه) ممن كان محجورا على ماله (اذا حجر على ماله لعارض، كالفلس) فانه اذا تصرف المفلس كان تصرفه باطلا، لا انه محتاج الى اجازة الغرماء (و غيره) كالمريض فى ازيد من الثلث، على قول (فيحكم بفساد الجميع) اى جميع تصرفات المالك المحجور.

(و ربما يتجه الصحة فيما اذا كان الغرض من الحجر رعاية مصلحة كالشفعة) كالشريك الّذي يبيع حقه من غير الشريك، فان المبيع محجور لمصلحة الشريك، لكن تصرفه نافذ و ليس بباطل.

ص: 265

فالقول بالبطلان هنا كما اختاره اساطين الفقهاء، هو الاقوى، انتهى.

و يرد عليه بعد منع الفرق فى الحكم بين بيع ملك الغير على وجه الاستقلال.

و بيعه على وجه النيابة.

و منع اقتضاء مطلق النهى لا لامر خارج للفساد.

أولا: ان نظير ذلك يتصور فى بيع الراهن، فانه

______________________________

و كيف كان (فالقول بالبطلان هنا) فى بيع الراهن (كما اختاره اساطين الفقهاء، هو الاقوى) التفريع لاصل مسألة بيع الراهن لا ل «ربما» (انتهى) اى كلام المعاصر فى وجه بطلان بيع الراهن.

(و يرد عليه بعد منع الفرق فى الحكم) بالصحة (بين بيع ملك الغير على وجه الاستقلال) كما يفعله الغاصب و الجاهل بان المبيع مال الناس، بل يزعم انه مال نفسه.

(و) بين (بيعه على وجه النيابة) عن المالك، كما يفعله الفضول، بل مقتضى القاعدة صحة كليهما كما تقدم فى باب بيع الفضولى.

(و) بعد (منع اقتضاء مطلق النهى لا لامر خارج للفساد).

اذ النهى اذا كان ارشاد يا اقتضى الفساد.

اما اذا كان مولويا لم يكن مقتضيا للفساد كما حقق فى الاصول فى باب ان النهى عن المعاملة هل يقتضي الفساد، أم لا؟

(أولا: ان نظير ذلك) اى بيع الفضولى متوقعا للاجازة و عدمها تارة، و بيعه استقلالا تارة اخرى (يتصور فى بيع الراهن، فانه) اى

ص: 266

قد يبيع رجاء لاجازة المرتهن، و لا ينوى الاستقلال، و قد يبيع جاهلا بالرهن، او بحكمه، او ناسيا، و لا حرمة فى شي ء من ذلك.

و ثانيا: ان المتيقن من الاجماع و الاخبار على منع الراهن كونه على نحو منع المرتهن، على ما يقتضيه عبارة معقد الاجماع و الاخبار اعنى قولهم: الراهن و المرتهن ممنوعان، و معلوم ان المنع فى المرتهن انما هو على وجه لا ينافى وقوعه موقوفا.

______________________________

الراهن (قد يبيع رجاء الاجازة المرتهن، و لا ينوى الاستقلال، و قد يبيع جاهلا بالرهن) موضوعا (او بحكمه) و انه لا يجوز له البيع الا باجازة المرتهن (او ناسيا) للموضوع او الحكم (و لا حرمة فى شي ء من ذلك) اى البيع جهلا بالموضوع او الحكم، او نسيانا لهما.

و اذ لا حرمة لا فساد، فان المستشكل اراد ان يستدل على الفساد بالحرمة، و لذا رده الشيخ بهذا الرد.

(و ثانيا: ان المتيقن من الاجماع و الاخبار على منع الراهن) عن التصرف (كونه) استقلالا، لا فضولة رجاء الاجازة، فهو (على نحو منع المرتهن) فى كونه ممنوعا استقلالا، لا برجاء الاجازة (على ما يقتضيه عبارة معقد الاجماع و الاخبار اعنى) بالمعقد (قولهم: الراهن و المرتهن ممنوعان، و معلوم ان المنع) عن التصرف (فى المرتهن، انما هو على وجه) الاستقلال، ف (لا ينافى وقوعه) اى البيع من المرتهن (موقوفا) كما يقع البيع من المرتهن موقوفا.

ص: 267

و حاصله يرجع الى منع العقد على الرهن و الوفاء بمقتضاه على سبيل الاستقلال، و عدم مراجعة صاحبه فى ذلك.

و اثبات المنع ازيد من ذلك يحتاج الى دليل، و مع عدمه، يرجع الى العمومات.

و اما ما ذكره من منع جريان التعليل فى روايات العبد فيما نحن فيه مستندا الى الفرق بينهما، فلم اتحقق الفرق بينهما

______________________________

(و حاصله يرجع الى منع العقد على الرهن و الوفاء) بعد ذلك (بمقتضاه) بان تسليم المال الى المشترى (على سبيل الاستقلال، و عدم مراجعة صاحبه) اى صاحب الرهن- و هو المالك- (فى ذلك) الوفاء بمقتضى العقد.

(و اثبات المنع) عن التصرف (ازيد من ذلك) اى ازيد من التصرف الاستقلالى- بان يكون التصرف المتوقف على اجازة الراهن أيضا ممنوعا (يحتاج الى دليل) مفقود (و مع عدمه) اى عدم الدليل (يرجع الى العمومات) الدالة على صحة الفضولى.

و اذا تحقق الامر فى المرتهن كان الراهن مثله فى جواز التصرف على نحو الفضولية و التوقف على اجازة الطرف الآخر.

(و اما ما ذكره) المعاصر (من منع جريان التعليل فى روايات العبد فيما نحن فيه) اى بيع الراهن، و هو قوله «و اما التعليل المستفاد» (مستندا) فى منعه (الى الفرق بينهما) بين نكاح العبد، و بين بيع الراهن (فلم اتحقق الفرق بينهما).

ص: 268

بل الظاهر كون النهى فى كل منهما لحق الغير، فان منع الله- جل ذكره- من تفويت حق الغير ثابت فى كل ما كان النهى عنه لحق الغير من غير فرق بين بيع الفضولى، و نكاح العبد، و بيع الراهن.

و اما ما ذكره من المساوات بين بيع الراهن و بيع الوقف و أمّ الولد.

ففيه ان الحكم فيهما تعبد.

و لذا لا يؤثر الاذن السابق فى صحة البيع.

______________________________

اذ كل منهما ليس معصية ذاتية كشرب الخمر، بل عصيان، لانه تصرف فى حق الغير، فاذا اجاز الغير «ذى الحق» جاز (بل الظاهر كون النهى فى كل منهما) اى من نكاح العبد، و بيع الراهن (لحق الغير، فان منع الله- جل ذكره- من تفويت حق الغير ثابت فى كل ما كان النهى عنه لحق الغير) لا لاجل امر ذاتى حاصل فى نفس المنهى عنه (من غير فرق بين بيع الفضولى، و نكاح العبد، و بيع الراهن) و سائر معاملات الفضول، كإجارته، و مضاربته، و مزارعته، و مساقاته، و غيرها.

(و اما ما ذكره من المساوات بين بيع الراهن و بيع الوقف و أمّ الولد) فكما لا يصح هذين، لا يصح بيع الراهن.

(ففيه ان الحكم فيهما) بيع الوقف و أمّ الولد (تعبد) لامر ذاتى فيهما.

(و لذا لا يؤثر الاذن السابق) من مالك أمّ الولد، و مالك الوقف (فى صحة البيع) بخلاف بيع الرهن حيث لا نهى ذاتى فيه، و لذا

ص: 269

فقياس الرهن عليه فى غير محله.

و بالجملة: فالمستفاد من طريقة الاصحاب، بل الاخبار: ان المنع من المعاملة اذا كان لحق الغير الّذي يكفى اذنه السابق لا يقتضي الابطال رأسا، بل انما يقتضي الفساد بمعنى عدم ترتب الاثر عليه مستقلا من دون مراجعة ذى الحق.

و يندرج فى ذلك الفضولى، و عقد الراهن، و المفلس، و المريض، و عقد الزوج لبنت اخت زوجته، او اخيها،

______________________________

يؤثر اذن المرتهن السابق فى صحة البيع.

(فقياس الرهن عليه) على بيع الوقف و أمّ الولد (فى غير محله).

(و بالجملة: فالمستفاد من طريقة الاصحاب) التى تظهر من كلامهم فى باب الفضولى و غيره (بل الاخبار: ان المنع من المعاملة اذا كان لحق الغير الّذي يكفى) فى رفع المنع (اذنه السابق) بان كان المحذور فقط عدم اذن ذى الحق (لا يقتضي) اجراء المعاملة بدون الاذن السابق (الابطال) للمعاملة (رأسا) سواء اجاز بعد ذلك ذو الحق، أم لا (بل انما يقتضي الفساد بمعنى عدم ترتب الاثر عليه) اى على ذلك التعامل، اذ اراد العامل ترتيب الاثر (مستقلا من دون مراجعة ذى الحق) لا سابقا و لا لاحقا.

(و يندرج فى ذلك) اى فى الّذي قلنا انه يستفاد من طريقة الاصحاب (الفضولى، و عقد الراهن، و المفلس، و المريض، و عقد الزوج لبنت اخت زوجته، او) بنت (اخيها) اى ادخال امرأة على عمتها او خالتها

ص: 270

و للامة على الحرة، و غير ذلك.

فان النهى فى جميع ذلك انما يقتضي الفساد بمعنى عدم ترتب الاثر المقصود من العقد عرفا، و هو صيرورته سببا مستقلا لآثاره من دون مدخلية رضاء غير المتعاقدين.

و قد يتخيل وجه آخر لبطلان البيع هنا بناء على ما سيجي ء من:

ان ظاهرهم كون الاجازة هنا كاشفة، حيث انه يلزم منه كون مال غير الراهن

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 9، ص: 271

______________________________

(و للامة على الحرة، و غير ذلك) كعقد المرتهن.

فان الفضولى يحتاج الى اجازة ذى الحق، و المفلس الى الغرماء و المريض فيما زاد عن الثلث الى الورثة، و عقد المرأة الى اجازة العمة الخالة و الزوجة الحرة.

(فان النهى فى جميع ذلك انما يقتضي الفساد بمعنى عدم ترتب الاثر المقصود من العقد عرفا) «عرفا» قيد «للمقصود» (و هو) اى المقصود (صيرورته) اى العقد (سببا مستقلا لآثاره) اى آثار العقد (من دون مدخلية رضاء غير المتعاقدين) فان هنا لرضى ذى الحق «الّذي هو غير المتعاقدين» مدخلا، فان المتعاقدين هما الراهن و المشترى، و لرضى المرتهن مدخل، و هكذا فى سائر الموارد التى ذكرناها.

(و قد يتخيل وجه آخر لبطلان البيع هنا) فى بيع الراهن.

و هذا الوجه انما يكون (بناء على ما سيجي ء من: ان ظاهرهم كون الاجازة هنا كاشفة) لا ناقلة، و هذا الوجه هو (حيث انه يلزم منه) اى من كون بيع الراهن صحيحا (كون مال غير الراهن

ص: 271

- و هو المشترى- رهنا للبائع.

و بعبارة اخرى الرهن و البيع متنافيان فلا يحكم بتحققهما فى زمان واحد، اعنى ما قبل الاجازة.

و هذا نظير ما تقدم فى مسألة: من باع شيئا ثم ملكه، من انه على تقدير صحة البيع، يلزم كون الملك لشخصين فى الواقع.

______________________________

- و هو المشترى-) اذ المال بمجرد البيع ينتقل الى المشترى- بناء على كشف اجازة المرتهن من سبق انتقال المال، من حين البيع- (رهنا للبائع) اى لفائدة البائع، اذ البائع هو المديون.

(و بعبارة اخرى الرهن و البيع متنافيان) اذ الرهن يقتضي بقاء الوثيقة فى ملك الراهن ليقتص منه المرتهن، اذا لم يعط الراهن دينه و البيع معناه انه لا يملك الراهن الوثيقة (فلا يحكم بتحققهما فى زمان واحد، اعنى ما قبل الاجازة) من المرتهن.

(و هذا نظير ما تقدم فى مسألة: من باع شيئا ثم ملكه، من) الاشكال فى صحة مثل هذا البيع، ف (انه على تقدير صحة البيع، يلزم كون الملك لشخصين فى الواقع) بناء على الكشف، اذ لو باع زيد مال ابيه يوم الخميس ثم ملكه يوم الجمعة بسبب موت الأب، فان بين الخميس و الجمعة المال للاب، لانه المالك، و للابن لان ملكية يوم الجمعة للابن يكشف عن صحة البيع فى يوم الخميس.

فكما ان هما متنافيين، كذلك فى ما نحن فيه البيع و الرهن متنافيان.

ص: 272

و يدفعه ان القائل يلتزم بكشف الاجازة عن عدم الرهن فى الواقع.

و الا لجرى ذلك فى عقد الفضولى أيضا لان فرض كون المجيز مالكا للمبيع نافذا الاجازة، يوجب تملك مالكين لملك واحد قبل الاجازة.

و اما ما يلزم فى مسألة: من باع شيئا ثم ملكه، فلا يلزم فى مسألة اجازة المرتهن.

______________________________

(و يدفعه) اى اشكال التنافى بين الرهن و البيع (ان القائل) بصحة بيع الراهن (يلتزم بكشف الاجازة عن عدم الرهن فى الواقع) فان معنى الاجازة ان المرتهن رفع اليد عن كون دينه فى مقابل الوثيقة، بل اكتفى بان يكون له دين على الراهن بدون الوثيقة.

(و الا) فلو جرى هذا الاشكال فى باب بيع الراهن (لجرى ذلك) الاشكال (فى عقد الفضولى أيضا) مع ان المعاصر لا يستشكل فى عقد الفضولى (لان فرض كون المجيز مالكا للمبيع نافذ الاجازة، يوجب تملك مالكين) المجيز و المشترى (لملك واحد قبل الاجازة) المجيز لانه المالك واقعا، و المشترى لان الاجازة كاشفة عن صحة البيع من حين البيع.

(و اما ما يلزم) من الاشكال (فى مسألة: من باع شيئا ثم ملكه، فلا يلزم فى مسألة اجازة المرتهن) اذ اشكال «من باع» فى لزوم ان يكون لشي ء واحد مالكان.

و من المعلوم ان المرتهن ليس مالكا حتى يلزم وجود مالكين على ملك واحد فيما بين العقد و الاجازة.

ص: 273

نعم يلزم فى مسألة افتكاك الرهن، و سيجي ء التنبيه عليه إن شاء اللّه تعالى.

ثم ان الكلام فى كون الاجازة من المرتهن كاشفة، او ناقلة هو الكلام فى مسئلة الفضولى.

و محصله ان مقتضى القاعدة النقل، الا ان الظاهر من بعض الاخبار هو الكشف.

و القول بالكشف هناك يستلزمه

______________________________

(نعم يلزم) الاشكال (فى مسألة افتكاك الرهن) لانه بين العقد و الاجازة يجب ان يكون المال رهنا و لا رهنا.

اذ بمقتضى انه مرهون فهو رهن، و بمقتضى ان الاجازة كاشفة عن ملك المشترى من حين العقد يلزم ان لا يكون رهنا، و هما متنافيان (و سيجي ء التنبيه عليه إن شاء الله تعالى) هذا.

(ثم ان الكلام فى كون الاجازة من المرتهن) لبيع الراهن (كاشفة) عن صحة البيع من حين العقد (او ناقلة) من حين الاجازة (هو الكلام فى مسئلة الفضولى).

فمن قال بالكشف هناك، يقول بالكشف هنا.

و من قال بالنقل هناك، يقول بالنقل هنا.

(و محصله ان مقتضى القاعدة) التى تقدم تقريرها فى باب الفضولى (النقل، الا ان الظاهر من بعض الاخبار، هو الكشف).

(و) من المعلوم: ان (القول بالكشف هناك) فى باب الفضولى (يستلزمه)

ص: 274

هنا بالفحوى، لان اجازة المالك اشبه بجزء المقتضى، و هى هنا من قبيل رفع المانع.

و من اجل ذلك جوزوا عتق الراهن هنا مع تعقب اجازة المرتهن، مع ان الايقاعات عندهم لا تقع مراعاة.

و

______________________________

اى الكشف (هنا) فى باب بيع الراهن (بالفحوى) و الاولوية، لان البائع فى باب الفضولى ليس مالكا، و فى باب الراهن البائع مالك (لان اجازة المالك اشبه بجزء المقتضى) فى باب الفضولى، فقبل الاجازة لم يتم المقتضى (و هى) اى اجازة المرتهن (هنا) فى باب الرهن (من قبيل رفع المانع) بعد وجود المقتضى.

و من المعلوم: ان المقتضى ان لم يتم، كان معناه عدم وجود العلة، بخلاف ما اذا تم المقتضى، و لكنه كان مانعا عن التأثير.

و لذا فالصحة هنا اولى من الصحة فى باب الفضولى.

فالقول بالكشف فى باب الرهن اولى من القول بالكشف فى باب الفضولى.

(و من اجل ذلك) الّذي ذكرنا ان باب الرهن اولى بالصحة من باب الفضولى (جوزوا عتق الراهن هنا مع تعقب اجازة المرتهن، مع ان الايقاعات) التى منها العتق (عندهم لا تقع مراعاة) بالاجازة.

(و) ان قلت: ليس ذلك لاجل اولوية باب الرهن من باب الفضولى بل لاجل بناء العتق على التغليب، بمعنى انه مهما وجدت رائحة العتق حصل العتق.

ص: 275

الاعتذار عن ذلك- ببناء العتق على التغليب، كما فعله المحقق الثانى فى كتاب الرهن فى مسئلة عفو الراهن عن جناية الجانى على العبد المرهون- مناف لتمسكهم فى العتق بعمومات العتق، مع ان العلامة قدس سره فى تلك المسألة قد جوز العفو مراعى بفك الرهن.

هذا اذا رضى المرتهن بالبيع، و اجازه.

______________________________

قلت هذا غير تام، اذ (الاعتذار عن ذلك) اى عن وقوع العتق الفضولى فى باب الرهن (- ببناء العتق على التغليب، كما فعله المحقق الثانى فى كتاب الرهن فى مسئلة عفو الراهن عن جناية الجانى على العبد المرهون-) اذ ربما تكون هذه الجناية موجبة لسقوط العبد عن الوثيقية الكاملة، كما اذا كان الدين مائة و كان العبد يسوى مائة، و بعد ان فقئت عيناه بواسطة جناية الجانى كانت قيمته خمسين دينارا- مثلا- فاذا عفى الراهن عن الجانى كان معناه اسقاط الرهن عن الوثيقية الكاملة.

فهذا الاعتذار (مناف لتمسكهم فى العتق بعمومات العتق) لا بانه من باب التغليب، و «مناف» خبر «الاعتذار» (مع ان العلامة قدس سره فى تلك المسألة قد جوز العفو مراعى بفكّ الرهن) فان انفك الرهن كان عفو المالك فى محله، و الا لم يكن لعفوه أثر اذ هو عفو فى حق الغير.

(هذا) الّذي ذكرناه من بيع الراهن، و انه صحيح كالفضولى، و ليس باطلا- كما ادعاه المعاصر- (اذا رضى المرتهن بالبيع، و اجازه).

انما قال «و اجازه» لان الرضى الباطنى لا ينفع بدون الاجازة المظهرة له.

ص: 276

اما اذا اسقط حق الرهن ففى كون الاسقاط كاشفا، او ناقلا، كلام يأتى فى افتكاك الرهن او ابراء الدين.

ثم انه لا اشكال فى انه لا ينفع الردّ بعد الاجازة، و هو واضح و هل ينفع الاجازة بعد الرد؟ وجهان من: ان الرد فى معنى عدم رفع اليد عن حقه، فله اسقاطه بعد ذلك و ليس ذلك كردّ بيع الفضولى لان المجيز هناك فى معنى احد المتعاقدين.

______________________________

(اما اذا اسقط حق الرهن) بان خرجت الوثيقة عن كونها وثيقة، و رجعت الى مالكها مطلقة بدون تعلق بها (ففى كون الاسقاط كاشفا) حتى يكون البيع واقعا من حال العقد (او ناقلا) حتى يكون البيع حاصلا من حال اسقاط حق الرهن (كلام يأتى فى افتكاك الرهن او ابراء الدين) الّذي كان الرهن بإزائه، بان أبرأ المرتهن الدين الّذي له على الراهن.

(ثم انه لا اشكال فى انه لا ينفع الرد) من المرتهن، لمعاملة الراهن (بعد الاجازة) فان اجاز المرتهن ثم استثنى و اراد الردّ لم ينفع رده (و هو واضح) اذ الاجازة اوجبت صحة العقد اللازم، و بعد انعقاد العقد ليس مجال لرده (و هل ينفع الاجازة بعد الرد؟) كما لو سمع المرتهن ان الراهن باع، فقال رددت، ثم اراد اجازته (وجهان).

وجه المنع (من: ان الردّ فى معنى عدم رفع اليد عن حقه، فله اسقاطه) اى اسقاط الرد- بان يرفع اليد عن حقه- (بعد ذلك، و ليس ذلك) الردّ فى المقام (كردّ بيع الفضولى) حيث تقدم انه لا مجال للاجازة بعد ذلك (لان المجيز هناك) فى بيع الفضولى (فى معنى احد المتعاقدين)

ص: 277

و قد تقرر ان ردّ احد العاقدين مبطل لانشاء العاقد الآخر، بخلافه هنا فان المرتهن اجنبى له حق فى العين.

و من: ان الايجاب المؤثر انما يتحقق برضاء المالك و المرتهن، فرضاء كل منهما جزء مقوّم للايجاب المؤثر.

فكما ان ردّ المالك فى الفضولى مبطل للعقد بالتقريب المتقدم.

كذلك رد المرتهن، و هذا

______________________________

و الاجازة قائمة مقام احد ركنى العقد.

(و قد تقرر ان ردّ احد العاقدين مبطل لانشاء العاقد الآخر) فلو قال البائع بعت، فقال المشترى، لم اشتر، فانه يبطل قول البائع «بعت» و لو قبل الاشتراء بعد ذلك، لعدم تحقق «العقود» فلا يشمله: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (بخلافه) اى الرد (هنا) فى باب الرهن (فان المرتهن اجنبى) و انما (له حق) فقط (فى العين) و انما الراهن هو المالك فاذا اسقط حقه اثر العقد اثره.

(و) وجه ان الرد موجب لعدم فائدة فى اسقاطه (من: ان الايجاب المؤثر انما يتحقق برضاء المالك و المرتهن) لان لهما معا الحق فى الملك (فرضاء كل منهما جزء مقوّم للايجاب المؤثر) فايهما لم يتحقق لم يتحقق النقل و الانتقال.

(فكما ان ردّ المالك فى الفضولى مبطل للعقد بالتقريب المتقدم) اذ لا يتحقق صدق: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

(كذلك رد المرتهن) يوجب عدم الانعقاد، و ان اجاز بعد ذلك (و هذا

ص: 278

هو الاظهر من قواعدهم.

ثم ان الظاهر: ان فك الرهن بعد البيع بمنزلة الاجازة لسقوط حق المرتهن بذلك، كما صرح به فى التذكرة، و حكى عن فخر الاسلام، و الشهيد فى الحواشى و هو الظاهر عن المحقق، و الشهيد الثانيين.

و يحتمل عدم لزوم العقد بالفك، كما احتمله فى القواعد، بل مطلق السقوط الحاصل بالاسقاط، او الابراء، او بغيرهما، نظرا الى ان

______________________________

هو الاظهر من قواعدهم) و ان كان العرف يرى عدم البأس بالقبول بعد الرد.

(ثم ان الظاهر: ان فك الرهن بعد البيع بمنزلة الاجازة) فاذا باع الراهن ثم- قبل ردّ المرتهن- فك الرهن كان البيع صحيحا (لسقوط حق المرتهن) الّذي كان مانعا عن نفوذ البيع (بذلك) الفكّ (كما صرح به فى التذكرة، و حكى عن فخر الاسلام، و الشهيد فى الحواشى و هو الظاهر عن المحقق، و الشهيد الثانيين) صاحب جامع المقاصد و شرح اللمعة.

(و يحتمل عدم لزوم العقد بالفك) للرهن (كما احتمله فى القواعد، بل) لا ينفع فى تصحيح البيع (مطلق السقوط) لحق المرتهن (الحاصل) ذلك السقوط (بالاسقاط) بان اسقط المرتهن حقه فى الرهن (او الابراء) بان أبرأ الراهن من الدين اصلا (او بغيرهما) كما لو صالح عن حقه بشي ء مثلا، او ورث الراهن المرتهن.

و انما قال هؤلاء: بعدم فائدة الابراء و نحوه فى لزوم البيع (نظرا الى ان

ص: 279

الراهن تصرف فيما فيه حق المرتهن، و سقوطه بعد ذلك لا يؤثر فى تصحيحه.

و الفرق بين الاجازة و الفك ان مقتضى ثبوت الحق له، هو صحة امضائه للبيع الواقع فى زمان حقه، و ان لزم من الاجازة سقوط حقه، فيسقط حقه بلزوم البيع.

و بالجملة فالاجازة تصرف من المرتهن فى الرهن حال وجود حقه اعنى حال العقد بما يوجب سقوط حقه نظير اجازة المالك،

______________________________

الراهن تصرف فيما فيه حق المرتهن، و سقوطه) اى حق المرتهن (بعد ذلك) التصرف (لا يؤثر فى تصحيحه) اى تصحيح البيع.

(و) ان قلت: فلما ذا تقولون بانه اذا اجاز المرتهن، كان البيع نافذا؟ و اىّ فرق بين الاجازة و بين الفك؟

قلت: (الفرق بين الاجازة و الفك ان مقتضى ثبوت الحق له) اى للمرتهن (هو صحة امضائه للبيع الواقع فى زمان حقه، و ان لزم من الاجازة سقوط حقه) اى حق المرتهن، و «ان» وصلية، اى لا منافات بين وجود الحق للمرتهن سابقا على الاجازة، و سقوط حقه بالاجازة (فيسقط حقه بلزوم البيع) الحاصل ذلك اللزوم بالاجازة.

(و بالجملة فالاجازة) من المرتهن (تصرف من المرتهن فى الرهن حال وجود حقه اعنى حال العقد) اى عقد الراهن على المرهون، اذ المرتهن له الحق فى المرهون حال عقد الراهن عليه (بما) متعلق ب «تصرف» (يوجب سقوط حقه) فهو (نظير اجازة المالك) للفضولى.

اذ كلا من المرتهن و المالك صاحب حق فى المال الواقع عليه العقد

ص: 280

بخلاف الاسقاط، او السقوط بالابراء، او الاداء، فانه ليس فيه دلالة على مضى العقد حال وقوعه.

فهو اشبه شي ء ببيع الفضولى، او الغاصب لنفسهما ثم تملكهما.

و قد تقدم الاشكال فيه عن جماعة، مضافا الى استصحاب عدم اللزوم الحاكم على عموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ بناء على ان هذا العقد غير لازم قبل السقوط، فيستصحب حكم الخاص.

______________________________

(بخلاف الاسقاط) اى اسقاط حق المرتهن فى المال المرهون (او السقوط) لحقه (بالابراء، او الاداء، فانه ليس فيه دلالة على مضى العقد حال وقوعه) اى وقوع العقد.

(فهو) اى عقد الراهن ثم سقوط حق المرتهن (اشبه شي ء ببيع الفضولى، او الغاصب لنفسهما) لا للمالك (ثم تملكهما) للمال.

(و قد تقدم الاشكال فيه عن جماعة) لان حق المالك حال العقد لم يسقط باجازة من المالك، فهو بيع لمال الغير من دون اجازته (مضافا الى استصحاب عدم اللزوم) فيما اذا باع الراهن ثم سقط حقه، فان البيع قبل سقوط حقه لم يكن لازما، فاذا شك فى اللزوم، كان استصحاب عدم اللزوم محكما (الحاكم على عموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) اذ المعنى (عقودكم) و سابقا لم يكن عقودكم، فاذا شك فى انه صار بالاسقاط عقودكم، أم لا، كان استصحاب العدم محكما (بناء على ان هذا العقد) اى عقد الراهن (غير لازم قبل السقوط) لحق المرتهن (فيستصحب حكم الخاص) اى كون الراهن ممنوعا من التصرف الّذي خصص عموم: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ.

ص: 281

و ليس ذلك محل التمسك بالعام، اذ ليس فى اللفظ عموم زمانى، حتى يقال: ان المتيقن خروجه، هو العقد قبل السقوط فيبقى ما بعد السقوط داخلا فى العام.

و يؤيد ما ذكرناه بل يدل عليه ما يظهر من بعض الروايات من عدم صحة نكاح العبد بدون اذن سيده بمجرد عتقه، ما لم يتحقق

______________________________

(و ليس ذلك محل التمسك بالعام) اى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ (اذ ليس فى اللفظ) اى «لفظ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» (عموم زمانى) بان يقال: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، شامل لكل عقد، و لكل زمان، فبيع الراهن يجب الوفاء به فى كل زمان حين العقد و بعد العقد قبل السقوط، و بعد العقد بعد السقوط، خرج من هذا العام الزمانى حال العقد و قبل السقوط- لتخصيص «الراهن ممنوع من التصرف» لهذا العام- فيبقى بعد السقوط داخلا فى عموم: اوفوا.

لكن هذا التمسك بالعموم الزمانى غير تام، اذ ليس فى «اوفوا» عموم زمانى (حتى يقال: ان المتيقن خروجه، هو العقد قبل السقوط) اى سقوط حق المرتهن (فيبقى ما بعد السقوط داخلا فى العام) اى العموم الزمانى المستفاد من «اوفوا».

(و يؤيد ما ذكرناه) من عدم فائدة سقوط حق المرتهن فى تصحيح بيع الراهن (بل يدل عليه ما يظهر من بعض الروايات من عدم صحة نكاح العبد بدون اذن سيده بمجرد عتقه) فانه لو تزوج بدون اذن السيد ثم اعتق، لم ينفعه العتق فى صحة النكاح، مع انه ملك امره حالا (ما لم يتحقق

ص: 282

الاجازة و لو بالرضا المستكشف من سكوت السيد مع علمه بالنكاح هذا.

و لكن الانصاف: ضعف الاحتمال المذكور من جهة: ان عدم تأثير بيع المالك فى زمان الرهن ليس الا لمزاحمة حق المرتهن المتقدم على حق المالك، بتسليط المالك.

فعدم الأثر ليس لقصور فى المقتضى، و انما هو من جهة المانع.

فاذا زال أثر المقتضى.

______________________________

الاجازة) من السيد (و لو) كانت الاجازة (بالرضا المستكشف) ذلك الرضا (من سكوت السيد مع علمه بالنكاح هذا).

(و لكن الانصاف: ضعف الاحتمال المذكور) اى احتمال عدم نفوذ عقد الراهن، بعد ان سقط حق المرتهن (من جهة: ان عدم تأثير بيع المالك فى زمان الرهن ليس الا لمزاحمة حق المرتهن) اذ حق المرتهن يحول دون نفوذ عمل الراهن المالك (المتقدم) ذلك الحق (على حق المالك ب) سبب (تسليط المالك) المرتهن على ماله.

و من المعلوم: ان المالك اذا سلط احدا على ماله تسليطا لازما، لم يكن له ان يرجع عن ذلك التسليط، و لذا يقدّم تسليطه المرتهن على سلطة نفسه على نفس المال.

(فعدم الأثر) اى أثر معاملة الراهن و بيعه (ليس لقصور فى المقتضى) اى ملكية المالك الراهن (و انما هو من جهة المانع) و هو حق المرتهن.

(فاذا زال) المانع (أثّر المقتضى) الّذي هو الملك و لا يتوقف على

ص: 283

و مرجع ما ذكرنا الى ان ادلة سببية البيع المستفادة من نحو:

أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و: الناس مسلطون على اموالهم، و نحو ذلك عامة.

و خروج زمان الرهن يعلم من جهة مزاحمة حق المرتهن الّذي هو اسبق.

فاذا زال المزاحم وجب تأثير السبب.

و لا مجال لاستصحاب عدم تأثير البيع للعلم بمناط المستصحب،

______________________________

اجازة المرتهن.

(و مرجع ما ذكرنا) من عدم الاحتياج الى اذن المرتهن، بعد سقوط حقه (الى ان ادلة سببية البيع) للنقل و الانتقال (المستفادة) تلك السببية (من نحو: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و: الناس مسلطون على اموالهم و نحو ذلك) نحو: أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ (عامة) تشمل كل زمان و مكان و غيرهما من سائر المزايا و الخصوصيات.

(و خروج زمان الرهن يعلم من جهة مزاحمة حق المرتهن الّذي هو) اى حق المرتهن (اسبق) من حق الراهن فى البيع.

(فاذا زال المزاحم وجب تأثير السبب) الّذي هو الملكية بدون شرط او قيد.

(و لا مجال لاستصحاب عدم تأثير البيع) بان يقال: ما دام الملك مرهونا كان البيع متوقفا على اجازة المرتهن.

فاذا فك الرهن نشك فى انه هل زال التوقف، أم لا؟ فالاصل بقاء التوقف.

و انما لا مجال لاستصحاب عدم تأثير البيع (للعلم بمناط المستصحب)

ص: 284

و ارتفاعه.

فالمقام من باب وجوب العمل بالعام، لا من مقام استصحاب حكم الخاص، فافهم.

و اما قياس ما نحن فيه على نكاح العبد بدون اذن سيده فهو قياس مع الفارق، لان المانعية عن سببية نكاح العبد بدون اذن سيده، قصور تصرفاته عن الاستقلال فى التأثير، لا مزاحمة حق السيد لمقتضى النكاح.

______________________________

و هو حق المرتهن (و) العلم ب (ارتفاعه) اذ بعد الفك لاحق المرتهن.

(فالمقام من باب وجوب العمل بالعام) الّذي هو: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و نحوه (لا من مقام استصحاب حكم الخاص) الّذي هو كون الراهن ممنوعا من التصرف (فافهم) اذ ان صحة البيع بعد الفك لا ينافى توقف البيع على الاجازة، لانه كان تصرفا فى المال الّذي للمرتهن حق فيه و سقوط حق المرتهن- فى حال البيع- بالفك خلاف الاستصحاب.

(و اما قياس ما نحن فيه على نكاح العبد بدون اذن سيده) حيث تقدم ان ظاهر بعض الروايات عدم فائدة تحريره فى اللزوم اذا لم يجوزه السيد (فهو قياس مع الفارق، لان المانعية عن سببية نكاح العبد بدون اذن سيده، قصور تصرفاته) اى العبد (عن الاستقلال فى التأثير).

فذلك من باب عدم المقتضى (لا مزاحمة حق السيد لمقتضى النكاح) حتى يكون من باب وجود المانع.

و ما نحن فيه من باب وجود المانع، لا من باب عدم المقتضى- كما تقدم-.

ص: 285

اذ لا منافات بين كونه عبدا، و كونه زوجا.

و لاجل ما ذكرنا لو تصرف العبد لغير السيد ببيع او غيره، ثم انعتق العبد، لم ينفع فى تصحيح ذلك التصرف هذا.

و لكن مقتضى ما ذكرنا سقوط حق الرهانة بالفك، او الاسقاط، او الابراء، او غير ذلك،

______________________________

(اذ لا منافات بين كونه عبدا، و كونه زوجا) اذ الزوجية خصوصا فى مثل المتعة لا تنافى حق المولى اطلاقا.

و هذا دليل على انه انما لا ينفذ النكاح لعدم تمامية المقتضى.

(و لاجل ما ذكرنا) من ان تصرف العبد لعدم المقتضى لا لوجود المانع، و لذا لا ينفع عتقه فى تصحيح زواجه السابق- فى حال كونه عبدا- (لو تصرف العبد) تصرفا منافيا لحق السيد (لغير السيد) بان كان التصرف لاجنبى (ببيع او غيره، ثم انعتق العبد، لم ينفع) العتق (فى تصحيح ذلك التصرف) اذ التصرف- حال وقوعه- كان فى حق المولى، و العتق لا يوجب تقلّب ذلك التصرف من كونه فى حق المولى، الى كونه تصرفا جائزا (هذا) وجه عدم صحة قياس بيع الراهن بنكاح العبد.

(و لكن مقتضى ما ذكرنا) من كون الفك موجبا لعدم الاحتياج الى اجازة المرتهن «كون» خبر «مقتضى» (سقوط حق الرهانة بالفك، او الاسقاط) اى اسقاط المرتهن لكون الشي ء رهنا عنده، و ان كان لم يسقط دينه (او الابراء) اى ابراء الدين فيسقط الرهن تبعا (او غير ذلك)

ص: 286

ناقلا و مؤثرا من حينه، لا كاشفا عن تأثير العقد من حين وقوعه، خصوصا بناء على الاستدلال على الكشف بما ذكره جماعة ممن قارب عصرنا، من ان مقتضى مفهوم الاجازة امضاء العقد من حينه، فان هذا غير متحقق فى افتكاك الرهن.

فهو نظير بيع الفضولى، ثم تملكه للمبيع حيث انه لا يسع القائل بصحته الا التزام تأثير العقد من حين انتقاله عن ملك

______________________________

كالصلح على الدين، او على حقه فى الرهن- مثلا- (ناقلا) خبر «كون» (و مؤثرا من حينه) اى حين الابراء (لا كاشفا عن تأثير العقد من حين وقوعه) اذ المانع عن نفوذ البيع الآن- حين الابراء- ارتفع، فالآن يؤثر العقد اثره.

اما قبل ذلك فوجود المانع يمنع عن تأثير العقد، لا تأثيرا حال وقوع العقد، و لا تأثيرا عند الفك، كشفا (خصوصا) قيد «لا كاشفا» (بناء على الاستدلال على الكشف بما ذكره جماعة ممن قارب عصرنا، من ان: مقتضى مفهوم الاجازة امضاء العقد من حينه) لا معناها امضاء العقد من حين الاجازة.

و انما قلنا «خصوصا» (فان هذا) اى الامضاء من حين العقد (غير متحقق فى افتكاك الرهن) اذ حال العقد لو نفذ البيع لزم ان يكون ملك المشترى رهنا فى مقابل دين البائع.

(فهو) اى بيع الرهن (نظير بيع الفضولى، ثم تملكه للمبيع) اى تملك الفضولى لما باعه، كما لو باع مال ابيه ثم ورثه من الأب (حيث انه لا يسع القائل بصحته الا التزام تأثير العقد من حين انتقاله عن ملك

ص: 287

المالك الاول، لا من حين العقد، و إلا لزم فى المقام كون ملك الغير رهنا لغير مالكه، كما يلزم فى تلك المسألة كون المبيع لمالكين فى زمان واحد لو قلنا بكشف الاجازة للتأثير من حين العقد هذا.

و لكن ظاهر كل من قال: بلزوم العقد، هو القول بالكشف.

و قد تقدم عن القواعد فى مسئلة عفو الراهن عن الجانى على المرهون ان الفك يكشف عن صحته.

______________________________

المالك الاول) كزمان موت الأب (لا من حين العقد، و الا) فلو قلنا بالكشف (لزم فى المقام) اى بيع الراهن الرهن، ثم فك الرهن (كون ملك الغير رهنا لغير مالكه) اذ معنى الكشف انه من حين العقد «حال كونه رهنا» للمشترى و الحال ان المديون للمرتهن هو البائع (كما يلزم) على الكشف (فى تلك المسألة) اى مسألة: من باع ثم ملك (كون المبيع لمالكين فى زمان واحد) الأب لانه المالك قبل ان يموت، و المشترى من الابن، لغرض ان الموت كشف عن الانتقال من حين العقد (لو قلنا بكشف الاجازة للتأثير) فى النقل و الانتقال (من حين العقد هذا) ما يقتضيه القواعد.

(و لكن ظاهر كل من قال: بلزوم العقد) اى عقد الراهن اذا اجاز المرتهن (هو القول بالكشف) فيرد عليهم الاشكال المتقدم، و هو لزوم ان يكون ملك المشترى رهنا بالدين البائع، و هذا خلاف قواعد الرهن.

(و قد تقدم عن القواعد فى مسئلة عفو الراهن عن الجانى على المرهون) «على» متعلق ب «الجانى» (ان الفك) للرهن (يكشف عن صحته)

ص: 288

و يدل على الكشف أيضا ما استدلوا به على الكشف فى الفضولى من ان العقد سبب تام الى آخر ما ذكره فى الروضة، و جامع المقاصد.

ثم ان لازم الكشف- كما عرفت فى مسألة الفضولى- لزوم العقد قبل اجازة المرتهن من طرف الراهن و المشترى فلا يجوز له فسخه بل، و لا ابطاله بالاذن للمرتهن فى البيع.

______________________________

اى صحة العفو، و هذا مؤيّد للكشف أيضا.

(و يدل على الكشف أيضا) اى كون فك الرهن كاشفا عن الانتقال من حين العقد (ما استدلوا به على الكشف فى) بيع (الفضولى من ان العقد سبب تام) فهو يؤثر اثره (الى آخر ما ذكره فى الروضة، و جامع المقاصد).

و هنا فى باب الرهن أيضا يستدل بنفس الدليل.

و الجواب عنه ان العقد غير المقترن بالاجازة من ذى الحق ليس سببا تاما، فاذا لحقت الاجازة صار المسبب تاما و فى هذا الحال يؤثر اثره.

(ثم ان لازم الكشف- كما عرفت فى مسألة الفضولى- لزوم العقد قبل اجازة المرتهن) لزوما (من طرف الراهن) البائع (و المشترى) لانهما اجريا العقد، فلا شأن لهما فى الفسخ، كما ان المشترى فى بيع الفضولى، لو اشترى من الفضولى، لم يكن له حق فى الفسخ، و انما الامر متوقف على اجازة المالك فقط (فلا يجوز له) اى للراهن (فسخه) اى العقد (بل، و لا ابطاله) ابطالا- لا بالفسخ- بل (بالاذن للمرتهن فى البيع) اذ لا فرق بين الفسخ و الابطال فى انه ليس من حق البائع بعد ان

ص: 289

نعم يمكن ان يقال: بوجوب فكه من مال آخر، اذ لا يتم الوفاء بالعقد الثانى الا بذلك.

فالوفاء بمقتضى الرهن غير مناف للوفاء بالبيع.

و يمكن ان يقال: انه انما يلزم الوفاء بالبيع بمعنى عدم جواز نقضه و اما دفع حقوق الغير و سلطنته فلا يجب، و لذا لا يجب على من باع مال الغير لنفسه

______________________________

خرج المال من يده ببيعه له.

(نعم يمكن ان يقال) انه اذا لم يحق للراهن الاذن للمرتهن بالبيع، و كان مديونا له، كان اللازم تدارك الدين (بوجوب فكه) اى الرهن (من مال آخر، اذ لا يتم الوفاء بالعقد الثانى) اى عقد البيع (الا بذلك) اى بفك الرهن من مال آخر.

(فالوفاء بمقتضى الرهن) بان يبقى المال مرهونا (غير مناف للوفاء بالبيع) بان يفك الرهن من مال آخر، و يعطى المرهون الى المشترى جمعا بين الحقين-.

(و يمكن ان يقال: انه انما يلزم الوفاء بالبيع بمعنى عدم جواز نقضه) فلا يجوز للبائع الراهن ان ينقض البيع الّذي اوقعه المرهون (و اما دفع حقوق الغير) بان يفك المال حتى يرتفع حق المرتهن من المرهون «المبيع» (و سلطنته) عطف على «حق» اى دفع سلطنة الغير اى سلطنة المرتهن على المال (فلا يجب، و لذا) الّذي لا يجب دفع حق الغير (لا يجب على من باع مال الغير لنفسه) كالغاصب، او الجاهل بانه

ص: 290

ان يشتريه من مالكه، و يدفعه إليه- بناء على لزوم العقد بذلك-.

و كيف كان، فلو امتنع فهل يباع عليه لحق المرتهن لاقتضاء الرهن ذلك و ان لزم من ذلك ابطال بيع الراهن،

______________________________

مال غيره، ثم علم بعد ان باعه (ان يشتريه من مالكه، و يدفعه إليه) اى الى المشترى.

و لو كان دفع حق الغير واجبا مقدمة للوفاء بالعقد وجب اشتراء الغاصب و الجاهل.

و اما عدم الوجوب فى المقام، فلانه لم يقل به احد، و لم يدل عليه دليل (- بناء على لزوم العقد بذلك-) اى باشتراء الغاصب و دفعه الى المشترى.

و اما اذا لم نقل بلزوم العقد بذلك، و قلنا: ان الغاصب اذا اشترى المال من المالك، لم يلزم العقد الّذي احدثه مع المشترى، فاوضح فى عدم لزوم الاشتراء، اذ اىّ دليل لوجوب الاشتراء و الحال انه لا يترتب عليه لزوم، و لا يمكن ان يترتب جواز على لزوم- فى امثال المقام- اى ان الشارع يلزم الانسان بان يأتى بشي ء حتى يرتب الشارع على ذلك الشى امرا جائزا، بحيث ان شاء فعله الملتزم عليه و ان شاء لم يفعله.

(و كيف كان، فلو امتنع) البائع الراهن عن فك الرهن بمال آخر (فهل يباع عليه) الرهن، بان يبيعه المرتهن لاستيفاء حقه، و هذا معنى (لحق المرتهن لاقتضاء الرهن ذلك) بيع الرهن اذا لم يؤدّ الراهن الدين (و ان لزم من ذلك) اى بيع المرتهن المال (ابطال بيع الراهن) الّذي باع المال للمشترى فضولة- بدون اذن المرتهن-

ص: 291

لتقدم حق المرتهن او يجبر الحاكم الراهن على فكه من مال آخر، جمعا بين حقى المشترى و المرتهن، اللازمين على الراهن البائع وجهان.

و مع انحصار المال فى المبيع، فلا اشكال فى تقديم حق المرتهن.

______________________________

(لتقدم حق المرتهن) على حق المشترى فيبطل حق المشترى بسبب حق المرتهن (او يجبر الحاكم الراهن على فكه) اى الدين (من مال آخر) دون المرهون.

و انما يجبر (جمعا بين حقى المشترى و المرتهن) لاقتضاء الرهن ذلك و هو الجمع بين الحقين.

فكونه رهنا يقتضي فكه، و كونه مبيعا يقتضي الوفاء بالبيع للمشترى (اللازمين على الراهن البائع) لانه راهن و باع (وجهان) خبر «فهل يباع».

(و مع انحصار المال) اى مال الراهن (فى المبيع) بان لم يكن له مال آخر يمكن اداء دين الراهن منه (فلا اشكال فى تقديم حق المرتهن) على حق المشترى، لتقدمه الزمانى، فان البيع وقع على ما فيه حق للغير.

ص: 292

مسئلة اذا جنى العبد عمدا بما يوجب قتله، او استرقاق كله، او بعضه.

فالاقوى صحة بيعه وفاقا للمحكى عن العلامة، و الشهيد، و المحقق الثانى، و غيرهم، بل فى شرح الصيمرى انه المشهور، لانه لم يخرج، باستحقاقه للقتل، او الاسترقاق عن ملك مولاه، على ما هو المعروف عمن عدا الشيخ فى الخلاف كما سيجي ء.

______________________________

(مسئلة: اذا جنى العبد عمدا بما يوجب قتله، او استرقاق كله) كما لو قتل انسانا (او) استرقاق (بعضه) كما اذا جرح بما قيمته مثلا عشرة، و الحال ان العبد قيمته مائة.

(فالاقوى صحة بيعه) من مولاه (وفاقا للمحكى عن العلامة، و الشهيد و المحقق الثانى، و غيرهم، بل فى شرح الصيمرى انه المشهور، لانه) اى العبد (لم يخرج، ب) سبب (استحقاقه للقتل، او الاسترقاق) من جانب المجنى عليه (عن ملك مولاه) «عن» متعلق ب «لم يخرج» (على ما هو المعروف) من عدم خروجه عن ملك مولاه (عمن عدا الشيخ فى الخلاف كما سيجي ء) فانه قال بخروجه عن ملك مولاه.

و اذا قلنا بهذا القول لم يصح بيعه للمولى اذ ليس بماله- فى هذا الحال-.

(و) ان قلت: انه و ان لم يخرج عن ملك مولاه، لكنه متعلق حق المجنى عليه.

ص: 293

تعلق حق المجنى عليه به، لا يوجب خروج الملك عن قابلية الانتفاع به.

و مجرد امكان مطالبة اولياء المجنى عليه له فى كل وقت بالاسترقاق او القتل، لا يسقط اعتبار ماليته.

و على تقدير تسليمه فلا ينقص ذلك عن بيع مال الغير فيكون موقوفا على افتكاكه عن القتل و الاسترقاق، فان افتك لزم، و الا بطل

______________________________

قلت: (تعلق حق المجنى عليه به) اى بالعبد (لا يوجب خروج الملك) الّذي هو العبد (عن قابلية الانتفاع به) بان ينتفع به مولاه ببيع او ما اشبه، لاستصحاب بقاء حق الانتفاع.

(و مجرد امكان مطالبة اولياء المجنى عليه) فيما اذا قتل وليهم (له) اى للعبد (فى كل وقت) مطالبة (بالاسترقاق او القتل، لا يسقط اعتبار ماليته) لمولاه، حتى يقال: بانه ليس بعد الجناية بمال، لانه فى معرض التلف- اذ ليس كل معرض تلف موجب للخروج عن المالية-.

(و على تقدير تسليمه) اى تسليم انه ليس بمال للمولى الآن- بعد الجناية- (فلا ينقص ذلك) اى سقوطه عن المالية (عن بيع مال الغير) فضولة.

فكما يجوز بيع مال الغير متوقفا على اجازته، كذلك يجوز بيع هذا العبد متوقفا على اجازة اولياء المجنى عليه (فيكون) بيع المولى للعبد الجانى (موقوفا) فى لزومه (على افتكاكه عن القتل و الاسترقاق) اما بهبة اولياء المجنى عليه، او باعطاء مولى العبد البدل لهم، او نحو ذلك (فان افتك) العبد (لزم) البيع الّذي اجراه المولى عليه (و الا) يفتك (بطل

ص: 294

البيع من اصله.

و يحتمل ان يكون البيع غير متزلزل، فيكون تلفه من المشترى فى غير زمن الخيار، لوقوعه فى ملكه،.

غاية الامر ان كون المبيع عرضة لذلك، يوجب الخيار مع الجهل كالمبيع الارمد اذا عمى، و المريض اذا مات بمرضه.

______________________________

البيع من اصله) اى بطلانا من حين العقد لا من حين تبين عدم الافتكاك او من حين القتل او الاسترقاق.

(و يحتمل ان يكون البيع) من المولى (غير متزلزل، فيكون تلفه من المشترى فى غير زمن الخيار) بان يخسر المشترى.

اما فى زمن الخيار فانه من مال البائع، اذ التلف فى زمن الخيار ممن لا خيار له، كما دل عليه النص و الفتوى، و يأتى تفصيله فى باب الخيارات إن شاء الله تعالى.

و انما يكون تلفه من المشترى (لوقوعه) اى التلف (فى ملكه) لا فى ملك البائع.

(غاية الامر) فى عدم تحمل المشترى للتلف (ان كون المبيع عرضة لذلك) اى فى معرض التلف (يوجب الخيار) للمشترى (مع الجهل) بانه عرضة للتلف، لانه مال ناقص (كالمبيع الارمد) الّذي بعينه رمد (اذا عمى، و المريض اذا مات بمرضه) و كان المشترى جاهلا، فان له الخيار فى الفسخ و الرجوع الى ثمنه، و عدم الفسخ حتى يكون التلف من كيسه لا من كيس البائع.

ص: 295

و يرده ان المبيع اذا كان متعلقا لحق الغير، فلا يقبل ان يقع لازما لادائه الى سقوط حق الغير، فلا بد اما ان يبطل، و اما ان يقع مراعى.

و قد عرفت: ان مقتضى عدم استقلال البائع فى ماله، و مدخلية الغير فيه، وقوع بيعه مراعى لا باطلا.

و بذلك يظهر الفرق بين ما نحن فيه، و بين بيع المريض الّذي يخاف عليه من الموت، و الارمد الّذي يخاف عليه من العمى الموجب للانعتاق.

______________________________

(و يرده) اى يرد الاحتمال المذكور (ان المبيع اذا كان متعلقا لحق الغير، فلا يقبل) البيع (ان يقع لازما لادائه) اى اللزوم (الى سقوط حق الغير، فلا بد اما ان يبطل) من اصله (و اما ان يقع مراعى) باجازة الغير.

(و قد عرفت: ان مقتضى عدم استقلال البائع فى ماله) اى العبد الجانى- فى المقام- (و مدخلية الغير فيه) و هو اولياء المجنى عليه (وقوع بيعه) اى المالك (مراعى) باجازة الاولياء (لا باطلا) لانه مقتضى الجمع بين الحقين.

(و بذلك) الّذي ذكرنا من وجود حق الغير فى العبد الجانى (يظهر الفرق بين ما نحن فيه، و بين بيع المريض الّذي يخاف عليه من الموت، و) العبد (الارمد الّذي يخاف عليه من العمى الموجب) ذلك العمى (للانعتاق) فان العبد اذ اعمى او اقعد انعتق، كما تقرر فى كتاب العتق.

ص: 296

فان الخوف فى المثالين لا يوجب نقصانا فى سلطنة المالك مانعا عن نفوذ تمليكه منجزا، بخلاف تعلق حق الغير.

اللهم الا ان يقال: ان تعلق حق المجنى عليه لا يمنع من نفوذ تمليكه منجزا، لان للبائع سلطنة مطلقة عليه، و كذا للمشترى.

و لذا يجوز التصرف لهما فيه من دون مراجعة ذى الحق.

غاية الامر ان له التسلط على ازالة ملكهما بالاتلاف، او التملك.

______________________________

(فان الخوف فى المثالين لا يوجب نقصانا فى سلطنة المالك) فى حال كون ذلك النقصان (مانعا عن نفوذ تمليكه) العبد للغير تمليكا (منجزا بخلاف تعلق حق الغير) بالعبد فانه مانع عن نفوذ تمليك المالك تمليكا منجزا.

(اللهم الا ان يقال: ان تعلق حق المجنى عليه لا يمنع من نفوذ تمليكه) اى تمليك البائع للعبد الجانى تمليكا (منجزا، لان للبائع سلطنة مطلقة عليه) اى على العبد الجانى، اذ السلطنة المطلقة التى كانت قبل الجناية لم يسقطها شي ء (و كذا للمشترى) اذا اشتراه، سلطنة مطلقة عليه.

(و لذا) الّذي للبائع و المشترى سلطنة مطلقة (يجوز التصرف لهما فيه) اى فى العبد (من دون مراجعة ذى الحق) الّذي هو ولى المجنى عليه.

(غاية الامر) رعاية لحق المجنى عليه (ان له التسلط على ازالة ملكهما) اى ملك البائع و المشترى (بالاتلاف) بان يقتل العبد قصاصا (او التملك) بان يسترقه.

ص: 297

و هذا لا يقتضي وقوع العقد مراعى، و عدم استقرار الملك.

و بما ذكرنا ظهر الفرق بين حق الراهن المانع من تصرف الغير و حق المجنى عليه غير المانع فعلا.

غاية الامر انه مانع شأنا.

و كيف كان فقد حكى عن الشيخ فى الخلاف: البطلان، فانه قال فيما حكى عنه: اذا كان لرجل عبد جان فباعه مولاه بغير اذن المجنى عليه، فان كانت جنايته توجب القصاص فلا يصح البيع، و ان كانت جنايته توجب الارش

______________________________

(و هذا) الحق للمجنى عليه (لا يقتضي وقوع العقد مراعى) باجازة المجنى عليه (و عدم استقرار الملك) «و عدم» عطف «وقوع».

(و بما ذكرنا) من السلطنة المطلقة للبائع فى العبد الجانى (ظهر الفرق بين حق الراهن المانع من تصرف الغير) فلا يجوز للمالك ان يبيع المرهون الاعلى نحو الفضولى (و) بين (حق المجنى عليه) فى العبد الجانى (غير المانع فعلا) قبل الاتلاف و الاسترقاق.

(غاية الامر انه مانع شأنا) لان المجنى عليه الاخذ بحقه.

(و كيف كان) سواء قلنا بان تصرف المالك فى العبد لازم، او مراعى (ف) هو خلاف الشيخ، اذ (قد حكى عن الشيخ فى الخلاف: البطلان) لبيع العبد الجانى (فانه قال فيما حكى عنه: اذا كان لرجل عبد جان فباعه مولاه بغير اذن المجنى عليه، فان كانت جنايته توجب القصاص) كما لو كان قاتلا (فلا يصح البيع، و ان كانت جنايته توجب الارش) كما لو صلم

ص: 298

صحّ، اذا التزم مولاه الارش ثم استدل بانه اذا وجب عليه القود فلا يصح بيعه، لانه قد باع منه ما لا يملكه، فانه حق للمجنى عليه.

و اما اذا وجب عليه الارش صح، لان رقبته سليمة، و الجناية ارشها فقد التزمه السيد فلا وجه يفسد البيع، انتهى و قد حكى عن المختلف انه حكى عنه فى كتاب الظهار: التصريح بعدم بقاء ملك المولى على الجانى عمدا، حيث قال: اذا كان عبد قد جنى جناية فانه لا يجزى عتقه من الكفارة، و ان كان خطاء، جاز ذلك و استدل باجماع الفرقة، فانه لا خلاف بينهم انه اذا كانت جنايته

______________________________

اذن انسان (صح) البيع (اذا التزم مولاه الارش ثم استدل) لعدم الصحة فى الفرع الاول (بانه اذا وجب عليه القود فلا يصح بيعه، لانه) اى المولى (قد باع منه) اى من هذا العبد (ما لا يملكه) و انما لا يملكه المولى (فانه) اى العبد (حق للمجنى عليه) و لا يصح بيع حق الغير.

(و اما اذا وجب عليه الارش) فقط (صح) البيع (لان رقبته) اى العبد (سليمة) اذ ليس على رقبته قصاص (و الجناية ارشها) «ارشها» بدل الاشتمال من «الجناية» (فقد التزمه السيد) و بعد ذلك لاحق للمجنى عليه فى العبد (فلا وجه يفسد البيع، انتهى و قد حكى عن المختلف انه حكى عنه فى كتاب الظهار: التصريح بعدم بقاء ملك المولى على الجانى عمدا، حيث قال: اذا كان عبد قد جنى جناية فانه لا يجزى عتقه عن الكفارة) الواجبة على المظاهر (و ان كان) جنى (خطاء، جاز ذلك) اى عتقه (و استدل باجماع الفرقة، فانه لا خلاف بينهم انه اذا كانت جنايته

ص: 299

عمدا ينتقل ملكه الى المجنى عليه.

و ان كان خطأ فدية ما جناه على مولاه، انتهى.

و ربما يستظهر ذلك من عبارة الإسكافي المحكية عنه فى الرهن، و هى ان من شرط الرهن ان يكون الرهن مثبتا لملكه اياه غير خارج بارتداد، او استحقاق الرقبة، جنايته عن ملكه انتهى.

و ربما يستظهر البطلان من عبارة الشرائع أيضا فى كتاب القصاص حيث قال: اذا قتل العبد حرا عمدا، فاعتقه مولاه صح و لم يسقط القود.

______________________________

عمدا ينتقل ملكه) اى العبد (الى المجنى عليه) فلا يصح عتقه فى ظهار او غيره.

(و ان كان خطأ فدية ما جناه على مولاه) و لذا يصح عتقه (انتهى).

(و ربما يستظهر ذلك) اى عدم بقاء ملك المولى على الجانى عمدا (من عبارة الاسكافى المحكية عنه فى) باب (الرهن، و هى) اى العبارة هذه (ان من شرط الرهن ان يكون الرهن مثبتا) اى ثابتا غير متزلزل، و ذلك (لملكه) اى الراهن (اياه) للمرهون (غير خارج) العبد الّذي يريدان يرهنه (بارتداد، او) ب (استحقاق الرقبة) بان يكون العبد للغير (ب) سبب (جنايته) اى العبد (عن ملكه) متعلق ب «خارج» (انتهى) كلام الاسكافى.

(و ربما يستظهر البطلان) لرهن العبد الجانى عمدا (من عبارة الشرائع أيضا فى كتاب القصاص: حيث قال: اذا قتل العبد) انسانا (حرا عمدا، فاعتقه مولاه صح) العتق (و لم يسقط القود) اى حق القصاص

ص: 300

و لو قيل لا يصح لئلا يبطل حق المولى من الاسترقاق كان حسنا، و و كذا بيعه و هبته، انتهى.

لكن يحتمل قويا ان يكون مراده بالصحة وقوعه لازما غير متزلزل، كوقوع العتق، لانه الّذي يبطل به حق الاسترقاق دون وقوعه مراعى بافتكاكه عن القتل و الاسترقاق.

______________________________

لولى المجنى عليه.

(و لو قيل لا يصح) العتق (لئلا يبطل حق المولى من الاسترقاق) اذ حق المولى اذا سقط عنه بالعتق لم يتمكن ولى الميت من استرقاق العبد، و الحال انه مخير بين القصاص و الاسترقاق، فكيف يجوز ان يفعل المولى فعلا يوجب سقوط حق الاسترقاق؟

فهذا القول (كان حسنا، و كذا بيعه و هبته) اى لا يجوز ان (انتهى).

عبارة الشرائع.

(لكن يحتمل قويا ان يكون مراده بالصحة)- فى البيع و الهبة- اى الصحة التى نفاها الشرائع (وقوعه لازما غير متزلزل، كوقوع العتق) فان ظاهر عطفهما عليه، انهما مثله فى اللزوم.

فكما ان العتق لا يكون متزلزلا، كذلك البيع و الهبة (لانه) اى اللازم منهما، هو (الّذي يبطل به حق الاسترقاق دون وقوعه مراعى) و متزلزلا (بافتكاكه عن القتل و الاسترقاق) «بافتكاكه» متعلق «بمراعى».

فالشرائع لا ينفى وقوع البيع و امثاله حتى يقال «يظهر من عبارة الشرائع البطلان» و انما ينفى وقوع البيع و امثاله لازما، بل يقول هو بان

ص: 301

و كيف كان فالظاهر من عبارة الخلاف: الاستناد فى عدم الصحة الى عدم الملك، و هو ممنوع، لاصالة بقاء ملكه.

و ظهور لفظ الاسترقاق فى بعض الاخبار فى بقاء الملك.

نعم فى بعض الاخبار ما يدل على الخلاف.

______________________________

البيع مراعى، فان فكه المولى صح البيع، و الا كان للمجنى عليه ان يقتل او يسترق.

و الحاصل ان الشرائع ناف للّزوم لا اصل البيع، فليس هو فى عداد القائلين بالبطلان.

(و كيف كان) سواء كان الشرائع قائلا بالبطلان، او بالصحة (فالظاهر من عبارة الخلاف: الاستناد فى عدم الصحة الى عدم الملك) يعنى ان العبد حيث يخرج بالجناية عن ملك المولى الى ملك المجنى عليه، لا يصح اجراء معاملة عليه (و هو ممنوع) اى عدم الملك.

أولا: (لاصالة بقاء ملكه) فان شككنا هل ان العبد يخرج عن ملك المولى بالجناية، أم لا؟ كانت اصالة بقاء الملك محكمة.

(و) ثانيا: ل (ظهور لفظ الاسترقاق) و ان للمجنى عليه استرقاق العبد الجانى (فى بعض الاخبار فى بقاء الملك) لمولاه، اذ لو انتقل العبد بمجرد الجناية الى المجنى عليه، لم يكن معنى للاسترقاق، و ان خرج عن ملك المولى و لم يدخل فى ملك احد لزم بقاء الملك بدون المالك.

(نعم فى بعض الاخبار ما يدل على الخلاف) اى عدم الملك للمولى بعد جناية العبد.

ص: 302

و يمكن ان يكون مراد الشيخ بالملك: السلطنة عليه، فانه ينتقل الى المجنى عليه.

و يكون عدم جواز بيعه من المولى مبنيا على المنع عن بيع الفضولى المستلزم للمنع عن بيع كل ما يتعلق به حق للغير ينافيه السلطنة المطلقة من المشترى عليه كما فى الرهن.

______________________________

لكن لعل الظاهر منها كون مال العبد الى ذلك، لانه مقتضى الجمع بين ظاهر لفظ الاسترقاق و بين ظاهر بعض الاخبار المنافية لذلك.

(و يمكن ان يكون مراد الشيخ) بخروج العبد عن ملك المولى، بالجناية (بالملك) المنفى (السلطنة) من المولى (عليه) اى على العبد.

اى لا سلطنة للمولى على العبد سلطنة مطلقة، كما قبل الجناية (فانه) اى الشأن (تنتقل) السلطنة (الى المجنى عليه) و ان بقى الملك للمولى- على حاله-.

(و يكون عدم جواز بيعه من المولى)- على ما ذكره الشيخ- (مبنيا على المنع عن بيع الفضولى) مطلقا (المستلزم) ذلك المنع عن بيع الفضولى (للمنع عن بيع كل ما يتعلق به حق للغير ينافيه) اى ينافى ذلك الحق (السلطنة المطلقة من المشترى عليه) اى على المنع.

و الحاصل: ان الشيخ لا يقول بعدم الملك، و انما يقول بعدم الملك المطلق، فليس الشيخ- على هذا- مخالفا للمشهور (كما فى الرهن). فان حق المرتهن يوجب عدم سلطنة الراهن سلطنة مطلقة، لا انه يوجب عدم ملك الراهن اصلا.

ص: 303

مسئلة اذا جنى العبد خطاء صح بيعه على المشهور،

بل فى شرح الصيمرى انه لا خلاف فى جواز بيع الجانى اذا كانت الجناية خطأ، او شبه عمد و يضمن المولى اقل الامرين من قيمته، و دية الجناية.

و لو امتنع كان للمجنى عليه اولوية انتزاعه، فيبطل البيع.

و كذا لو كان المولى معسرا

______________________________

(مسألة: اذا جنى العبد خطأ صح بيعه على المشهور، بل فى شرح الصيمرى انه لا خلاف فى جواز بيع الجانى اذا كانت الجناية خطأ) محضا، كما اذا وقع من السطح، فقتل انسانا (او شبه عمد) كما اذا اراد ان يرمى الغزال، فاصاب السهم انسانا (و يضمن المولى اقل الامرين من قيمته) اى قيمة العبد (و دية الجناية)

فاذا كانت القيمة مائة و الدية مائة و خمسين، ضمن المائة فقط- لما ذكروا فى بابه: من ان الجانى لا يجنى على اكثر من قيمته-.

و اذا كان العكس كانت عليه دية الجناية، و هى مائة، كما هو واضح

(و لو امتنع) من اعطاء اقل الامرين (كان للمجنى عليه اولوية انتزاعه) و لا يحق للمشترى الممانعة، لانه اولى من المشترى (فيبطل البيع) اذ هو مال تعلق به حق المجنى عليه فلا يكون بيعه مستقرا.

(و كذا لو كان المولى معسرا) لا يتمكن من اداء بدل الجناية

ص: 304

فللمشترى الفسخ مع الجهالة، لتزلزل ملكه ما لم يفديه المولى، انتهى.

و ظاهره انه اراد نفى الخلاف عن الجواز قبل التزام السيد، الا ان المحكى عن السرائر و الخلاف: انه لا يجوز، الا اذا افداه المولى، او التزم بالفداء، الا انه اذا باع ضمن.

و الا وفق بالقواعد ان يقال: بجواز البيع، لكونه ملكا لمولاه.

و تعلق حق الغير لا يمنع عن ذلك، لان كون المبيع مال الغير، لا يوجب بطلان البيع رأسا، فضلا عن تعلق حق الغير.

______________________________

(فللمشترى الفسخ) للبيع (مع الجهالة) بحال العبد (لتزلزل ملكه) للعبد (ما لم يفديه المولى) فللمشترى خيار العيب (انتهى) شرح الصيمرى.

(و ظاهره انه اراد نفى الخلاف عن الجواز) لبيع العبد الجانى (قبل التزام السيد) الفدية (الا ان المحكى عن السرائر و الخلاف: انه لا يجوز) البيع (الا اذا افداه المولى) بان اعطى الفدية و فك رقبة العبد (او التزم بالفداء) و ان لم يفد فعلا (الا انه اذا باع ضمن) الفدية.

(و الا وفق بالقواعد ان يقال: بجواز البيع).

و المراد بالقواعد ما بينه بقوله: (لكونه ملكا لمولاه) فيشمله قوله: احل الله البيع، و تجارة عن تراض، و الناس مسلطون، و ما اشبه.

(و تعلق حق الغير) اى المجنى عليه بهذا العبد (لا يمنع عن ذلك) البيع (لان كون المبيع مال الغير) كما فى الفضولى (لا يوجب بطلان البيع رأسا) كما تقدم فى مبحث الفضولى (فضلا عن تعلق حق الغير) و العمدة شمول الادلة لهما اى للفضولى و لمتعلق حق الغير.

ص: 305

و لعل ما عن الخلاف و السرائر مبنى على اصلهما من بطلان الفضولى و ما اشبهه من كل بيع يلزم من لزومه بطلان حق الغير، كما يؤمى إليه استدلال الحلى على بطلان البيع قبل التزامه.

و ضمانه بانه قد تعلق برقبة الجانى، فلا يجوز ابطاله.

و مرجع هذا المذهب الى انه لا واسطة بين لزوم البيع و بطلانه.

______________________________

(و لعل ما عن الخلاف و السرائر) من البطلان فى بيع العبد الجانى (مبنى على اصلهما من بطلان الفضولى، و ما اشبهه من كل بيع يلزم من لزومه) اى من لزوم ذلك البيع (بطلان حق الغير) سواء كان المبيع ما لا للغير، او متعلقا لحق الغير (كما يؤمى إليه) اى الى هذا الاصل (استدلال الحلى على بطلان البيع قبل التزامه).

(و ضمانه) اى التزام المولى بالفدية عن العبد الجانى، و ضمانه لاعطاء الفدية- و ضمانه: عطف بيان- (بانه) اى الحق للمجنى عليه (قد تعلق برقبة الجانى، فلا يجوز) للمولى (ابطاله) اى هذا الحق، بسبب البيع.

(و مرجع هذا المذهب) للحلى، و للشيخ (الى انه لا واسطة بين لزوم البيع و بطلانه).

فالبيع اما باطل، و اما لازم، لانه لو كان هناك واسطة و هى البيع الجائز لم يصح القول بان البيع يوجب بطلان الحق.

اذ يرد هذا الاستدلال «حينئذ» بانه لا يلزم البيع ابطال الحق، لان البيع جائز، و مع فرض الجواز لا يبطل الحق.

ص: 306

فاذا صح البيع ابطل حق الغير.

و قد تقدم غير مرة انه لا مانع من وقوع البيع مراعى باجازة ذى الحق او سقوط حقه فاذا باع المولى فيما نحن فيه قبل اداء الدية، او اقل الامرين على الخلاف، وقع مراعى، فان فداه المولى او رضى المجنى عليه بضمانه فذاك، و الا انتزعه المجنى عليه من المشترى.

و على هذا فلا يكون البيع موجبا الضمان البائع حق المجنى عليه.

______________________________

(فاذا صح البيع ابطل حق الغير) هذا تفريع على قوله «انه لا واسطة» اى لازم عدم الواسطة، اما بطلان البيع، و اما بطلان حق الغير.

(و) لكن عدم الواسطة غير صحيح اذ (قد تقدم غير مرة انه لا مانع من وقوع البيع مراعى باجازة ذى الحق) كالمجنى عليه- فى المثال- (او سقوط حقه) بمسقط آخر (فاذا باع المولى فيما نحن فيه قبل اداء الدية او اقل الامرين) من قيمة العبد و الدية (على الخلاف) فى انه ما ذا يجب على المولى (وقع) البيع (مراعى) فى النفوذ (فان فداه المولى او رضى المجنى عليه بضمانه) اى ضمان المولى بان التزم بان يعطى الفدية، و ان لم يعطها بعد (فذاك) لان البيع حينئذ يكون لازما حيث ينتقل الحق من العبد (و الا) بان لم يفده المولى و لم يضمنه (انتزعه المجنى عليه من المشترى) لغرض كون البيع مراعى.

(و على هذا) الّذي ذكرناه (فلا يكون البيع) للعبد الجانى (موجبا لضمان البائع حق المجنى عليه) بل انه فداه او كان هناك مسقط آخر،

ص: 307

قال فى كتاب الرهن من القواعد: و لا يجبر السيد على فداء الجانى و ان رهنه او باعه، بل يتسلط المجنى عليه، فان استوعبت الجناية القيمة بطل الرهن، و الّا ففى المقابل، انتهى.

لكن ظاهر العلامة فى غير هذا المقام هو: ان البيع بنفسه التزام بالفداء.

______________________________

فهو، و الا كان للمجنى عليه حق انتزاع العبد من المشترى.

(قال) العلامة (فى كتاب الرهن من القواعد: و لا يجبر السيد على) اعطاء (فداء) العبد (الجانى و ان رهنه) السيد (او باعه، بل يتسلط المجنى عليه) بين اخذ الفداء و بين اخذ نفس العبد، فان اعطاه المولى الفدية فهو، و الّا جاز له انتزاع العبد (فان استوعبت الجناية القيمة) اى قيمة العبد كما لو كانت الجناية مائة و القيمة مائة و خمسين (بطل الرهن، و الّا ف) البطلان للرهن و البيع (فى المقابل) للجناية فقط اى فى المائة فى المثال- و هى تعادل ثلثي العبد-.

اما الثلث الثالث فلا وجه للبطلان لان البيع و الرهن وقعا فى مال المولى، بلا مانع.

نعم اذا كان المشترى و المرتهن جاهلين بالواقع، كان لهما خيار تبعض الصفقة (انتهى) كلام العلامة، و انما نقل المصنف هذا الكلام تأييدا لفتواه.

(لكن ظاهر العلامة فى غير هذا المقام هو: ان البيع) من المولى للعبد الجانى (بنفسه التزام) من المولى (بالفداء) فالمولى يجبر على

ص: 308

و لعل وجهه انه يجب على المولى حيث تعلق- بالعبد و هو مال من امواله و فى يده- حق يتخير المولى فى نقله عنه، الى ذمته ان يوفى حق المجنى عليه، اما من العين او من ذمته فيجب عليه اما تخليص العبد من المشترى بفسخ او غيره.

و اما ان يفديه من ماله، فاذا امتنع المشترى من رده و المفروض عدم سلطنة البائع على اخذه قهر اللزوم الوفاء بالعقد، وجب عليه دفع الفداء.

______________________________

دفع الفدية.

(و لعل وجهه) اى وجه كون البيع التزاما بالفداء (انه) اى الفداء (يجب على المولى حيث تعلق-) فاعله «حق» الآتي (بالعبد و هو) اى العبد (مال من امواله و فى يده- حق) فاعل «تعلق» يتصف ذلك الحق بانه (يتخير المولى فى نقله) اى ذلك الحق (عنه) اى عن العبد (الى ذمته) بان يعطى الفداء (ان يوفى) فاعل «يجب» (حق المجنى عليه، اما من العين او من ذمته) بان يعطى نفس العبد فى مقابل الجناية او يعطى مالا آخر اداء لما في ذمته (فيجب عليه) اى على المولى (اما تخليص العبد من المشترى) بعد ان باعه المولى (بفسخ او غيره) فيفسخ فى ما اذا كان له خيار، او يستقيل المشترى و ذلك ليعطى عين العبد الى المجنى عليه.

(و اما ان يفديه من ماله، فاذا امتنع المشترى من رده و المفروض عدم سلطنة البائع على اخذه) اى العبد من المشترى (قهرا).

و انما لا يتسلط على اخذه قهرا (للزوم الوفاء بالعقد، وجب عليه دفع الفداء)

ص: 309

و يرد عليه ان فداء العبد غير لازم قبل البيع.

و بيعه ليس اتلافا له حتى يتعين عليه الفداء.

و وجوب الوفاء بالبيع لا يقتضي الا رفع يده لا رفع يد الغير بل هذا اولى بعدم وجوب الفك من الرهن الّذي تقدم فى آخر مسألته الخدشة فى وجوب

______________________________

لانه اذا تعذر احد الامرين البدلين وجب البدل الآخر.

(و يرد عليه) اى على هذا الوجه الّذي استوجهنا به كلام العلامة القائل بوجوب اعطاء البدل على المولى (ان فداء العبد غير لازم قبل البيع) اى قبل ان يبعه المولى، بل يكون للمولى ان يعطى نفس العبد او ان يفديه.

(و بيعه ليس اتلافا له) و محوا له من الوجود (حتى يتعين عليه الفداء) بحجة انه احد البدلين.

(و) ان قلت: انه يجب على المولى الوفاء بالبيع، فكيف يمكن ان يعطى نفس العبد للمجنى عليه بعد ان باعه.

قلت: (وجوب الوفاء بالبيع لا يقتضي الا رفع يده) اى ان يرفع المولى يده من العبد وفاء للبيع (لا رفع يد الغير) الّذي هو المجنى عليه، فان: اوفوا، توجه الى البائع، لا الى الّذي له حق فى المبيع (بل هذا) اى العبد الجانى (اولى بعدم وجوب الفك) اى لا يجب على المولى فكه بالفداء، بل له ان لا يفكه حتى يأخذه المجنى عليه، فيبطل البيع (من الرهن الّذي تقدم فى آخر مسألته) اى مسألة الرهن (الخدشة فى وجوب

ص: 310

الفك على الراهن بعد بيعه، لتعلق الدين هناك بالذمة و تعلق الحق هنا بالعين، فتأمل.

ثم ان المصرح به فى التذكرة، و المحكى عن غيرها: ان للمشترى فك العبد.

و حكم رجوعه الى البائع، حكم قضاء الدين عنه

______________________________

الفك على الراهن بعد بيعه) فاذا باع الراهن الرهن، لم يجب عليه ان يعطى الدين، بل له ان لا يعطيه حتى يأخذ المرتهن حقه من نفس المرهون.

و انما ما نحن فيه اولى (لتعلق الدين هناك) فى باب الرهن (بالذمة) و انما العين وثيقة (و تعلق الحق هنا بالعين) اذ الجناية تتعلق برقبة الجانى، فاذا لم يجب الفك فيما تعلق بالذمة لم يجب الفك فيما تعلق بالعين بطريق اولى.

فاذا كان الدين فى ذمة المولى و مع ذلك لم يجب عليه اعطائه، كان الاولى عدم لزوم اعطاء الفداء- الّذي لم يتعلق بذمة المولى- (فتأمل) اذ البيع بمنزلة التلف كما ذكروه فى غير مورد.

فقول المصنف «و بيعه ليس اتلافا له» محل اشكال.

(ثم ان المصرح به فى التذكرة، و المحكى عن غيرها: ان للمشترى فك العبد) بان يعطى ثمن الجناية ليبقى له العبد.

(و حكم رجوعه الى البائع) بان يرجع المشترى الى البائع، و يأخذ منه ما اداه الى المجنى عليه (حكم قضاء الدين عنه) فان الانسان اذ اقضى دين المدين، فان كان باجازة منه، جاز له الرجوع إليه و

ص: 311

و اخذ ما اداه من المديون، و ان لم يكن باذن منه لم يكن المديون مجبورا فى اداء ما اداه الدافع.

و فى ما نحن فيه هكذا، فانه اذا كان المشترى دفع قيمة الجناية باذن البائع، كان له الرجوع إليه، و الا لم يكن له ذلك، و فى المسألة موارد للمناقشة، كما لا يخفى و الله العالم.

ص: 312

مسئلة الثالث من شروط العوضين، القدرة على التسليم،

اشارة

فان الظاهر الاجماع على اشتراطها فى الجملة، كما فى جامع المقاصد، و فى التذكرة انه اجماع، و فى المبسوط الاجماع على عدم جواز بيع السمك فى الماء و لا الطير فى الهواء.

و عن الغنية: انه انما اعتبرنا فى المعقود عليه ان يكون مقدورا عليه تحفظا مما لا يمكن فيه ذلك، كالسمك فى الماء، و الطير فى الهواء.

فان ما هذه حاله لا يجوز بيعه.

______________________________

(مسألة: الثالث من شروط العوضين، القدرة على التسليم، فان الظاهر الاجماع على اشتراطها) اى القدرة على التسليم- فى صحة البيع- (فى الجملة) لا مطلقا، كما سيأتى تفصيله (كما فى جامع المقاصد و فى التذكرة: انه اجماع، و فى المبسوط الاجماع على عدم جواز بيع السمك فى الماء) كالنهر و البحر، لا مثل الحوض و ما اشبه (و لا الطير فى الهواء) غير الممكن اخذه عرفا.

(و عن الغنية: انه انما اعتبرنا فى المعقود عليه ان يكون مقدورا عليه) بان يقدر البائع على تسليمه (تحفظا) و لاجل الاخراج (مما لا يمكن فيه ذلك) اى مقدورا (كالسمك فى الماء، و الطير فى الهواء) و ما اشبههما.

(فان ما هذه حاله) بان لم يقدر البائع على تسليمه (لا يجوز بيعه،

ص: 313

بلا خلاف، و استدل فى التذكرة على ذلك بانه نهى النبي صلى اللّه عليه و آله عن بيع الغرر، و هذا غرر.

و النهى هنا يوجب الفساد اجماعا، على الظاهر المصرح به فى موضع من الايضاح.

و اشتهار الخبر بين الخاصة و العامة يجبر ارساله.

______________________________

بلا خلاف، و استدل فى التذكرة على ذلك) اى عدم صحة بيع ما لا يقدر على تسليمه (بانه نهى النبي صلى اللّه عليه و آله عن بيع الغرر) و فى حديث آخر نهى النبي صلى اللّه عليه و آله عن الغرر.

و المراد اما «الخديعة» اذا كان الغرر متعديا.

و اما الخطر و الضرر و الغفلة، و ما اشبه، اذا كان الغرر لازما (و هذا غرر) لان بيع ما لم يعلم حاله، و انه هل يتمكن المشترى من الوصول إليه، أم لا يعد فى عداد «الغرر» عرفا؟.

(و النهى هنا) فى باب المعاملات (يوجب الفساد اجماعا) و ليس مثل النهى عن البيع وقت النداء (على الظاهر) من النهى فى المعاملة لا لامر خارج، فان العرف يستفيدون من النهى: الفساد (المصرح به فى موضع من الايضاح) فدلالة الخبر على الفساد، لا بأس بها.

(و) اما السند، ف (اشتهار الخبر بين الخاصة و العامة) فى كتب الفتاوى، و بعض كتب الاخبار (يجبر ارساله) لان الشهرة تكشف عن ان المشهور وجدوا ما يوجب حجيته و لذا استندوا إليه، بعد ان علمنا انهم لا يفتون الا على طبق الخبر الموثق.

ص: 314

اما كون ما نحن فيه غررا فهو الظاهر من كلمات كثير من الفقهاء و اهل اللغة، حيث مثلوا للغرر ببيع السمك فى الماء، و الطير فى الهواء.

مع ان معنى الغرر على ما ذكره اكثر اهل اللغة صادق عليه.

و المروى عن امير المؤمنين عليه السلام: انه عمل ما لا يؤمن معه من الضرر.

______________________________

هذا كله بالنسبة الى الكبرى، و ان البيع الغررى فاسد.

و (اما) بالنسبة الى الصغرى و ان مثل ما نحن فيه من صغريات الغرر، ف (كون ما نحن فيه غررا فهو الظاهر من كلمات كثير من الفقهاء و اهل اللغة، حيث مثلوا للغرر ببيع السمك فى الماء، و الطير فى الهواء) هذا وجه الاستدلال بكلمات الفقهاء و اللغويين.

(مع ان معنى الغرر على ما ذكره اكثر اهل اللغة) اى المعنى للفظ «الغرر» (صادق عليه) اى على بيع السمك فى الماء.

فاهل اللغة بعضهم صرح بهذا المثال و الى هذا اشار بقوله «الفقهاء و اهل اللغة».

و بعضهم ذكر للغرر معنى ينطبق على المقال، و الى هذا اشار بقوله «ذكره اهل اللغة».

(و) كذلك يصدق عليه (المروى عن امير المؤمنين عليه السلام: انه) اى الغرر (عمل ما لا يؤمن معه من الضرر).

و من المعلوم ان بيع الطير و السمك، من هذا القبيل.

ص: 315

و فى الصحاح الغرة الغفلة، و الغار الغافل، و اغره اى اتاه على غرة منه، و اغتر بالشي ء اى خدع به، و الغرر الخطر، و نهى رسول اللّه صلى الله عليه و آله عن بيع الغرر، و هو مثل بيع السمك فى الماء، و الطير فى الهواء، الى ان قال: و التغرير حمل النفس على الغرر، انتهى و عن القاموس ما ملخصه: غره غرا و غرورا، و غرة بالكسر فهو مغرور، و غرير كامير خدعه و اطمعه فى الباطل، الى ان قال: غرر بنفسه تغريرا، و تغرة اى عرضها للهلكة، و الاسم الغرر محركة، الى ان قال: و الغار الغافل،

______________________________

(و فى الصحاح الغرة الغفلة، و الغار الغافل) و هذا بمعنى اللازم، اما بمعنى المتعدى فالغار هو المغفل، لانه يقال غره، فهو غار و ذلك مغرور (و اغره اى اتاه على غرة منه) اى غفلة (و اغتر بالشي ء اى خدع به، و الغرر الخطر) كانه معنى آخر للغرر، غير الغفلة (و نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عن بيع الغرر، و هو مثل بيع السمك فى الماء، و الطير فى الهواء) و مثلهما بيع الوحش فى الصحراء (الى ان قال:) الصحاح (و التغرير حمل النفس على الغرر، انتهى، و عن القاموس ما ملخصه: غره غرا و غرورا)- اى له مصدر ان- (و غره بالكسر) اى ان اصله غرره على وزن حسبه (فهو مغرور، و غرير كامير) بمعنى (خدعه و اطمعه فى الباطل، الى ان قال:) القاموس (غرر بنفسه تغريرا) من باب التفعيل (و تغرة) مصدر آخر (اى عرضها للهلكة، و الاسم) اى اسم المصدر (الغرر) على وزن ضرر (محركة) الوسط (الى ان قال: و الغار الغافل) اذا كان من اللازم، اما اذا كان من المتعدى فهو المغفل

ص: 316

و اغتر غفل، و الاسم الغرة بالكسر، انتهى.

و عن النهاية بعد تفسير الغرة بالكسر، بالغفلة: انه نهى عن بيع الغرر، و هو ما كان له ظاهر يغر المشترى، و باطن مجهول، و قال الازهرى: بيع الغرر ما كان على غير عهدة و لا ثقة.

و يدخل فيه البيوع التى لا يحيط بكنهها المتبايعان من كل مجهول و قد تكرر فى الحديث، و منه حديث مطرف ان لى نفسا واحدة، و انى لا كره ان اغرر بها اى احملها على غير ثقة، و به سمى

______________________________

(و اغتر غفل، و الاسم) اى اسم المصدر (الغرة بالكسر انتهى) كلام القاموس.

(و عن النهاية) لابن اثير (بعد تفسير الغرة بالكسر، بالغفلة: انه نهى) اى الرسول صلّى اللّه عليه و آله (عن بيع الغرر، و هو ما كان له ظاهر يغر المشترى) و يخدعه (و باطن مجهول) لا يوافق ظاهره (و قال) اللغوى (الازهرى: بيع الغرر ما كان على غير عهدة) فلا يتعهد البائع جودة الجنس و صحته (و لا ثقة) من المشترى بان البائع لا يغش و لا يخدع

(و يدخل فيه) اى فى بيع الغرر (البيوع التى لا يحيط بكنهها المتبايعان من كل مجهول) كما اذا كان الثمن او المثمن مجهولا جنسا او قدرا او وصفا (و قد تكرر) لفظ الغرر (فى الحديث، و منه حديث مطرف ان لى نفسا واحدة) فاذا عطبت و هلكت فليس لى بدلها، و لذا لا اتمكن من الاستهانة بهذه النفس (و انى لاكره ان اغرر بها اى احملها على غير ثقة) بان اعمل شيئا لا اثق بانه هل يوجب الهلاك او النجاة؟ (و به) اى بسبب ان الشيطان يحمل الانسان على ما لا يوثق بعواقبه (سمى

ص: 317

الشيطان غرورا، لانه يحمل الانسان على محابه و وراء ذلك ما يسوئه انتهى. و قد حكى أيضا عن الاساس، و المصباح، و المغرب و الجمل، و المجمع تفسير الغرر بالخطر، ممثلا له فى الثلاثة الاخيرة ببيع السمك فى الماء، و الطير فى الهواء، و فى التذكرة ان اهل اللغة فسروا بيع الغرر بهذين.

و مراده من التفسير التوضيح بالمثال.

و ليس فى المحكى عن النهاية

______________________________

الشيطان غرورا) بفتح الغين، كما قال سبحانه «وَ لٰا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللّٰهِ الْغَرُورُ»* اى الشيطان الّذي يغش الانسان (لانه يحمل الانسان على محابّه) اى الّذي يحبه الانسان من شهوات الدنيا (و وراء ذلك ما يسوئه) اى ما يسبب الإساءة الى الانسان، و عذابه من العقاب المعد فى الآخرة (انتهى و قد حكى أيضا عن الاساس، و المصباح، و المغرب و الجمل، و المجمع) اى مجمع البحرين (تفسير الغرر بالخطر، ممثلا له) اى للغرر (فى الثلاثة الاخيرة) المغرب و الجمل و المجمع (ببيع السمك فى الماء، و الطير فى الهواء، و فى التذكرة ان اهل اللغة فسروا بيع الغرر بهذين) اى السمك و الطير.

(و مراده) اى التذكرة (من التفسير) فى قوله «فسروا» (التوضيح بالمثال) اى وضحوا التفسير بهذا المثال، لا ان المثال تفسير حقيقة، كما لا يخفى.

(و ليس فى) التفسير (المحكى عن النهاية) حيث فسر الغرر ب

ص: 318

منافات لهذا التفسير، كما يظهر بالتأمل.

و بالجملة فالكل متفقون على اخذ الجهالة فى معنى الغرر، سواء تعلق الجهل باصل وجوده، أم بحصوله فى يد من انتقل إليه أم بصفاته كما او كيفا.

و ربما يقال: ان المنساق من الغرر المنهى عنه: الخطر، من حيث الجهل بصفات المبيع و مقداره لا مطلق

______________________________

«ظاهر يغر المشترى» (منافات لهذا التفسير) بالسمك و الطير.

وجه المنافات، انهما ليس لهما ظاهر يغر المشترى.

و انما لا منافات (كما يظهر بالتأمل) اذ الطير و السمك أيضا لهما ظاهر يغر المشترى، فان المشترى يزعم انه يتمكن من الوصول الى الطير و السمك فرخصها غالبا، بسبب غرره و خدعته، فاذا اقدم و اشترى تبين له انه لا يتمكن من الحصول عليهما، فيذهب ماله بدون بدل.

(و بالجملة فالكل متفقون على اخذ الجهالة فى معنى الغرر، سواء تعلق الجهل باصل وجوده) كما لو اشترى شيئا لا يعلم انه موجود، أم لا (أم) الجهل (بحصوله فى يد من انتقل إليه) كالسمك و الطير حيث لا يعلم هل انه يتمكن من اخذهما، أم لا؟ (أم بصفاته؟ كمّا) كما لا يعلم انه منّ او منّين (او كيفا) كما لا يعلم بانه جيّد او ردّى مما تتفاوت فيه الرغبات.

(و ربما يقال: ان المنساق من الغرر المنهى عنه: الخطر، من حيث الجهل بصفات المبيع و مقداره) اى لا يعلم كيفه او كمّه (لا مطلق

ص: 319

الخطر الشامل لتسليمه و عدمه، ضرورة حصوله فى بيع كل غائب خصوصا اذا كان فى بحر و نحوه، بل هو اوضح شي ء فى بيع الثمار، و الزرع، و نحوهما.

و الحاصل: ان من الواضح عدم لزوم المخاطرة فى مبيع مجهول الحال بالنسبة الى التسلم و عدمه، خصوصا بعد جبره

______________________________

الخطر الشامل لتسليمه و عدمه) فلا يشمل الغرر مثل بيع الطير فى الهواء و السمك فى الماء، اذ اعلم المشترى وصفهما و كمهما.

و انما لا يشمل الغرر الجهل بالتسليم (ضرورة حصوله) اى الجهل بالتسليم (فى بيع كل غائب) كما اذا باعه مالا له فى بلد آخر (خصوصا اذا كان فى بحر و نحوه) من المواضع التى يكثر العطب فيها، فانه يصح هذا البيع بلا اشكال، مع انه مجهول التسليم.

فلو كان الغرر شاملا لكل مجهول التسليم، لزم بطلان بيع كل غائب لكن بيع الغائب ليس باطلا، فليس بيع مجهول التسليم باطلا (بل هو) اى الجهل بالقدرة على التسليم (اوضح شي ء فى بيع الثمار، و الزرع) كالقت و الخضروات (و نحوهما) كورق التوت و الحناء، فانه غالبا لا يعلم الانسان هل تحصل آفة لا يتمكن البائع بسببها من التسليم أم لا تحصل؟

(و الحاصل: ان من الواضح عدم لزوم المخاطرة) اى القاء المشترى ماله فى الخطر (فى مبيع مجهول الحال) جهلا (بالنسبة الى التسلم) حيث لا يعلم انه هل يقدر على تسلم المتاع، أم لا؟ (و عدمه) اى عدم التسلم (خصوصا بعد جبره) اى فيما لو لم يقدر على التسلّم

ص: 320

بالخيار لو تعذر.

و فيه ان الخطر من حيث حصول المبيع فى يد المشترى اعظم من الجهل بصفاته مع العلم بحصوله.

فلا وجه لتقييد كلام اهل اللغة خصوصا بعد تمثيلهم بالمثالين المذكورين.

و احتمال ارادتهم ذكر المثالين لجهالة صفات المبيع لا الجهل بحصوله

______________________________

(بالخيار لو تعذر) التسلّم.

و عليه: فالغرر خاص بالجهل الكمّى او الكيفى، لا الجهل من حيث التسلّم و عدم التسلّم.

(و فيه ان) الغرر شامل لجهل التسلم أيضا اذا (الخطر من حيث حصول المبيع فى يد المشترى) و عدم حصوله فى يده (اعظم من الجهل بصفاته) اى صفات المبيع (مع العلم بحصوله) و بعد كون اللفظ عاما.

(فلا وجه لتقييد كلام اهل اللغة خصوصا بعد تمثيلهم بالمثالين المذكورين) اى بيع السمك فى الماء و الطير فى الهواء، فان المثال نص فى شمول الغرر لما تعذر تسليمه.

(و) ان قلت: لعلهم انما مثلوا بالمثالين لان الطير و السمك فى الماء مجهولان من حيث الصفات اذ الانسان لا يعلم صفات السمك فى الماء و لا الطير فى الهواء و ان شاهدهما من بعيد فالمثال لاجل الجهل بصفات المبيع لا لاجل عدم القدرة على التسليم.

قلت: (احتمال ارادتهم ذكر المثالين لجهالة صفات المبيع لا الجهل بحصوله)

ص: 321

فى يده، يدفعه ملاحظة اشتهار التمثيل بهما فى كلمات الفقهاء للعجز عن التسليم، لا للجهالة بالصفات.

هذا مضافا الى استدلال الفريقين من العامة و الخاصة بالنبوى المذكور على اعتبار القدرة على التسليم.

كما يظهر من الانتصار: حيث قال فيما حكى عنه: و مما انفردت به الامامية القول بجواز شراء العبد الآبق، مع الضميمة و لا يشترى وحده، الا اذا كان بحيث يقدر عليه المشترى و خالف باقى الفقهاء فى ذلك، و

______________________________

اى المبيع (فى يده، يدفعه ملاحظة اشتهار التمثيل بهما فى كلمات الفقهاء للعجز عن التسليم، لا للجهالة بالصفات).

و من الظاهر: ان تمثيل هؤلاء، و هؤلاء بالمثالين من باب واحد، لا ان تمثيل الفقهاء من باب الجهل بحصوله، و تمثيل اللغويين من باب الجهل بصفاته.

(هذا مضافا الى استدلال الفريقين من العامة و الخاصة بالنبوى المذكور على اعتبار القدرة على التسليم) فلا بدّ ان يشمل النبوى القدرة على التسليم، اذ ما يستفيده العرف من روايته لا بدّ و ان يكون هو ظاهر الرواية بحكم: وَ مٰا أَرْسَلْنٰا مِنْ رَسُولٍ إِلّٰا بِلِسٰانِ قَوْمِهِ.

(كما يظهر من الانتصار: حيث قال فيما حكى عنه: و مما انفردت به الامامية القول بجواز شراء العبد الآبق، مع الضميمة، و لا يشترى وحده الا اذا كان بحيث يقدر عليه المشترى، و خالف باقى الفقهاء) من العامة (فى ذلك، و

ص: 322

ذهبوا الى انه لا يجوز بيع الآبق على كل حال الى ان قال: و يقول مخالفونا فى منع بيعه على انه بيع غرر، و ان نبينا نهى عن بيع الغرر الى ان قال و هذا ليس بصحيح، لان هذا البيع يخرجه عن ان يكون غررا انضمام غيره إليه، انتهى. و هو صريح فى استدلال جميع العامة بالنبوى، على اشتراط القدرة على التسليم.

و الظاهر اتفاق اصحابنا أيضا على الاستدلال به كما يظهر للمتتبع، و سيجي ء فى عبارة الشهيد التصريح به.

و كيف كان فالدعوى المذكورة مما لا يساعدها اللغة

______________________________

ذهبوا الى انه لا يجوز بيع الآبق على كل حال) و لو مع الضميمة (الى ان قال) الانتصار (و يقول مخالفونا فى منع بيعه على انه بيع غرر، و ان نبينا نهى عن بيع الغرر الى ان قال) السيد (و هذا) اى كونه بيع غرر (ليس بصحيح، لان هذا البيع يخرجه عن ان يكون غررا انضمام غيره) اى غير الآبق، و انضمام فاعل «يخرجه» (إليه) اى الى الآبق (انتهى. و هو صريح فى استدلال جميع العامة بالنبوى على اشتراط القدرة على التسليم) فليس الغرر خاصا بالجهل بالصفات.

(و الظاهر) من تعرضهم للمسألة فى كل كتاب رايناه (اتفاق اصحابنا أيضا على الاستدلال به) اى بالنبوى (كما يظهر للمتتبع، و سيجي ء فى عبارة الشهيد التصريح به) اى بهذا الاستدلال.

(و كيف كان فالدعوى المذكورة) اى «و احتمال ارادتهم الخ» (مما لا يساعدها اللغة) لانهم ذكروا مثال الغرر ببيع الطير و السمك مستدلين

ص: 323

و لا العرف و لا كلمات اهل الشرع.

و ما ابعد ما بينه و بين ما عن قواعد الشهيد ره: حيث قال: الغرر ما كان له ظاهر محبوب، و باطن مكروه، قال بعضهم و منه قوله تعالى:

متاع الغرور، و شرعا هو جهل الحصول، و مجهول الصفة فليس غررا، و بينهما عموم و خصوص من وجه،

______________________________

بعضهم بالنبوى (و لا العرف) لانهم يرون الغرر شاملا للجهل بالحصول أيضا (و لا كلمات اهل الشرع) كما عرفت عن الانتصار و غيره.

(و ما ابعد ما بينه) اى «و احتمال ارادتهم» (و) ما (بين ما عن قواعد الشهيد ره: حيث قال: الغرر ما كان له ظاهر محبوب، و باطن مكروه، قال بعضهم) اى فسّر الغرر بهذا التفسير بعض (و منه قوله تعالى: متاع الغرور) اى ان الدنيا متاع ظاهره يغرّ الانسان و يخدعه و باطنه عذاب و عقاب (و شرعا هو) اى الغرر (جهل الحصول) فخصص الشهيد الغرر بما جهل حصوله اما ما جهل صفاته فلم ير الشهيد ان الغرر يشمله و اما المجهول الذات و المعلوم الحصول (و مجهول الصفة) المعلوم الصفة (فليس غررا و بينهما) اى الغرر و الجهل (عموم و خصوص من وجه).

و لا يخفى ان للجهل اقساما، كالجهل بالجنس «هل هو حيوان او ليس بحيوان».

و النوع «هل هو انسان أم لا؟».

و الصنف «هل هو زنجى أم لا؟».

ص: 324

لوجود الغرر بدون الجهل فى العبد الآبق، اذا كان معلوم الصفة من قبل او وصف الآن، و وجود الجهل بدون الغرر فى المكيل و الموزون و المعدود اذا لم يعتبر.

و قد يتوغل فى الجهالة كحجر لا يدرى اذهب، أم فضة، أم نحاس أم صخر؟ و يوجدان معا فى العبد الآبق المجهول الصفة.

______________________________

و الشخص «هل هو زيد أم لا؟».

و العدد اى الكمّ «هل عشرة أم تسعة؟» و الكيف «هل هو ابيض أم لا؟» الى غيرها من انواع الجهالات (لوجود الغرر) الحصولى (بدون الجهل) فى الصفات (فى العبد الآبق، اذا كان معلوم الصفة من قبل او وصف الآن) وصفا يزيل الجهالة به (و وجود الجهل) الوصفى (بدون الغرر) الحصولى (فى المكيل و الموزون و المعدود) كالجص و الحنطة و البيض (اذا لم يعتبر) باحد الثلاثة، بان باعه اعتباطا، فان القدر و العدد مجهول لكن لا غرر فى حصوله، لغرض ان البائع يسلّمه و الجنس حاضر.

(و قد يتوغل) الايغال الدخول فى الشي ء الى اواخره كالايغال فى الصحراء، و فى البئر، و ما اشبه (فى الجهالة كحجر لا يدرى اذهب أم فضة، أم نحاس، أم صخر) و هذا من مجهول الصفات (و يوجدان) و هذا مادة الاجتماع فى «العموم من وجه» الحاصل بين الجهل و الغرر (معا) الجهل الحصولى و الجهل الوصفى (فى العبد الآبق المجهول الصفة) فانه غرر و جهل.

ص: 325

و يتعلق الغرر و الجهل تارة بالوجود، كالعبد الآبق المجهول الوجود.

و تارة بالحصول كالعبد الآبق المعلوم الوجود.

و بالجنس كحب لا يدرى ما هو و سلعة من سلع مختلفة.

و بالنوع كعبد من عبيد.

و بالقدر ككيل لا يعرف قدره.

و البيع الى مبلغ السهم.

و بالعين كثوب من ثوبين مختلفين.

______________________________

(و يتعلق الغرر و الجهل تارة بالوجود، كالعبد الآبق المجهول الوجود) بان احتملنا انه مات و فنى.

(و تارة بالحصول كالعبد الآبق) المجهول الحصول (المعلوم الوجود).

(و) تارة (بالجنس كحب لا يدرى ما هو) حنطة أم دخن، و المراد الجنس المنطقى (و سلعة من سلع مختلفة) كما لا يدرى حطب او قماش او ذهب.

(و) تارة (بالنوع كعبد من عبيد) و المراد هنا الصنف او الشخص.

(و) تارة (بالقدر ككيل لا يعرف قدره) هل يأخذ منا، أم منا و نصفا؟

(و) تارة (البيع) للارض (الى مبلغ السهم) اذ لا يدرى ان السهم كم يذهب، فلا يدرى اذرع الارض المبيعة.

(و) تارة (بالعين) اى الشخص (كثوب من ثوبين مختلفين) فانه

ص: 326

و بالبقاء كبيع الثمرة قبل بدوّ الصلاح عند بعض الاصحاب و لو اشترط ان يبدو الصلاح لا محالة، كان غررا عند الكل كما لو اشترط صيرورة الزرع سنبلا.

و الغرر قد يكون بماله مدخل ظاهر فى العوضين و هو ممتنع اجماعا.

______________________________

جهل بالعين.

(و) تارة يتعلق الجهل و الغرر (بالبقاء) بان لا يعلم هل يبقى المبيع الى وقت التسليم، أم لا؟ (كبيع الثمرة قبل بدوّ الصلاح عند بعض الاصحاب) حيث قالوا ببطلان البيع.

و بدو الصلاح فى كل ثمرة بحسبها، ففى العنب قبل التحصرم، و فى التمر قبل الاحمرار و الاصفرار، و فى الحبوب قبل انعقاد الحب، و هكذا (و لو اشترط) المشترى على البائع (ان يبدو الصلاح لا محالة) بان يقول: انا اشترى منك بشرط ان يبدو صلاحه فى المستقبل (كان) البيع (غررا عند الكل) من جهة انه مجهول الحصول، و مجهول البقاء، لانه لا يعلم هل تبقى الثمرة، أم لا؟ و لا يعلم على تقدير البقاء، هل يبدو صلاحها، أم لا؟ بخلاف ما اذا لم يشترط، فانه جهل بالبقاء فقط و هو غرر عند البعض (كما لو اشترط صيرورة الزرع سنبلا) فانه لا يعلم هل يصير سنبلا، أم لا؟ و هو غرر.

(و الغرر قد يكون بماله مدخل ظاهر فى العوضين) كما اذا لم يعلم انه عبد، او امة، حمار او فرس، و هكذا، كما تقدم فى بعض الامثلة (و هو ممتنع اجماعا) فاذا باع كذلك بطل البيع.

ص: 327

و قد يكون بما يتسامح به عادة لقلته كاسّ الجدار و قطن الجبّة و هو معفو عنه اجماعا، و نحوه اشتراط الحمل.

و قد يكون مرددا بينهما و هو محل الخلاف كالجزاف فى مال الاجارة، و المضاربة، و الثمرة قبل بدو الصلاح

______________________________

(و قد يكون بما يتسامح به عادة لقلته) اى قلة الغرر (كاسّ الجدار) الموجود فى الارض، فان الغالب عدم التحقيق عنه هل هو من آجر جيد، او آجر ردّى.

نعم: يلزم ان يكون حسب المتعارف مما يتسامح به العرف اما لو كان اسس بيت رفيع من الطين كان غررا (و قطن الجبّة) اى القطن الّذي يوجد فى داخل الجبّة، فانه لا يعلم قدره، و لا يعلم هل هو جيّد، اوردى (و هو) اى الغرر بهذا المقدار الجزئى (معفو عنه اجماعا) فلا يبطل البيع بجهالته (و نحوه اشتراط الحمل) فانه غرر معفو عنه، اذ لا يعلم انه هل يكمل، او يسقط، و هل ذكر او انثى، الى غيرها من جهات الجهل.

(و قد يكون) الغرر (مرددا بينهما) اى بين المتسامح فيه و غير المتسامح فيه (و هو محل الخلاف كالجزاف فى مال الاجارة و المضاربة) فانه ان كان جزافا زائدا لا يتسامح فيه و يوجب الغرر، كما اذا لم يعلم ان المال عشرة او مائة و ان كان جزافا فى الجملة بحيث يتسامح فيه عرفا، فانه لا يوجب الغرر.

كما اذا تردد بين ان يكون عشرة مثاقيل او تسعة و نصف، فان الدراهم و الدنانير السابقة كانت تحك بكثرة التداول حتى تنقص فى الجملة (و الثمرة قبل بدو الصلاح) اذ بعضها يبدو صلاحها متأخرا و

ص: 328

و الآبق لغير ضميمة، انتهى، و فى بعض كلامه تأمل، ككلامه الآخر فى شرح الارشاد، حيث ذكر فى مسألة تعين الاثمان بالتعيين الشخصى عندنا قالوا يعنى المخالفين من العامة، تعينها غرر، فيكون منهيا عنه.

اما الصغرى فلجواز عدمها او ظهورها مستحقة فينفسخ البيع.

______________________________

بعضها متقدما (و الآبق لغير ضميمة) فانه قد يكون الضميمة به بالا يوجب رفع الغرر، كما اذا باع عليه كبريت مع الآبق و قد يوجب التسامح، كآبق و عبد حاضر (انتهى) كلام الشهيد (و فى بعض كلامه تأمل).

كتخصيصه الغرر بالجهل بالحصول، مع انك قد عرفت ان الغرر اعم.

و كالتهافت بين اوّل كلامه الّذي خصص الغرر بالجهل بالحصول، و بين آخر كلامه الّذي جعل الغرر اعم من الجهل بالحصول و الجهل بالصفات و ما اشبه، الى غير ذلك (ك) التأمل فى (كلامه الآخر فى شرح الارشاد حيث ذكر فى مسألة تعين الاثمان بالتعيين الشخصى عندنا) فاذا باع شيئا بدينار كان الدينار كليا، اما اذا عينه فى دينار خاص تعين.

فانهم (قالوا) مفعول «ذكر» (يعنى المخالفين من العامة، تعينها) بان يبيع بدينار شخصى- مثلا- (غرر، فيكون منهيا عنه) فلا يصح البيع اذا كان الثمن شخصيا.

(اما الصغرى) و ان التعيين غرر (فلجواز عدمها) اى ان ينعدم الامر الشخصى، بان يتلف الدينار (او ظهورها مستحقة) كان يظهر ان الدينار للغير (فينفسخ البيع) و هذا غرر و جهالة.

ص: 329

و اما الكبرى فظاهرة، الى ان قال قلنا: ان نمنع الصغرى لان الغرر احتمال مجتنب عنه فى العرف بحيث لو تركه و بخ عليه، و ما ذكره لا يخطر ببال فضلا عن اللوم عليه، انتهى.

فان مقتضاه انه لو اشترى الآبق، او الضالّ المرجو الحصول بثمن قليل لم يكن غررا، لان العقلاء يقدمون على الضرر القليل، رجاء النفع الكثير.

______________________________

(و اما الكبرى) و هى كون الغرر منهى عنه (فظاهرة) لان الغرر منهى عنه فى النص و الفتوى (الى ان قال) الشهيد فى جواب الاشكال (قلنا: ان نمنع الصغرى) و ان البيع الشخصى غرر (لان الغرر احتمال مجتنب عنه فى العرف) فان العرف لا يقدمون على الغرر (بحيث لو تركه) اى ترك الاجتناب عن الغرر (و بخ عليه) و قيل له لما ذا اقدمت على هذه المعاملة الغررية (و ما ذكره) العامة من ان البيع الشخصى غرر (لا يخطر ببال) انه غرر (فضلا عن اللوم عليه) اى فضلا من ان يلام مرتكب هذا البيع (انتهى) كلام الشهيد.

(فان مقتضاه) اى مقتضى كلامه: ان الغرر احتمال مجتنب عنه (انه لو اشترى الآبق، او الضال المرجو الحصول بثمن قليل) كما لو اشترى عبدا قيمته مائة بدينار- مثلا- (لم يكن غررا، لان العقلاء يقدمون على الضرر القليل، رجاء النفع الكثير) فلا يلام العاقل عليه، فلا يكون غررا- بهذا الميزان الّذي ذكره الشهيد- مع انه غرر قطعا.

ص: 330

و كذا لو اشترى المجهول المردد بين ذهب و نحاس بقيمة النحاس بناء على المعروف من تحقق الغرر، بالجهل بالصفة، و كذا شراء مجهول المقدار بثمن المتيقن منه، فان ذلك كله مرغوب فيه عند العقلاء، بل يوبخون من عدل عنه اعتذارا بكونه خطرا.

فالاولى ان هذا النهى من الشارع لسد باب المخاطرة المفضية الى التنازع فى المعاملات، و ليس منوطا، بالنهى من العقلاء ليخص

______________________________

(و كذا لو اشترى المجهول المردد بين ذهب و نحاس بقيمة النحاس) فان المشترى لا يلام على ذلك عند العرف، مع انه غرر و ممنوع عنه شرعا.

و انما تكون هذه المعاملة غررا (بناء على المعروف من تحقق الغرر ب) سبب (الجهل بالصفة) فان الجهل بكونه ذهبا او نحاسا جهل بالصفة (و كذا شراء مجهول المقدار) كما اذا لم يعلم انه منّ او نصف منّ (بثمن المتيقن منه) بثمن نصف منّ (فان ذلك كله مرغوب فيه عند العقلاء بل يوبخون من عدل عنه) و لم يشتر (اعتذارا بكونه خطرا) و مع ان العقلاء يرغبون فيه فهو غرر، فليس الميزان للغرر ما ذكره الشهيد بقوله «لان الغرر احتمال مجتنب عنه الخ».

(فالاولى) ان يقال: (ان هذا النهى) عن الغرر- و لو كان غررا محبوبا للعرف- (من الشارع) تعبدى.

و ذلك (لسدّ باب المخاطرة) اى الاقدام على الخطر (المفضية الى التنازع فى المعاملات، و ليس) الغرر المحرم (منوطا ب) ما اذا كان هناك (النهى من العقلاء ليخصّ

ص: 331

مورده بالسفهاء او المتسفهة.

ثم انه قد حكى عن الصدوق فى معانى الاخبار تعليل فساد بعض المعاملات المتعارفة فى الجاهلية كبيع المنابذة و الملامسة، و بيع الحصاة بكونها غررا مع انه لا جهالة فى بعضها، كبيع المنابذة- بناء على ما فسره به- من انه قول احدهما لصاحبه انبذ إليّ الثوب، او انبذه أليك، فقد وجب البيع، و بيع الحصاة بان يقول: اذا نبذت الحصاة

______________________________

مورده) اى مورد الضرر (بالسفهاء او المتسفهة) اى الذين هم عقلاء، و لكن يعملون اعمال السفهاء.

و الحاصل: ان الغرر الشرعى اعم من الغرر العرفى، فربما لا يكون هناك غرر عرفا، و لكن الشارع يراه غررا.

(ثم انه قد حكى عن الصدوق فى) كتاب (معانى الاخبار تعليل فساد بعض المعاملات المتعارفة فى الجاهلية كبيع المنابذة و الملامسة و بيع الحصاة بكونها غررا) و لذا ابطلها الشارع (مع انه لا جهالة فى بعضها، كبيع المنابذة- بناء على ما فسره) الصدوق (به-) ضمير فسره يعود الى «بيع المنابذة» و ضمير «به» عائد الى «ما» و مصداقه «المعنى» (من انه قول احدهما) اى احد المتعاملين (لصاحبه انبذ الى الثوب، او انبذه أليك).

الاول يقوله المشترى، و الثانى يقوله البائع (فقد وجب) بهذا النبذ (البيع، و) مثل (بيع الحصاة) عطف على «بيع المنابذة» (بان يقول:

اذا نبذت الحصاة) على الثوب الّذي اريده

ص: 332

فقد وجب البيع.

و لعله كان على وجه خاص يكون فيه خطر و الله العالم.

و كيف كان فلا اشكال فى صحة التمسك لاعتبار القدرة على التسليم بالنبوى المذكور، الا انه اخص من المدعى، لان ما يمتنع تسليمه عادة- كالغريق فى بحر يمتنع خروجه منه عادة و

______________________________

(فقد وجب البيع) بهذا النبذ للحضاة.

و بيع الملامسة هو ان يجعلا ايجاب البيع لمس المتاع.

(و لعله كان) الامر فى هذه المعاملات (على وجه خاص يكون فيه خطر) و الا فبهذا التفسير الّذي ذكرناه لا غرر فى شي ء من ذلك، و ان كان له وجه بطلان من جهة اخرى، و هو انه لا عقد فى هذه المعاملات اذا قلنا ببطلان المعاطات.

و انما الكلام فى قول الصدوق بان هذه المعاملات غررية، و لذا هى باطلة.

و لعل المراد بالوجه الخاص ان يكون تعيين المبيع بالنبذ و اللمس و القاء الحصاة بدون معرفة الخصوصيات قبل النبذ و اللمس و الالقاء كان يقول المشترى ارم الحصاة على هذه الاثواب فباى ثوب وصلت يكون ذلك الثوب لى بهذا الثمن فانه مجهول.

و كذلك اذا كان النبذ و اللمس على مجهول، فانه من قبيل القمار (و الله العالم).

(و كيف كان) سواء صدق الغرر فى بيع المنابذة و اخويه، أم لا.

(فلا اشكال فى صحة التمسك لاعتبار القدرة على التسليم بالنبوى المذكور) نهى النبي صلى اللّه عليه و آله عن الغرر (الا انه) اى النبوى (اخص من المدعى، لان ما يمتنع تسليمه عادة- كالغريق فى بحر يمتنع خروجه منه عادة و

ص: 333

نحوه ليس فى بيعه خطر، لان الخطر انما يطلق فى مقام يحتمل السلامة و لو ضعيفا.

لكن هذا الفرد يكفى فى الاستدلال على بطلانه بلزوم السفاهة.

و كون اكل الثمن فى مقابله اكلا للمال بالباطل بل لا يعد مالا عرفا

______________________________

نحوه) كالطير فى الهواء الّذي يمتنع وصول اليد إليه، و الوحش الفار فى الصحراء (ليس فى بيعه خطر) حتى يصدق الغرر (لان الخطر انما يطلق فى مقام يحتمل السلامة، و لو) احتمالا (ضعيفا).

و من المعلوم: ان الغريق الممتنع خروجه لا يحتمل فيه السلامة حتى يسمّى خطرا مثلا الانسان المريض المحتمل سلامته و صحته يسمى مخطورا، اما المتيقن موته لا يسمى مخطورا.

و كيف كان فالاستدلال بالنبوى لبطلان بيع الغريق غير تام، اذ النبوى لا يشمله (لكن هذا الفرد) الغريق- مثلا- (يكفى فى الاستدلال على بطلانه بلزوم السفاهة).

و المعاملات السفهائية باطلة، لقوله تعالى: وَ لٰا تُؤْتُوا السُّفَهٰاءَ أَمْوٰالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّٰهُ لَكُمْ قِيٰاماً، و لان المنصرف من ادلة المعاملة هى العقلائية منها، لا حتى السفهائية.

(و كون اكل الثمن فى مقابله اكلا للمال بالباطل) فيشمله قوله تعالى: و لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ، بل يشمله مناط الغرور، اذ لو كان المخطور مخطورا، فالمتيقن عدم الوصول إليه يكون مخطورا بطريق اولى (بل لا يعد ما لا عرفا).

ص: 334

و ان كان ملكا، فيصح عتقه، و يكون لمالكه لو فرض التمكن منه، الا انه لا ينافى سلب صفة التمول عنه عرفا.

و لذا يجب على غاصبه ردّ تمام قيمته الى المالك، فيملكه مع بقاء العين على ملكه على ما هو ظاهر المشهور

______________________________

و من المعلوم: ان البيع مبادلة مال بمال (و ان كان ملكا) و قد ذكروا فى موضعه ان الملك اعمّ من المال، فحبة الحنطة ملك و ليست بمال (فيصح عتقه) فى العبد الآبق- و هذا من توابع الملك، اذ لا عتق الا فى ملك- (و يكون لمالكه لو فرض التمكن منه) بل هو الآن لمالكه، فاذا تمكن انسان آخر منه لا يصح له التصرف فيه لانه مال الناس (الا انه) اى كونه ملكا له آثار خاصة (لا ينافى سلب صفة التموّل عنه عرفا).

فان العرف لا يراه ماله، فلا مالية له شرعا، اذ الشرع علق احكامه على ما كان مالا عرفا، الا ما خرج بالدليل مما يراه العرف مالا، و لا يراه الشرع كالخمر و الخنزير عند اهلهما.

(و لذا) الّذي ليس بمال (يجب على غاصبه ردّ تمام قيمته الى المالك) فمن سبب اباق العبد او اطلاق الطير يجب عليه ان يعطى للمالك تمام قيمته (فيملكه) اى التمام (مع بقاء العين على ملكه) اى ملك المالك (على ما هو ظاهر المشهور) فاذا كسر الشخص اناء انسان، كانت اجزاء الاناء للمالك مع انه يجب على الكاسر ان يعطى للمالك تمام قيمة الاناء، و لو لم تكن الاجزاء المكسورة ملكا لم يكن لها اختصاص بالمالك.

ص: 335

ثم: انه ربما يستدل على هذا الشرط بوجوه آخر.

منها: ما اشتهر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله من قوله صلّى اللّه عليه و آله: لا تبع ما ليس عندك، بناء على ان كونه عنده لا يراد به الحضور، لجواز بيع الغائب، و السلف، اجماعا، فهى كناية لا عن مجرد الملك لان المناسب حينئذ ذكر لفظة اللام.

و لا عن مجرد السلطنة عليه، و القدرة على تسليمه، لمنافاته لتمسك

______________________________

(ثم: انه ربما يستدل على هذا الشرط) اى شرط القدرة على التسليم (بوجوه اخر).

(منها: ما اشتهر عن النبي صلّى اللّه عليه و آله) فى كتب الفتاوى (من قوله صلّى اللّه عليه و آله: لا تبع ما ليس عندك، بناء على ان كونه عنده) المفهوم من الحديث، و انه يشترط ان يكون المبيع عند البائع (لا يراد به الحضور) و الوجود الآن عند البائع (لجواز بيع الغائب) الّذي ليس بحاضر عند البائع (و السلف) الّذي ليس بموجود الآن (اجماعا، فهى) اى الكون عند البائع، و التأنيث باعتبار الخبر اى «كناية» (كناية لا عن مجرد الملك) اى لا تبع ما لا تملك (لان المناسب حينئذ) اى حين كان المراد مجرد الملك (ذكر لفظة اللام) بان يقول: لا تبع ما ليس لك، لا ان يقول «ما ليس عندك».

(و) أيضا كناية (لا عن مجرد السلطنة عليه، و القدرة على تسليمه) حالا او مستقبلا، حتى يكون المعنى: لا تبع ما لا تقدر على تسليمه؛ و لا سلطنة لك عليه (لمنافاته) اى هذا المعنى (لتمسك

ص: 336

العلماء من الخاصة و العامة بها على عدم جواز بيع العين الشخصية المملوكة للغير، ثم شرائها من مالكها، خصوصا اذا كان وكيلا عنه فى بيعه، و لو من نفسه، فان السلطنة و القدرة على التسليم حاصلة هنا، مع انه مورد الرواية عند الفقهاء فتعين ان يكون كناية

______________________________

العلماء من الخاصة و العامة بها) اى بهذه الرواية (على عدم جواز بيع العين الشخصية المملوكة للغير، ثم شرائها من مالكها) اى ان العلماء قالوا لا يجوز للانسان ان يبيع لعمرو دار زيد، ثم يشترى الدار و يعطيها لعمرو.

و استدلوا لعدم جواز ذلك بقوله صلّى اللّه عليه و آله «لا تبع ما ليس عندك».

و هذا الاستدلال دليل على انه ليس معنى هذه الرواية «لا تبع ما لا سلطنة لك عليه لا حالا و لا بعدا» اذ لو كان معناها هذا، لزم عدم صحة الاستدلال المذكور، اذ البائع فى المثال يكون له سلطة على الدار فيما بعد البيع (خصوصا اذا كان) البائع فى المثال (وكيلا عنه) اى عن المالك (فى بيعه، و لو) بيعا (من) قبل (نفسه) كما لو قال مالك الدار للبائع: بع الدار و لو لنفسك.

و انما قلنا خصوصا (فان السلطنة و القدرة على التسليم حاصلة هنا) للبائع، لان المالك سلطه على المال (مع انه مورد الرواية عند الفقهاء) و انه لا يصح البيع، لانه من بيع ما ليس عنده.

و حيث ان الرواية لم تكن كناية عن ذلك و لا ذاك (فتعين ان يكون كناية)

ص: 337

عن السلطنة التامة الفعلية التى تتوقف على الملك مع كونه تحت اليد، حتى كانه عنده، و ان كان غائبا.

و على اىّ حال فلا بد من اخراج بيع الفضولى عنه بأدلته، او بحمله

______________________________

اى يكون لفظ «عندك» كناية (عن السلطنة التامة الفعلية التى تتوقف على الملك مع كونه تحت اليد، حتى كانه) اى المال (عنده) اى عند البائع (و ان كان) المال (غائبا) فى بلد آخر مثلا.

و الحاصل: ان المحتملات المردودة فى الرواية ثلاثة.

الاول:- «لا تبع ما لا تملك».

الثانى:- «لا تبع ما لا سلطة لك عليه لا حالا و لا مستقبلا».

الثالث:- «لا تبع ما ليس حاضرا».

اذ الاول: يقتضي ان يقول: «لا تبع ما ليس لك».

و الثانى يقتضي صحة بيع ما ليس له حالا و يكون له مستقبلا، مع ان العلماء استدلوا بهذه الرواية على بطلان هذا البيع.

و الثالث: يقتضي بطلان بيع السلف، و الحال انه صحيح قطعا، اذ فالمعنى: لا تبع ما لا قدرة لك على تسليمه، فاذا كانت له قدرة على التسليم بان كان مالكا و تحت يده حتى كانه عنده، جاز بيعه.

(و على اىّ حال) ايّا كان معنى الرواية، فانها تشمل البيع الفضولى (فلا بد من اخراج بيع الفضولى عنه) اى عن هذا الحديث (ب) سبب (ادلته) الدالة على صحة البيع الفضولى (او بحمله) اى حمل:

ص: 338

على النهى المقتضى لفساده، بمعنى عدم وقوعه لبايعه لو اراد ذلك.

و كيف كان فتوجيه الاستدلال بالخبر على ما نحن فيه ممكن.

و اما الايراد عليه بدعوى ان المراد به الاشارة الى ما هو المتعارف فى تلك الازمنة من بيع الشي ء غير المملوك ثم تحصيله بشرائه و نحوه و دفعه الى المشترى.

______________________________

لا تبع، فى الحديث (على النهى المقتضى لفساده) اى فساد البيع، لا النهى المقتضى للحرمة- مع صحة البيع- من قبيل «ذروا البيع» حيث قالوا بالحرمة و الصحة (بمعنى عدم وقوعه) اى البيع (لبايعه) الفضول (لو اراد) البائع (ذلك) اى كون البيع لنفسه.

و قوله و على اى حال، دفع اشكال مقدر، و هو انه كيف فسر.

ثم الحديث يبقى عليه اشكال انه كيف لا يصح بيع ما ليس عنده، و الحال انا نرى صحة بيع الفضول، مع ان الفضول ليس عنده المال.

و الجواب، ان بيع الفضول اما تخصيص للحديث، او تخصص.

(و كيف كان) الامر (فتوجيه الاستدلال بالخبر) اى: لا تبع ما ليس عندك (على ما نحن فيه ممكن) عرفا، اى ظاهر، و المراد بما نحن فيه- اشتراط القدرة على التسليم-.

(و اما الايراد عليه) اى على الاستدلال بهذا الحديث لما نحن فيه (بدعوى ان المراد به) اى بما ليس عندك (الاشارة الى ما هو المتعارف فى تلك الازمنة) ازمنة صدور الرواية (من بيع الشي ء غير المملوك، ثم تحصيله بشرائه و نحوه) اى نحو الشراء كالصلح، و الاستيهاب (و دفعه الى المشترى).

ص: 339

فمدفوع: بعدم الشاهد على اختصاصه بهذا المورد، و ليس فى الاخبار المتضمنة لنقل هذا الخبر ما يشهد باختصاصه بهذا المورد.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 9، ص: 340

نعم يمكن ان يقال: ان غاية ما يدل عليه هذا النبوى، بل النبوى الأول أيضا فساد البيع، بمعنى عدم كونه علة تامة لترتب الأثر المقصود فلا ينافى وقوعه مراعى بانتفاء صفة الغرر، و تحقق كونه عنده.

و لو ابيت الا عن ظهور النبويين فى الفساد بمعنى لغوية العقد

______________________________

فليس الحديث مربوطا بالقدرة على التسليم، كما هو مناط الاستدلال.

(فمدفوع: بعدم الشاهد على اختصاصه بهذا المورد) بل لفظه عام (و ليس فى الاخبار المتضمنة لنقل هذا الخبر ما يشهد باختصاصه بهذا المورد).

فان المورد لا يخصص كما ذكروا فى الاصول، الا اذا كان المورد من القوة بحيث يوجب الانصراف الصارف للظهور العرفى و كيف يمكن ادعاء مثل ذلك هنا.

(نعم يمكن ان يقال: ان غاية ما يدل عليه هذا النبوى) لا تبع ما ليس عندك (بل النبوى الأول أيضا) نهى النبي عن الغرر (فساد البيع) الّذي لا يقدر البائع على تسليمه، لانه غرر، و لأنه ليس عنده (بمعنى عدم كونه) اى البيع (علة تامة لترتب الأثر المقصود).

فالحديثان ارشاد الى عدم اللزوم (فلا ينافى) عدم العلية التامة (وقوعه مراعى بانتفاء صفة الغرر، و تحقق كونه عنده) فاذا زال الغرر، بان قدر بعد ذلك على التسليم، و صدق انه عنده، لزم البيع، و إلا بطل.

(و لو ابيت الا عن ظهور النبويين فى الفساد بمعنى لغوية العقد

ص: 340

رأسا المنافية لوقوعه مراعى دار الأمر بين ارتكاب خلاف هذا الظاهر، و بين اخراج بيع الرهن و بيع ما يملكه بعد البيع، و بيع العبد الجانى عمدا و بيع المحجور لرقّ، او سفه، او فلس، فان البائع فى هذه الموارد

______________________________

رأسا) و ان العقد الّذي لا يقدر العاقد على تسليمه فاسد، لا انه مراعى (المنافية) تلك اللغوية (لوقوعه) اى العقد (مراعى) و متزلزلا (دار الأمر بين) ان نقول بأن الظاهر للحديثين، و ان كان الفساد الا انه لا بد ان نصرفها الى إرادة كون العقد مراعى.

و بين ان نقول بابقاء الظاهر على ظاهره، لكن نخرج من هذا الظاهر بعض المعاملات التى هى غرر، و ليست عنده و مع ذلك قالوا بصحتها.

و لكن التخصيص خلاف الظاهر- الظاهر الآبى عن التخصيص- فلا بد من القول بصرف الظاهر الى إرادة كون العقد مراعى، و هذا مراده بقوله: دار الأمر بين (ارتكاب خلاف هذا الظاهر) الّذي هو الفساد، و خلافه كونه «مراعى» (و بين) القول بهذا الظاهر، و لكن (اخراج بيع الرهن و بيع ما يملكه بعد البيع، و بيع العبد الجانى عمدا) الّذي هو متعلق حق المجنى عليه، و لا يعلم هل يرضى بالبدل أم لا؟ فبيعه غرر و يصدق عليه انه ليس عنده- (و بيع) الشخص (المحجور) عليه (لرقّ) اذ العبد لا يجوز له ان يتصرف فى ماله الا باجازة سيده (او سفه) فان معاملته متوقفة على اجازة الولى (او فلس) فان معاملة المفلّس متوقفة على اجازة الغرماء (فان البائع فى هذه الموارد

ص: 341

عاجز شرعا من التسليم، و لا رجحان لهذه التخصيصات، فحينئذ لا مانع عن التزام وقوع بيع كل ما يعجز عن تسليمه مع رجاء التمكن منه مراعى بالتمكن منه فى زمان لا يفوت الانتفاع المعتد به.

و قد صرح الشهيد فى اللمعة بجواز بيع الضال و المحجور عن غير اباق مراعى بامكان التسليم، و احتمله فى التذكرة

______________________________

عاجز شرعا من التسليم، و) حيث دار الأمر بين خلاف الظاهر، و بين هذه التخصيصات، نقول: (لا رجحان لهذه التخصيصات) كما تقدم، فاللازم ان نقول بالأول- اى خلاف الظاهر- (فحينئذ لا مانع عن التزام وقوع بيع كل ما يعجز عن تسليمه مع رجاء) البائع (التمكن منه) اى من التسليم (مراعى بالتمكن منه) حال عن «بيع كل ما» (فى زمان لا يفوت الانتفاع المعتد به) «فى» متعلق بالتمكن.

اما اذا كان التمكن فى زمان فات الانتفاع المعتد به، فهذا موجب لعدم وقوع البيع.

اذ البيع انما هو للانتفاع، فاذا كانت القدرة فى زمان لا منفعة فيه اصلا، او فات الانتفاع المعتد به، فلا بيع.

(و قد صرح الشهيد فى اللمعة بجواز بيع الضال) الّذي ضلّ و ضاع (و المحجور) الّذي استولى عليه انسان و جحده و هو مال هذا الانسان البائع (عن غير اباق) بان يكون العبد غير آبق بل ضالا او او محجورا (مراعى بامكان التسليم) من البائع، بان تمكن البائع من وجدان الضال و اخذ المحجور (و احتمله) اى الجواز العلامة (فى التذكرة

ص: 342

لكن الانصاف ان الظاهر من حال الفقهاء اتفاقهم على فساد بيع الغرر، بمعنى عدم تأثيره رأسا، كما عرفت من الايضاح.

و منها ان لازم العقد وجوب تسليم كل من المتبايعين العوضين الى صاحبه، فيجب ان يكون مقدور الاستحالة التكليف الممتنع.

و يضعف بانه ان اريد ان لازم العقد وجوب التسليم وجوبا مطلقا منعنا الملازمة.

______________________________

لكن الانصاف ان الظاهر من حال الفقهاء) الذين افتوا به فى مختلف المسائل (اتفاقهم على فساد بيع الغرر، بمعنى عدم تأثيره رأسا، كما عرفت من الايضاح) لا صحة البيع و لو فى الجملة.

(و منها) اى من الادلة التى اقيمت على اشتراط صحة العقد بالقدرة على التسليم (ان لازم العقد) عرفا و شرعا (وجوب تسليم كل من المتبايعين) البائع و المشترى (العوضين) البائع للمثمن، و المشترى للثمن (الى صاحبه، فيجب ان يكون) التسليم (مقدورا لاستحالة التكليف الممتنع) اذ: اما لا يجب التسليم و هو خلاف «اللازم» المذكور، او يجب بدون القدرة عليه، و هذا تكليف بغير المقدور و هو باطل.

(و يضعف) هذا الاستدلال (بانه ان اريد ان لازم العقد وجوب التسليم وجوبا مطلقا) سواء كان العاقد متمكنا من التسليم، أم لا (منعنا الملازمة) فمن اين؟ ان لازم العقد وجوب التسليم، بل ورد فى الشرع بعض الموارد التى يصح العقد، و لا يجب التسليم، كبيع الآبق مع الضميمة، و العرف لا يرى بذلك بأسا، خصوصا اذا كان هناك غرض فى

ص: 343

و ان اريد مطلق وجوبه فلا ينافى كونه مشروطا بالتمكن، كما لو تجدّد العجز بعد العقد.

و قد يعترض باصالة عدم تقييد الوجوب.

ثم يدفع بمعارضته باصالة عدم تقيد البيع بهذا الشرط.

______________________________

بيع ما لا يقدر البائع على تسليمه، كما لو كان مقصود المشترى اشتراء والده الآبق لا يعتق، او كان مقصوده عتق الآبق كفارة او شبهها.

(و ان اريد مطلق وجوبه) اى وجوبا فى الجملة (فلا ينافى كونه) اى الوجوب فى الجملة (مشروطا بالتمكن، كما لو تجدّد العجز بعد العقد) فان العقد صحيح، و مع ذلك لا يجب التسليم، لان العجز موجب لعدم وجوب غير المقدور، اما خيار المشترى حينئذ فهو كلام آخر، اذ كلا منافى صحة العقد، و انها ليست مشروطة بتمكن التسليم.

(و قد يعترض) ما ذكرناه من ان الوجوب فى الجملة لا ينافى كون الوجوب مقيدا بالتمكن (باصالة عدم تقييد الوجوب) اى وجوب التسليم «بالتمكن» بل يجب التسليم مطلقا، حتى اذا لم يتمكن كان البيع باطلا و هذا الأصل عبارة عن ما هو اللازم عقلا و شرعا- كما تقدم-.

(ثم يدفع) هذا الاعتراض (بمعارضته) اى اصل وجوب التسليم، بدون قيد باشتراط القدرة (باصالة عدم تقيّد البيع بهذا الشرط) صحته بالقدرة على التسليم.

خرج من هذا الأصل المورد الّذي علمنا باشتراط الصحة بالتمكن من التسليم، و بقيت صورة عدم القدرة خارجة، فاصالة صحة البيع محكمة.

ص: 344

و فى الاعتراض و المعارضة نظر واضح، فافهم.

و منها ان الغرض من البيع انتفاع كل منهما بما يصير إليه و لا يتم الا بالتسليم.

______________________________

(و فى الاعتراض) اى قوله «قد يعترض» (و المعارضة) اى قوله «ثم يدفع» (نظر واضح).

اما فى الاعتراض: فلانه يريد بنفى تقيد التمكن اثبات اطلاق الوجوب و هذا اصل مثبت.

و اما فى المعارضة: فلأنه يريد باصالة عدم اعتبار القدرة اثبات ان البيع سبب تام، و هذا أيضا اصل مثبت (فافهم) بأنه اذا اريد بالأصل:

الاصل العملى، كان الاشكال على الاعتراض و المعارضة واردا.

اما لو اريد من الأصل: الاطلاق، يعنى ان «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» يفيد الوجوب المطلق، و لا يتوجه الى العاقد الا بعد امكان التسليم، فلا يلزم التسليم لو لم يتمكن.

و لم يرد عليه اشكال لزوم كون الأصل مثبتا.

و ان شئت قلت: ان «اوفوا» يقول: ف بعقدك، سواء قدرت على التسليم، أم لا.

(و منها) اى من الادلة على اشتراط القدرة على التسليم (ان الغرض من البيع انتفاع كل منهما) البائع و المشترى (بما يصير إليه) من المثمن الى المشترى، و الثمن الى البائع (و لا يتم) الغرض (الا بالتسليم) فمع عدم امكان التسليم لا يحصل الغرض، و اذا لم يحصل الغرض لم يصح

ص: 345

و يضعفه منع توقف مطلق الانتفاع على التسليم.

بل منع عدم كون الغرض منه الا الانتفاع بعد التسليم، لا الانتفاع المطلق.

و منها ان بذل الثمن على غير المقدور سفه، فيكون ممنوعا و اكله اكلا بالباطل.

______________________________

البيع.

(و يضعفه) أولا: (منع توقف مطلق الانتفاع على التسليم).

لامكان ان يريد البائع جعل الثمن- غير المقدور على تسلّمه- حقّا له على الغاصب مثلا.

و امكان ان يريد المشترى جعل المثمن «العبد الآبق» معتوقا لاداء نذر، او كفارة، او ما اشبه.

(بل) يرد عليه ثانيا: (منع عدم كون الغرض منه الا الانتفاع بعد التسليم، لا الانتفاع المطلق) الممكن بدون التسليم.

و ثالثا: بأن تخلف الغرض لا محذور فيه اذا كان على نحو الداعى.

الا ترى ان صاحب الضيف اذا اشترى خبزا للضيف، ثم ذهب الضيف لم يكن له ارجاع الخبز و ان كان قد تخلف غرضه.

(و منها) اى من الأدلة على اشتراط القدرة على التسليم (ان بذل) المشترى (الثمن على غير المقدور سفه، فيكون ممنوعا) لأن المعاملة السفهائية باطلة (و) يكون (اكله) اى البائع للثمن (اكلا) للمال (بالباطل) فيشمله قوله تعالى «لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ»*.

ص: 346

و فيه: ان بذل المال القليل فى مقابل المال الكثير المحتمل الحصول ليس سفها، بل تركه اعتذارا بعدم العلم بحصول العوض سفه، فافهم.

ثم ان ظاهر معاقد الاجماعات- كما عرفت- كون القدرة شرطا كما هو كذلك فى التكاليف، و قد اكد الشرطية فى عبارة الغنية المتقدمة حيث حكم بعدم جواز بيع ما لا يمكن فيه التسليم، فينتفى المشروط عند انتفاء

______________________________

(و فيه: ان بذل المال القليل فى مقابل المال الكثير المحتمل الحصول) كما لو اشترى العبد الآبق الّذي ثمنه الحقيقى الف، بعشرة (ليس سفها، بل تركه) اى ترك البيع (اعتذارا بعدم العلم بحصول العوض سفه)

و لذا ترى العقلاء يغامرون بأنفسهم و أموالهم فى المخاطر رجاء حصولهم على اموال كثيرة (فافهم) اذ تختلف مراتب الاحتمال، فاطلاق الجواز كاطلاق المنع، كلاهما محل مناقشة.

(ثم ان ظاهر معاقد الاجماعات- كما عرفت-) فى اوّل المسألة (كون القدرة) على التسليم (شرطا) فى صحة البيع (كما هو كذلك) القدرة شرط (فى التكاليف).

فكما انه لا تكليف بدون القدرة، كذلك لا صحة للبيع بدون القدرة على التسليم (و قد اكد الشرطية) للقدرة (فى عبارة الغنية المتقدمة حيث حكم بعدم جواز بيع ما لا يمكن فيه التسليم).

و الظاهر من عدم الجواز عدم الجواز وضعا، و عدم جواز ترتيب الاثر تكليفا (فينتفى) البيع (المشروط) بالقدرة على التسليم (عند انتفاء

ص: 347

الشرط.

و مع ذلك كله فقد استظهر بعض من تلك العبارة ان العجز مانع لا ان القدرة شرط.

قال و يظهر الثمرة فى موضع الشك.

______________________________

الشرط) اى القدرة على التسليم.

(و مع ذلك كله فقد استظهر بعض) و هو الجواهر (من تلك العبارة) اى عبارة الغنية (ان العجز) عن التسليم (مانع، لا ان القدرة شرط) لصحة البيع.

(قال) الجواهر (و تظهر الثمرة) فى ان القدرة شرط، او العجز مانع (فى موضع الشك).

اذ: لو كانت القدرة شرطا، فاذا شككنا فى القدرة كان الأصل عدمها، و يلزم القول بعدم صحة البيع.

اما لو كان العجز مانعا، فاذا شككنا وجود المانع كان اللازم تحكيم اطلاقات: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ، و ما اشبه، حتى يثبت المانع، و يلزم القول بصحة البيع.

و كذلك فى كل مورد دار امر الضدين بين ان يكون احدهما شرطا، او الآخر مانعا.

مثلا: لو كان الغصب مانعا و شك فيه استصحب عدم الغصب، و لزم القول بصحة الصلاة المأتى بها فى موضع مشكوك الغصبية.

اما لو كانت الاباحة شرطا، فمع الشك فى الاباحة لا يمكن الحكم

ص: 348

ثم ذكر اختلاف الأصحاب فى مسألة الضال و الضالة و جعله دليلا على ان القدر المتفق عليه ما اذا تحقق العجز.

و فيه مع ما عرفت: من ان صريح معاقد الاجماع خصوصا عبارة الغنية المتأكدة بالتصريح بالانتفاء عند الانتفاء هى شرطية القدرة ان العجز امر عدمى، لأنه عدم القدرة عمن من شأنه صنفا او نوعا او جنسا ان يقدر،

______________________________

بصحة الصلاة، اذ الشرط يحتاج الى العلم و الاحراز.

(ثم ذكر) الجواهر (اختلاف الأصحاب فى مسألة) بيع (الضال و الضالة) هل يجوز أو لا؟ (و جعله) اى الاختلاف (دليلا على ان القدر المتفق عليه) اى الّذي اتفق العلماء على بطلان البيع فيه، فيما لا قدرة للمالك على تسليمه (ما اذا تحقق العجز) عن التسليم، و لا يعم صورة الشك.

فالمورد الّذي اختلف العلماء فى انه هل يصح البيع، أم لا؟ كبيع الضال و الضالة، هو ما اذا شك فى امكان التسليم.

و المورد الّذي اتفقوا على انه لا يصح البيع، هو ما اذا علم بعدم امكان التسليم، مع جعل العجز فى المقامين مانعا، لا ان القدرة شرطا.

(و فيه مع ما عرفت: من ان صريح معاقد الاجماع خصوصا عبارة الغنية المتأكدة) تلك العبارة (بالتصريح بالانتفاء عند الانتفاء) اى لا بالانتفاء عند الوجود (هى شرطية القدرة) «هى» خبر «ان صريح» (ان العجز امر عدمى، لأنه عدم القدرة عمن من شأنه صنفا او نوعا او جنسا ان يقدر) اى ان العجز عدم ملكة.

و قد تقرر فى موضعه ان عدم الملكة قد ينسب الى الصنف الّذي من

ص: 349

فكيف يكون مانعا، مع ان المانع هو الأمر الوجودى الّذي يلزم من وجوده العدم.

ثم لو سلم صحة اطلاق المانع عليه لا ثمرة فيه لا فى صورة الشك الموضوعى او الحكمى، و لا فى غيرهما

______________________________

شأنه الملكة، و قد ينسب الى النوع و قد ينسب الى الجنس.

مثلا عدم اللحية بالنسبة الى زيد عدم ملكة، لأن صنفه و هو الانسان الأبيض، او نوعه و هو مطلق الانسان، او جنسه و هو الحيوان، من شأنه ان يكون ملتحيا.

فعدم القدرة من شخص، شأن صنفه او نوعه او جنسه القدرة، يكون عدم ملكة.

فالأول: كالعاقد البائع ماله، و الثانى: كالعاقد المعاوض، و الثالث: كمطلق العاقد الشامل للوكيل أيضا.

و اذا كان العجز عن التسليم امرا عدميا (فكيف يكون) العجز (مانعا) عن صحة البيع (مع ان المانع هو الأمر الوجودى الّذي يلزم من وجوده العدم) كالحدث فى الصلاة، فانه يسمى مانعا، لأنه يلزم من وجوده عدم الصلاة.

فقول الجواهر ان العجز من التسليم مانع، لا ان القدرة شرط، لا وجه له.

(ثم لو سلم صحة اطلاق المانع عليه) اى على عدم القدرة، لأنه عدم مضاف (لا ثمرة فيه).

فقول الجواهر «و يظهر الثمرة فى موضع الشك» لا وجه له (لا فى صورة الشك الموضوعى او) الشك (الحكمى، و لا فى غيرهما).

ص: 350

فانا اذا شككنا فى تحقق القدرة و العجز مع سبق القدرة فالأصل بقائها، او لا معه فالأصل عدمها

______________________________

فالشك الموضوعى هو ما اذا كانت الشبهة مصداقية، كما لو شككنا فى ان القدر الخارج من ادلة الصحة «بسبب العجز عن التسليم» هو ما اذا تعذر التسليم، او الأعم منه و من التعسّر، كما اذا كان العبد فى مكان لا يعلم انه يتعذر او يتعسّر الوصول إليه.

و الشك الحكمى هو ما اذا علمنا حال الموضوع كالعجز غير المستمر مثلا و شك فى حكمه من جهة الشك فى ان الخارج من ادلة الصحة و هو العاجز، هل قيّد بالاستمرار كى لا يخرج العجز غير المستمر، أم لم يقيد بالاستمرار كى يخرج؟

و الشك غيرهما هو ما اذا كانت الشبهة مفهومية، كما لو شككنا فى ان العبد الآبق فى مكان يتعسر الوصول إليه هل يصدق عليه القدرة، أم لا؟

للشك فى ان مفهوم القدرة هو الاعم من عدم التعذر، و عدم التعسر او خاص بعدم التعذر.

و انما قلنا: بعدم الثمرة (فانا اذا شككنا فى تحقق القدرة و العجز) و هل ان البائع فى صورة تعسر الوصول الى المبيع، قادر او عاجز؟- و هذا يراد به الشك الموضوعى- (مع سبق القدرة) بان كان العبد فى مكان سهل التناول ثم صار فى مكان آخر صعب التناول (فالأصل بقائها) اى القدرة (او لا معه) اى لا مع سبق القدرة، بان كان العبد فى مكان متعذر التناول، ثم صار فى مكان متعسر التناول (فالأصل عدمها)

ص: 351

اعنى العجز سواء جعل القدرة شرطا او العجز مانعا.

و اذا شككنا فى ان الخارج عن عمومات الصحة هو العجز المستمر، او العجز فى الجملة.

او شككنا فى ان المراد بالعجز ما يعم التعسر- كما حكى- أم خصوص التعذر

______________________________

اى عدم القدرة (اعنى العجز) اى تجرى اصالة العجز (سواء جعل القدرة شرطا او العجز مانعا).

اذ الاستصحاب كما يحقق الشرط يحقق المانع.

فاذا شك الانسان فى الوضوء و كان سابقا متوضئا او استصحب، تحقق الشرط.

و اذا شك فى ان الدم الخارج من الداخل حتى يكون مانعا من الصلاة- على القول بأن دم القروح الداخلة ليس معفوا عنه- أم من الخارج، و كان سابقا يجرى الدم من الداخل، كان مقتضى الاستصحاب الحكم بالمانعية.

(و اذا شككنا) و هذا للشك الحكمى (فى ان الخارج عن عمومات الصحة هو العجز المستمر، او العجز فى الجملة) و لو لم يكن مستمرا، كما لو كان وقت البيع عاجزا عن التسليم، لكنه بعد ذلك يرتفع العجز و يتمكن من التسليم، لغرض ان العبد يندم و يرجع عن الإباق او الضالة توجد.

(او شككنا فى ان المراد بالعجز ما يعم التعسر) بان كان الوصول الى البيع متعسرا (- كما حكى-) هذا التفسير للعجز (أم خصوص التعذر) و هذا مثال للشك الموضوعى المفهومى.

اذ الشك فى الموضوع قد يكون مصداقيا، و قد يكون مفهوميا.

ص: 352

فاللازم التمسك بعمومات الصحة من غير فرق بين تسمية القدرة شرطا او العجز مانعا.

و الحاصل: ان التردد بين شرطية الشي ء و مانعية مقابله انما يصح و يثمر فى الضدين، مثل الفسق و العدالة لا فيما نحن فيه كالعلم و الجهل

______________________________

مثلا: اذا قال المولى اكرم العلماء فقد يكون الشك «فى ان زيدا عالم أم لا؟ من جهة انا لا نعلم هل قرء النحو أم لا؟» و هذا شك موضوعى من جهة الشبهة المصداقية، و قد يكون الشك «فى ان زيدا عالم أم لا من جهة انا لا نعلم هل قارى النحو يسمى عالما أم لا؟ مع انا نعلم انه لو كان يسمى عالما» و هذا شك موضوعى من جهة الشبهة المفهومية (فاللازم التمسك بعمومات الصحة من غير فرق بين تسمية القدرة شرطا او العجز مانعا).

ففرق صاحب الجواهر بين شرطية القدرة، و مانعية العجز ليس كما ينبغى.

(و الحاصل: ان التردد بين شرطية الشي ء و مانعية مقابله انما يصح و يثمر فى الضدين، مثل الفسق و العدالة) فاذا كانت العدالة شرطا- و لم تحرز عدالة زيد- لم تصح الصلاة خلفه، لعدم احراز الشرط، و اما اذا كان الفسق مانعا، و لم تحرز العدالة و لا الفسق، صحت الصلاة خلفه، لاصالة عدم المانع- الّذي هو الفسق- (لا فيما نحن فيه) اى القدرة و العجز (كالعلم و الجهل) مما كان بينهما عدم و ملكة كما لو شك بين اشتراط القدرة و بين مانعية العجز، فلا ثمرة تترتب على كون القدرة شرطا او العجز مانعا، لعدم جريان اصالة عدم المانع.

ص: 353

و اما اختلاف الاصحاب فى مقابلة مسألة الضال و الضالة فليس لشك المالك فى القدرة و العجز و مبنيا على كون القدرة شرطا او العجز مانعا كما يظهر من

______________________________

مثلا: لا يجرى اصل عدم العجز لان العجز معناه عدم القدرة، فاصل عدمه معناه اصل عدم، عدم القدرة و النفى فى النفى اثبات، فمعناه اصل القدرة و هذا الأصل غير صحيح، لعدم حالة سابقة للقدرة- حسب الفرض-.

(و اما اختلاف الاصحاب فى مقابلة مسألة الضال و الضالة) الّذي جعله الجواهر مدركا لنفسه (فليس لشك المالك) البائع (فى القدرة و العجز) اى لأجل كون المالك شاكا فى قدرته على التسليم او عجزه (و) ليس (مبنيا على كون القدرة شرطا او العجز مانعا).

فان الجواهر قال: ان اختلاف الأصحاب فى صحة بيع الضال و الضالة مبنى على صورة شك المالك فى انه قادر أم عاجز عن تسليم المبيع؟ مع البناء على مانعية العجز لا شرطية القدرة.

يعنى ان الأصحاب بنائهم على ان العجز مانع، ثم قالوا لو شك المالك فى انه قادر او عاجز، هل يصح بيعه للضال، أم لا؟

فاختلافهم فى هذه الصورة «صورة شك المالك» مبنى على بنائهم مانعية العجز «لا شرطية القدرة».

و المصنف يقول ليس كلام الأصحاب و اختلافهم على حسب ما ذكره الجواهر (كما يظهر) انه «ليس لشك المالك الخ» (من

ص: 354

ادلتهم على الصحة و الفساد بل لما سيجي ء عند التعرض لحكمها.

ثم ان العبرة فى الشرط المذكور انما هو فى زمان استحقاق التسليم، فلا ينفع وجودها حال العقد اذا علم بعدمها حال استحقاق التسليم، كما لا يقدح عدمها قبل الاستحقاق

______________________________

ادلتهم على الصحة) فيمن قال: ان بيع الضال و الضالة صحيح (و الفساد) فى من قال: ان البيع فاسد، فادلتهم على الفساد حديث نفى الغرر، و الاجماع المدعى على الفساد و ادلتهم على الصحة المناقشة فى دليلى الفساد و قولهم بشمول المطلقات لبيع الضال و الضالة (بل لما سيجي ء عند التعرض لحكمها) و انه هل هو صحيح أم فاسد؟ عند قول المصنف «و اما الضال».

(ثم ان العبرة فى الشرط المذكور) اى القدرة على التسليم- و هذا الكلام رجوع الى اصل مسألة اشتراط القدرة على التسليم فى صحة البيع، بعد ان تمّت المناقشة لكلام صاحب الجواهر (انما هو فى زمان استحقاق التسليم) فاللازم قدرة البائع على تسليم البيع و قدرة المشترى على تسليم الثمن عند الوقت المحدد للتسليم (فلا ينفع وجودها) اى القدرة (حال العقد اذا علم بعدمها حال استحقاق التسليم).

مثلا: كان قادرا على التسليم يوم الجمعة عند اجراء العقد، لكنه كان عاجزا يوم السبت حال اشتراط التسليم.

و انما نقول باعتبار القدرة حال استحقاق التسليم، لانه المنصرف من النص و الفتوى (كما لا يقدح عدمها) اى عدم القدرة (قبل الاستحقاق)

ص: 355

و لو حين العقد و يتفرع على ذلك عدم اعتبارها اصلا اذا كانت العين فى يد المشترى.

و فيما لم يعتبر التسليم فيه رأسا كما اذا اشترى من ينعتق عليه فانه ينعتق بمجرد الشراء، و لا سبيل لأحد عليه و فيما اذا لم يستحق التسليم بمجرد العقد، اما لاشتراط تأخيره مدة.

و اما لتزلزل العقد، كما اذا اشترى فضولا، فانه لا يستحق التسليم الا بعد اجازة المالك فلا يعتبر القدرة على التسليم قبلها.

______________________________

للتسليم (و لو) كان عدم القدرة (حين العقد و يتفرع على ذلك) اى اعتبار القدرة حين الاستحقاق (عدم اعتبارها) اى القدرة (اصلا اذا كانت العين فى يد المشترى) و ذلك لأن التسليم حاصل.

(و) كذلك لا يعتبر القدرة على التسليم (فيما لم يعتبر التسليم فيه رأسا كما اذا اشترى من ينعتق عليه) مثلا اشترى الولد اباه (فانه ينعتق بمجرد الشراء، و لا سبيل لأحد) لا البائع و لا المشترى (عليه) لأن الحر لا سبيل لأحد عليه (و فيما اذا لم يستحق التسليم بمجرد العقد، اما لاشتراط تأخيره) اى التسليم (مدة) من الزمان كسنة مثلا.

(و اما لتزلزل العقد، كما اذا اشترى فضولا، فانه لا يستحق التسليم الا بعد اجازة المالك) فانه فى هذين الموردين لا يستحق التسليم عند العقد (فلا يعتبر القدرة على التسليم قبلها) اى قبل الاجازة.

و لا يخفى ان عطف «و فيما اذا لم يستحق» على سابقه محل مناقشة.

ص: 356

لكن يشكل- على الكشف- من حيث انه لازم من طرف الأصيل فيتحقق الغرر بالنسبة إليه اذا انتقل إليه ما لم يقدر على تحصيله.

نعم هو حسن فى الفضولى من الطرفين.

و مثله بيع الرهن قبل اجازة المرتهن او فكه،

______________________________

(لكن يشكل) عدم القدرة على التسليم قبل الاجازة بناء (- على الكشف-) اى القول بأن الاجازة كاشفة (من حيث انه) اى العقد (لازم من طرف الأصيل) على ما تقدم فى باب الفضولى انه لو باع الفضول شيئا لمشتر اصيل، كان البيع لازما من طرف المشترى و ان كان متزلزلا من طرف البائع.

و على انه لازم من طرف الاصيل (فيتحقق الغرر بالنسبة إليه) اى الى الاصيل (اذا انتقل إليه ما لم يقدر على تحصيله) و هذا غرر و خطر.

(نعم هو) اى عدم اعتبار القدرة على التسليم (حسن) بناء على النقل، اذ لم ينتقل الى المشترى المبيع الا بعد الاجازة فلا غرر.

كذلك حسن (فى الفضولى من الطرفين) اذ لم يكن البيع لازما من اىّ طرف، فلا غرر لا للبائع و لا للمشترى، و انما الانتقال و النقل بعد الاجازة.

(و مثله) اى مثل الفضولى (بيع) الراهن (الرهن قبل اجازة المرتهن او فكه) اى فك الرهن، فانه إن كان المشترى اصيلا فهو مثل الفضولى من طرف واحد و ان كان المشترى فضوليا فهو مثل الفضولى من الطرفين، اذ عمل الراهن فضولى، و ان كان فرق بينه و بين الفضولى فى البيع، بان الفضول فى البيع لا علاقة له بالمال، و الراهن

ص: 357

بل و كذا لو لم يقدر على تسليم ثمن السلم لأن تأثير العقد قبل التسليم فى المجلس موقوف على تحققه، فلا يلزم غرر.

______________________________

الفضولى له علاقة بالمال، لكن هذا الفرق لا يوجب تفاوتا بينهما من حيث ما نحن فيه (بل و كذا لو لم يقدر) اى لا تعتبر القدرة (على تسليم ثمن السلم).

السلم هو ان يبيع الانسان المتاع ليعطيه فى المستقبل و يأخذ الثمن حالا فانه لا تعتبر القدرة حال العقد (لأن تأثير العقد) فى النقل و الانتقال (قبل التسليم) للثمن (فى المجلس) اذ يعتبر فى السلم تسليم الثمن فى المجلس (موقوف) ذلك التأييد (على تحققه) اى تحقق التسليم (فلا يلزم غرر) لو لم يقدر على التسليم.

اذ قبل التسليم لا يتحقق الانتقال اصلا، اذ التسليم جزء من اجزاء العقد فى بيع الصرف و السلم، و الغرر انما يتحقق اذا تم العقد و لم يقدر على الشرط- الّذي هو التسليم- فعدم التسليم فى باب الصرف مثل عدم القبول.

فكما انه اذا اجرى البائع الايجاب و لم يجر المشترى القبول لم يكن غرر، اذ المنهى عنه العقد الغررى، و لا عقد فى المقام، كذا اذا حصل الايجاب و القبول فى باب السلم، و لم يحصل التسليم لم يكن غرر، اذ المنهى عنه العقد الغررى، و لا عقد فى المقام، فان من مقومات عقد السلم التسليم.

ص: 358

و لو تعذر التسليم بعد العقد رجع الى تعذر الشرط.

و من المعلوم: ان تعذر الشرط المتأخر حال العقد غير قادح، بل لا يقدح العلم بتعذره فيما بعده فى تأثير العقد اذا اتفق حصوله فان الشروط المتأخرة لا يجب احرازها حال العقد، و لا العلم بتحققها فيما بعد. و الحاصل:

______________________________

(و لو تعذر التسليم) للثمن فى باب السلم (بعد العقد) بأن كان التسليم مقدورا حال العقد، و تعذر بعد ان اجريا الايجاب و القبول (رجع الى تعذر الشرط) لا الى عدم تحقق العقد.

(و من المعلوم: ان تعذر الشرط المتأخر حال العقد) «حال» ظرف ل «تعذر» اى ان الشرط اذا كان متأخرا، لكن هذا الشرط تعذر حال العقد (غير قادح) اذ حال العقد لا يشترط هذا الشرط، و انما يشترط الشرط بعد العقد، لفرض انه شرط متأخر (بل لا يقدح) و لا يضر (العلم بتعذره) اى الشرط (فيما بعده) اى بعد العقد، بأن علم حال العقد، انه لا يتمكن من التسليم- الّذي هو شرط- بعد العقد (فى تأثير العقد) الجار متعلق ب «لا يقدح» (اذا اتفق حصوله) اى الشرط حال بعد العقد (فان الشروط المتأخرة لا يجب احرازها حال العقد) فلا يشترط فى صحة العقد ان يتمكن العاقد من التسليم- تمكنا حال العقد- (و لا) يشترط (العلم بتحققها) اى الشروط (فيما بعد) اى العقد.

(و الحاصل) ان التسليم فى بعض العقود من شرط العقد، و فى

ص: 359

ان تعذر التسليم مانع فى بيع يكون التسليم من احكامه، لا من شروط تأثيره.

و السر فيه ان التسليم فيه جزء الناقل فلا يلزم غرر من تعلقه بغير المقدور.

و بعبارة اخرى الاعتبار بالقدرة على التسليم بعد تمام النقل

______________________________

بعض العقود من احكام العقد، فالتسليم فى بيع الصرف و السلم من شرط العقد بحيث ان حال التسليم حال جزء العقد، و التسليم فى ساير البيوع من احكام البيع المترتبة على البيع و (ان تعذر التسليم مانع) عن الصحة (فى بيع يكون التسليم من احكامه، لا من شروط تأثيره) اذ الصحة ترتفع بسبب المانع.

اما اذا كان التسليم شرطا، فالصحة لا تأتى اصلا حتى يقال بأنها ارتفعت- فان العقد لم يتحقق اصلا-.

(و السر فيه) اى فى ان التعذر للتسليم مانع فى مثل البيوع العادية، لا فى مثل العرف و السلم، و ضمير «فيه» راجع الى «الحاصل» (ان التسليم فيه) اى فى ما كان التسليم شرطا، لا حكما- كالصرف و السلم (جزء الناقل) اذ المشروط عدم، عند عدم شرطه (فلا يلزم غرر من تعلقه) اى تعلق الناقل- و هو العقد- (بغير المقدور) بخلاف ما اذا كان التسليم حكما، فان العقد قد تم، فهو غررى اذا لم يقدر على التسليم.

(و بعبارة اخرى) لتوضيح ان تعذر التسليم فى السلم ليس غرريا، بخلاف البيع العادى (الاعتبار بالقدرة على التسليم بعد تمام النقل) فى سائر البيوع، فاذا لم يقدر كان البيع غرريا، اما فى الصرف و السلم

ص: 360

و لهذا لا يقدح كونه عاجزا قبل القبول اذا علم بتجدد القدرة بعده و المفروض ان المبيع بعد تحقق الجزء الأخير من الناقل و هو القبض حاصل فى يد المشترى.

فالقبض مثل الاجازة- بناء على النقل- و اولى منها- بناء على الكشف-.

______________________________

فالنقل لا يتحقق الا بالتسليم.

فعدم التسليم يوجب عدم البيع، لا انه يوجب كون البيع غرريا.

(و لهذا) الّذي ذكرنا من ان الاعتبار بالقدرة انما هو بعد تمام النقل (لا يقدح كونه عاجزا قبل القبول اذا علم بتجدد القدرة بعده) اى بعد القبول (و المفروض ان المبيع بعد تحقق الجزء الأخير من الناقل و هو القبض) فى باب الصرف و السلم (حاصل فى يد المشترى) بخلاف سائر البيوع فان المبيع بعد تحقق الجزء الأخير من الناقل- و الجزء الأخير هو القبول- ليس حاصلا فى يد المشترى.

(فالقبض) فى باب الصرف و السلم (مثل الاجازة) فى بيع الفضولى (- بناء على النقل-).

فكما ان الاجازة متممة، و ليست امرا خارجا عن الناقل، كذلك القبض فى الصرف و السلم (و اولى منها) اى من الاجازة (- بناء على الكشف-) اذ الاجازة- بناء على الكشف- لا شأن لها فى الناقلية، و انما هى كاشفة محضة عن تحقق النقل سابقا، بخلاف القبض فان له مدخلا فى النقل بحيث لولاه لم يكن نقل.

ص: 361

و كذلك الكلام فى عقد الرهن فان اشتراط القدرة على التسليم فيه بناء على اشتراط القبض- انما هو من حيث اشتراط القبض، فلا يجب احرازه حين الرهن و لا العلم بتحققه بعده.

فلو رهن ما يتعذر تسليمه ثم اتفق حصوله فى يد المرتهن اثر العقد اثره، و سيجي ء الكلام فى باب الرهن.

اللهم الا ان يقال: ان المنفى فى النبوى

______________________________

(و كذلك الكلام فى عقد الرهن) فلا يقدح فى صحة المعاملة عدم القدرة على التسليم بأن عقد للرهن ما لا يقدر على تسليمه (فان اشتراط القدرة على التسليم فيه) اى فى عقد الرهن (- بناء على اشتراط القبض-) اى قبض المرتهن للعين المرهونة (انما هو) اى اشتراط القدرة (من حيث اشتراط القبض) فالقدرة على التسليم لاجل شرطية القبض (فلا يجب احرازه) اى هذا الشرط، اى لا يجب ان يكون قادرا على التسليم (حين الرهن و لا العلم بتحققه) اى هذا الشرط و هو القدرة (بعده) اى بعد عقد الرهن.

(فلو رهن ما يتعذر تسليمه) كما لو كان طيرا فى الهواء (ثم اتفق حصوله فى يد المرتهن) بأن أخذ الطير (اثّر العقد اثره، و سيجي ء الكلام فى باب الرهن) و انه لا يشترط القدرة و لا العلم بالقدرة، حال الرهن ان شاء الله تعالى.

(اللهم الا ان يقال) فى وجه اشتراط القدرة على التسليم فى بيع الصرف و السلم و الرهن (ان المنفى فى النبوى) القائل لا غرر مضمون «نهى النبي صلّى اللّه عليه و آله عن بيع الغرر» و فى حديث آخر «عن

ص: 362

هو كل معاملة يكون بحسب العرف غررا فالبيع المشروط فيه القبض كالصرف و السلم، اذا وقع على عوض مجهول قبل القبض او غير مقدور، غرر عرفا، لأن اشتراط القبض فى نقل العوضين شرعى لا عرفى، فيصدق الغرر و الخطر عرفا و ان لم يتحقق شرعا، اذ قبل التسليم لا انتقال، و بعده لا خطر.

______________________________

الغرر» (هو كل معاملة يكون بحسب العرف غررا) سواء كان الغرر الدقى أم لم يكن (فالبيع المشروط فيه القبض كالصرف و السلم، اذا وقع على عوض مجهول قبل القبض) «قبل» ظرف «للمجهول» بأن كان الثمن مجهولا، لم يعلم انه دينار أم درهم- مثلا- (او غير مقدور) بان كان العوض طيرا فى الهواء- و لا يخفى ان غير المقدور هو محل البحث، لا المجهول، و انما ذكر المجهول من باب التنظير و التقريب الى الذهن- (غرر عرفا) و انما كان غررا عرفا (لأن اشتراط القبض فى نقل العوضين) اى النقل و الانتقال (شرعى لا عرفى) فانه لو كان عرفيا لم يكن غررا، اذا العرف كان يرى ان النقل لم يحدث قبل القبض، فأين الغرر فى امر لم يتحقق بعد، اما حيث كان العرف يرى ان العقد هو سبب النقل، و لا يرى القبض الا امرا خارجا، يرى حصول الغرر فى هذه المعاملة المتحققة بمجرد العقد (فيصدق الغرر و الخطر عرفا) فهو منهى عنه (و ان لم يتحقق) الغرر (شرعا، اذ قبل التسليم لا انتقال) فان الشارع يرى ان متمم علة الانتقال القبض، و قوله «اذ» علة «لم يتحقق» و حيث انه لا انتقال فلا امر يوجب الغرر (و بعده) اى بعد التسليم (لا خطر) فمن اين يأتى الغرر و الخطر.

ص: 363

لكن النهى و الفساد يتبعان بيع الغرر عرفا.

و من هنا يمكن الحكم بفساد بيع غير المالك اذا باع لنفسه، لا عن المالك ما لا يقدر على تسليمه.

اللهم الا ان يمنع الغرر العرفى

______________________________

(لكن النهى) فى «لا غرر» (و الفساد) للبيع اذ النواهى فى المعاملات تدل على الفساد اذا لم تكن نهيا عن الخارج، و مثال النهى الخارجى «و ذروا البيع» حيث قالوا بصحة البيع (يتبعان بيع الغرر عرفا) لا بيع الغرر شرعا.

(و من هنا) حيث ان الغرر المنهى عنه هو العرفى لا الشرعى (يمكن الحكم بفساد بيع غير المالك اذا باع لنفسه، لا) ان باع (عن المالك ما لا يقدر على تسليمه) فانه و ان كان النقل لم يتم بعد، اذ هو متوقف على اجازة المالك، فلا غرر شرعا، لكنه غرر عرفى، فيكون منهيا عنه و فاسدا.

و هذا بخلاف ما اذا باع عن المالك، و المالك قادر على التسليم، فان البائع الحقيقى- و هو المالك قادر على التسليم- و الاعتبار بالبائع الحقيقى لا بمجرى صيغة العقد، و لذا لا يشترط تمكن الوكيل فى اجراء العقد، من التسليم، بل الميزان تمكن المالك.

(اللهم) رجوع الى ان عدم القدرة على التسليم فى باب الصرف و السلم، لا يوجب الغرر، فيصح البيع، اذا قدر بعد تمام العقد على التسليم (الا ان يمنع الغرر العرفى) فلا يبطل بيع الصرف و السلم، اذا لم يكن

ص: 364

بعد الاطلاع على كون اثر المعاملة شرعا على وجه لا يلزم منه خطر فان العرف اذا اطلعوا على انعتاق القريب بمجرد شرائه لم يحكموا بالخطر اصلا، و هكذا، فالمناط صدق الغرر عرفا بعد ملاحظة الآثار الشرعية للمعاملة،

______________________________

المشترى قادرا على التسليم- حال العقد- اى لا يبطلان من جهة الغرر (بعد الاطلاع على كون اثر المعاملة شرعا) انما هو (على وجه لا يلزم منه خطر).

اذ الشارع قبل القبض لا يعترف بالمعاملة- لأن جزءا منها «و هو القبض» لم يتحقق بعد- فلا غرر من جهة انه لا معاملة، و بعد القبض- حيث تتم المعاملة- لا خطر (فان العرف اذا اطلعوا على انعتاق) العبد الآبق (القريب) للمشترى، بأن كان العبد أبا للمشترى- مثلا- (بمجرد شرائه لم يحكموا بالخطر اصلا).

و عليه: فالعرف انما يحكم بالخطر لجهالته بالموازين الشرعية، اما اذا اطلع عليها لم يحكم بالخطر، فكما ان العرف يرى خطرا فى شراء العبد الآبق، لكن اذا اطلع على ان الشارع يحكم بعدم تمامية المعاملة قبل القبض، يرى انه لا خطر، لأنه لا معاملة متحققة (و هكذا) فى كل مورد عرف العرف الميزان الشرعى الّذي لا يوجب الخطر، اضرب عن رؤيته التى كان يراها بأنه خطر (فالمناط صدق الغرر عرفا) لا عرفا مطلقا، بل (بعد ملاحظة الآثار الشرعية للمعاملة).

فان رأى العرف ان الشارع رتب الأثر على المعاملة رأى ان فيه خطرا.

ص: 365

فتأمل.

ثم ان الخلاف فى اصل المسألة لم يظهر الا من الفاضل القطيفى المعاصر للمحقق الثانى حيث حكى عنه انه قال- فى إيضاح النافع- ان القدرة على التسليم من مصالح المشترى فقط لا انها شرط فى أصل صحة البيع، فلو قدر على التسلم

______________________________

و ان رأى ان الشارع لم يرتب الأثر على المعاملة- كالصرف و السلم قبل القبض- لم ير فيه خطرا، اذ لا خطر فيما لا اثر له (فتأمل) فأن العرف يرى الخطر، لأنه انما يرى موازين نفسه، لا الموازين الشرعية، و الا كانت الا حالة فى الموازين الى العرف توجب الدور، اذ معنى العرف حينئذ كان هو الشرع، فيكون الا حالة من الشرع الى العرف الّذي يراد به الشرع أيضا.

و بهذا- اى بقوله فتأمل- انتهى المصنف الى ان بيع الصرف و السلم فيما لا قدرة حال البيع على التسليم يكون غررا موجبا للبطلان، و ان قدر المشترى على التسليم بعد العقد، و سلّم الثمن لأن المعاملة الغررية باطلة، و ان خرجت بعد ذلك عن كونها غررية.

(ثم ان الخلاف فى اصل المسألة) اى مسألة اشتراط القدرة على التسليم (لم يظهر الا من الفاضل القطيفى المعاصر للمحقق الثانى حيث حكى عنه انه قال- فى إيضاح النافع- ان القدرة على التسليم من مصالح المشترى فقط) لأنه الّذي ينتفع به، بالنسبة الى المثمن (لا انها شرط فى أصل صحة البيع، فلو قدر) المشترى (على التسلم) و اخذ

ص: 366

صح البيع، و ان لم يكن البائع قادرا عليه، بل لو رضى مع علمه بعدم تمكن البائع من التسليم جاز، و ينتقل إليه و لا يرجع على البائع لعدم القدرة اذا كان البيع على ذلك مع العلم فيصح بيع المغصوب و نحوه.

نعم: اذا لم يكن المبيع من شأنه ان يقبض عرفا لم تصح المعاوضة عليه بالبيع لأنه فى معنى اكل مال بالباطل

______________________________

المثمن بنفسه (صح البيع، و ان لم يكن البائع قادرا عليه) اى على التسليم (بل لو رضى) المشترى بالابتياع (مع علمه بعدم تمكن البائع من التسليم جاز) البيع (و ينتقل) المبيع (إليه) اى الى المشترى بعد ان صح البيع (و لا يرجع) المشترى (على البائع).

و احتمال الرجوع انما هو (لعدم القدرة) اى لا يحق للمشترى ان يرجع الى البائع بأخذ ثمنه منه بحجة ان البائع لا يقدر على تسليم المبيع بأن يفسخ المعاملة (اذا كان البيع على ذلك) اى مبنيا على ان البائع لا يكلف بالتسليم، و «اذا» شرط ل «لا يرجع» (مع العلم) بأنه لا يقدر على التسليم، و «مع العلم» توضيح لقوله «على ذلك» او ان المراد «اذا كان البيع على غير المقدور تسليمه مع علم المشترى» (فيصح بيع المغصوب و نحوه) اذا علم المشترى ذلك، و نحوه المغصوب كالملقى فى مكان لا يصل البائع إليه.

(نعم: اذا لم يكن المبيع من شأنه ان يقبض عرفا) لا ان البائع لا يتمكن عليه مع تمكن الغير، بل لا يتمكن كل احد كالشي ء الملقى فى البحر مثلا (لم تصح المعاوضة عليه بالبيع لأنه فى معنى اكل مال بالباطل) و قد قال

ص: 367

و ربما احتمل امكان المصالحة عليه.

و من هنا يعلم ان قوله «يعنى المحقق فى النافع» لو باع الآبق منفردا لم يصح، انما هو مع عدم رضى المشترى، او مع عدم علمه او كونه بحيث لا يتمكن منه عرفا.

و لو اراد غير ذلك فهو غير مسلّم، انتهى.

و فيه ما عرفت من الاجماع و لزوم الغرر غير المندفع بعلم المشترى

______________________________

تعالى: لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل.

(و ربما احتمل امكان المصالحة عليه) لأن مبنى المصالحة على التسامح، و لذا لا يشترط فيه ما يشترط فى سائر المعاملات.

(و من هنا) الّذي ذكرنا ان القدرة على التسليم ليست شرطا (يعلم ان قوله «يعنى المحقق فى النافع» لو باع الآبق منفردا لم يصح، انما هو) اى كونه لم يصح (مع عدم رضى المشترى، او مع عدم علمه) بأنه آبق، و عدم الرضى بمعنى كونه مكرها على البيع (او كونه) اى الآبق (بحيث لا يتمكن منه عرفا) لا ان البائع فقط لا يتمكن منه، و «لا يتمكن» بصيغة المجهول.

(و لو اراد) المحقق (غير ذلك) الّذي ذكرناه (فهو غير مسلم، انتهى).

(و فيه ما عرفت من الاجماع) على عدم جواز بيع ما لا يقدر على تسليمه (و لزوم الغرر غير المندفع) ذلك الغرر (بعلم المشترى) فان علم المشترى بان البائع لا يقدر على التسليم، لا يرفع الغرر.

و انما الغرر ليس مندفعا

ص: 368

لأن الشارع نهى عن الاقدام عليه، الا ان يجعل الغرر هنا بمعنى الخديعة، فيبطل فى موضع تحققه و هو عند جهل المشترى، و فيه ما فيه.

ثم ان الظاهر- كما اعترف به بعض الاساطين- ان القدرة على التسليم ليست مقصودة بالاشتراط الا بالتبع، و انما المقصد الأصلي هو التسلّم.

و من هنا لو كان المشترى قادرا دون البائع كفى فى الصحة كما عن الاسكافى، و العلامة و كاشف الرموز، و الشهيدين، و المحقق الثانى، و

______________________________

(لأن الشارع نهى عن الاقدام عليه) كما ان الشارع نهى عن الربا و لا يؤثر فيه رضا المعطى و عدم رضاه (الا ان يجعل الغرر هنا) فى باب البيع (بمعنى الخديعة، فيبطل) الغرر «فاعل» المعاملة (فى موضع تحققه) اى الموضع الّذي كان فيه خديعة (و هو عند جهل المشترى) اذ عند علمه لا يسمى خديعة (و فيه ما فيه) اذ ليس الغرر بمعنى الخديعة كما قلناه سابقا.

(ثم ان الظاهر- كما اعترف به بعض الاساطين- ان القدرة على التسليم ليست مقصودة بالاشتراط) اى عند ما نشترط القدرة على التسليم (الا بالتبع) لشرط آخر- هو شرط واقعى- (و انما المقصد الأصلي هو التسلّم) اى اخذ المشترى للمال.

(و من هنا) الّذي ليس التسليم شرطا بل التسلم (لو كان المشترى قادرا دون البائع كفى فى الصحة) للبيع (كما عن الاسكافى، و العلامة و كاشف الرموز، و الشهيدين، و المحقق الثانى، و

ص: 369

عن ظاهر الانتصار: ان صحة بيع الآبق على من يقدر على تسلّمه مما انفردت به الامامية، و هو المتجه، لأن ظاهر معاقد الاجماع بضميمة التتبع فى كلماتهم و استدلالاتهم بالغرر، و غيره مختص بغير ذلك.

و منه يعلم أيضا انه لو لم يقدر احدهما على التحصيل لكن يوثق بحصوله فى يد احدهما عند استحقاق المشترى للتسليم، كما لو اعتاد الطائر العود صح، وفاقا للفاضلين، و الشهيدين، و المحقق الثانى، و غيرهم.

نعم عن نهاية الاحكام: احتمال العدم

______________________________

عن ظاهر الانتصار) للسيد المرتضى (ان صحة بيع الآبق على من يقدر على تسلمه مما انفردت به الامامية) فيتبين انه اجماع (و هو) اى كفاية القدرة على التسلّم (المتجه، لان ظاهر معاقد الاجماع بضميمة التتبع فى كلماتهم و استدلالاتهم بالغرر، و غيره) ككونه اكلا للمال بالباطل (مختص بغير ذلك) اى غير صورة تمكن المشترى من التسلّم، اذ لو قدر المشترى على التسلّم لم يكن غرر، و لا اكل للمال بالباطل.

(و منه يعلم أيضا) اى مما ذكرنا من عدم اشتراط التسليم (انه لو لم يقدر احدهما) البائع او المشترى (على التحصيل) للمتاع (لكن يوثق بحصوله فى يد احدهما عند استحقاق المشترى للتسليم، كما لو) باع الطائر فى الهواء فيما لو (اعتاد الطائر العود) بعد ساعة مثلا (صح، و فاقا للفاضلين، و الشهيدين، و المحقق الثانى، و غيرهم) اذ لا غرر و لا اكل للمال بالباطل، و لا اجماع على البطلان حينئذ.

(نعم عن نهاية الأحكام: احتمال العدم) اى عدم صحة بيع الطائر

ص: 370

بسبب انتفاء القدرة فى الحال على التسليم، و ان عود الطائر غير موثوق به، اذ ليس له عقل باعث.

و فيه ان العادة باعثة كالعقل، مع ان الكلام على تقدير الوثوق و لو لم يقدر على التحصيل و تعذر عليهما الا بعد مدة مقدرة عادة و كانت مما لا يتسامح فيه، كسنة او ازيد ففى بطلان البيع، لظاهر الاجماعات المحكية، و لثبوت الغرر او صحته لأن ظاهر معقد الاجماع التعذر رأسا.

و لذا حكم مدعيه بالصحة هنا

______________________________

المعتاد للعود (بسبب انتفاء القدرة فى الحال) اى حال البيع (على التسليم، و ان عود الطائر غير موثوق به، اذ ليس له) اى للطائر (عقل باعث) على العود حتى يعتمد على عقله.

(و فيه ان العادة باعثة) على العود (كالعقل) الّذي هو باعث على العود (مع ان الكلام على تقدير الوثوق) فقوله «غير موثوق به» خارج عن مفروض المسألة (و لو لم يقدر) البائع و المشترى (على التحصيل) للمبيع (و تعذر عليهما الا بعد مدة مقدرة عادة) حيث يمكن التحصيل بعد ذلك المدة (و كانت) تلك المدة (مما لا يتسامح فيه، كسنة او ازيد) مثلا (ففى بطلان البيع لظاهر الاجماعات المحكية) على عدم صحة بيع ما لا يقدر على تسليمه (و لثبوت الغرر) عرفا (او صحته) للاطلاقات و عدم تمامية وجهى البطلان، من الاجماع و الغرر (لأن ظاهر معقد الاجماع التعذر رأسا).

(و لذا حكم مدعيه) اى مدعى الاجماع (بالصحة هنا) فى صورة

ص: 371

و الغرر منفى مع العلم بوجوب الصبر عليه الى انقضاء مدة كما اذا اشترط تأخير التسليم مدة، وجهان، بل قولان، تردد فيهما فى الشرائع، ثم قوى الصحة، و تبعه فى محكى السرائر، و المسالك، و الكفاية و غيرها.

نعم للمشترى الخيار مع جهله بفوات منفعة الملك عليه مدة.

و لو كان مدة التعذر غير مضبوطة عادة، كالعبد المنفذ الى هند لأجل حاجة لا يعلم زمان قضائها، ففى الصحة اشكال، من حكمهم بعدم جواز بيع مسكن المطلقة المعتدة بالاقراء لجهالة وقت تسليم العين.

______________________________

التمكن بعد مدة (و الغرر منفى مع العلم) من المشترى (بوجوب الصبر عليه) اى على تسلم المتاع (الى انقضاء مدة) كسنة مثلا (كما اذا اشترط تأخير التسليم مدة) فانه لا غرر (وجهان، بل قولان) خبره ما تقدم من قوله «ففى بطلان البيع» (تردد فيهما فى الشرائع، ثم قوى الصحة، و تبعه فى محكى السرائر، و المسالك، و الكفاية، و غيرها).

(نعم) اذا قلنا بالصحة كان (للمشترى الخيار مع جهله بفوات منفعة الملك عليه مدة) اما مع العلم فلا، اذ هو اقدم على ذلك.

(و لو كان مدة التعذر) اى تعذر التسليم (غير مضبوطة عادة، كالعبد المنفذ الى هند لأجل حاجة لا يعلم زمان قضائها) سنة او اكثر او اقل (ففى الصحة) اى صحة البيع (اشكال، من حكمهم بعدم جواز بيع مسكن المطلقة المعتدة بالاقراء) لأنه لا يعلم فى كم مدة تنقضى الاقراء الثلاثة بخلاف المعتدة بالاشهر، لانها فى سن من تحيض و لا تحيض.

و انما اشكلوا فى ذلك (لجهالة وقت تسليم العين) ففى المقام

ص: 372

و قد تقدم بعض الكلام فيه فى بيع الواقف للوقف المنقطع.

ثم ان الشرط هى القدرة المعلومة للمتبايعين، لأن الغرر لا يندفع بمجرد القدرة الواقعية.

و لو باع ما يعتقد التمكن، فتبين عجزه فى زمان البيع و تجددها بعد ذلك، صح، لأن المناط القدرة و لو لم يتجدد بطل.

و المعتبر هو الوثوق

______________________________

أيضا كذلك.

و من انه لا يعد غررا، حيث يعلم المشترى بذلك، لكن الاشكال لما كان اقرب فى نظر المصنف لم يتعرض الى وجه الصحة.

(و قد تقدم بعض الكلام فيه) اى فى صورة جهالة المدة (فى بيع الواقف للوقف المنقطع) فراجع.

(ثم ان الشرط) اى شرط القدرة على التسليم (و هى القدرة المعلومة للمتبايعين، لأن الغرر لا يندفع بمجرد القدرة الواقعية) التى يجهلها المتعاقدان.

(و لو باع ما يعتقد التمكن، فتبين عجزه فى زمان البيع) اى كان عاجزا، و كان عجزه فى نفس زمان البيع، لا انه حدث العجز بعد ذلك (و تجددها) اى القدرة (بعد ذلك، صح) لأن المناط القدرة وقت التسليم، و هى حاصلة (و لو لم يتجدد) القدرة (بطل) لأنه بيع ما لا يقدر على تسليمه، و زعمه انه قادر لا يصحح الشرط الواقعى المفقود.

(و المعتبر) فى صحة البيع بالإضافة الى القدرة الواقعية (هو الوثوق)

ص: 373

فلا يكفى مطلق الظن، و لا يعتبر اليقين.

ثم لا اشكال فى اعتبار قدرة العاقد، اذا كان مالكا، لا ما اذا كان وكيلا فى مجرد العقد، فانه لا عبرة بقدرته كما لا عبرة بعلمه.

و اما لو كان وكيلا فى البيع و لوازمه بحيث يعد الموكل اجنبيا عن هذه المعاملة، فلا اشكال فى كفاية قدرته.

و هل يكفى قدرة الموكل؟ الظاهر نعم مع علم المشترى بذلك اذا علم

______________________________

بالقدرة على التسليم (فلا يكفى مطلق الظن) لأن الظن لا يوجب رفع اسم الغرر (و لا يعتبر اليقين) اذ يرفع الغرر العرفى بالوثوق، فلا يحتاج الى ازيد من ذلك.

(ثم لا اشكال فى) اشتراط (اعتبار قدرة العاقد، اذا كان) العاقد (مالكا، لا ما اذا كان وكيلا فى مجرد العقد، فانه لا عبرة بقدرته كما لا عبرة بعلمه) بخصوصيات المبيع.

اذ هو آلة محض، و الأدلة المشترطة للعلم و القدرة منصرفة عن مثل الآلة، كما انه كذلك فى باب النكاح و الاجارة و غيرهما.

(و اما لو كان وكيلا فى البيع و لوازمه بحيث يعد الموكل اجنبيا عن هذه المعاملة) كالوكيل المفوض الّذي هو يبيع و يشترى بدون علم الموكل اصلا، و انما بوكالة له للوكيل فحسب (فلا اشكال فى كفاية قدرته) لأنه المنصرف من الأدلة حيث ان عمل الوكيل هنا هو عمل الأصيل.

(و هل تكفى قدرة الموكل) بدون قدرة الوكيل المفوض (الظاهر نعم مع علم المشترى بذلك) بأن الموكل قادر (اذا علم

ص: 374

بعجز العاقد.

فان اعتقد قدرته لم يشترط علمه بذلك.

و ربما قيد الحكم بالكفاية بما اذا رضى المشترى بتسليم الوكيل و رضى المالك برجوع المشترى عليه.

______________________________

بعجز العاقد).

و انما قلنا بعلم المشترى بقدرة الموكل، لما تقدم من ان الشرط هو القدرة المعلومة لا القدرة الواقعية.

و انما قلنا باشتراط العلم بعجز العاقد- و هذا شرط لعلم المشترى بأن الموكل قادر- يعنى ان المشترى اذا علم بأن العاقد عاجز، و ان الموكل قادر، كفى فى رفع الغرر، اذ المعيار قدرة واقعية على التسليم، و علم المشترى بتلك القدرة الواقعية، و كلا الأمرين حاصلان.

(فان اعتقد) المشترى (قدرته) اى الموكل على التسليم (لم يشترط علمه بذلك) اى بعجز القاصد، اذ تكفى الاعتقاد بالقدرة، مع وجود القدرة الواقعية، و كلاهما حاصل.

(و ربما قيد) و المقيد العلامة الطباطبائى كما حكى (الحكم بالكفاية) اى بكفاية قدرة الموكل، مضافا الى ان الحكم مقيد بعلم المشترى (بما اذا رضى المشترى بتسليم الوكيل) فقدرة الموكل مشروطة بثلاثة امور:

الأوّل: علم المشترى.

و الثانى: رضى المشترى بتسليم الوكيل.

(و) الثالث: (رضى المالك برجوع المشترى عليه) اى على المالك.

ص: 375

و فرع على ذلك رجحان الحكم بالبطلان فى الفضولى، لأن التسليم المعتبر من العاقد غير ممكن قبل الاجازة.

و قدرة المالك انما تؤثر لو بنى العقد عليها، و حصل التراضي بها حال البيع لأن بيع المأذون لا يكفى فيه قدرة الآذن مطلقا بل مع الشرط المذكور،

______________________________

(و فرع على ذلك) التقييد المذكور (رجحان الحكم بالبطلان) اى بطلان المعاملة (فى الفضولى، لأن التسليم المعتبر من العاقد غير ممكن قبل الاجازة) من المالك.

فان التسليم الّذي يعتبره الشارع تسليما، هو التسليم المقارن لرضى المالك، و العاقد الفضولى لا يتمكن من هذا التسليم قبل ان يجيز المالك العقد.

(و) ان قلت: للمالك قدرة على التسليم.

قلت: القدرة وحدها لا تكفى فى الصحة، اذ (قدرة المالك انما تؤثر) فى صحة العقد (لو بنى العقد عليها) بأن عقد اعتمادا على قدرة المالك (و حصل التراضي بها) اى بتلك القدرة (حال البيع) و ليس الفضولى كذلك.

و الحاصل ان الشرط الثالث مفقود فى الفضولى (لأن بيع المأذون) اى الوكيل- مثلا- (لا يكفى فيه) اى فى كون ذلك البيع صحيحا (قدرة الآذن مطلقا) سواء بنى العقد على تلك القدرة، أم لا (بل مع الشرط المذكور) اى مبنيا على قدرة المالك.

فان الانسان الوكيل قد يبيع مال الموكل باعتبار انه وكيل عنه، و

ص: 376

و هو غير متحقق فى الفضولى.

و البناء على القدرة الواقعية باطل، اذ الشرط هى القدرة المعلومة دون الواقعية، الى ان قال: و الحاصل ان القدرة قبل الاجازة لم توجد، و بعدها ان وجدت لم تنفع.

______________________________

بالبناء على قدرة المالك، و قد يبيع مال الموكل باعتبار كونه غاصبا، بمعنى انه لا يريد اعطاء الثمن للمالك، و انما يقصد ان المثمن مال نفسه، و ان الثمن عائد الى كيس نفسه- كالوكيل اذا نوى الغصب- (و هو) اى اشتراط رضى المالك برجوع المشترى إليه (غير متحقق فى الفضولى) اذ المالك لم يجوز البيع فكيف يرضى برجوع المشترى إليه؟ و اذا رضى بالبيع خرج عن كونه فضوليا.

(و) ان قلت: تكفى فى صحة الفضولى القدرة الواقعية للمالك.

قلت: (البناء على القدرة الواقعية باطل، اذ الشرط) لصحة المعاملة (هى القدرة المعلومة) للمشترى المبنى عليها البيع (دون) القدرة (الواقعية، الى ان قال: و الحاصل ان القدرة) على التسليم (قبل الاجازة لم توجد).

اذ المعتبر القدرة المبنى عليها المبيع، و هذه القدرة تتوقف على رضى المالك، فاذا لم يحصل رضى المالك لم تكن قدرة على التسليم:

«التسليم المثمر» فان التسليم بدون رضى المالك لم يكن تسليما مثمرا شرعا (و بعدها) اى بعد الاجازة (ان وجدت) القدرة (لم تنفع) لأن القدرة معتبرة حين العقد لا بعد العقد.

ص: 377

ثم قال: لا يقال انه قد يحصل الوثوق للفضولى بارضاء المالك و انه لا يخرج عن رأيه فيتحقق له بذلك القدرة على التسليم حال العقد، لان هذا الفرض يخرج الفضولى عن كونه فضوليا لمصاحبة الاذن للبيع.

غاية الأمر حصوله بالفحوى، و شاهد الحال، و هما من انواع الاذن

______________________________

(ثم قال: لا يقال انه قد يحصل الوثوق للفضولى بارضاء المالك، و انه) اى المالك (لا يخرج عن رأيه فيتحقق له) اى للفضولى (بذلك) اى بسبب هذا الوثوق (القدرة على التسليم حال العقد) فليس قدرة بعد العقد- كى تقولوا انها لا تنفع-.

لأنا نقول: صورة الوثوق ليست فضوليا و كلامنا فى الفضولى (لان هذا الفرض) اى فرض وثوق الفضولى (يخرج الفضولى عن كونه فضوليا)

و انما يخرج (لمصاحبة الاذن للبيع) و كلما صحب البيع الاذن من المالك لم يكن فضوليا.

(غاية الأمر) ليس اذنا صريحا، بل (حصوله بالفحوى، و) ب (شاهد الحال، و هما) اى الفحوى و شاهد الحال (من انواع الاذن)

و المراد من الفحوى: ما يظهر من الكلام بقرائن لفظية، التى منها الأولوية المستفادة من الكلام، مثلا «لا تقل لهما أفّ» تدل دلالة لفظية باللزوم العرفى على «لا تضربهما»

و المراد بشاهد الحال القرائن العقلية الموجودة عند التكلم، او ما اشبه.

مثلا: شاهد الحال يدل على ان الصديق لا يمنع من دخول

ص: 378

فلا تكون فضوليا و لا يتوقف صحته على الاجازة، و لو سلمنا بقائه على الصفة فمعلوم ان القائلين بصحته الفضولى لا يقصرون الحكم على هذا الفرض

و فيما ذكره من مبنى مسألة الفضولى، ثم فى تفريع الفضولى، ثم فى الاعتراض الّذي ذكره، ثم فى الجواب عنه أولا و ثانيا تأمّل، بل نظر،

______________________________

الصديق فى داره و ان لم يكن هناك كلام (فلا تكون) المعاملة (فضوليا) لأنها ما لا اذن فيها (و لا يتوقف صحته على الاجازة، و لو سلمنا بقائه) اى الفضولية (فمعلوم ان القائلين بصحة الفضولى لا يقصرون الحكم) بصحة الفضولى (على هذا الفرض) اى فرض الوثوق برضى المالك.

و على هذا يلزم بطلان الفضولى فى صورة عدم الوثوق برضى المالك و على الأول يلزم بطلان كل فضولى- لعدم القدرة على التسليم- مع ان المشهور قائلون بصحة الفضولى مطلقا.

(و فيما ذكره من مبنى مسألة الفضولى) اى عدم كفاية قدرة المالك الموكل على التسليم و اعتبار رضى المشترى بتسليمه فى كفاية قدرته (ثم فى تفريع الفضولى) اى لو كانت قدرة الوكيل على التسليم معتبرة، فيلزم بطلان الفضولى (ثم فى الاعتراض الّذي ذكره) بقوله: لا يقال (ثم فى الجواب عنه أولا) بقوله: لأن هذا الفرض الخ (و ثانيا) بقوله: و لو سلمنا (تأمّل، بل نظر)

اما الاول: فلأن المعتبر فى الفضولى قدرة المالك على التسليم و لو مجردة عن التراضي، لعدم دليل على هذا التقييد و شمول العمومات و ارتفاع الغرر،.

ص: 379

فتدبر.

______________________________

و اما التفريع عليه فلأن اعتبار القدرة فى الوكيل لا يلازم اعتبارها فى الفضولى، لأن العاقد الوكيل كالأصيل بخلاف الفضولى.

و اما فى الاعتراض فلأنه مبنى على صحة المبنى، و قد عرفت الاشكال فيه.

و اما فى الجواب الأول فلأن الوثوق بالرضا لا يخرج المعاملة عن كونها فضولية، كما تقدم الكلام فيه فى مبحث الفضولى.

و اما فى الجواب الثانى فلأنه موقوف على المبنى و قد عرفت الاشكال فيه (فتدبر)

اذ بعض الاشكالات التى أوردها على القائل ليس بوارد.

مثلا: التلازم بين الوكيل العاقد و الفضولى حاصل بل الأولوية فلأنه اذا بطل معاملة الوكيل المفوض مع انه وكيل، فالأولى بطلان معاملة الفضولى.

ص: 380

مسئلة لا يجوز بيع الآبق منفردا على المشهور بين علمائنا،

كما فى التذكرة، بل اجماعا كما عن الخلاف، و الغنية، و الرياض، و بلا خلاف كما عن كشف الرموز لأنه مع اليأس عن الظفر بمنزلة التالف، و مع احتماله بيع غرر منفى اجماعا، نصا و فتوى، خلافا لما حكاه فى التذكرة عن بعض علمائنا- و لعله الاسكافى- حيث ان المحكى عنه انه لا يجوز ان يشترى الآبق وحده الا اذا كان بحيث يقدر عليه المشترى، او يضمنه البائع انتهى، و

______________________________

(مسألة: لا يجوز بيع) العبد (الآبق منفردا) بأن يبيعه بدون ضم ضميمة (على المشهور بين علمائنا، كما فى التذكرة، بل اجماعا كما عن الخلاف، و الغنية، و الرياض، و بلا خلاف كما عن كشف الرموز)

لا يخفى ان مقتضى التدرج الى الأقوى تقديم «بلا خلاف» عن «اجماعا» (لأنه مع اليأس عن الظفر) بالعبد الآبق يكون (بمنزلة التالف) فأكل المال فى مقابله اكل بالباطل (و مع احتماله) اى احتمال الظفر (بيع غرر، منفى) اى لا يصح بيع الغرر (اجماعا نصا و فتوى)

و لو قال «نصا و فتوى اجماعا» لعله كان أليق (خلافا لما حكاه فى التذكرة عن بعض علمائنا- و لعله الاسكافى- حيث ان المحكى عنه انه لا يجوز ان يشترى الآبق وحده الا اذا كان بحيث يقدر عليه المشترى) و ان لم يقدر عليه البائع (او يضمنه البائع) بأنه ان لم يقدر على تسليمه ردّ الثمن الى المشترى، و معنى هذا صحة البيع فى الجملة (انتهى، و

ص: 381

قد تقدم عن الفاضل القطيفى فى إيضاح النافع: منع اشتراط القدرة على التسليم.

و قد عرفت ضعفه، لكن يمكن ان يقال بالصحة فى خصوص الآبق لحصول الانتفاع به فى باب العتق خصوصا مع تقييد الاسكافى بصورة ضمان البائع، فانه يندفع به الغرر عرفا لكن سيأتى ما فيه.

فالعمدة الانتفاع بعتقه، و له وجه لو لا النص الآتى، و الاجماعات المتقدمة.

______________________________

قد تقدم عن الفاضل القطيفى فى إيضاح النافع: منع اشتراط القدرة على التسليم) فى مطلق المعاملات، و عليه فبيع الآبق لا بأس به فى نظره.

(و قد عرفت ضعفه، لكن يمكن ان يقال بالصحة فى خصوص الآبق لحصول الانتفاع به فى باب العتق) و هو انتفاع عظيم مرغوب فيه.

لكن يمكن ان يستشكل فيه بأنه لو صح- بناء على امكان العتق- للزم ان يقال: بأنه لا يلزم العلم بخصوصيات العبد أيضا، لامكان الانتفاع بالمجهول فى باب العتق، و لا يقول بذلك أحد (خصوصا) نقول بصحة بيع الآبق (مع تقييد الاسكافى بصورة ضمان البائع، فانه يندفع به الغرر عرفا) و اذ لا غرر، صح البيع (لكن سيأتى ما فيه) اى فى اندفاع الغرر بالضمان.

(فالعمدة) فى وجه الجواز- لو قيل به- (الانتفاع بعتقه، و له وجه) وجيه (لو لا النص الآتى، و الاجماعات المتقدمة) هذا أولا.

ص: 382

مع ان قابلية المبيع لبعض الانتفاعات لا يخرجه عن الغرر.

و كما لا يجوز جعله مثمنا لا يجوز جعله منفردا ثمنا، لاشتراكها فى الأدلة.

و قد تردد فى اللمعة فى جعله ثمنا بعد الجزم بمنع جعله مثمنا و ان قرّب اخيرا المنع منفردا.

و لعل الوجه الاستناد فى المنع عن جعله مثمنا الى النص و الاجماع الممكن دعوى اختصاصهما بالمثمن دون

______________________________

(مع ان قابلية المبيع لبعض الانتفاعات) كالعبد الآبق للعتق فقط دون سائر الانتفاعات الكثيرة التى يكون العبد قابلا لها (لا يخرجه عن الغرر) و الا لجاز كل بيع غررى لأنه قابل لبعض الانتفاعات.

(و) لا يخفى انه (كما لا يجوز جعله) اى الآبق (مثمنا) كذلك (لا يجوز جعله منفرد اثمنا، لاشتراكهما فى الأدلة)

و الفرق ان العبد قد يعتبر مثمنا، فيقال: بعتك هذا العبد بدينار، و قد يعتبر ثمنا، فيقال: بعتك هذه الدار بهذا العبد، و العلامة دخول الباء.

(و قد تردد فى اللمعة فى جعله ثمنا بعد الجزم بمنع جعله مثمنا و ان قرّب اخيرا المنع منفردا) اى منع بيع منفردا بدون ضميمة.

(و لعل الوجه) اى وجه ترديده فى الثمن (الاستناد فى المنع عن جعله مثمنا الى النص و الاجماع الممكن دعوى اختصاصهما بالمثمن) فيبقى الثمن بلا مانع، فيشمله دليل صحة جعل كل مال ثمنا (دون) استناده

ص: 383

نفى الغرر الممكن منعه بجواز الانتفاع به فى العتق.

و يؤيده حكمه بجواز بيع الضال و المجحود، مع خفاء الفرق بينهما و بين الآبق فى عدم القدرة على التسليم.

______________________________

الى (نفى الغرر) اى ان الشهيد لا يستدل على منع جعل الآبق مثمنا بنهى النبي صلى الله عليه و آله عن بيع الغرر (الممكن منعه) حتى فى المثمن.

و انما يمكن منعه (ب) سبب (جواز الانتفاع به فى العتق)

و الحاصل: انه استند الى النص و الاجماع، و هما ظاهر ان فى المثمن، و لم يستند الى دليل نفى الغرر، حتى يقال: ان الغرر منفى فى المثمن فكيف بالثمن؟ و تكون النتيجة جواز جعل الآبق ثمنا.

(و يؤيده) اى انه استند الى النص و الاجماع فى المنع عن جعله مثمنا، لا الى نفى الغرر (حكمه) اى الشهيد (بجواز بيع الضال و المجحود) الّذي جحده الغاصب، فليس للمالك قدرة عليه (مع خفاء الفرق بينهما) اى الضال و المجحود (و بين الآبق فى عدم القدرة على التسليم) فلو كان دليله فى نفى الغرر للزم القول بعدم الجواز فى الضال و المجحود أيضا.

ثم ان المصنف قال «مع خفاء» و لم يقل «مع عدم الفرق»

و لعل وجهه ان الآبق متنقل فيصعب الوصول إليه، بخلاف الضال فانه اسهل من حيث الوصول إليه، و المجحود يمكن الوصول إليه بسهولة بندم الجاحد، بخلاف الآبق فانه غالبا لا يرجع، فتأمّل.

ص: 384

و نظير ذلك ما فى التذكرة حيث ادعى أوّلا: الاجماع على اشتراط القدرة على التسليم ليخرج البيع عن كونه بيع غرر.

ثم قال: و المشهور بين علمائنا المنع عن بيع الآبق منفردا الى ان قال: و قال بعض علمائنا: بالجواز، و حكاه عن بعض العامة أيضا، ثم ذكر الضال و لم يحتمل فيه إلا جواز البيع منفردا، او اشتراطه الضميمة فان

______________________________

(و نظير ذلك) اى نظير ما فى اللمعة من الفرق بين بيع الآبق، و بيع الضال مع خفاء الفرق.

و انما كان كلام التذكرة مثل كلام اللمعة لأنه فى بيع الآبق افتى بالبطلان، و فى بيع الضال تردد، و نقل فيه قولين (ما فى التذكرة حيث ادعى أوّلا: الاجماع على اشتراط القدرة على التسليم)

و انما يشترط القدرة (ليخرج البيع عن كونه بيع غرر) اذ ما لا قدرة للانسان على تسليمه يكون بيعه غرريا.

(ثم قال: و المشهور بين علمائنا المنع عن بيع الآبق منفردا) بدون ضمّ ضميمة (الى ان قال: و قال بعض علمائنا: بالجواز، و حكاه) اى الجواز (عن بعض العامة أيضا، ثم ذكر الضال) و انه هل يجوز بيعه، أم لا؟ (و لم يحتمل فيه إلا جواز البيع منفردا، او اشتراطه الضميمة) اى يحتمل ان يجوز بيعه منفردا، و يحتمل ان يجوز بيعه مع الضميمة.

و انما قلنا: كلام التذكرة نظير كلام اللمعة فى خفاء الفرق (فان

ص: 385

التنافى بين هذه الفقرات الثلاث ظاهر.

و التوجيه يحتاج الى تأمل.

______________________________

التنافى بين هذه الفقرات الثلاث).

الفقرة الأولى: دعوى الاجماع على اعتبار القدرة على التسليم.

و الفقرة الثانية: وقوع النزاع فى انه هل يصح بيع الآبق منفردا، أم لا؟

و الفقرة الثالثة: تردده فى جواز بيع الضال منفردا (ظاهر) اذ لو كانت القدرة شرطا اجماعا، فكيف اختلف الأصحاب فى بيع الآبق؟ و كيف تردد هو فى بيع الضال؟ مع انه لا قدرة فيهما.

ثم كيف فرق بين الآبق و الضال بجعل المشهور عدم جواز بيع الآبق، و جعل بيع الضال مورد تردد.

(و التوجيه يحتاج الى تأمل).

اذ يمكن ان يقال: لا تنافى بين ادعاء الاجماع على اشتراط القدرة «و هى الكبرى» و بين الاختلاف فى بيع الآبق و تردده فى بيع الضال «و هى الصغرى» و ذلك للاشكال فى كون المثالين من مصاديق الكبرى.

اذ المراد ببعض العلماء المجوزين لبيع الآبق «الاسكافى» و ذلك اجاز فى صورة ضمان البائع، فلا غرر.

و الاجماع على القدرة انما كان لأجل انه بدونها غرر.

و اما تردده فى الضال فلأن المستند للمجمعين يمكن ان يكون نهى النبي صلّى اللّه عليه و آله عن الغرر، و فى بيع الضال لا غرر- لما تقدم فى كلام اللمعة من الفرق بين الآبق و الضال-.

ص: 386

و كيف كان فهل يلحق بالبيع الصلح عما يتعذر تسليمه؟ فيعتبر فيه القدرة على التسليم، وجهان، بل قولان، من عمومات الصلح، و ما علم من التوسع فيه لجهالة المصالح عنه اذا تعذر او تعسّر معرفته بل مطلقا

و اختصاص الغرر المنفى بالبيع.

______________________________

و من هذا ظهر زيف التنافى الثانى الّذي اشرنا إليه بقولنا: «ثم كيف فرق الخ» و ذلك لأنك قد عرفت الفرق بين الآبق و الضال، فتأمل.

(و كيف كان فهل يلحق بالبيع) فى اعتبار القدرة على التسليم (الصلح عما يتعذر تسليمه) كما لو صالح عن عبده الآبق (فيعتبر فيه القدرة على التسليم) أم لا يلحق بالبيع، فلا يعتبر فيه القدرة على التسليم (وجهان، بل قولان).

وجه عدم الاعتبار (من عمومات الصلح، و ما علم من التوسع فيه) فان مبنى الصلح على التساهل و التسامح (لجهالة المصالح عنه اذا تعذر او تعسّر معرفته).

كما اذا علم زيد ان لعمرو على ذمته حقا، لكنه لم يعلم ان حقّه حق ملك، او حق تحجير، او حق دعوى فى مسألة قضاء، او غيرها، فانه يصح لزيد ان يصالح عمروا عن حق عمرو عليه، بدينار مثلا (بل مطلقا) حتى اذا لم يتعذر، و لا يتعسر معرفة المصالح عنه.

(و) ان قلت: دليل لا غرر، يشمل الصلح أيضا.

قلت: الظاهر (اختصاص الغرر المنفى بالبيع) اذ الحديث نهى النبي صلّى اللّه عليه و آله عن بيع الغرر، هذا هو وجه عدم اعتبار القدرة

ص: 387

و من ان الدائر على السنة الأصحاب نفى الغرر من غير اختصاص بالبيع، حتى انهم يستدلون به فى غير المعاوضات كالوكالة فضلا عن المعاوضات كالاجارة، و المزارعة، و المساقات، و الجعالة بل قد يرسل فى كلماتهم عن النبي صلّى اللّه عليه و آله انه نهى عن الغرر و قد رجح بعض الاساطين جريان الاشتراط فيما لم يبن على المسامحة من الصلح.

و ظاهر المسالك فى مسألة رهن ما لا يقدر على تسليمه

______________________________

فى باب الصلح.

(و) اما وجه اعتبار القدرة (من ان الدائر على السنة الأصحاب نفى الغرر من غير اختصاص بالبيع، حتى انهم يستدلون به) اى بأن الغرر موجب للبطلان (فى غير المعاوضات كالوكالة) فاذا كانت الوكالة غررية كانت باطلة، كما لو قال: وكلت فى القيام بشأن مجهول من شئونى (فضلا عن المعاوضات كالاجارة، و المزارعة، و المساقات، و الجعالة) فاللازم ان يكون الصلح أيضا كذلك، اذا كان غرريا يكون باطلا (بل قد يرسل فى كلماتهم) و الخبر مذكور فى مستدرك الوسائل (عن النبي صلّى اللّه عليه و آله انه نهى عن الغرر و قد رجّح بعض الاساطين) التفصيل ب (جريان الاشتراط) اى اشتراط عدم الغرر (فيما لم يبن على المسامحة من الصلح) فالمصلح المبنى على المسامحة لا غرر فيه، و الصلح غير المبنى على المسامحة فيه الغرر.

(و ظاهر المسالك فى مسألة رهن ما لا يقدر على تسليمه) كرهن

ص: 388

على القول بعدم اشتراط القبض فى الرهن جواز الصلح عليه.

و اما الضال و المجحود، و المغضوب، و نحوها مما لا يقدر على تسليمه، فالأقوى فيها عدم الجواز، وفاقا لجماعة، للغرر المنفى المعتضد بالاجماع المدعى على اشتراط القدرة على التسليم، الا ان يوهن بتردد مدعيه- كالعلامة فى التذكرة- فى صحة بيع الضال منفرد او يمنع الغرر خصوصا فيما يراد عتقه بكون المبيع قبل القبض مضمونا على البائع

______________________________

الآبق (على القول بعدم اشتراط القبض فى الرهن).

اما على القول باشتراط القبض فى الرهن فلا يصح مطلقا لأن شرط القبض مفقود (جواز الصلح عليه) بأن يقوم الصلح مقام الرهن، و حيث ان الرهن الغررى لا يصح، نجعل مكان الرهن الصلح، لان الصلح الغررى لا بأس به، هذا تمام الكلام فى بيع الآبق الّذي عنونا المسألة به.

(و اما الضال و المجحود، و المغصوب، و نحوها) كالمدفون فى مكان مجهول (مما لا يقدر على تسليمه، فالأقوى فيها عدم الجواز) اى عدم جواز بيعها (وفاقا لجماعة) من الفقهاء (للغرر المنفى المعتضد) دليل نفى الغرر (بالاجماع المدعى على اشتراط القدرة على التسليم، الا ان يوهن) الاجماع (بتردد مدعيه- كالعلامة فى التذكرة- فى صحة بيع الضال منفردا).

و اذا كان الأمر اجماعا كيف يتردد عليه (و يمنع الغرر خصوصا فيما يراد عتقه) بأن كان الضال عبدا مثلا و اراد المشترى ان يعتقه (بكون المبيع قبل القبض مضمونا على البائع).

ص: 389

و اما فوات منفعته مدة رجاء الظفر به، فهو ضرر قد اقدم عليه.

و جهالته غير مضرة، مع امكان العلم بتلك المدة، كضالة يعلم انها لو لم توجد بعد ثلاثة ايام فلن توجد بعد ذلك

______________________________

فانه لا يخلو الأمر عن ثلاثة لأنه اما ان يجد الضال فورا، او بعد مدة او لا يجد اصلا.

اما اذا وجده- بعد العقد فورا- فلا غرر.

و اما اذا لم يجده فالتلف قبل القبض من مال مالكه فلا غرر أيضا على المشترى.

و اما اذا وجده بعد مدة، فان فوائده فى تلك المدة و ان خسرها المشترى لكنه هو الّذي اقدم على هذه الخسارة و الانسان اذا اقدم على الضرر، لم يكن ينفيه دليل: لا ضرر.

و الى هذا أشار بقوله:

(و اما فوات منفعته) اى منفعة المبيع (مدة رجاء الظفر به، فهو ضرر قد اقدم عليه) المشترى.

(و) ان قلت: لا نقول بالبطلان من جهة الضرر حتى تقولوا، انه بنفسه قد اقدم على هذا الضرر، بل انه باطل من حيث الجهالة بتلك المدة.

قلت: (جهالته) اى جهالة ذلك الضرر (غير مضرة، مع امكان العلم بتلك المدة، كضالة يعلم انها لو لم توجد بعد ثلاثة ايام فلن توجد بعد ذلك) فان المدة و ان كانت مجهولة، لكنها آئلة الى العلم، و لا دليل على بطلان مثل هذه الجهالة، و انما الجهالة الموجبة للبطلان الجهالة

ص: 390

و كذا فى المغصوب و المنهوب.

و الحاصل: انه لا غرر عرفا بعد فرض كون اليأس عنه فى حكم التلف المقتضى لانفساخ البيع من اصله.

و فرض عدم تسلط البائع على مطالبته بالثمن لعدم تسليم المثمن فانه لا خطر حينئذ فى البيع خصوصا مع العلم بمدة الرجاء التى يفوت الانتفاع بالبيع فيها، هذا.

______________________________

المطلقة (و كذا) الكلام (فى) بيع (المغصوب و المنهوب) فيصح بيعها.

(و الحاصل: انه لا غرر عرفا بعد فرض كون اليأس عنه فى حكم التلف المقتضى لانفساخ البيع من اصله).

فمع وجد انه لا غرر، و مع عدم الوجد ان يبطل البيع، فلا غرر أيضا.

(و) ان قلت: الثمن يبقى مدة عند البائع، حتى يتبين البطلان و هذا ضرر على المشترى.

قلت: هذا غير صحيح بعد (فرض عدم تسلط البائع على مطالبته) اى مطالبة المشترى (بالثمن) و انما لا يحق له المطالبة (لعدم تسليم المثمن) اذ لا يحق لكل من الطرفين تسليم ما بيده الا مقارنا لتسليم الاخر ما عنده (فانه لا خطر حينئذ فى البيع خصوصا مع العلم بمدة الرجاء التى يفوت الانتفاع بالبيع فيها) اى فى تلك المدة، و هذا عبارة اخرى عما ذكره بقوله «مع امكان العلم بتلك المدة الخ» (هذا) غاية ما يقال فى صحة بيع الضال و نحوه.

ص: 391

و ليكن يدفع جميع ما ذكر ان المنفى فى حديث الغرر- كما تقدم هو ما كان غررا فى نفسه عرفا مع قطع النظر عن الأحكام الشرعية الثابتة للبيع.

و لذا قوينا فيما سلف جريان نفى الغرر فى البيع المشروط تأثيره شرعا بالتسليم.

و

______________________________

(و ليكن يدفع جميع ما ذكره) من الاستدلال لصحة البيع (ان المنفى فى حديث الغرر- كما تقدم-) تفسير الحديث (هو ما كان غررا فى نفسه عرفا مع قطع النظر عن الأحكام الشرعية الثابتة للبيع) كوجوب التسليم و نحوه.

(و لذا) الّذي ذكرنا من «قطع النظر عن الأحكام الخ» (قوينا فيما سلف جريان نفى الغرر فى البيع المشروط تأثيره شرعا بالتسليم) كالصرف و السلم،

فان بعضا قالوا، لا غرر فى الصرف و السلم، لأنه قبل التسليم لا يتحقق البيع، و بعد التسليم لا غرر.

فأجبنا عنهم بأن المناط الصدق العرفى، و العرف يرى وجود الغرر قبل التسليم، و ان التسليم من الأحكام الشرعية، فالبيع غرر، و كلما كان غرريا، كان باطلا.

(و) نقول: بمثل ذلك فى باب الضال و المجحود، فانه و ان كان المبيع قبل القبض فى ضمان البائع لما ورد من ان التلف قبل القبض من

ص: 392

من المعلوم: ان بيع الضال و شبهه ليس محكوما عليه فى العرف بكونه فى ضمان البائع بل يحكمون- بعد ملاحظة اقدام المشترى على شرائه بكون تلفه منه فى الانفساخ بالتلف حكم شرعى عارض للبيع الصحيح الّذي ليس فى نفسه غررا عرفا.

و مما ذكر يظهر انه لا يجدى فى رفع الغرر الحكم بصحة البيع مراعى بالتسليم. فان تسلم قبل مدة لا يفوت

______________________________

مال مالكه، الا ان هذا من الأحكام الشرعية، و الا فالعرف يرى وقوع البيع و ان البيع غررى، فيشمله دليل: نفى الغرر.

اذ (من المعلوم: ان بيع الضال و شبهه) كالمجحود (ليس محكوما عليه فى العرف بكونه فى ضمان البائع) بل هذا حكم شرعى (بل يحكمون بعد ملاحظة اقدام المشترى على شرائه) اى شراء الضال- مثلا- (بكون تلفه منه) اى من المشترى (فى الانفساخ ب) سبب (التلف حكم شرعى عارض للبيع الصحيح الّذي ليس فى نفسه غررا عرفا) فلا ربط له برفع الغرر مما هو بيع غررى، كبيع الضال، و عليه فيشمله دليل: نفى الغرر.

(و مما ذكر) من انه بيع غررى عرفا، فيشمله دليل نفى الغرر (يظهر انه لا يجدى فى رفع الغرر الحكم بصحة البيع مراعى بالتسليم).

و اراد القائل بهذا رفع الضرر عن المشترى، لأنه ان سلّم لا ضرر و لا غرر فالبيع صحيح، و ان لم يسلّم حيث كان الضرر و الغرر كان البيع باطلا.

(فان تسلم) المشترى المتاع (قبل مدة) مديدة بحيث (لا يفوت

ص: 393

الانتفاع المعتد به و الا تخير بين الفسخ و الامضاء، كما استقر به فى اللمعة، فان ثبوت الخيار حكم شرعى عارض للبيع الصحيح الّذي فرض فيه العجز عن تسلّم المبيع، فلا يندفع به الغرر الثابت عرفا فى البيع المبطل له لكن قد مرت المناقشة فى ذلك بمنع اطلاق الغرر على مثل هذا بعد اطلاعهم على الحكم الشرعى اللاحق للمبيع

______________________________

الانتفاع المعتد به) كان البيع صحيحا (و الا تخير بين الفسخ و الامضاء) فان فسخ فلا بيع، و ان امضى فقد اقدم هو على ضرر نفسه، و الانسان لو اقدم على ضرر نفسه لم يشمله دليل: لا ضرر و لا ضرار (كما استقر به فى اللمعة) اى قال الأقرب الحكم بصحة البيع مراعى.

و انما لا يجدى هذا الكلام من اللمعة (فان ثبوت الخيار حكم شرعى عارض للبيع الصحيح الّذي فرض فيه) اى فى ذلك البيع الصحيح (العجز عن تسلّم) المشترى (المبيع) يعنى اذا لم يكن البيع غرريا ثبت فيه الخيار فيما اذا عجز المشترى على تسلم المبيع (فلا يندفع به) اى بالخيار (الغرر الثابت عرفا فى البيع المبطل) ذلك الغرر (له) اى لذلك البيع.

هذا و (لكن قد مرت المناقشة فى ذلك) اى فى كون ان نفى الغرر بالنسبة الى ما كان غررا فى نفسه عرفا مع قطع النظر عن الأحكام الشرعية (بمنع اطلاق الغرر على مثل هذا) الغرر العرفى (بعد اطلاعهم على الحكم الشرعى اللاحق للمبيع).

فان المبيع بأحكامه الشرعية اللاحقة له اما غرر او ليس بغرر، لا ان

ص: 394

من ضمانه قبل العلم، و من عدم التسلط على مطالبته الثمن فافهم.

و لو فرض اخذ المتبايعين لهذا الخيار فى متن العقد، فباعه على ان يكون له الخيار اذا لم يحصل المبيع فى يده الى ثلاثة أيام، امكن جوازه لعدم الغرر حينئذ عرفا.

______________________________

المبيع مجردا عن الأحكام الشرعية اما غرر و اما ليس بغرر (من ضمانه قبل العلم، و من عدم التسلط على مطالبته الثمن) «من» بيان «الحكم الشرعى» اى ان العرف يرى انه هل يضمن شرعا المبيع قبل التسليم؟

فان كان مضمونا على البائع، لا يرى انه غرر، و ان لم يكن مضمونا يرى انه غرر، و كذلك يرى العرف هل انه يسلط المشترى على المطالبة فهو غرر، او لا يسلط فهو غرر (فافهم) فان العرف يرى الغرر و ان عرف الحكم الشرعى.

و حيث ان الظاهر من ادلة نفى الغرر، الغرر العرفى، فليس المناط فيه الغرر الشرعى، كسائر الموضوعات التى علق عليها الأحكام اثباتا او نفيا.

(و لو فرض اخذ المتبايعين لهذا الخيار) اى خيار الفسخ اذا لم يسلم البائع المبيع فى مدة لا يفوت الانتفاع المعتد به (فى متن العقد، فباعه على ان يكون له) اى للمشترى (الخيار اذا لم يحصل المبيع فى يده الى ثلاثة أيام، امكن جوازه) اى جواز البيع (لعدم الغرر حينئذ) اى حين هذا الشرط (عرفا) اذ المشترى يعلم انه اما ان يحصل بيده المال خلال الثلاثة او يبقى ثمنه كما كان.

ص: 395

و لذا لا يعد بيع العين غير المرئية الموصوف بالصفات المعينة من بيع الغرر، لأن ذكر الوصف بمنزلة اشتراطه فيه الموجب للتسلط على الرد.

و لعله لهذا اختار فى محكى المختلف تبعا للاسكافى- جواز بيع الآبق اذا ضمنه البائع، فان الظاهر منه اشتراط ضمانه.

و عن حاشية الشهيد ظهور الميل إليه و

______________________________

(و لذا) الّذي ذكرنا بأنه لا غرر عرفا (لا يعد بيع العين غير المرئية الموصوف بالصفات المعينة) الرافعة للغرر عرفا (من بيع الغرر) و ان احتمل عدم وجود تلك الصفات فى المبيع (لان ذكر الوصف بمنزلة اشتراطه) اى الوصف (فيه) اى فى البيع.

فلا فرق بين ان يقول: بعتك الدابة، بشرط أن تكون بيضاء سمينة، او ان يقول: بعتك الدابة البيضاء السمينة (الموجب) ذلك الاشتراط (للتسلط على الرد) اذا لم يجد المشترى الوصف كما قال البائع.

(و لعله لهذا) الّذي ذكرنا من انه لا غرر عرفا اذا جعل المشترى الخيار لنفسه لمدة معينة (اختار فى محكى المختلف- تبعا للاسكافى- جواز بيع الآبق اذا ضمنه البائع) بأن قال: ان جاء فلك، و ان لم يجي ء فأنت لست مسئولا و انا ضامن له (فان الظاهر منه) اى من هذا الكلام الّذي ذكره المختلف و الاسكافى (اشتراط ضمانه) اى ان البائع يشترط ضمان نفسه فيما اذا لم يأت الآبق.

(و عن حاشية الشهيد ظهور الميل إليه) اى الى كلام المختلف (و

ص: 396

ان كان قد يرد على هذا عدم اندفاع الغرر باشتراط الضمان فتأمل.

______________________________

ان كان قد يرد على هذا) الكلام الّذي ذكره المختلف (عدم اندفاع الغرر باشتراط الضمان) اذ الغرر أمر عرفى و هو صادق هنا (فتأمل) حيث ان الغرر انما يكون اذا كان الثمن فى الخطر، و لا خطر فى مقام الاشتراط.

ص: 397

مسئلة يجوز بيع الآبق مع الضميمة فى الجملة

كما عن الانتصار، و كشف الرموز، و التنقيح، بل بلا خلاف كما عن الخلاف حاكيا فيه كما عن الانتصار اطباق العامة على خلافه.

و ظاهر الانتصار خروج البيع بالضميمة عن كونه غررا حيث حكى احتجاج العامة بالغرر فانكره مع الضميمة، و فيه اشكال.

و الأولى لنا التمسك قبل الاجماعات المحكية المعتضدة بمخالفة من جعل الرشد فى مخالفتهم

______________________________

(مسألة: يجوز بيع الآبق مع الضميمة فى الجملة) فى مقابل السلب الكلى (كما عن الانتصار، و كشف الرموز، و التنقيح، بل بلا خلاف كما عن الخلاف) لشيخ الطائفة (حاكيا فيه) اى فى الخلاف (كما) حكى أيضا (عن الانتصار) للسيد المرتضى (اطباق العامة على خلافه) و انه لا يجوز بيع الآبق.

(و ظاهر الانتصار خروج البيع بالضميمة عن كونه غررا) فليس هذا استثناء عن عدم جواز بيع الغرر، و انما هو تخصّص (حيث حكى) الانتصار (احتجاج العامة) لعدم الجواز (بالغرر) و انه بيع غررى (فانكره) اى كونه غررا اذا كان المبيع الآبق (مع الضميمة، و فيه) اى فى كلام الانتصار (اشكال) لأنه غرر عرفا فهو من باب التخصيص، لا من باب التخصص.

(و الأولى لنا التمسك قبل الاجماعات المحكية المعتضدة بمخالفة من جعل الرشد فى مخالفتهم) من العامة و «جعل» بصيغة المجهول

ص: 398

بصحيحة رفاعة النخاس قال: قلت: لأبى الحسن عليه السلام، أ يصلح ان اشترى من القوم الجارية الآبقة و اعطيهم الثمن، و أطلبها انا؟

قال عليه السلام: لا يصلح شرائها الا ان تشترى منهم ثوبا او متاعا، فتقول لهم اشترى منكم جاريتكم فلانة و هذا المتاع بكذا و كذا درهما، فان ذلك جائز، و موثقة سماعة عن ابى عبد اللّه عليه السلام فى الرجل قد يشترى العبد و هو آبق عن اهله، قال عليه السلام: لا يصلح الا ان يشترى معه شيئا، فيقول اشترى منك هذا الشي ء و عبدك بكذا و كذا درهما، فان لم يقدر على العبد كان الّذي نقده فيما اشترى معه.

______________________________

اشارة الى قوله عليه السلام: خذ ما خالف العامة فان الرشد فى خلافهم (بصحيحة رفاعة النخاس) بالخاء المعجمة، و هو بائع العبيد (قال:

قلت: لأبى الحسن عليه السلام، أ يصلح ان اشترى من القوم الجارية الآبقة و اعطيهم الثمن، و أطلبها) اى الجارية (انا) كيما اجدها واردها من الإباق (قال عليه السلام: لا يصلح شرائها الا ان تشترى منهم ثوبا او متاعا) معها (فتقول لهم اشترى منكم جاريتكم فلأنه و هذا المتاع بكذا و كذا درهما، فان ذلك) البيع لها مع الضميمة (جائز، و موثقة سماعة عن ابى عبد اللّه عليه السلام فى الرجل قد يشترى العبد و هو آبق عن اهله قال عليه السلام: لا يصلح الا ان يشترى معه شيئا) آخر (فيقول اشترى منك هذا الشي ء و عبدك بكذا و كذا درهما) فانه يصح (فان لم يقدر على العبد كان الّذي نقده فيما) اى فى مقابل ما (اشترى معه) فلا يذهب ثمنه هباء.

ص: 399

و ظاهر السؤال فى الأولى.

و الجواب فى الثانية الاختصاص بصورة رجاء الوجدان و هو الظاهر أيضا من معاقد الاجماعات المنقولة.

فالمأيوس- عادة- من الظفر به الملحق بالتالف لا يجوز جعله جزءا من المبيع، لأن بذل جزء من الثمن فى مقابله لو لم يكن سفها او اكلا للمال بالباطل، لجاز جعله ثمنا يباع به مستقلا، فالمانع عن استقلاله

______________________________

(و ظاهر السؤال فى) الرواية (الأولى) حيث قال «و اطلبها انا».

(و الجواب فى) الرواية (الثانية) حيث قال عليه السلام: «فان لم يقدر» (الاختصاص) لجواز البيع مع الضميمة (بصورة رجاء الوجدان و هو الظاهر أيضا من معاقد الاجماعات المنقولة) اذ لو لا رجاء الوجدان لم يكن وجه لطلبها، و لا وجه لقوله عليه السلام: فان لم يقدر، فانك لا تقول ان لم تقدر على تحريك هذا الجبل، و انما تقول «ان» اذا كان محتملا للأمرين.

(فالمأيوس- عادة- من الظفر به الملحق بالتالف) عرفا (لا يجوز جعله جزءا من المبيع).

و انما لا يجوز (لأن بذل) المشترى (جزء من الثمن فى مقابله) اى مقابل الآبق المأيوس منه (لو لم يكن سفها) و المعاملة السفهائية باطلة (او اكلا للمال بالباطل) فيشمله قوله تعالى: لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل (لجاز جعله ثمنا) اى جعل ذلك الجزء (يباع به) اى بهذا الجزء الآبق (مستقلا) اذا (فالمانع عن استقلاله

ص: 400

بالبيع مانع عن جعله جزء مبيع، للنهى عن الغرر السليم عن المخصص.

نعم يصح تملكه على وجه التبعية للمبيع باشتراط، و نحوه و أيضا الظاهر اعتبار كون الضميمة مما يصح بيعها،

______________________________

بالبيع مانع عن جعله جزء مبيع) و ذلك (للنهى عن الغرر السليم عن المخصص).

لكن ربما يقال: ان كان الاستدلال بالحديث فلا دلالة فيه اذ ما ذكر من الدلالة ضعيف للغاية و ان كان ربما يلتفت إليه بعد الالفات، و الغرر لو كان موجبا لم يكن فرق بين البيع مستقلا او تبعا، و كثيرا ما لا يجوز بيع الشي ء مستقلا و يجوز تبعا، كما لو جهل مقدار الجزء و علم مقدار الكل، او جهل ثمن الجزء و علم ثمن الكل، فانه لا يصح بيع الجزء و يصح بيع الكل.

(نعم يصح تملكه على وجه التبعية للمبيع باشتراط، و نحوه) على نحو الشرط الّذي ذكرنا فى المسألة السابقة انه يجوز بيع الآبق وحده مع الشرط- لأنه ليس بغرر-.

و المراد بنحو الشرط جعل مدة الظفر بالآبق محل انصباب العقد فقد يقول اشترى منك الثوب و الآبق «المأيوس عن وجدانه» بشرط انه اذا لم اجده فلى الفسخ، و قد يقول اشترى منك العبد الّذي اجده الى مدة كذا (و أيضا) كما استظهرنا رجاء الوجدان، فى صحة بيع الآبق مع الضميمة (الظاهر اعتبار كون الضميمة مما يصح بيعها) فيصح حينئذ بيع العبد الآبق مع الضميمة.

ص: 401

و اما صحة بيعها منفردة، فلا يظهر من الرواية، و لا يكفى ضم المنفعة الا اذا فهمنا من قوله: فان لم يقدر، الى آخر الرواية تعليل الحكم بوجود ما يمكن مقابلته بالثمن، فيكون ذكر اشتراء الضميمة معه من باب المثال او كناية عن نقل مال او حق عليه مع الآبق، لئلا يخلو الثمن عن المقابل،

______________________________

(و اما صحة بيعها) اى الضميمة (منفردة، فلا يظهر من الرواية، و لا يكفى ضم المنفعة) الى الآبق، كأن يقول: بعتك الآبق و منفعة هذه الدار سنة بكذا دينارا، اذ المنفعة لا يصح بيعها مجردة، فان البيع مبادلة مال بمال، و قد تقدم ان المال هو العين، لا المنفعة (الا اذا فهمنا من قوله: فان لم يقدر، الى آخر الرواية تعليل الحكم) بالجواز مع الضميمة (بوجود ما يمكن مقابلته بالثمن) سواء يصح بيع الضميمة منفردة كالعين- أم لا، كالمنفعة (فيكون ذكر اشتراء الضميمة معه من باب المثال) فان الامام عليه السلام: انما قال لفظ «الاشتراء» بالنسبة الى الضميمة باعتبار كون «ما يشترى» مقابلا للثمن، لا باعتبار لزوم صدق «الاشتراء» حتى يوجب خروج مثل «المنفعة» مما لا يصح شرائه (او) ان لفظ «الاشتراء» فى الرواية (كناية عن نقل مال او حق عليه) اى على البائع، اى جعل حق للمشترى على نفسه، نقلا (مع الآبق، لئلا يخلو الثمن عن المقابل) البيع سبب للنقل، و الكناية ذكر السبب و إرادة المسبب، فقد ذكر الامام عليه السلام بيع الثوب و أراد مطلق النقل، لأن النقل مسبب عن البيع، و الفرق بين «المثال» و «الكناية» ان فى الكناية يلزم السببية و المسببية، و ليس كذلك المثال.

ص: 402

فتأمل.

ثم انه لا اشكال فى انتقال الآبق الى المشترى الا انه لو بقى على اباقه و صار فى حكم التالف لم يرجع على البائع بشي ء و ان اقتضى قاعدة التلف قبل القبض استرداد ما قابله من الثمن، فليس معنى الرواية انه لو لم يقدر على الآبق وقعت المعاوضة على الضميمة و الثمن

______________________________

فلو قال اكرم زيدا- و اراد العالم، لا خصوص زيد- كان زيد مثالا، لا كناية، اذ ليس زيد سببا لسائر العلماء، بخلاف ما لو قال: بع الثوب، و اراد نقله بأى وجه كان، لا خصوص البيع- فانه يصلح ان يكون كناية اذ البيع سبب النقل، فالقائل جعله كناية عن مطلق النقل (فتأمل) فانه كيف نحمل الشراء على العموم- كناية او مثالا- و ظاهر اللفظ يأباهما و لا دليل من الخارج على إرادة الاعم.

(ثم انه لا اشكال فى انتقال الآبق الى المشترى) اذا اشتراه مع الضميمة (الا انه لو بقى على اباقه و صار فى حكم التالف) كان لم يعلم اين هو؟ و مضت مدة طويلة (لم يرجع على البائع بشي ء) لأن المشترى هو الّذي اقدم على مثل هذا المال، و قد اجازه الشارع (و ان اقتضى قاعدة التلف قبل القبض استرداد ما قابله من الثمن).

فان القاعدة تقول: التلف قبل القبض من مال مالكه «ان» وصلية اى انا نقول بالقاعدة المذكورة، الا فى هذا المقام (فليس معنى الرواية انه لو لم يقدر) المشترى (على الآبق وقعت المعاوضة على الضميمة و و الثمن) بأن كان الثمن كلا فى مقابل الضميمة فقط، فليس الآبق مبيعا

ص: 403

ليكون المعاوضة على المجموع مراعاة لحصول الآبق فى يده كما يوهمه ظاهر المحكى عن كاشف الرموز، من ان الآبق ما دام ابقاء، ليس مبيعا فى الحقيقة و لا جزء مبيع، مع انه ذكر بعد ذلك ما يدل على إرادة ما ذكرنا، بل معناها انه لا يرجع المشترى بتعذر الآبق الّذي هو فى حكم التلف الموجب للرجوع بما يقابله التالف

______________________________

اصلا (ليكون) تفريع على كون المعاوضة بين الضميمة فقط و الثمن (المعاوضة على المجموع) الآبق و الضميمة (مراعاة) و معلقة (لحصول الآبق فى يده) اى يد المشترى، فان حصل الآبق فى يد المشترى كان الثمن بإزاء المجموع و ان لم يحصل كان الثمن بإزاء الضميمة فقط (كما يوهمه) اى كون المعاوضة مراعاة (ظاهر المحكى عن كاشف الرموز).

و حاصل كلام كاشف الرموز (من ان الآبق ما دام آبقا، ليس مبيعا فى الحقيقة و لا جزء مبيع).

و انما ننفى هذا الكلام، لأن الظاهر من بيع الآبق مع الضميمة ان الآبق جزء، سواء تمكن المشترى عليه، أم لا (مع انه) اى كاشف الرموز (ذكر بعد ذلك) اى بعد هذا الكلام (ما يدل على إرادة ما ذكرنا) من انه صار ملكا للمشترى فان بقى على اباقه لم يرجع المشترى على البائع بشي ء جزما، لقاعدة «التلف قبل القبض من مال مالكه» (بل معناها) اى معنى الرواية (انه لا يرجع المشترى ب) سبب (تعذر الآبق) التعذر (الّذي هو فى حكم التلف) التلف (الموجب للرجوع) الى البائع، اذا تلف المثمن قبل القبض (بما) اى بمقدار من الثمن (يقابله التالف) الضمير

ص: 404

بما يقابله من الثمن.

و لو تلف قبل اليأس ففى ذهابه على المشترى اشكال.

و لو تلفت الضميمة قبل القبض، فان كان بعد حصول الآبق فى اليد فالظاهر الرجوع بما قابله الضميمة،

______________________________

عائد الى «ما» و «بما» متعلق ب «الرجوع» (بما يقابله من الثمن) متعلق ب «لا يرجع» اى لا يرجع المشترى «بما يقابل التالف من الثمن» و إن كان مقتضى القاعدة «الرجوع بما يقابله التالف».

(و لو تلف) الآبق (قبل اليأس) من الظفر به (ففى ذهابه على المشترى اشكال) بل يحتمل ان يكون ذاهبا على البائع لقاعدة: التلف قبل القبض من مال مالكه.

و انما نحتمل هذا، لأنه ان كان تلف بعد اليأس، كان ذاهبا من كيس المشترى قطعا، حيث ان المشترى هو الّذي أقدم على ذلك، اما اذا تلف قبل اليأس، فالمشترى لم يقدم على ذلك، فتشمله قاعدة: التلف قبل القبض.

(و لو تلفت الضميمة قبل القبض) كما لو باع الآبق و كتابا ثم تلف الكتاب قبل ان يقبضه (فان كان) تلف الضميمة (بعد حصول الآبق فى اليد) بان حصل المشترى على العبد ثم تلف الكتاب عند البائع (فالظاهر الرجوع) اى رجوع المشترى (بما قابله الضميمة) اى بالمقدار من الثمن الّذي يقابل الكتاب.

فان كان الثمن مائة و مقابل الكتاب عشرة رجع المشترى الى البائع

ص: 405

لا مجموع الثمن، لأن الآبق لا يوزع عليه الثمن ما دام آبقا لا بعد الحصول فى اليد، و كذا لو كان بعد اتلاف المشترى له مع العجز عن التسلّم كما لو ارسل إليه طعاما مسموما لأنه بمنزلة القبض.

و ان كان قبله ففى انفساخ البيع فى الآبق تبعا للضميمة

______________________________

بعشرة فقط (لا مجموع الثمن) فلا يحق للمشترى ان يقول للبائع اعطنى كل المائة.

و انما يتوهم حقه فى الرجوع الى كل الثمن بحجة ان الآبق ليس مقابلا للثمن، و انما مقابل الثمن الكتاب فقط، فاذا تلف الكتاب كان للمشترى ان يأخذ كل الثمن.

و انما نرد هذا التوهم (لأن الآبق لا يوزع عليه الثمن ما دام آبقا لا بعد الحصول فى اليد) فاذا حصل الآبق فى اليد وزع عليه الثمن فيكون تسعون من الثمن فى مقابل العبد، و عشرة فى مقابل الكتاب، فاذا تلف الكتاب كان للمشترى حق الرجوع الى عشرة فقط (و كذا) لا يرجع المشترى الى مجموع الثمن لو تلف الضميمة (لو كان) تلف الضميمة (بعد اتلاف المشترى له) اى للآبق (مع العجز عن التسلّم) اى تسلم الآبق (كما لو ارسل) المشترى (إليه) اى الى العبد (طعاما مسموما) فقتله (لأنه) اى اتلافه (بمنزلة القبض) فان المتلف ضامن.

(و ان كان) تلف الضميمة (قبله) اى قبل الحصول الآبق فى اليد (ففى انفساخ البيع فى الآبق تبعا للضميمة) لأن المصحح لبيع الآبق هو الضميمة، فاذا فسدت الضميمة بتلفها من ملك البائع، انفسخ بيع

ص: 406

او بقائه بما قابله من الثمن وجهان، من ان العقد على الضميمة اذا صار كأن لم تكن تبعه العقد على الآبق لأنه كان سببا فى صحته.

و من انه كان تابعا له فى الحدوث فاذا تحقق تملك المشترى له، فاللازم من جعل الضميمة كأن لم يعقد عليها رأسا، هو انحلال المقابلة الحاصلة بينه، و بين ما يخصه من الثمن لا الحكم الآخر الّذي كان يتبعه فى الابتداء

______________________________

الآبق، لأنه صار بدون ضميمة (او بقائه) اى بيع الآبق (بما قابله من الثمن) كالتسعين فى المثال (وجهان).

وجه الانفساخ (من ان العقد على الضميمة اذا صار كأن لم تكن) بسبب تلفه قبل القبض (تبعه العقد على الآبق) فى الانفساخ (لأنه) اى البيع على الضميمة (كان سببا فى صحته) اى فى صحة بيع الآبق.

(و) وجه عدم الانفساخ (من انه) اى الآبق (كان تابعا له) اى لبيع الضميمة (فى الحدوث فاذا تحقق تملك المشترى له) اى الضميمة.

اى انه اذا تحقق تملك المشترى للضميمة، كان بيع الآبق تابعا له فى الحدوث (فاللازم من جعل الضميمة كأن لم يعقد عليها رأسا) و ذلك فيما اذا تلف قبل القبض (هو انحلال المقابلة الحاصلة بينه) اى بين الضميمة- و تذكير الضمير باعتبار «المتاع» مثلا- (و بين ما يخصه من الثمن) كالعشرة فى المثال، و عليه فلا يبطل البيع بالنسبة الى الآبق (لا الحكم الآخر) اى عدم صحة البيع بالنسبة الى الآبق (الّذي كان) ذلك الحكم الآخر (يتبعه) اى يتبع الضميمة (فى الابتداء) حتى يقال

ص: 407

لكن ظاهر النص انه لا يقابل الآبق بجزء من الثمن اصلا، و لا يوضع له شي ء منه ابدا على تقدير عدم الظفر به.

و من هنا ظهر حكم ما لو فرض فسخ العقد من جهة الضميمة فقط، لاشتراط خيار يخص بها.

______________________________

انه كما اذا لم تكن الضميمة فى الابتداء كان بيع الآبق باطلا، كذلك اذا لم تكن الضميمة بعد ذلك بأن تلفت الضميمة.

(لكن) الظاهر انه لو تلف الكتاب كان للمشترى الحق فى ان يسترجع كل الثمن.

اذ (ظاهر النص انه لا يقابل الآبق بجزء من الثمن اصلا، و لا يوضع) اى لا يطرح (له) اى للآبق (شي ء منه) اى من الثمن (ابدا على تقدير عدم الظفر به) اى بالآبق.

و عليه فاذا كان الثمن كله فى مقابل الكتاب و تلف الكتاب، كان للمشترى الرجوع فى المائة دينار كله، لا فى العشرة فقط.

(و من هنا) الّذي ذكرنا حكم تلف الضميمة قبل القبض (ظهر حكم ما لو فرض فسخ العقد)- لا الانفساخ بسبب تلف الضميمة، كما كان هو الفرع السابق- (من جهة الضميمة فقط، لاشتراط خيار يخص بها) اى بالضميمة.

كما لو قال: اشتريت منك الآبق و الكتاب بمائة، ولى خيار فسخ الكتاب، ثم فسخ الكتاب، فان فيه احتمالين:

احتمال انفساخ كل العقد، او العقد بالنسبة الى الكتاب فقط.

ص: 408

نعم لو عقد على الضميمة فضولا و لم يجز مالكها، انفسخ العقد بالنسبة الى المجموع.

ثم لو وجد المشترى فى الآبق عيبا سابقا اما بعد القدرة عليه او قبلها كان له الرجوع بارشه كذا قيل.

______________________________

(نعم لو عقد) البائع (على الضميمة فضولا) بأن باع زيد عبده الآبق و كتاب عمرو بمائة و (لم يجز مالكها، انفسخ العقد بالنسبة الى المجموع) لأن العقد بالنسبة الى المجموع لم يتحقق اصلا، و عقد الآبق فقط لا يصح.

(ثم لو وجد المشترى فى الآبق عيبا سابقا) على العقد (اما بعد القدرة عليه) اى على الآبق (او قبلها) اى قبل القدرة (كان له الرجوع بارشه) اى ارش العيب (كذا قيل).

ص: 409

مسئلة المعروف انه يشترط العلم بالثمن قدرا،

فلو باع بحكم احدهما بطل اجماعا، كما عن الخلاف، و التذكرة، و اتفاقا، كما عن الروضة، و حاشية الفقيه للسلطان، و فى السرائر، فى مسألة البيع بحكم المشترى ابطاله بان كل مبيع لم يذكر فيه الثمن فانه باطل، بلا خلاف بين المسلمين، و الأصل فى ذلك حديث: نفى الغرر المشهور بين المسلمين.

و يؤيده التعليل فى رواية حماد بن ميسرة عن

______________________________

(مسألة: المعروف) بين الفقهاء (انه يشترط العلم بالثمن قدرا) كأن يعلما ان الثمن عشرة او مائة مثلا (فلو باع) البائع المتاع (بحكم احدهما) كأن قال: بعتك الكتاب بأى مقدار شئت انا، او شئت انت (بطل) البيع (اجماعا، كما عن الخلاف، و التذكرة، و اتفاقا، كما عن الروضة، و حاشية) من لا يحضره (الفقيه للسلطان، و) قال ابن ادريس (فى السرائر، فى مسألة البيع بحكم المشترى ابطاله) اى انه قال: بأن البيع باطل (ب) سبب (ان كل مبيع لم يذكر فيه الثمن فانه باطل، بلا خلاف بين المسلمين، و الأصل فى ذلك) اى ان الدليل فى وجه البطلان (حديث: نفى الغرر، المشهور بين المسلمين) اذ البيع المجهول ثمنه غرر قطعا، و النهى الوارد فى الحديث يستفاد منه الوضع لا التكليف.

(و يؤيده) اى البطلان (التعليل فى رواية حماد بن ميسرة عن

ص: 410

جعفر عن ابيه عليهما السلام انه كره ان يشترى الثوب بدينار غير درهم لانه لا يدرى كم الدينار من الدرهم.

لكن فى صحيحة رفاعة النخاس ما ظاهره المنافاة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام، فقلت له: ساومت رجلا بجارية له فباعنيها بحكمى فقبضتها منه، ثم بعثت إليه بألف درهم، فقلت له: هذه الف درهم حكمى، عليك ان تقبلها فأبى ان يقبلها منّى و قد كنت مسستها قبل ان ابعث إليه بألف درهم، فقال عليه السلام: ارى ان تقوم

______________________________

جعفر عن ابيه عليهما السلام انه كره ان يشترى الثوب بدينار غير درهم لانه لا يدرى كم الدينار من الدرهم) اذ الدينار و الدرهم- فى ازمنة الروايات- كانا يختلفان نسبة، فربما كان قيمة الدرهم عشر قيمة الدينار و ربما اقل او اكثر.

(لكن فى صحيحة رفاعة النخاس ما ظاهره المنافاة) و انه يصح البيع اذا او كل الثمن بحكم احد المتبايعين (قال سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت له: ساومت رجلا بجارية له) بأن اشترى الجارية منه (فباعنيها بحكمى) اى بقيمة اعينها أنا (فقبضتها) اى الجارية (منه) اى من الرجل (ثم بعثت إليه بالف درهم، فقلت له: هذه الف درهم حكمى، عليك ان تقبلها فأبى ان يقبلها منّى) لان قيمتها كان فى نظر البائع اكثر من الألف (و قد كنت مسستها) وطئت الجارية (قبل ان ابعث إليه بألف درهم) فما ذا اصنع؟ (فقال عليه السلام: ارى ان تقوم

ص: 411

الجارية بقيمة عادلة فان كان قيمتها اكثر مما بعثتها إليه كان عليك ان ترد ما نقص من القيمة، و ان كان قيمتها اقل مما بعثت إليه فهو له قال قلت: أ رأيت ان اصبت بها عيبا بعد ان مسستها قال: ليس عليك ان تردها عليه و لك ان تأخذ قيمة ما بين الصحة و العيب لكن التأويل فيها متعين لمنافاة ظاهرها

______________________________

الجارية بقيمة عادلة) هى قيمة مثلها فى العرف (فان كان قيمتها اكثر مما بعثتها إليه) كما لو كان الف و خمسمائة مثلا (كان عليك ان ترد ما نقص من القيمة) بأن تعطيه الخمسمائة زيادة على الألف (و ان كان قيمتها اقل) كما لو كان ستمائة مثلا (مما بعثت إليه) كالألف فى المثال (فهو له) يحتمل ان يكون المراد من «فهو» الأقل.

و يحتمل ان يراد الألف.

اما الأول: فلأنه القيمة العادلة.

و اما الثانى: فلانه المقدار الّذي قصده المشترى، و قد علق الامر على قصده فهو اللازم لا الاقل (قال قلت: أ رأيت) اخبرنى (ان اصبت بها عيبا بعد ان مسستها) فهل لى ان اردها؟ و استرجع الألف؟ (قال ليس عليك) اى ليس لك (ان تردها عليه) لان الوطي يمنع الرد (و لك ان تأخذ قيمة ما بين الصحة و العيب) اى الأرش، فلو كانت قيمة الصحيحة الفا و المعيبة ثمانمائة، فله ان يسترد مأتين (لكن التأويل فيها متعين)

و انما يجب التأويل (لمنافاة ظاهرها) اى ظاهر لزوم القيمة العادلة

ص: 412

لصحة البيع و فساده.

فلا يتوهم جواز التمسك بها لصحة هذا البيع، اذ لو كان صحيحا لم يكن معنى لوجوب قيمة مثلها بعد تحقق البيع بثمن خاص.

نعم هى محتاجة الى ازيد من هذا التأويل بناء على القول بالفساد

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، إيصال الطالب إلى المكاسب، 16 جلد، منشورات اعلمى، تهران - ايران، اول، ه ق

إيصال الطالب إلى المكاسب؛ ج 9، ص: 413

______________________________

و ظاهر انه لا يحق له ردها بالعيب (لصحة البيع و فساده) اى ان هذه الرواية ظاهرها ينافى كون البيع صحيحا، و ينافى كون البيع فاسدا.

اما انه ينافى كون البيع صحيحا، لانه ان كان صحيحا لم يكن وجه للقيمة العادلة، اذ معنى الصحة كون اللازم القيمة المسماة لا المثل، و ان كان فاسدا لم يكن وجه لعدم تمكن المشترى من ارجاع الجارية حال كونها معيبة لانه ان كان البيع فاسدا كان المشترى قد وطى جارية الغير فعليه ان يردها و يرد اجرة الوطي.

(فلا يتوهم جواز التمسك بها) اى بهذه الرواية (لصحة هذا البيع) اى البيع الّذي يكون مجهول الثمن (اذ لو كان صحيحا لم يكن معنى لوجوب قيمة مثلها بعد تحقق البيع بثمن خاص) بل اللازم القيمة المسماة- و هى القيمة التى علقت على إرادة المشترى، و قد اراد اعطاء الألف-.

(نعم هى) الرواية (محتاجة الى ازيد من هذا التأويل) الّذي ذكرناه فى حال فرض كون البيع صحيحا (بناء على القول بالفساد)

اذ: بناء على الصحة يمكن توجيه الرواية بان الثمن اذا كان بنظر احدهما جاز.

ص: 413

بان يراد من قوله «باعنيها بحكمى» قطع المساومة على ان اقوّمها على نفسى بقيمتها العادلة فى نظرى حيث ان رفاعة كان نخاسا يبيع و يشترى الرقيق فقومها رفاعة على نفسه بألف درهم، اما معاطاة و اما مع إنشاء الايجاب وكالة، و القبول اصالة، فلما مسها و بعث الدراهم لم يقبلها المالك، لظهور غبن له فى البيع و ان رفاعة مخطئ فى القيمة

______________________________

اما بناء على الفساد، لا يمكن توجيه الرواية بانه كيف لم يجوّز له الامام عليه السلام ارجاع الجارية فى صورة العيب؟ مضافا الى ان الفساد مخالف لقوله: «باعنيها» و قوله: «لو لم يقبلها» و قوله: «ان كان قيمتها اكثر فعليك ان ترد» (بأن يراد) هذا متعلق بقوله «التأويل فيها متعين» او قوله «ازيد من هذا التأويل»- فان مفاد العبارتين واحد- (من قوله «باعنيها بحكمى» قطع المساومة) و القرار بينى و بين البائع (على ان اقومها على نفسى بقيمتها العادلة فى نظرى) بان و كله فى المعاملة، لا ان البائع اجرى المعاملة.

و من المعلوم: ان الموكل لا تلزم معرفته بمقدار الثمن فيما اذا كان الوكيل مفوضا (حيث ان رفاعة كان نخاسا) النخاس هو الّذي (يبيع و يشترى الرقيق) اى العبيد (فقومها رفاعة على نفسه بألف درهم اما معاطاة) بان لم يجر الايجاب و القبول (و اما مع إنشاء الايجاب وكالة) عن صاحب الجارية (و القبول اصالة) عن نفسه (فلما مسها و بعث الدراهم) الألف (لم يقبلها) اى الدراهم (المالك، لظهور غبن له) اى للمالك (فى البيع، و ان رفاعة مخطئ فى القيمة) اذ المنصرف من

ص: 414

او لثبوت خيار الحيوان للبائع على القول به.

و قوله عليه السلام: ان كان قيمتها اكثر، فعليك ان ترد ما نقص اما ان يراد به لزوم ذلك عليه من باب ارضاء المالك اذا اراد امساك الجارية حيث ان المالك لا حاجة له فى الجارية، فيسقط خياره ببذل التفاوت

______________________________

امثال هذه الوكالات التقويم بالقيمة العادلة، لا قيمة اعتباطية.

(او) لم يقبلها المالك- لا لتخطئة رفاعة فى القيمة- بل (لثبوت خيار الحيوان) الشامل للحيوان الانسى أيضا (للبائع على القول به) اى بوجود خيار الحيوان فى العبيد أيضا.

(و) ان قلت: اذا كان الرد من باب الخيار، بأن فسخ المالك المعاملة فكيف قال الامام عليه السلام «عليك ان ترد ما نقص»؟ اذ: مع الفسخ لا بيع، فلا يكلّف المشترى برد الناقص؟

قلت: (قوله عليه السلام: ان كان قيمتها اكثر، فعليك ان ترد ما نقص) لا ينافى الفسخ بالخيار، لانه (اما ان يراد به) اى بوجوب ردّ الناقص (لزوم ذلك) الرد (عليه) اى على المالك (من باب ارضاء المالك اذا اراد) المشترى (امساك الجارية)

و انما يمسك المشترى الجارية بعد فسخ المعاملة، و رجوعها الى المالك (حيث ان المالك لا حاجة له فى الجارية، فيسقط خياره) اى المالك (ببذل التفاوت) بين القيمة الواقعية، و بين القيمة التى عينها المشترى.

فالمعنى انّك ايّها المشترى اسقط خيار البائع بسبب اعطائه التفاوت

ص: 415

و اما ان يحمل على حصول الحبل بعد المس فصارت أم ولد و تعين عليه قيمتها اذا فسخ البائع.

و قد يحمل على صورة تلف الجارية.

و ينافيه قوله فيما بعد: فليس عليك ان تردها انتهى.

و كيف كان فالحكم بصحة البيع بحكم المشترى، و انصراف الثمن

______________________________

فمعنى «عليك ان ترد» ان ذلك عليك اذا اراد البائع الفسخ، و اردت انت ارضاء المالك لئلا يفسخ.

(و اما ان يحمل على حصول الحبل) فى الجارية (بعد المس) لان المشترى وطئها (فصارت أم ولد و تعين عليه قيمتها اذا فسخ البائع)

كما لو اشترى جارية و كان للبائع خيار الفسخ، فانه لو احبلها المشترى لم يكن للبائع اخذها اذا فسخ البيع، بل اللازم ان يأخذ القيمة اذا فسخ، لان أمّ الولد لا تنتقل.

(و قد يحمل) حملا ثالثا- اى قوله عليك ان ترد- (على صورة تلف الجارية) فان ذا الخيار اذا فسخ المعاملة، و قد تلف قبل ذلك المتاع، كان لذى الخيار اخذ القيمة.

(و) لكن هذا الحمل غير تام.

اذ (ينافيه قوله فيما بعد: فليس عليك ان تردها انتهى) اذ ظاهر هذه الفقرة وجود الجارية حيّة.

(و كيف كان فالحكم بصحة البيع) الّذي كان ثمنه معلقا (بحكم المشترى، و انصراف الثمن)- فى مثل هذا البيع

ص: 416

الى القيمة السوقية لهذه الرواية- كما حكى عن ظاهر الحدائق ضعيف و اضعف منه ما عن الاسكافى من تجويز قول البائع: بعتك بسعر ما بعت و يكون للمشترى الخيار.

و يرده ان البيع فى نفسه اذا كان غررا فهو باطل، فلا يجبره الخيار

______________________________

(الى القيمة السوقية) فلا يحق للمشترى ان يحكم باقل، و لا حق للبائع ان يريد الاكثر،

فالحكم بالصحة (لهذه الرواية- كما حكى عن ظاهر الحدائق) الفتوى به (ضعيف) لما عرفت من انها مخالفة للنص و الفتوى.

(و اضعف منه ما عن الاسكافى من تجويز قول البائع: بعتك بسعر ما بعت) سابقا.

كما لو باع البائع من هذا الجنس بسعر خاص لجماعة من الناس، فيقول للمشترى: بعتك بمثل السعر الّذي بعته به قبلا، فيما اذا لم يعلم المشترى ذلك السعر، اما اذا علم فلا اشكال فى الصحة.

و يحتمل ان يكون المراد ب «بعت» الثانى «اشتريت» اى أبيعك بالسعر الّذي اشتريته بذلك السعر (و يكون للمشترى) اذا علم الثمن (الخيار) فى الفسخ و الامضاء، و كانه جعل الخيار قدرا كالخسارة المشترى و ندمه اذا رأى الثمن غاليا.

(و يرده ان البيع فى نفسه اذا كان غررا فهو باطل، فلا يجبره الخيار) بالإضافة الى ان الخيار يحتاج الى دليل، و هو مفقود فى المقام.

ص: 417

و اما بيع خيار الرؤية فذكر الاوصاف فيه بمنزلة اشتراطها المانع عن حصول الغرر، كما تقدم عند حكاية قول الاسكافى فى مسألة القدرة على التسليم.

______________________________

(و) ان قلت: فكيف تقولون بصحة البيع فيما اذا لم يره المشترى؟ و اشتراه بالاوصاف، فانه أيضا غرر، لكنه يجبر بخيار الرؤية.

قلت: (اما بيع خيار الرؤية فذكر الاوصاف فيه) يكون (بمنزلة اشتراطها) اى اشتراط تلك الاوصاف (المانع) ذلك الاشتراط (عن حصول الغرر، كما تقدم عند حكاية قول الاسكافى فى مسألة القدرة على التسليم) فلا يكون هناك غرر، بخلاف المقام.

فصحة البيع هناك و جبره بخيار الرؤية لا توجب القول بصحة البيع هنا.

ص: 418

مسئلة العلم بقدر المثمن كالثمن شرط باجماع علمائنا

كما عن التذكرة، و عن الغنية العقد على المجهول باطل بلا خلاف، و عن الخلاف: ما يباع كيلا فلا يصح بيعه جزافا و ان شوهد، اجماعا، و فى السرائر: ما يباع وزنا فلا يباع كيلا بلا خلاف.

و الاصل فى ذلك ما تقدم من النبوى المشهور و فى خصوص الكيل و الوزن خصوص الاخبار المعتبرة منها صحيحة الحلبى فى رجل اشترى من رجل طعاما عدلا بكيل معلوم

______________________________

(مسألة العلم بقدر المثمن) كيلا، او وزنا، او عدا، او ذرعا، او ما اشبه (ك) العلم بقدر (الثمن شرط) فى صحة البيع (باجماع علمائنا كما عن التذكرة، و عن الغنية العقد على المجهول) المقدار (باطل بلا خلاف، و عن الخلاف) لشيخ الطائفة (ما يباع كيلا فلا يصح بيعه جزافا) بلا كيل (و ان شوهد، اجماعا، و فى السرائر: ما يباع وزنا فلا يباع كيلا بلا خلاف) و مراده ما اذا لم يكن الكيل طريقا الى الوزن و دليلا عليه

(و الاصل فى ذلك) اى الدليل على اعتبار العلم بقدر المثمن (ما تقدم من النبوى المشهور) نهى النبي صلى الله عليه و آله عن الغرر الشامل للزوم العلم بالمثمن كيلا، و وزنا، و عدا، و غيرها (و فى خصوص الكيل و الوزن) لا سائر خصوصيات المثمن (خصوص الاخبار المعتبرة منها صحيحة الحلبى فى رجل اشترى من رجل طعاما عدلا) هو وعاء من القطن، او شبهه (بكيل معلوم) بأن كان ذلك العدل كيلا معلوما

ص: 419

ثم ان صاحبه قال للمشترى: ابتع منّى هذا العدل الآخر بغير كيل، فان فيه مثل ما فى الآخر الّذي ابتعته، قال عليه السلام: لا يصلح الا بكيل، قال عليه السلام، و ما كان من طعام سميت فيه كيلا فانه لا يصلح مجازفة هذا مما يكره من بيع الطعام.

و فى رواية الفقيه فلا يصح بيعه مجازفة.

و الايراد على دلالة الصحيحة بالاجمال او باشتمالها على خلاف المشهور من عدم تصديق البائع

______________________________

(ثم ان صاحبه) اى البائع (قال للمشترى: ابتع منّى هذا العدل الآخر بغير كيل، فان فيه) اى فى هذا العدل (مثل ما فى الآخر الّذي ابتعته) اى اشتريته (قال عليه السلام: لا يصلح الا بكيل)

ثم (قال عليه السلام، و) كل (ما كان من طعام سميت فيه كيلا فانه لا يصلح مجازفة) بلا معرفة القدر (هذا) البيع بدون العلم بالكيل (مما يكره من بيع الطعام)

و المراد بالكراهة: التحريم، لانها تستعمل فيه لغة و عرفا و ان كان فى اصطلاح المتشرعة يغلب استعمالها فى الكراهة مقابل التحريم.

(و فى رواية الفقيه) قال عليه السلام: (فلا يصح بيعه مجازفة) و هذا اصرح من ذلك.

(و الايراد على دلالة الصحيحة بالاجمال) لانه لا يعلم انه هل المراد ب «سميت فيه كيلا» ما من شانه يكال، او ما سمى البائع فيه الكيل (او باشتمالها على خلاف المشهور من عدم تصديق البائع) و الحال

ص: 420

غير وجيه لان الظاهر من قوله: سميت فيه كيلا؛ انه يذكر فيه الكيل فهى كناية عن كونه مكيلا فى العادة.

اللهم الا ان يقال: ان توصيف الطعام بكونه كذلك الظاهر فى التنويع مع انه ليس من الطعام ما لا يكال، و لا يوزن الا فى مثل الزرع قائما يبعد إرادة هذا المعنى فتأمل.

و اما الحكم بعدم تصديق البائع فمحمول

______________________________

ان البائع مصدق فيما يقول، لانه ذو اليد.

فهذا الايراد (غير وجيه، لان الظاهر من قوله: سميت فيه كيلا، انه يذكر فيه الكيل) اى انه من الامور المكيلة (فهى) اى عبارة الامام عليه السلام (كناية عن كونه مكيلا فى العادة) فلا اجمال فيه.

(اللهم الا ان يقال: ان توصيف الطعام بكونه كذلك) اى مكيلا (الظاهر فى التنويع) و ان الطعام على نوعين نوع يذكر فيه الكيل و نوع لا يذكر فيه الكيل (مع انه ليس من الطعام ما لا يكال، و لا يوزن الا فى مثل الزرع) كالنعناع، و الكراث، و ما اشبههما (قائما، يبعد إرادة هذا المعنى) اى كونه مكيلا، بل المراد التسمية فيما يصح بيعه بلا كيل فلا تكون الرواية دليلا على مسألتنا (فتأمل) اذ كون الطعام اما مكيلا او موزنا يوجب حمل «سميت» على التوضيح لا التنويع فيكون الوصف من قبيل «و لا طائر يطير بجناحيه» فتكون الرواية دليلا لاشتراط الكيل فى المكيلات.

(و اما الحكم بعدم تصديق البائع) و انه خلاف المشهور (فمحمول

ص: 421

على شرائه سواء زاد او نقص خصوصا اذا لم يطمئن بتصديقه، لا شرائه على انه القدر المعين الّذي اخبر به البائع فان هذا لا يصدق عليه الجزاف.

قال فى التذكرة لو اخبره البائع بكيله ثم باعه بذلك الكيل صح عندنا و قال فى التحرير لو اعلمه بالكيل فباعه بثمن سواء زاد او نقص لم يجز.

و اما نسبته الكراهة الى

______________________________

على شرائه) ذلك العدل (سواء زاد او نقص خصوصا اذا لم يطمئن) المشترى (بتصديقه، لا) انه محمول على (شرائه على انه القدر المعيّن الّذي اخبر به البائع)

و انما نحمل الرواية على ذلك المعنى لا هذا المعنى (فان هذا) اى لو اشترى باعتبار القدر المعين (لا يصدق عليه الجزاف)

فتسمية الامام اياه مجازفة شاهدة على إرادة الحمل الاول- اى على شرائه سواء زاد او نقص- و يدل على كفاية الشراء بكلام البائع كلمات الفقهاء.

(قال فى التذكرة لو اخبره البائع بكيله ثم باعه بذلك الكيل صح عندنا) و ان لم يكل الآن.

(و قال فى التحرير لو اعلمه بالكيل فباعه بثمن) دون ان يكون البيع لذلك القدر، بل (سواء زاد او نقص لم يجز) لانه مجهول و غرر.

(و اما نسبته) اى الامام عليه السلام فى الرواية السابقة (الكراهة الى

ص: 422

هذا البيع، فليس فيه ظهور فى معنى المصطلح يعارض ظهور لا يصلح و لا يصح فى الفساد.

و فى الصحيح عن ابن محبوب عن زرعة عن سماعة، قال سألته عن شراء الطعام و ما يكال و يوزن بغير كيل و لا وزن، فقال عليه السلام: اما ان تأتى رجلا فى طعام قد كيل او وزن تشترى منه مرابحة، فلا بأس ان اشتريته منه، و لم تكله او لم تزنه اذا اخذه المشترى الاول بكيل او وزن و قلت له عند البيع انى اربحك كذا و كذا، و دلالتها اوضح من الاولى

______________________________

هذا البيع، فليس) مضرا بما نقوله من البطلان.

اذ: ليس (فيه) اى فى لفظ الكراهة (ظهور فى معنى المصطلح) فى كلام المتشرعة، فى المرجوح، (يعارض ظهور لا يصلح و لا يصح) فى الرواية (فى الفساد) حتى يقال: بأنه يجمع بين اللفظين يكون مثل هذا البيع مكرها.

(و فى الصحيح عن ابن محبوب عن زرعة عن سماعة، قال سألته عن شراء الطعام و ما يكال و يوزن) فيما اذا اشترى (بغير كيل و لا وزن فقال عليه السلام: اما ان تأتى رجلا فى طعام قد كيل او وزن، تشترى) قبل ذلك (منه مرابحة) بأن فتعطيه ثمنا اكثر من الثمن الّذي اشتراه بذلك الثمن، كما لو اشترى الطعام بثمانين فتعطيه مائة (فلا بأس ان اشتريته منه، و لم تكله او لم تزنه اذا اخذه المشترى الاول) اى البائع لك، او البائع للبائع- مثلا- (بكيل او وزن، و قلت له) اى للبائع (عند البيع انى اربحك كذا و كذا، و دلالتها اوضح من الاولى)

ص: 423

و رواية ابان عن محمد بن حمران، قال قلت: لابى عبد الله عليه السلام اشترينا طعاما فزعم صاحبه انه كاله، فصدقناه و اخذناه بكيله قال عليه السلام: لا بأس، قلت: أ يجوز ان ابيعه كما اشتريته بغير كيل؟ قال عليه السلام: اما انت فلا تبعه حتى تكيله دلت على عدم جواز البيع بغير كيل الا اذا اخبره البائع فصدقه المشترى.

و فحوى رواية ابى العطار و فيها: قلت فاخرج الكر، و الكرين

______________________________

اذ مفهوم الحديث: انه اذا لم يكن كيل او وزن ففيه البأس و ظاهر البأس البطلان، اذ هو المنصرف من اللفظ عند الاطلاق فى باب المعاملات.

(و رواية ابان عن محمد بن حمران، قال قلت: لابى عبد الله عليه السلام: اشترينا طعاما فزعم صاحبه انه كاله، فصدقناه و اخذناه بكيله) بدون ان نكيله من جديد (قال عليه السلام: لا بأس، قلت:

أ يجوز ان ابيعه كما اشتريته بغير كيل؟ قال عليه السلام: اما انت فلا تبعه حتى تكيله)

فان هذه الرواية (دلت على عدم جواز البيع بغير كيل، الا اذا اخبره البائع فصدقه المشترى)

و الظاهر من «اما انت الخ» الكراهة، و وجهها ان المشترى لا يعلم كون كلام البائع صادقا قطعا، و لذا ينبغى له الاحتياط فى عدم البيع حتى يكيله هو ليأمن من تبعات المعاملة.

(و فحوى رواية ابى العطار، و فيها: قلت فاخرج الكر، و الكرين)

ص: 424

فيقول الرجل اعطنيه بكيلك، فقال عليه السلام: اذا ائتمنك فلا بأس به و مرسلة ابن بكير عن رجل سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشترى الجص فيكيل بعضه و يأخذ البقية بغير كيل، فقال: اما ان يأخذ كله بتصديقه، و اما ان يكيله كله، فان المنع من التبعيض المستفاد منه ارشادى محمول على انه ان صدقه فلا حاجة الى كلفة كيل البعض، و الا فلا يجزى كيل البعض.

______________________________

الكر كيل خاص يعادل الفا و مأتا رطل بالعراقى، كما فى باب ماء الكر (فيقول الرجل) المشترى (اعطنيه بكيلك) الّذي كلت انت بدون حاجة الى كيل جديد (فقال عليه السلام: اذا ائتمنك) فى قولك: انه كذا كرا (فلا بأس به) فان مفهومه البأس فى صورة عدم الائتمان فكيف بصورة عدم الكيل اصلا بأن يبيعه جزافا (و مرسلة ابن بكير عن رجل سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يشترى الجص فيكيل بعضه و يأخذ البقية بغير كيل) هل يجوز ذلك، أم لا؟ (فقال: اما ان يأخذ كله بتصديقه) بدون كيل، لانه اذا صدقة لم يحتج الى كيل البعض (و اما ان يكيله كله) اذا لم يصدّقه فى كيله، و هذا شبه ارشاد، و الا فانه اذا صدقه جاز ان يأخذ بعضه كيلا و بعضه باخباره.

و لذا قال المصنف (فان المنع من التبعيض المستفاد منه) اى من الحديث (ارشادى محمول على انه ان صدقة فلا حاجة الى كلفة كيل البعض، و الا) يصدقه (فلا يجزى كيل البعض)

ص: 425

و يحتمل الرواية الحمل على استيفاء المبيع بعد الاشتراء.

و كيف كان ففى مجموع ما ذكر من الاخبار، و ما لم يذكر مما فيه ايماء الى المطلب، من حيث ظهوره فى كون الحكم مفروغا عنه عند السائل و تقرير الامام كما فى رواية كيل ما لا يستطاع عده، و غيرها، مع ما ذكر من الشهرة المحققة، و الاتفاقات المنقولة كفاية فى المسألة.

______________________________

(و يحتمل الرواية) احتمالا خارجا عما نحن فيه ب (الحمل على استيفاء المبيع بعد الاشتراء) بانه اذا اشترى مثلا كرّا كليا فاراد الاستيفاء كان الاستيفاء بالكيل، فتكون الرواية خارجة عن محل كلامنا.

(و كيف كان) سواء قلنا بعدم دلالة بعض هذه الاخبار او دلالتها (ففى مجموع ما ذكر من الاخبار، و ما لم يذكر مما فيه ايماء الى المطلب) اى وجوب الكيل او الوزن، إيماء (من حيث ظهوره) اى ظهور ما فيه الايماء (فى كون الحكم) بلزوم الكيل و الوزن (مفروغا عنه عند السائل و تقرير الامام) اى لم يردعه الامام بان يقول: لا حاجة الى الكيل و الوزن (كما فى رواية كيل ما لا يستطاع عده) فعن ابى عبد الله عليه السلام: انه سأل عن الجوز لا نستطيع ان نعده، فيكال بمكيال، ثم يعد ما فيه، ثم يكال ما بقى على حساب ذلك العدد، قال: لا بأس به (و غيرها) مما ذكر فى الوسائل و المستدرك فى كتاب التجارة (مع ما ذكر من الشهرة المحققة) بين الفقهاء (و الاتفاقات المنقولة كفاية فى المسألة) و لو نوقش فى مثل هذه المسألة، لكانت اغلب المسائل قابلة للمناقشة.

ص: 426

ثم ان ظاهر اطلاق جميع ما ذكر ان الحكم ليس منوطا بالغرر الشخصى و ان كانت حكمته سد باب المسامحة المفضية الى الوقوع فى الغرر، كما ان حكمة الحكم باعتبار بعض

______________________________

(ثم ان ظاهر اطلاق جميع ما ذكر ان الحكم ليس منوطا بالغرر الشخصى) حتى اذا لم يكن فى معاملة غرر جاز البيع بدون الكيل و الوزن.

كما ان حكم العدّة ليس منوطا باختلاط المياه.

و حكم غسل الجمعة ليس منوطا بوساخة بدن المغتسل، و هكذا.

نعم هناك بعض الاحكام تدور مدار الشخصيات كالضرر، و العسر و الحرج، فانه لو كان استعمال الماء ضررا لجميع من فى المدينة الا لهذا الشخص لم يجز لهذا التيمم، و ان جاز لسائر من فى المدينة (و ان كانت حكمته) اى حكمة ايجاب الكيل و الوزن (سد باب المسامحة المفضية) تلك المسامحة- الحاصلة بعدم الكيل و الوزن- (الى الوقوع فى الغرر)

و معنى الحكمة ان الشارع لاحظ انه لو اباح البيع بدون كيل او وزن، لوقع كثير من الناس فى الغرر، و بهذه الملاحظة شرّع الحكم للعموم.

و انما لم يخصص الحكم بمن يقع فى الغرر، لانه ان خصص الحكم بهم لوقع من يزعم عدم الغرر، فى الغرر لان بعض الناس يزعم انه لا غرر فيقدم على المعاملة، فيقع فى الغرر (كما ان حكمة الحكم باعتبار بعض

ص: 427

الشروط فى بعض المعاملات رفع المنازعة المتوقعة عند اهمال ذلك الشرط.

فحينئذ فيعتبر التقدير بالكيل، و الوزن، و ان لم يكن فى شخص المقام غرر كما لو باع مقدارا من الطعام بما يقابله فى الميزان من جنسه او غيره المتساوى له فى القيمة فانه لا يتصور هنا غرر اصلا مع الجهل بمقدار كل من العوضين

______________________________

الشروط) كالعلم بجنس المبيع (فى بعض المعاملات) كالبيع- دون الصلح- (رفع المنازعة المتوقعة) تلك المنازعة (عند اهمال ذلك الشرط) و حينئذ يشترط ذلك الشرط، و ان علمنا بعدم المنازعة.

و انما يشترط، لان المنازعة اخذت حكمة لا علة.

و اما معرفة ان الحكم تابع للعلة او الحكمة، فمنوطة بلسان الدليل كما لا يخفى.

(فحينئذ) اى حين كان اعتبار الكيل و الوزن حكمة لا علة (فيعتبر التقدير بالكيل و الوزن، و ان لم يكن فى شخص المقام غرر، كما لو باع) البائع (مقدارا من الطعام) كالحنطة (بما يقابله فى الميزان من جنسه) كما لو اراد هذا الحنطة البغدادية و ذاك الحنطة الشمالية، فبدّل احدهما حنطته بالآخر، بان ملاء كفتى الميزان حنطة متقابلة (او غيره) كما لو باع الحنطة بالسكر (المتساوى له فى القيمة) فيما كانت القيمتان متساويتين (فانه لا يتصور هنا غرر اصلا مع) وجود (الجهل بمقدار كل من العوضين) لانهما لا يعرفان ان المقدار كيلو، او كيلو ان

ص: 428

لانه مساو للآخر فى المقدار.

و يحتمل غير بعيد حمل الاطلاقات سيما الاخبار على المورد الغالب و هو ما كان رفع الغرر من حيث مقدار العوضين موقوفا على التقدير، فلو فرض اندفاع الغرر بغير التقدير، كفى، كما فى الفرض المزبور.

و كما اذا كان للمتبايعين حدس قوى بالمقدار نادر التخلف عن الواقع.

و كما اذا كان المبيع قليلا لم يتعارف وضع الميزان لمثله، كما لو دفع

______________________________

(ل) انهما يعلمان ب (انه مساو للآخر فى المقدار) و مع ذلك لا يجوز.

(و) لكن (يحتمل غير بعيد حمل الاطلاقات سيما الاخبار) اى اطلاقات كلمات الفقهاء، و الاخبار الدالة على اشتراط الكيل و الوزن (على المورد الغالب، و هو ما كان رفع الغرر من حيث مقدار العوضين موقوفا على التقدير) اى الكيل و الوزن (فلو فرض اندفاع الغرر بغير التقدير، كفى، كما فى الفرض المزبور) و هو مقابلة الجنسين فى كفتى الميزان، او الجنس الواحد مثلا، و كما اذا كان قيمة السكر نصف قيمة الحنطة، فاخذ مقدار من الحنطة و اعطى ضعفه سكرا مثلا.

(و كما اذا كان للمتبايعين حدس قوى بالمقدار نادر التخلف عن الواقع) فانه لا يحتاج الى الكيل و الوزن لانصراف الاطلاقات عن مثل ذلك.

(و كما اذا كان المبيع قليلا لم يتعارف وضع الميزان لمثله، كما لو دفع

ص: 429

فلسا و اراد به دهنا لحاجة فان الميزان لم يوضع لمثله، فيجوز لما تراضيا عليه من التخمين.

و لا منافات بين كون الشي ء من جنس المكيل و الموزون، و عدم دخول الكيل و الوزن فيه لقلته كالجنتين و الثلاثة من الحنطة، او لكثرته كزبرة الحديد، كما نبه عليه فى القواعد، و شرحها و حاشيتها.

و مما ذكرنا يتّجه عدم اعتبار العلم بوزن الفلوس المسكوكة فانها و ان كانت من الموزون.

______________________________

فلسا و اراد به دهنا لحاجة فان الميزان لم يوضع لمثله، فيجوز بما تراضيا عليه من التخمين).

(و) ان قلت: كيف يمكن ان يكون الشي ء مكيلا و موزنا؟ و لا يكون الميزان و المكيال موضوعين لمثل ذلك الشي ء و هل هذا الا تهافت؟

قلت: (لا منافات بين كون الشي ء من جنس الكيل و الموزون و عدم دخول الكيل و الوزن فيه لقلته كالحبتين و الثلاثة من الحنطة) فان معنى كونه مكيلا كون جنسه كذلك و معنى عدم وضع الكيل له عدم وضع الكيل لهذا الشخص- كما عرفت فى المثال- (او لكثرته كزبرة الحديد كما نبه عليه فى القواعد، و شرحها و حاشيتها) و ان كان جنس الحديد مما يكال.

(و مما ذكرنا) من انصراف الاطلاقات عن بعض الموارد الموجب ذلك الانصراف لعدم وجوب الوزن (يتجه عدم اعتبار العلم بوزن الفلوس المسكوكة فانها و ان كان من الموزون) لكونه نحاسا او نحوه.

ص: 430

و لذا صرح فى التذكرة بوقوع الربا فيها، الا انها عند وقوعها ثمنا حكمها كالمعدود فى ان معرفة مقدار ماليتها لا يتوقف على وزنها فهى كالقليل و الكثير من الموزون الّذي لا يدخله الوزن.

و كذا شبه الفلوس من المسكوكات المركبة من النحاس و الفضة كأكثر نقود بغداد فى هذا الزمان، و كذا الدرهم و الدينار الخالصان فانهما و ان كانا من الموزون و يدخل فيهما الربا اجماعا.

الا ان ذلك لا ينافى جواز جعلهما عوضا من

______________________________

(و لذا صرح فى التذكرة بوقوع الربا فيها) لان المكيل و الموزون يدخله الربا (الا انها عند وقوعها ثمنا) لا بدلا فى باب الربا، كما لو اعطى فلسا فى مقابل فلسين، فانه فى باب الربا يعتبر التساوى فى الوزن (حكمها كالمعدود فى ان معرفة مقدار ماليتها لا يتوقف على وزنها) بل يجوز جعله ثمنا بدون ان يعرف كم له من الوزن (فهى كالقليل و الكثير من الموزون الّذي لا يدخله الوزن) فلا يحتاج التعامل بها الى الوزن.

(و كذا شبه الفلوس من المسكوكات المركبة من النحاس و الفضة) او المركبة من غيرهما من سائر الفلزات، او ما اشبه الفلز (كأكثر نقود بغداد فى هذا الزمان) بل و فى زماننا أيضا (و كذا الدرهم) الفضّي (و الدينار) الذهبى (الخالصان فانهما و ان كانا من الموزون و يدخل فيهما الربا اجماعا) حيث ان المكيل و الموزون يدخل فيهما الربا و الذهب و الفضة من الموزونات.

(الا ان ذلك) اى كونهما موزونا (لا ينافى جواز جعلهما عوضا من

ص: 431

دون معرفة بوزنهما لعدم غرر فى ذلك اصلا.

و يؤيد ذلك جريان سيرة الناس على المعاملة بهما من دون معرفة اغلبهم بوزنها.

نعم يعتبرون فيهما عدم نقصانها عن وزنهما المقرر فى وضعهما

______________________________

دون معرفة بوزنهما لعدم غرر فى ذلك اصلا)

و الظاهر ان اعتبار الكيل و الوزن من جهة لزوم الغرر فى صورة عدمهما، فاذا انتفى الغرر لم يشمله دليل لزوم الكيل و الوزن.

(و يؤيد ذلك) الّذي ذكرنا من عدم لزوم معرفة الوزن فى المسكوكات و ان كانت من الموزونات (جريان سيرة الناس) المتشرعة (على المعاملة بهما) اى بالدرهم و الدينار (من دون معرفة اغلبهم بوزنها) و السيرة متصلة الى زمان المعصوم.

فان النقود فى زمنهم عليهم السلام لم تكن معلومة الوزن لاغلب الناس، و مع ذلك لم يرد دليل يدل على لزوم الوزن، بل كافوا يتعاملون بها بدون ردع من الائمة عليهم السلام و لا ارشاد منهم عليهم السلام بل تقريرهم كما فى قصة الامام الباقر حيث امر بضرب السكة.

و من المعلوم: انه لو كان لا يجوز التعامل الا بمعرفة الوزن لكان اللازم البيان، فعدم الدليل دليل العدم.

(نعم يعتبرون) الناس (فيهما) اى فى الدرهم و الدينار (عدم نقصانها عن وزنهما المقرر فى وضعهما) اى الوضع الّذي قرره ضارب السكة لهما عند وضع السكة.

ص: 432

من حيث تفاوت قيمتها بذلك، فالنقص فيهما عندهم بمنزلة العيب.

و من هنا لا يجوز اعطاء الناقص منهما لكونه غشّا و خيانة، و بهذا يمتاز الدرهم و الدينار عن الفلوس السود، و شبهها حيث ان نقصان الوزن لا يؤثر فى قيمتها، فلا بأس باعطاء ما يعلم نقصه.

و الى ما ذكرنا من الفرق اشير فى صحيحة ابن عبد الرحمن، قال

______________________________

و انما يعتبرون عدم النقص (من حيث تفاوت قيمتها) اى المسكوكات (بذلك) النقص (فالنقص فيهما عندهم) اى عند الناس (بمنزلة العيب) فاذا كان وزن الدينار المتعارف مثقالا، ثم كان انقص من ذلك كان معيبا.

نعم لا يبعد عدم اعتبار نقص قليل جدّا مما يسببه التداول، اذ التداول الكثير يوجب حك بعض الذهب.

(و من هنا) الّذي ان النقص عيب (لا يجوز اعطاء الناقص منهما) اى من الدرهم و الدينار (لكونه غشّا و خيانة، و بهذا) اى بعدم اعتبار النقص فى الدرهم و الدينار (يمتاز الدرهم و الدينار عن الفلوس السود و شبهها) من المسكوكات التى ليست ذهبا و فضة (حيث ان نقصان الوزن لا يؤثر فى قيمتها) اى الفلوس (فلا بأس باعطاء ما يعلم نقصه) نقصا يتسامح بمثله و ذلك لان مالية الدرهم و الدينار بالوزن، بخلاف الفلوس و نحوها فماليّتها بالسكة، و هذا انما هو فى القديم، اما فى الحال الحاضر فالغالب ان المالية للنقود الفضية أيضا بالسكة.

(و الى ما ذكرنا من الفرق اشير فى صحيحة ابن عبد الرحمن، قال

ص: 433

قلت: لابى عبد الله عليه السلام، اشترى الشي ء بالدراهم، فاعطى الناقص الحبة و الحبتين، قال عليه السلام: لا حتى تبينه، ثم قال:

الا ان تكون هذه الدراهم الاوضاحية التى تكون عندنا عددا.

و بالجملة فإناطة الحكم بوجوب معرفة وزن المبيع وكيله، مدار الغرر الشخصى قريب فى الغاية الى ان الظاهر كونه مخالفا لكلمات الاصحاب فى موارد كثيرة.

______________________________

قلت: لابى عبد الله عليه السلام، اشترى الشي ء بالدراهم، فاعطى) الدرهم (الناقص) بمقدار (الحبة و الحبتين، قال عليه السلام: لا حتى تبينه) للآخذ (ثم قال: الا ان تكون هذه الدراهم الاوضاحية التى تكون عندنا عددا) اى ما كان اعتباره بالعد- لقيمة السكة- لا ما كان اعتباره بالوزن لعدم قيمة السكة.

و الدراهم الاوضاحية كانت دراهم مغشوشة، يتعامل الناس بها باعتبار السكة، لا باعتبار الوزن بخلاف الدراهم الفضية فان التعامل بها كان لاجل الوزن و لم يكن للسكة فيها اعتبار.

(و بالجملة فإناطة الحكم بوجوب معرفة وزن المبيع وكيله، مدار الغرر الشخصى)

فكلما وجد الغرر الشخصى لم يجز البيع بلا كيل او وزن.

و كلما لم يوجد الغرر الشخصى جاز البيع بدون الكيل و الوزن (قريب فى الغاية الى ان الظاهر كونه) اى كون المناط ذلك (مخالفا لكلمات الاصحاب فى موارد كثيرة) بل ظاهرهم ان الغرر اخذ على نحو الحكمة لا العلة.

ص: 434

ثم ان الحكم فى المعدود و وجوب معرفة العدد فيه حكم المكيل و الموزون بلا خلاف ظاهر.

و يشير إليه بل يدل عليه تقرير الامام عليه السلام فى الرواية الآتية المتضمنة لتجويز الكيل فى المعدود المتعذر عدّه.

و يظهر من المحكى عن المحقق الأردبيلى المناقشة فى ذلك بل الميل الى منعه.

و جواز بيع المعدود مشاهدة و يرده رواية الجواز الآتية.

______________________________

(ثم ان الحكم فى المعدود) كالجوز و البيض (و وجوب معرفة العدد فيه حكم المكيل و الموزون بلا خلاف ظاهر) فلا يجوز بيع البيض اعتباطا بدون معرفة عدده.

(و يشير إليه) اى الى اعتبار العدد (بل يدل عليه تقرير الامام عليه السلام فى الرواية الآتية المتضمنة لتجويز الكيل فى المعدود) الكثير (المتعذر عده) فانه لو لا اعتبار العد لم يكن وجه للزوم الكيل فيما اذا تعذر العد.

(و يظهر من المحكى عن المحقق الاردبيلى المناقشة فى ذلك) اى فى لزوم العد فى المعدود (بل الميل الى منعه) اى منع لزوم العد

(و جواز بيع المعدود مشاهدة) و ذلك لعدم الدليل فى المعدود فيجوز الاخذ بإطلاق عدم الاشتراط فيما اذا لم يكن غررا (و يرده رواية الجواز الآتية)

ص: 435

و المراد بالمعدودات ما يعرف مقدار ماليتها باعدادها كالجوز و البيض بخلاف مثل الشاة و الفرس و الثوب.

و عدّ العلامة البطيخ و الباذنجان فى المعدودات، حيث قال فى شروط السلم من القواعد: و لا يكفى فى السلم و صحة العد فى المعدودات بل لا بد من الوزن فى البطيخ و الباذنجان و الرمان و انما اكتفى بعدها فى البيع للمعاينة انتهى.

و قد صرح فى التذكرة بعدم الربا فى البطيخ و الرمان اذا كان رطبا

______________________________

(و المراد بالمعدودات ما يعرف مقدار ماليتها باعدادها) جمع عدد (كالجوز و البيض بخلاف مثل الشاة و الفرس و الثوب) فان مقدار المالية فى هذه الثلاثة لا تعرف بالعدد بل بالمشاهدة.

(وعد العلامة البطيخ و الباذنجان فى المعدودات حيث قال فى شروط السلم من القواعد: و لا يكفى فى السلم و صحة العد فى المعدودات) فيما اذا باعها سلما.

و بيع السلم هو ان يعطى المشترى الثمن ليأخذ المثمن بعد مدة من الزمان (بل لا بدّ من الوزن فى البطيخ و الباذنجان و الرمان)

قال (و انما اكتفى بعدها) و جاز العد بدون الوزن (فى البيع للمعاينة) اى لاجل كونها تشاهد، فاذا فقدت المشاهدة- كما فى العلم- وجب التعيين بالوزن (انتهى) كلام العلامة.

(و قد صرح فى التذكرة بعدم الربا فى البطيخ و الرمان اذا كان رطبا) اى فاكهة مقابل ما اذا جفّ حبّ الرمان لاجل الامراق و يسمى

ص: 436

لعدم الوزن، و ثبوته مع الجفاف، بل يظهر منه كون القثاء و الخوخ و المشمش أيضا غير موزونة و كل ذلك محل تأمل لحصول الغرر احيانا بعدم الوزن، فالظاهر ان تقدير المال عرفا فى المذكورات بالوزن لا بالعدد كما فى الجوز و البيض.

______________________________

بالفارسية «اناردان» (لعدم الوزن) فانه لا يعتبر الوزن عرفا فيهما، لتعارف بيعهما- فى زمن العلامة «ره»- عدا (و ثبوته) اى الوزن (مع الجفاف) فى حب الرمان و فى البطيخ أيضا، فانه يتعارف فى بعض البلاد تجفيف البطيخ أيضا (بل يظهر منه) اى من العلامة (كون القثاء) بالفارسية «خيار» (و الخوخ و المشمش أيضا غير موزونة، و كل ذلك) اى عدم اعتبار الوزن فى الامثلة التى ذكرها العلامة (محل تأمل لحصول الغرر احيانا بعدم الوزن، فالظاهر) عند الشيخ «ره» (ان تقدير المال عرفا فى المذكورات) فى كلام العلامة (بالوزن لا بالعدد كما) ان التقدير بالعد (فى الجوز و البيض) لكن الظاهر، الاعتبار بالبلد الّذي يباع فيه كما ذكروا فى باب الربا.

و الغرر الجزئى مثل الغرر فى الجوز و البيض غير مانع و لو شك فى لزوم الوزن فالاصل العدم لاطلاق: احل الله البيع.

ص: 437

قريبا جدا سيصدر الجزء التاسع من الكتاب و القسم السادس من البيع إن شاء الله تعالى.

الناشر

ص: 438

محتويات الكتاب

الموضوع الصفحة

المقدمة 2

الصورة الاولى من جواز بيع الوقف 3

الصورة الثانية من جواز بيع الوقف 32

الصورة الثالثة من جواز بيع الوقف 47

الصورة الرابعة من جواز بيع الوقف 50

الصورة الخامسة من جواز بيع الوقف 62

الصورة السادسة من جواز بيع الوقف 64

الصورة السابعة من جواز بيع الوقف 75

الصورة الثامنة من جواز بيع الوقف 76

الصورة التاسعة و العاشرة من جواز بيع الوقف 77

فى عدم جواز بيع أمّ الولد 130

فى معنى أمّ الولد 139

فى الموارد القابلة لاستثناء بيع أمّ الولد 155

فى الموارد المستثناة من عدم جواز بيع أمّ الولد 179

ص: 439

الموضوع الصفحة

فى اسباب خروج الملك عن كونه طلقا 254

فى ما اذا جنى العبد عمدا يجوز بيعه 293

فى ما اذا جنى العبد خطأ يجوز بيعه 304

فى ان القدرة على التسليم شرط فى العوضين 313

فى ثمرة التردد بين شرطية الشي ء و مانعية مقابله 353

فى جواز بيع العبد الآبق منفردا 381

فى جواز بيع العبد الآبق مع الضميمة 398

فى اشتراط العلم بمقدار الثمن 410

فى اشتراط العلم بمقدار المثمن 419

محتويات الكتاب 439

ص: 440

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.